حينما يصلون إلى شفير جهنم، وإلى أبواب جهنم، وهي كما قال الله "سبحانه وتعالى" عنها: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ}[الحجر: الآية44]، وهم موزعون بحسب جرائمهم وجناياتهم وتفريطهم وعصيانهم إلى دركات جهنم، فالجنة درجات، وجهنم دركات.
الدرك الأسفل في جهنم لمن هو، هناك فئة ممن يعذبون في الدرك الأسفل من النار، في أشدها عذاباً، في أشدها ألماً، هم المنافقون، الله "جلَّ شأنه" قال في القرآن الكريم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء: الآية145]، والمنافق ينتمي للإسلام، ويصلي ويصوم، وهو من بين المسلمين، يعيش فيما بينهم، وبطاقته إذا معه بطاقة، وهويته إذا معه هوية معينة جواز أو غيره، سيكون دينه مسلماً، {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون: من الآية1]، كانوا يقولون هكذا، الله يقول عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}، في أشد موضعٍ في جهنم عذاباً والعياذ بالله.
ولاحظوا كيف يندهش خزنة جهنم، الملائكة الموكلون بعذاب أهل النار في النار، عندما تصل تلك الحشود الهائلة والمجاميع الكبيرة، والأفواج الكثيرة العدد (بالمليارات من البشر)، عندما يصلون إلى شفير جهنم، يندهش الملائكة هناك، ولكن ليس هناك الاستقبال بالتكريم، والاستقبال الإيجابي، ولكنه التوبيخ، {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} والعياذ بالله! فتحت تلك الأبواب السبعة، الأبواب الهائلة، الأبواب الجهنمية، {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} وهم يندهشون من كثرتهم، من أعدادهم الهائلة جداً، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى}[الزمر: من الآية71]، قد أتت الرسل، وأتى النذير بلقاء هذا اليوم، أتى التحذير من هذا اليوم، أتت حتى تفاصيل، حتى هذا التفصيل، حتى هذه اللحظة، ربما البعض يتأمل، يتذكر أنه قد عرف حتى عن هذا المشهد، وقد سمع بهذا المشهد وهو في الدنيا، نقلت إليه من القرآن هذه الصورة وهو في الدنيا وأمامه الفرصة الكافية ليتلافى نفسه وتقصيره، وليعمل على ما فيه نجاته من تلك اللحظة الرهيبة ومن ذلك المستقبل الرهيب جداً والعذاب العظيم، {قَالُوا بَلَى}، حالة رهيبة جداً هناك.
وعندما تفتح الأبواب هل سيتزاحمون على الدخول وهم يندفعون كلٌ يريد أن يدخل هو الأول، لا؛ إنما يلقى بهم إلقاءً داخل جهنم، تأخذهم الملائكة وتدفعهم وتلقيهم إلقاءً، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك: من الآية8]، من جديد عندما يلقى إلى جهنم، وهي حالة كيف سيكون حال الإنسان عندما يلقى إلى جهنم؟! كيف سيكون خوفك وقلقك واضطرابك النفسي لو تلقى في فرن من الأفران العادية في هذه الدنيا، وهم يأخذونك قسراً وإجباراً ويريدون أن يدخلوك فيه، وأن يحنذوك فيه، وأن يصلوك فيه، كيف سيكون رعبك وقلقك وخوفك؟! أمر رهيب؛ أما جهنم فهي عذاب الله الأكبر، العذاب الشديد، العذاب المهيل، النار قال عنها الله: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}[الفرقان: الآية12]؛ أما وقد وصلوا إليها كيف هي أصوات استعار نيرانها؟! كيف هو القصيف الهائل؟! كيف هي الأصوات الرهيبة جداً والشهيق والزفير الذي هو من أصواتها المخيفة جداً، حتى الأصوات في جهنم أصوات مرعبة جداً ومخيفة للغاية، كيف هي مشاهد استعار النيران فيها والدخان الهائل، كيف هي المشاهد للشرر الذي يتطاير وهو كالقصر، شرر (كتل هائلة جداً) تتطاير من شدة التوقد والاستعار داخل جهنم والعياذ بالله! كيف هي مشاهد الحميم الذي يسيل فيها ودياناً وأنهاراً، شيءٌ منها من الصديد، شيءٌ منها من الحميم الذي يغلي، كلها مشاهد رهيبة ومهولة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الخامسة 1441هـ
قوا أنفسكم وأهليكم نارا تفاصيل مهولة عن عذاب جهنم