إذا لم يكن هناك تنفيذ، إذا لم يكن هناك التزام، فمعنى هذا أننا نؤمن ببعض ونكفر ببعض. عندما يقول الله في القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات: 15) ما معني (هم الصادقون).
عندما كانوا يسمون أنفسهم مؤمنين، أو يعتبرون أنفسهم مؤمنين؛ لأن هذا رد عندما قال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}(الحجرات: 14) ثم يقول لهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحجرات: 15) وهنا تلاحظ كيف تفصل {هم} بين كلمة {أولئك هم الصادقون} أي : هم وحدهم، الصادقون في أن يحكموا على أنفسهم بمسمى الإيمان، وأنهم مؤمنون .
في آية أخري يقول: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104) هذه العبارة معناها هم وحدهم المفلحون، والجنة أليست للمفلحين؟ أم أنها للخاسرين؟ الجنة هي للمفلحين، وعود الله في الدنيا هي للمفلحين وليست للخاسرين.
إذا لم يكن عند الانسان توجه من أجل أن يحقق لنفسه مسمى (الإيمان) أن يكون مؤمنا فعلاً، وتجد الجنة في القرآن الكريم هي للمؤمنين، أعدت للمتقين، تجد هذه هي صفات المؤمنين، ويؤكد لك أن المؤمنين ليسوا إلا من كانوا على هذا النحو، فعندما تأتي في الأخير وتقول: (نصلي ونصوم ولا شأن لنا لا يتدخل أحد في شيء).
فكأنك تنظر إلى هذه الأوامر الإلهية المهمة، والتي تنفيذها مهم في ظروف كهذه، تعتبرها وكأنها زيادة على الدين، وكأنها ليست شرطا في تحقيق اسم (الإيمان) لنفسي، ولا شرطا في ماذا؟ في نجاتي في الدنيا وفي الآخرة. هذا من مغالطة الإنسان لنفسه، من خداع الإنسان لنفسه. ليس عملا زيادة على الإيمان، نحن نقول: هذه الاعمال التي نعملها الآن، لم نصل بعد إلى درجة عمل مَن؟ عمل من عذرهم الله أن لا يحضروا ميادين الجهاد، مثل: الأعمى والأعرج والمريض، من قال فيهم: {إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ} (التوبة91) ألم يشرط {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ}.
أنت مثلاً ليس لديك قدرة على أن تخرج في ميدان الجهاد، لك عذرك أن تقعد، لكن قعودك يجب أن يترافق معه نصح لله ورسوله؛ لأنْ موقفك وأنت داخل مازال يحرك، يشجع، تأييد وتشجيع. تحرك، وإن كنت أعمى فلتتكلم، لم نصل بعد إلى هذه الدرجة، لم نصل بعد إلى الواجب على الأعمى، الواجب على الأعرج، على الذي لا يجد ما ينفق، ليخرج مع رسول الله (صلي الله عليه وعلى آ له وسلم) هو قال فيهم: إذا نصحوا لله ورسوله فليس عليهم حرج. ليس معناه أنه مسموح لهم أن يقعدوا فقط بل عليهم أن يتحركوا، ينصحوا لله ورسوله، يشجعوا، يحثوا على الإنفاق، يحثوا الناس على التجلد ويحثوا الأسر على الصبر، إذا استشهد أحد منهم إذا إذا ... هذه من النصيحة لله ورسوله، شد أزر المجاهدين، نحن لم نصل بعد إلى هذه الدرجة، نحن ساكتون ليس هناك نصيحة لله ولا لرسوله؛ لأن النصيحة لله ولرسوله هي النصيحة للدين، والنصيحة لمن يهمهم، لمن يهم رسول الله (صلي الله عليه وعلى آ له وسلم) أمرهم وهم الأمة، (المسلمون).
بعض الناس قد يري أن هذه أشياء ليست إلا زيادة [يا أخي يوجد كثير من الناس يصلون ويصومون ولا يتد خلون في شيء ومن بيته إلى مسجده، لا تتد خل في شيء] هي قضية لا تخضع لتقديراتي أنا أو تقديرات أي شخص، إ رجع إلى القرآن الكريم، رجع إلى القرآن الكريم، فوجد أنه ليس هناك عذر، ليس هناك إمكانية أن تعمل ببعض والبعض الآخر لا تعمل به، ليس هناك إمكانية أن يرى الانسان نفسه مصيبا عندما يبحث عن الشيء الذي لا يسبب له مشاكل، ولا فيه خطورة ولا فيه عناء، ويصلِّ ويصوم، [وما له حاجة] الكلمة المعروفة.
لا، ارجع إلى القرآن إن كان هذا موقفا صحيحا فلا بأس، وإن لم يكن صحيحا وتجد فيه أوامر أخرى، أوامر مرفق بها تهديد إلــهي، لمن قصر فيها، فمعنى هذا أنك تغالط نفسك بأنك سائر في طريق الجنة وأنت لا تدري في أي طريق تسير، في الأخير كيف ستكون الغاية والنتيجة؟
أيضاً يأتي من جانب آخر، قد يري الانسان أنه [ياخي ذاك سيدي فلان، والعالم فلان، وسيدنا فلان والحاج فلان، يقوم قبل الفجر، ويتركع، ويسبح، ولا يتحركون ولا يقولون شيئا ولم يقولوا للناس أن يعملوا كذا..] وهو يريد أن يسير معهم، أنت اسألهم، اذهب و اسأل هؤلاء، لتتضح لك القضية كيف هي، أن هؤلاء لا يعتبرون أن هذا العمل ليس مشروعاً، ولا يعتبرون أن ليس هناك أوامر إلهية للناس بأن يكونوا أنصاراً لدينه، ومجاهدين في سبيله، وأن يعدوا ما يستطيعون من قوة، وأن.. وأن.. إلى آخره. لا يستطيع ان يقول لك: ليس هناك شيء. طيب عندما تقول له: فأنت لماذا؟ هو يأبى مثلك؟ إما انه ليس فاهما أن هذا الموضوع مؤثر مثلاً، أو عمل معين مؤثر، أو لم تصل إليه أخبار معينة أن هناك مؤامرات كبيرة أو.. أو.. إلى آخره.
أو أنه في الأخير عارف لهذه الأشياء لكنه يجدك أنت والآخرين مبررا له أن لا يتحرك؛ لأن لديه فكرة أن الناس لا يتحركون وليس هناك أنصار، ولا أحد سيتحرك معنا، ولن يقوم معنا أحد، ولا.. ولا.. إلى آخره. فيظن أن قد صار لديه عذر، وسيقعد ما له حاجة، فتكتشف أنه يعتبرك أنت ويعتبر آخرين عبارة عن عذر له. أي: لن تكتشف عند أحد أن يقول لك: أن هذا العمل باطل أبداً، أو أنه ليس هناك أوامر إلهية لما هو أكثر من هذا مما الناس عليه، بينما ستجده في الأخير يعتبر إن قد صار لديه مبرر وعذر له شخصياً، ليس عذرا يصلح لكل واحد، بل عذر له شخصيا أنه وإن كان عالما ويجب عليه، لكن إذا كان هناك أنصار، ولا يوجد هناك أنصار، ف (مع السلامة) وقعد وما له حاجة، هم يمسكون بهذه.
إذاً فأنت وغيرك ممن مواقفهم يبدو وكأنهم ليس لديهم استعداد أن يكونوا أنصاراً لله، أنصاراً لدينه، يدافعون عن دينه، الوضعية التي أنتم عليها هي المبرر الذي يتمسك به العالم الفلاني، وأنت لا تعلم بهذه، تراه أنت، تراه على ما هو عليه لا يتحرك، تفسر موقفه تفسيرا آخر، كأن هذا الشيء ليس مشروعا، أو كأنه ليس واجبا علينا، وبالتالي "قد احنا من جيزاه"!.
اليس هذا الذي يحصل عند البعض؟ "قد احنا من جيزاه" ليس هناك أحد مثله، هو إنسان متدين لكن المشكلة إنه يعتبرك أنت وغيرك الذين لا تتحركون أنكم المبرر له أنه يقعد، لا تتعاونون، أنكم المبرر له أن يجلس.
فإذا الناس كما نقول أكثر من مرة، متهادنين، نحن متهادنين، العالم يرى أن هؤلاء الناس ليسوا أنصارا، إذاً قد صار لديه عذره، وهؤلاء الناس يرون أن ذالك العالم لا يتحرك، إذاً فليست القضية لازمة، قعد وقعدوا، وكل واحد يجعل الآخر مبررا له، قعد لأن ليس هناك أنصار، والأنصار قعدوا لأن ليس هناك حركة من العالم، اليست كلها مهادنة؟
قد يقدم الناس على الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وتتضح القضية وإذا نحن تهادنا ونحن كان ساكتين، الناس ساكتون والعالم ساكت، وكل واحد يظن أنه قد أصبح لديه عذر، وعلى ما هو عليه، قد أصبح لديه مبرر أمام الله.
إذاً فالقرآن الكريم سيكشف أنه ليس لديك عذر وليس لديه عذر، وليست القضية بحثا عن أعذار، الأعذار الحقيقية هي أعذار لا تكون بالشكل الذي يكون مفتوحا للناس جميعاً، لا يوجد هكذا؛ لهذا تجد مثلاً العالم نفسه الذي يرى نفسه أنه ليس ملزما في الوقت نفسه أن يكون له موقف، اليس هو يخطب؟ يقول: الناس عليهم أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، أليس يقول لهم هكذا؟
طيب أنت تقول للعلماء الآخرين لماذا لا تكونون بهذا الشكل؟ سيقولون لأنه لا يوجد أنصار، أي: هو نفسه يقول لك: إنك أنت وهذا عليكم أن تأمروا بالمعروف، وأن تنهوا عن المنكر، وأن تتحركوا، وأن تتعاونوا على البر والتقوى، اليس هذا الذي يحصل؟ وأن يكون هناك تكاتف ووحدة الصف، وتوحيد الكلمة، والتكاتف، والتعاون، والتآخي، اليس هذا الذي يحصل من كلامهم؟ أي: هو يقول لك: بأن عليك أن تبادر أن تعمل هذا العمل، معنى هذا أنه ليس هناك عذر جماعي للأمة كلها.
عندما يقول البعض: إن الإمام عليا عليه السلام قعد، هل قعوده يعني أن كل الناس قعدوا ولهم عذر؟ لا. قعوده لأنه لم يجد أنصارا، فالأنصار غير معذورين، الذين خذلوه ليسوا معذورين إطلاقاً، هم خذلوه فاضطر إلى أن يقعد لم يستطع ان يتحرك، لم يستطع ان يعمل شيئا، هذا هو العذر الذي ينتهي إليه الإنسان، وهو يعلن وهو يذكر وهو يبين وهو يحث الناس وهو ينذر الناس وهو.. لكن ما رضوا ان يتحركوا، هذا هو ماذا؟ ليس معناه أنه يبحث هو عن عذر، إنما وجد فعلاً انه ليس لديه قدرة، وهو لا يزال يتحرك.
هل الإمام علي عليه السلام توقف عن تذكير الناس؟ لم يتو قف إطلاقاً طول فترة خلافة أبي بكر، عمر، عثمان، لم يتوقف، لم يوجد أنصار، حاول إذا ممكن يتحركوا، فلم تحصل استجابة، حصل تأثير؛ لتبقى الفكرة لتبقى العقيدة لتبقى الرؤية قائمة في الأمة، مثل ما هو حاصل إلى الآن.
فعندما يقول: (الإمام علي هو ذاك قعد) أي: هل قعوده مثلما قعد الآخرون، أم قعوده لو فرضنا هو عذر له لأنه ما به أنصارا، فلا يستلزم أن يقعد الآخرون بل مشكلته أن الآخرين لم يقوموا بواجبهم، هم ملزمون أن يقوموا بواجبهم.
فالعالم نفسه أساس الفكرة لديه أنه واجب على الناس أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، أليس كذا لك؟ واجب عليهم أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، أي: لا تتصور أنت أن العذر الذي هو ماسك عليه انه يراه عذرا لك، أو يراه عذر لهذا أو يراه عذر لهذا المجتمع، أبداً؛ لأنه يخطب، الذي تراه أليس يتحرك يخطب يقول لك: (واجب على الناس يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، وأن يكونوا متعاونين على البر والتقوى، وأن، وأن...)؟ أليس معنى هذا أنه لا يرى عذرا للناس؟
والناس لا ينظرون إليه النظرة هذه، بل يرونه أنه قاعد، قالوا: "قد احنا من جيزاه" هذا عالِم، وذا لك ليس إلا طالب علم، هذا عالِم (شيبة) وهو أفقه، وأعلم، وأعبد... إلخ "قد احنا من جيزاه"
على الناس أن يتفا هموا هم والعلماء، يتحاور الناس هم والعلماء، يفتحوا هذه المواضيع هم وإياهم، كيف القضية هل نحن معذورون حقيقة نحن وأنتم، أو ما هو أساس المشكلة؟ لماذا أنتم ساكتون لماذا لا تتكلمون معنا، ولا تحركوننا ولا، ولا... سيقولون: (أنتم لا يُعتمد عليكم، لن تقفوا معنا). اليس سيقول لك هكذا؟ فهذه تشهد لك أن القضية هي "تهادن" فيما بين الناس.
مع أن الإمام زيدا عليه السلام في رسالة كتبها للعلماء يقول: العالم ليس له عذر، أن لا ينطلق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، لا رغبة ولا رهبة، ليس للعالم أن يتوقف من أجل رغبة، لأن هذا - قال - يعتبر ممن يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً, ولا له عذر، أن يتوقف خوفاً والله يقول: {فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}(المائدة: 44) في رسالته إلى العلماء.
هكذا يعني وبتأثيرات أخرى في الأخير يرى العالم إنه ماذا يمكن أن يعمل؟! (الناس لا يعتمد عليهم) "فلم يعد يجابر الناس وهم ما بيجا بروه".
فيجب على الإنسان أن يكون حذراً، يكون الإنسان مراقبا لنفسه، لا يقدم على الله سبحانه وتعالى وهو عاصِ لله، فيكون مصيره جهنم.
هذه القضية يجب أن نتأكد منها، ولا تستطيع أن تتأكد منها إلا من القرآن الكريم، من خلال رجوعك إلى القرآن الكريم، هل هناك مخرج آخر غير القرآن؟ الله هو مع كتابه، يحاسب الناس على أساس كتابه؛ ولهذا قال رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) عن القرآن: (أنه من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه - وراء ظهره - ساقه إلى النار).
وجهنم هي الشيء الذي يخيف الإنسان، نعوذ بالله من جهنم، وكل شيء غير جهنم سهل، كل تهديدات تأتيك غير جهنم هي سهلة، كل عذاب غير جهنم هو سهل، هو محدود وينتهي، أما جهنم فلا يوجد لها نهاية، نعوذ بالله، ليس هناك نهاية.
جهنم لا يوجد فيها نسمة واحدة باردة، لا يوجد تخفيف لعذابها، وسنة بعد سنة، مائة سنة، مليون سنة، مليار سنة، كلها تمر وليس هناك نهاية، هذا الشيء الذي يجب أن يخافه الإنسان، يتمنى الموت، اليس الله حكى عن أهل جهنم أنهم يتمنوا الموت ويتمنون أن يموتوا؟ الموت الذي هم الآن يهربوا منه، في جهنم سيتمنونه، ويعتبر نعمة كبيرة لو أنه يحصل، اليس الله حكى عنهم، أنهم قالوا(لمالك) خازن جهنم: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} (الزخرف: 77) يدعو ان يقبل الله أن يميتهم، يتمنون أن يموتوا، يعتبرونه نعمة أن يموتوا، {قَالَ إنَكُمْ مَاكِثُوْنَ} ليس هناك لا موت ولا خروج.
ولا يتهاون الناس، لاحظوا المعصية، معصية الإنسان ليست في حدود تقديراتك أنت إطلاقا، بل تترك آثاراً، ربما قد يكون الناس عندما يقعدون في ظروف كهذه هناك أعمال بإمكانهم أن يعملوها: مظاهرات، مقاطعة اقتصادية، شعارات، أليست في متناول الناس؟
عندما نقصر في هذه، أنت بتقصيرك في هذه من ستجعل الأعداء يتمكنون أكثر، وعندما يتمكن الأعداء ينتشر معهم الفساد أكثر، فساد كثير ينتشر، هذا الفساد الذي ينتشر ليس هناك فساد ينتشر، إلا وتضاف مسؤوليات عليك، ثم ترى أنك في الوقت الذي تتوقف عن عمل واحد أمام مشكلة واحدة، أنت مسئول أمامها، تصبح المسئوليات عليك تتكرر وتتجدد وتتكاثر.
الأعداء دخلوا نشروا الخمور، نشروا المخدرات، نشروا الفساد الأخلاقي، حاربوا الدين، فرقوا كلمة الناس، عملوا هذه الأعمال كلها، أليس هذا عملا كله منكرات؟ كل منكرات يضاف على الناس مسئوليات أمام الله عنها. معنى هذا أن قعودك وأنت تتصور أنك قاعد عن قضية واحدة، المسئولية هي تتكاثر وتتجدد عليك بكل نشاط يقوم به الأعداء، تفسد أجيال من بعد، لو لم يكن إلا الجيل الثاني أو الجيل الثالث.
لاحظوا الآن الفلسطينيين أليسوا في وضعية مؤلمه جداً؟ تقاعس الناس في مرحلة معينة جعل العدو يتمكن أكثر، تصبح المقاومة والعمل صعبا ومتعبا. إذا في هذه الحالة العناء الذي يلحق الناس من بعد بسبب تقصيرك فأنت شريك في خلق هذا العناء، في ماذا؟ في أن تصبح المسألة على هذا النحو.
أليس الكثير من الفلسطينيين في البداية كانوا يرون أن يخرجوا < وما لهم حاجة >؟ خرجوا وعملوا لهم مخيمات هناك خارج وكانت فترة، كان اليهود فيها لايزالون عبارة عن عصابات فقط، يتخاذلون واليهود عبارة عن عصابات، لم يكن قد أصبح لديهم دولة، مازالوا يغزون هكذا يسيطروا على منطقة ويغزوا قرية و . و . و.. كان الفلسطينيون متخاذلين مثل ما نحن الآن، وبعدها تمكن اليهود أصبحوا دولة، استقووا، أصبحت القضية في مواجهتهم صعبة جداً، معاناة شديدة وصعبة جداً، لدرجة أنه لم يعد يتمكن البعض إلا أن يذهب ليفجر نفسه، وبالكاد يقتل اثنين أو ثلاثة، وإذا كانت عملية جيدة قتل فيها مجموعة.
هذه المعانة التي حصلت للجيل الثاني بسبب تقصير الأولين، تقصير الذين لم يتحركوا في البداية؛ لأن الاعمال تكون في البداية سهلة، عندما قصروا خلقوا بتقصيرهم، معاناة شديدة ضد هؤلاء، أتاحوا الفرصة للعدو أن تستحكم قبضته، استحكام قبضة العدو تعني أنك شريك مع العدو فيما يعمل من جرائم، ليست قضية سهلة، فعلاً.
الإمام علي عليه السلام فهّم أهل العراق بهذه الطريقة عندما كان يخوفهم بأنه قد تستحكم قبضة أهل الشام عليكم، كيف قال؟ ((والله إني لأخشى أن يدال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)) أليس هذان عامِلَين مع بعض: تفرق هؤلاء عن حقهم، اجتماع أهل الباطل على الباطل، أدى إلى نتيجة ما هي؟ سيطرة أهل الباطل على أهل الحق، اليسوا هنا أصبحوا شركاء؛ لأنهم هم سبب، وعامل رئيسي في ماذا؟ في أن يتمكن العدو.
إهمال الناس، تقصير الناس، أنت تعمل بإهمالك وتقصيرك أنت تخدم العدو، أنت تعمل لصالح العدو، وأنت تتحمل نتائج أن تكون شريكا في ماذا؟ فيما يرتكبون من جرائم فيما بعد؛ لأنه كان تقصيرك، كان إهمالك سبباً من أسباب استحكام قبضته، تقصيرك، إهمالك في البداية عن أعمال مؤثرة بإمكانك أن تعملها، قبل أن تستحكم قبضة العدو يجعلك شريكاً في معاناة من يجاهدون فيما بعد، ليست هذه قضية سهلة، ليست قضية سهلة أبداً.
يتصور أحد أنه قعد وما له حاجة، بل هي جريمة مستمرة، أنت مقصر متقاعس، وقاعد، لا تبالي، ترتكب جريمة كبيرة، أي: لا يستطيع أحد أن يصفها، فيكون الناس يشتغلون لإضافة أوزار عليك، العدو من جهة، وحتى المجاهدون، ما يلقون من المعاناة أنت شريكاً في خلق هذه المعاناة أمامهم.
وهذا الذي يضر الإنسان أن ينطلق من تقديراته الخاصة وفهمه الخاص للأشياء وكأنه يراها في الأخير طبيعية وبسيطة، وبعض الناس قد يصل به هذا الموضوع إلى أن يرى نفسه أنه هو الحكيم، عندما يرى نفسه أنه ليس لديه أي حركة، لا يشارك في أي عمل، ولا ينساق ولا شيء، أنه هو الحكيم الذي موقفه صحيح.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(الشعار سلاح وموقف)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 11 رمضان 1423هـ
اليمن – صعدة.