يبين السّيد أنّ القرآن الكريم أولى اهتماماً بالجانب المالي والاقتصادي, فجاءت الكثير من العبارات في القرآن الكريم, تتعلّق بموضوع المال, وحركته في واقع الحياة, بالشّكل الّذي يجعله مالاً للجميع, لأنّ للمال دوراً مهماًّّ على المستوى الاجتماعي, ولهذا ربط القرآن الكريم الكثير من المسئوليات بأصحاب رؤوس الأموال والتّجار, وحرّم الاحتكار, ويؤكّد السّيد على أهميّة وضرورة أن يبقى المال في حركة ودورة مستمرّة, يقول السيد: (وهي في الواقع كثير من العبارات في القرآن الكريم فيما يتعلق بموضوع المال: أن المال له دور، دور اجتماعي، المال هو مال الناس في الواقع، أعني: في حركة المال التي رسمها الله سبحانه وتعالى هي في الواقع تجعل المال وكأنه للكل, لهذا ربط مسؤوليات كثيرة بأصحاب رؤوس الأموال.
أليس هناك شرع الزكاة، أوجب عليهم الزكاة، أوجب عليهم الإنفاق في سبيله، حرم عليهم أن يكنزوا أموالهم؟ وأوجب عليهم أن يحركوها, المال يجب أن يكون في دورة مستمرة، في حركة, إذا عندك رصيد من الأموال تتركها تتراكم أموال هناك شغلها عندما تشغلها أنت تثمرها، وتشغل آخرين يعيشون معك فيها, هذه قضية هامة، ولهذا يأتي في كثير من الآيات بعبارة أموالكم ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾[البقرة: من الآية188] لأن حركة المال هي بالشكل الذي في الأخير يبدوا وكأنه مال للأمة) سورة البقرة الدرس التاسع.
وهنا يؤكّد السّيد على أهميّة النّظرة العامّة للمال, لأنّ النّظرة الخاصّة بالمال ليست صحيحة من النّاحية الاقتصاديّة, ويقدّم السّيد الرّؤية القرآنيّة فيما يخصّ المال العام, والثّروات, والموارد العامّة, وأهميّتها في تحسين الوضع الاقتصادي, والمستوى المعيشيّ للنّاس, ويحذر السّيد من خطورة الفساد المالي والاقتصادي, وتأثيراته الفادحة على النموّ الاقتصادي, وعلى المال الخاص, فيقول: (نأخذ من هذه أهمية ما يسمى بالمال العام، الثروات، الواردات العامة، أنها هامة جداً جداً في مسألة تحسين معيشة الناس، هامة جداً لأن النظرة الخاصة بالنسبة للمال ليست نظرة صحيحة من الناحية الإقتصادية، لا ينمو اقتصادك أنت، لا ينمو مالك أنت سواء بشكل تجارة، أو بشكل زراعة إلا في إطار الحركة العامة للمال.
إذا سلم المال العام أمكن أن يكون هناك قدرة شرائية، وقدرة في مجال ماذا؟ حركة الناس، في تجارتهم وزراعتهم، فتنهض رؤوس الأموال، تنهض الأموال، وتكثر الأموال, إذا هناك اختلاس للأموال العامة تأتي كثير من الأعباء، تضاف على الأموال الخاصة، تضعف قدرة الناس الشرائية، وفي الأخير لا تدري وصاحب الدكان عاطل عن العمل لا يوجد بيع وشراء، ذلك المزارع زرع وسقى وتعب وحصد، أو جنى ثمار مزرعته، وصل وإذا السوق كساد، لأنه يحصل كثيرٌ من الأعباء) سورة البقرة الدرس التاسع.
ويبيّن السّيد أنّ الفساد المالي, والعبث والإهدار للثّروات العامّة, يؤدّي للكثير من الأعباء الاقتصادية, والمعيشيّة على الشّعوب, فتُفرض الجُرع الاقتصاديّة على الشّعوب نفسها, ممّا يؤدّي إلى غلاء في الأسعار, وكساد تجاري في الأسواق, بسبب هذه المعالجات الخاطئة, الّتي كان ينبغي أن تُفرض على المسئولين الكبار, الّذين لديهم ثروات هائلة, فيتقشّفون هم, ويُخفّضون من نفقاتهم, يقول السيد: (ولهذا هم يعملون جُرع التي يسمونها [جرع اقتصادية] أليست أعباء على الناس أنفسهم؟ كان المفروض الجُرع الإقتصادية تكون على المسئولين الكبار هم الذين عندهم رؤوس أموال كبيرة، هم الذين يتقشفون قليلاً، يخفضون من قليل، وليس أن يضيفوا, إذا هناك ديون على بعض البلدان تراه في الأخير يتحول في الأخير إلى زيادة في الأسعار ثم لا تدري إلا والحاجة قد فيها زيادة مائة ريال، لا تدري وقد فيها مائتين ريال، لا تدري إلا وقد فيها زيادة بنسبة 100% أو أكثر) سورة البقرة الدرس التاسع.
ويضيف السّيد أنّ التّلاعب بالأموال العامّة يشكّل تهديدٌ اقتصاديٌ للشّعوب, داعياً إلى ضرورة الحفاظ على الأموال العامّة, مؤكّداً أنّ البلدان والدّول العربية تتمتّع بثروات هائلة تجعلها في غنى عن القروض والاحتياج للآخرين, وأنّ هذه المعاناة الاقتصادية الّتي تعاني منها الدّول والشّعوب هي بسبب سوء التّخطيط الاقتصاديّ, فيقول: (أليست في الأخير تضعف قدرة الناس الشرائية ويصبحون في عذاب من الغلاء؟ لأن هناك تلاعب بالأموال العامة وإلا فالأموال العامة نفسها، وإردات أي بلد وهذا من الأشياء الغريبة جداً في البلاد العربية بالذات، تجد بلداناً فيها ثروات هائلة جداً وعليها ديون كثيرة جداً! عليها ديون كثيرة بالمليارات بمليارات الدولارات كيف ثرواتنا؟ ليست بالشكل الذي يمكن أن يكفي حاجاتنا؟ لا يوجد ناس يعرفون كيف يخططون حتى يستطيع أي شعب بأن ينهض بنفسه دون أن يتحمل ديون مليارات الدولارات، اليمن نفسه يقولون عليه حوالي ثمانية مليارات دولار دين! العراق كان عليه ما يقارب أربعين مليار دولار! وعنده احتياطي نفط كبير جداً، عنده ثروات كبيرة جداً) سورة البقرة الدرس التاسع.
ويؤكّد السّيد على أنّه يوجد خللٌ في النّظام بشكل عام, في النّظام الإداري, وفي التّوظيف, وفي التّخطيط, وفي تنمية الموارد, والحفاظ عليها, وفي استغلالها بشكل صحيح, وفي العلاقة والتّعامل مع الله سبحانه وتعالى, ممّا تسبّب في هذه المعاناة التي تعاني منها الدّول والشّعوب, وحال بينها وبين الاستفادة من ثرواتها ومواردها العامّة والهائلة, فأصبحت عالة على الآخرين, يقول السيد: (يوجد خلل بالنظام بشكل عام، في النظام الإداري، في التوظيف، يوجد خلل في التخطيط، خلل في استغلال الخيرات، خلل كبير في التعامل مع الله، ولهذا تجد الناس ثرواتهم لم تعد تشكل شيئاً, ألم نصبح نحن عالة تقريباً في مأكلنا، في ملبسنا على الآخرين؟! حتى في البلدان التي لديها ثروات هامة أصبحت عالة على الآخرين! مأكلنا، ملبسنا، أدويتنا، الوسائل الضرورية والكمالية كلها من عند الآخرين من الخارج, ومع هذا تجد ديوناً كبيرة! وثرواتنا أين؟ الثروة البحرية بالنسبة لليمن لوحده؟ ثروة البحر تكفي اليمن وحدها، الثروة الهائلة في البحر، ساحل طويل عريض حوالي ألفين كيلو، البحر الأحمر، والبحر العربي فضلاً عن البترول والمعادن، وواردات كبيرة) سورة البقرة الدرس التاسع.
ويؤكّد السّيد على ضرورة التّعاطي والتّصرف بحكمة في موضوع المال, والمشاريع, والاستثمار بعيداً عن العبث, والإسراف, والإهدار للثّروة, لأنّه موضوع ارتبط في القرآن الكريم بالحكمة, وجاء قوله تعالى ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء﴾[البقرة:269] في وسط الحديث عن الجانب المالي, ففي سورة البقرة الدرس الحادي عشر, يقول السّيد: (يتحدث في الآية هذه عن موضوع الحكمة في وسط الحديث عن الجانب المالي لنعرف أنه موضوع يجب أن يكون التصرفات فيه حكيمة, ومع الناس حكيمة, والمشاريع تكون على أساس معرفتك بالجانب المالي أيضا حكيمة) سورة البقرة الدرس الحادي عشر.
ويضيف السّيد في نفس الدّرس, أنّ للمال دوره وتأثيره الكبير على النّاس, فيجب التّعاطي بحكمة ومسئوليّة في موضوع المال والنّفقات, فيقول: (فيما يتعلق بالمال, في مجال أخذه, أو في مجال إنفاقه يجب أن يكون هناك حكمة, وأن تعرف أنه مؤثر تأثيرا كبيرا) سورة البقرة الدرس الحادي عشر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.