أيضاً فيما يتعلَّق بعلاقتهم بالقرآن الكريم، ها هو أحد ملوكهم وقد استفتح في المصحف، فطلع في الصفحة التي رآها ووجدها عندما فتح المصحف، طلع أمامه قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 15-17]، أحد ملوكهم (الوليد بن يزيد بن عبد الملك) غضب غضباً شديداً، لماذا عندما استفتح في المصحف طلعت هذه الآية، فماذا عمل؟ قام باستهداف المصحف بالسهام ومزقه، وقال شعره المعروف الذي نقله المؤرِّخون:
أتــوعـدني بجبــارٍ عنيــــد فهــا أنـا ذاك جبارٌ عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد
منتهى الاستهتار بالقرآن، هل بعد هذا استهتار بالقرآن الكريم، بأقدس المقدسات التي بين أيدينا كأمةٍ مسلمة، استهتار رهيب جدًّا:
إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ فقل يا رب مزقني الوليد
هكذا كانوا، وتصورْ إنساناً كهذا في موقع السلطة، يتأمَّر على الأمة الإسلامية، كيف سيكون مع هذه الأمة؟ كيف هي نظرته مع بقية تفاصيل هذا الدين وهو لا يحترم حتى القرآن؟ هل يمكن أن يحترم بعد ذلك شيئاً من هذا الدين؟ هل يمكن؟ لا، هم في هذا المستوى من السوء، من الخطورة على هذا الدين وعلى هذه الأمة في دينها، في أقدس مقدَّساتها، في منهجها العظيم، كيف يمكن أن يكون دورهم في داخل هذه الأمة إلَّا دوراً تخريبياً مسيئاً، يقوِّض المبادئ والقيم الإسلامية العظيمة، ويحل محلها ويقدِّم بديلاً عنها ما هو ضلال، ما هو سيء، ما هو فساد، ما هو انحراف، ما هو تزييف، وهذا يضيع الأمة.
انتهاك حرمة المقدَّسات في مكة والمدينة، حتى الكعبة المشرَّفة يستهدفونها بالمنجنيق، يحرقونها بالنار، يستهدفونها حتى الهدم، المدينة يستبيحونها، حَرَمَ رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- يستبيحون سكَّانها من المهاجرين والأنصار، ومن لحق بهم، ثلاثة أيام استباحها جيش يزيد: استباح فيها الدم والعرض والمال، ثلاثة أيام أباحها لجيشه: [أنِ اقتلوا من شئتم، واغتصبوا من أردتم من النساء، وخذوا ما وجدتم من المال والممتلكات]، وارتكبوا أبشع الجرائم، فعلوا الأفاعيل، اغتصبوا بنات المهاجرين والأنصار، المئات منهن ولدن بعد ذلك ممن لم يكن قد تزوجن، انتهاك للأعراض، استباحة لشرف الناس وكرامتهم، لا قيمة عندهم للمسلمين، حتى للمهاجرين والانصار، صدر أمر: [أنِ اقتلوا من وجدتموه من أهل بدر من بقي منهم]، وكانوا يلاحقون حتى من كان طاعناً في السن على فراشه، فيقومون بقتله؛ لأنه ممن حضر مع رسول الله في معركة بدر، أوليس هذا انتقام من رسول الله ومن الإسلام والمسلمين؟ انتقام لما يعود إلى جاهلية بني أمية، إلى مرحلة حربهم الصريحة ضد الإسلام من موقع الكفر والشرك والطاغوت، كان هذا هو الذي يحدث.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدرالدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء 9 محرم 1441 هـ سبتمبر 14, 2019م
مرحلة الحكم الأموي
عصر الظلمات واستباحة الإسلام والمقدسات.