مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عبدالواسع صايل الغولي
حُبٌّ وولاءٌ يبعثان على الطاعة والانقياد والالتزام، وينتج عنهما المسارعة والاقتدَاء والاتباع في الرأي والموقف والصفة. وفي الحقيقة فَــإنَّ هذا الولاء يُحرّك الإنسان ويقوده في مسيرة هذه الحياة، ولكن الأهم هو: مَن توالي ومَن تُعادي لتكمل مسيرتك في الحياة على أَسَاس صحيح.

فما بين قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، يأمرنا الله سبحانه وتعالى بعد طاعته، طاعة «الرسول محمد - صلوات الله عليه وآله»؛ لأَنَّ في طاعته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم «الهداية» والنور والفوز والفلاح والعزة والكرامة، الخير كُـلّ الخير؛ لأَنَّه: {إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}.

و«الهداية» تتمثل في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، النور بكل ما تعنيه الكلمة: النور في العلم، النور في الوعي والبصيرة، في التفكير، في الرأي، في الموقف والتوجّـهات. والخروج من ظلمات التيه والجهل، ومن ظلمات الذلة والخنوع، ومن ظلمات العجز، وظلمات أمية الدين وأمية الوعي. فكان وبحق الرجل الذي كانت الأُمَّــة وما زالت بحاجةٍ إليه. وكان مبعثه وهداه كما قال المولى عز وجل: {وَمَا أرسلنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

رحمة، شفقة، حبًّا في العالمين. فتجسدت هذه الرحمة في إنقاذ البشرية من التيه، ومن الضلال، ومن الانحراف، ومن العادات السيئة والقبيحة، ومن الخرافة. وأهمها التحرّر من العبودية للطاغوت، وكسر حاجز الخوف، وقطع القيود التي كانت تُكبّل الناس، وتحطيم جدار الصمت والذلة والخنوع. فأخرجها إلى حالة الموقف والعزة، وبناء الأُمَّــة في كُـلّ المجالات: الثقافية والتربوية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية.. إلخ. بناء لها مشروع حياة ونهج حضارة من لا شيء.

فإذا ارتبطت الأُمَّــة بمصادر الهداية الإلهية تفلح وتفوز وتسبق الآخرين، وتجعل من المستحيل أمرًا ممكنًا وعاديًّا. أولم يقل الله تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}. فلما تحَرّك "عليه الصلاة والسلام" به اهتدت الأُمَّــة إلى أفضل وأعز وأكرم طريقة، وعبّدت الأُمَّــة نفسها "لله الواحد القهار". فمنحوا من العزة والقوة من وحدوه وارتبطوا به ورفعوا رايته، بعد أن كانوا كما وصف الله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.

فكان "عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم" القُدوة والأسوة والنموذج لكل العالمين، فتحَرّك وهو المعني الأول بإيصال تعاليم وقيم ومبادئ هذا الدين بنقائه وجماله وكماله.

وما بين قول العليم الحكيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

فالخطاب هنا "للذين آمنوا" بعد إيمانهم: إن تميلوا "لهذا الفريق"، وتتولوهم وتطيعونهم، ماذا سيحصل؟ {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

وهنا تكمن الخطورة البالغة: الضلال بعد الإيمان، بعد الهداية، بعد النور، بعد الخروج من الظلمات. النتيجة لهذه الطاعة هي: "الكفر". الكفر بولاية الله تعالى، الكفر بنعمته، التكذيب لآياته، الإصرار على البقاء في الجهل، الكفر والتفريط والتمادي والإساءة البالغة في حق الله سبحانه وتعالى، والإساءة والكفر بنبيه "صلوات الله عليه وآله".

ذلك النبي الذي جعل هذا "الفريق" بعد الله تعالى مسلوب القرار، ذليلًا، مقهورًا، مدحورًا. وحياته "عليه الصلاة وأتم التسليم" حافلة بالجهاد والتحَرّك العملي، ولا سيما في مواجهة "اليهود والنصارى" الذين يمثلون الخطر على البشرية بضلالهم وكيدهم وخبثهم. فعبارة "تطيعوا" تمثل الخطورة في هذا "الفريق": تطيعهم وفي نفس الوقت تلعنهم! فهم عملوا وما زالوا يعملون على أن تطيعهم البشرية بدون مواجهة، وبدون أية كلفة مادية. فهم يلحظون دائمًا "جانب التكلفة"، وهذا من الدهاء والخبث "اليهودي".

ولكن ماذا في المقابل؟ {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.

وسعيهم ووجهتهم هي الفساد: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. وليسوا ممن يقدّمون شيئًا جزاءً لطاعتهم: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْـمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}. ومن لم يطعهم بدون كلفة مادية فخيارهم كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ استطاعوا}.

فحين ترتد عن دينك، وتتجه لتوليهم، يكون حكمك كما حكم العزيز الحكيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وهكذا لا بُـدَّ للإنسان أن يحدّد مصيره، ويختار اتّجاهه، ويسير وفق «المنهج القرآني» الذي يبني الشعوب ويرتقي بالأمم ويشجع على الارتقاء، ويُلزم بالتأهيل والإعداد والبناء. عنوانه ونتيجته «امتلاك القوة الشاملة» لتكون الأُمَّــة بمستوى "حجم الصراع مع العدو" الذي صار صراعًا في كافة المجالات، لتحقّق الأُمَّــة ما أراده الله منها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.

ولن يكون ذلك إلا بـ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، إلى أن تتحَرّك الأُمَّــة في ظل "قيادة واحدة ومنهج واحد لتكون أُمَّـة واحدة"، وتدين «بالولاء: الذي يبدأ بتولي الله ورسوله والذين آمنوا، وينتهي بالمواجهة لأعداء الله». وعلى غير هذا النحو لا يوجد ولاء.

وما بين الصراعين تخوض الأُمَّــة اليوم معركة لتحديد مصيرها، وما معركة «طوفان الأقصى»، «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس» إلا معيار لتحديد تلك العناوين القرآنية التي رسمها الله سبحانه وتعالى لعباده وجعل منها حجّـة لهم، مثلها مثل قوله تبارك وتعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.

وهاهم الذين اتبعوا الهدى الإلهي اليوم خيارهم الجهاد والثبات والصبر، في الدفاع عن حياض الأُمَّــة ومقدساتها، ويمثلون «الهداية» بكل ما تعنيه كلمة «هداية» وما يندرج تحت هذا العنوان من استجابة لله تعالى ولرسوله في جميع الجوانب.
 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر