نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع.
1. التأكيد على أن التعليم والتعلم نعمة عظيمة.
2. أهمية نعمة الهداية.
3. خطورة الضلال وبعض عواقبه السيئة.
4. مهمة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بالنسبة للأمة.
5. أهمية الحكمة، ومعناها.
v أسئلة استيعابية:
- قارن بين حاجة الناس إلى النعم المادية وحاجتهم إلى نعمة الهداية.
- اذكر بعض الآثار والعواقب السيئة للضلال.
- ماهي مهمة الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) بالنسبة للأمة من خلال ما فهمت من الدرس؟
- تحدث عن الحكمة المطلوبة من الأمة في مواجهة المخاطر التي تواجهها، ومن أين يمكن الحصول على الحكمة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والصلاة والسلام على رسول الله، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وأنزل عليه الكتاب المبين لِيُعَلِّم الأمة ويزكيهم، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين.
في البداية نعتذر للإخوة المعلمين وللطلاب جميعاً أننا لم نقم بزيارتهم إلى الآن، وليس ذلك عدم اعتبار لهذا العمل، أو عدم تقدير لما يقوم به الإخوة المعلمون والطلاب، وإنما لشواغل أخرى، ولثقتنا - أيضاً - أن في المدرسة من الإخوة المعلمين من فيهم الكفاية في التعليم, وفي التوجيه, وفي الإرشاد, وفي التربية، وليس هناك حاجة بالنسبة لنا، لكن هذه زيارة نتشرف بها لهذه المدرسة، نتشرف بها للإخوة المعلمين وللطلاب جميعاً، ولنتحدث معكم أيضاً لم نجعلها بشكل رسمي كمحاضرة، بل جلسة عادية طبيعية، نتحدث معكم ونشترك مع الإخوة المعلمين في توجيهكم بما ألهمنا الله, كما يقول الناس (نريد مما ألهمك الله).
في البداية نقول: هي نعمة عظيمة علينا جميعاً، علينا كمعلمين وعليكم كطلاب أن يُتاح لنا جميعاً فرصة أن نُعلّم ونتعلم، ففي الحديث الشريف عن رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ((من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة)) فهي نعمة، والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم - على الرغم مما تمنن به على عباده من نعم مادية كثيرة - يعُدُّ نعمة الهداية، نعمة الدين، نعمة الإسلام يعدها أعظم النعم على البشرية، أعظم النعم على الناس جميعاً،
لهذا نجد كيف ذكر الله سبحانه وتعالى في أكثر من آية – ربما قد تكون ترددت في القرآن أربع مرات - وهو يذكر للناس أنه قد مَنّ عليهم بنعمة عظيمة {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران : 164] وفي هذه الآية يقول: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِين} (الجمعة:2).
شر الضلال والآثار السيئة للضلال تعتبر بالنسبة للإنسان أشد وأفتك وأسوأ من أن تنقص عليه نعم مادية أخرى، أسوأ من الجوع، أسوأ من الفقر، أسوأ من المرض؛ لأن تلك مصائب وأضرار أو شرور قد لا يترتب عليها آثار سيئة جداً، أما الضلال، أما مصيبة الضلال، أن يعيش الإنسان في ضلال، أن يعيش الناس في ضلال فإن آثاره سيئة جداً عليهم في الدنيا وفي الآخرة، ومن أسوأ عواقب الضلال هو الخلود في جهنم - نعوذ بالله من جهنم - يمكن أن تجوع فتسُد رمقك بأي شيء، حتى ولو من النباتات، ولا يؤدي بك الجوع إلى جهنم، يمكن أن تعاني في فترة من حياتك ظروفاً صعبة، تعاني من الفقر أو المرض لكنه لا يؤدي بك هذا إلى جهنم.
أما الضلال فإنه يؤدي بالناس إلى الخزي في الدنيا، إلى الذلة، إلى القهر، إلى العبودية لأولياء الشيطان، إلى الخضوع للفساد والباطل، وبالتالي سوء الممات، سوء البعث، سوء الحساب والخلود في جهنم.
فالله عندما يذكّر عباده بأنه منّ عليهم برسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ومنّ عليهم بأن أنزل عليه القرآن، يتلوه على الناس يُعلمهم به، يزكيهم به {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} (الجمعة:3) أولئك الذين عاصروه نعمة كبيرة عليهم، ومِنّة عظيمة منّ الله عليهم، هم ومن بعدهم {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} من الناس من الأميين {لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (الجمعة:4) هذا فضلٌ عظيم من الله أن يبعث الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) في الأميين.
كلمة (أمِّيين) تطلق على العرب؛ باعتبار أنهم كانوا فيما يتعلق بالقراءة والكتابة لم تكن منتشرة فيهم، وقد يكون اسماً يطلق على من سوى أهل الكتاب من الأمم، ولا تزال تستخدم إلى الآن عند أهل الكتاب أنفسهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}.(آل عمران: من الآية75) وكيفما كانت إذا كان العرب أمة أمّية، ليس لها ثقافة، ليس في أوساطها أعداد كبيرة من المثقفين من العلماء، أمة تعيش حالة بدائية؛ فأن تحصل على هذه النقلة العظيمة من مرحلة البدائية مرحلة الأمية إلى أن تُمنح هذا القرآن العظيم، الذي جعله الله مهيمناً على كل الكتب السماوية السابقة.
القرآن كتاب عظيم، كتاب واسع، ثقافته عالية جداً، عالية جداً تجعل هذه الأمة - لو تثقفت بثقافته - أعظم ثقافة، وأكثر إنجازاً، وأعظم آثاراً في الحياة، وأسمى أسمى روحاً، وأسمى وضعية، وأزكى وأطهر نفوساً من أي أمة أخرى، إنه يقول: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} فتكون نفوسهم زاكية، مجتمعهم زاكي، حياتهم زاكية، نظرتهم صحيحة، رؤيتهم صحيحة، أعمالهم كلها زاكية.
{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} الكتاب هو القرآن الكريم، كرره مرتين في هذه الآية؛ لأنه هو المهمة الرئيسية للرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو أن يتلو الكتاب على الناس، يعلم الناس بهذا الكتاب، عمله كله يدور حول القرآن الكريم، يتلو عليهم الكتاب {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} التي هي القرآن الكريم.
{وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} الحكمة هنا ما هي ؟. عادةً يقول بعض المفسرين السُنة. يسمونها السنة، الكتاب والحكمة قالوا: الكتاب والسنة، هذا غير صحيح.
الحكمة أن تكون تصرفاتهم حكيمة، أن تكون مواقفهم حكيمة، أن تكون رؤيتهم حكيمة. الحكمة هي تتجسد بشكل مواقف، بشكل رؤى، بشكل أعمال، هي تعكس وعي صحيح، وعياً راقياً، تعكس زكاءً في النفس، تعكس عظمة لدى الإنسان وحكمة في الأمور. {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وليست الحكمة كما يقول بعض المفسرين لأن الله قال في آية أخرى لنساء النبي {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (الأحزاب: من الآية34) هل معنى ذلك أنهن يقرأن أحاديث في البيوت؟ - أو يذكرن ما يتلى من أحاديث في بيوتهن – فهل كان الحديث يتلى كما يتلى القران ؟.
القرآن اسم عام للقرآن الكريم والقرآن الكريم داخله آيات، وكلمة (آيات القرآن) لا تعني فقط الفقرة من الكلام ما بين الرقم والرقم، ما بين الدائرة والدائرة، بل آياته حقائقه أعلامه فيما يتعلق بالحياة بصورة عامة، فيما يتعلق بالتشريعات بصورة عامة، فيما يتعلق بالهداية بشكل عام.
والقرآن الكريم فيه أشياء كثيرة تتجه نحو الإنسان لتمنحه الحكمة كما قال في سورة [الإسراء] بعد أن ذكر عدة وصايا حكيمة {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} (الاسراء: من الآية39)
كلمة (حكمة) في القرآن الكريم لا تعني سُنة إطلاقاً رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) مُهمتُه هو أن يعلم الناس هذا القرآن بما فيه من آيات وهي أعلام وحقائق في كل مجال تتناوله.
{وَيُزَكِّيهِمْ} تزكوا نفوسهم تسمو تطهر، وعيهم يرتقي يرتفع بما فيه من الحكمة؛ ولهذا جاء في أكثر من آية يصف القرآن الكريم بأنه كتاب (حكيم) وسمّاه في أكثر من آية بأنه (حكيم) وأن آياته (أُحْكِمَت) وأن آياته (محكمة) إلى آخر ما في القرآن الكريم من ثناء على نفس القرآن .. أنه في الأخير يجعل كل من يسيرون على وفق توجيهاته ويتثقفون بثقافته يُمنحون الحكمة. والعكس، الذين لا يسيرون على ثقافة القرآن، لا يهتمون بالقرآن سيفقدون الحكمة، وسيظهر مدى حاجة الناس إلى الحكمة في المواقف المطلوبة منهم في القضايا التي تواجههم،
مثلاً الآن في هذا الوضع الذي نعيش فيه وتعيش فيه الأمة العربية، الأمة الإسلامية، ونحن نسمع تهديدات اليهود والنصارى، تهديدات أمريكا وإسرائيل وسخريتها من الإسلام ومن المسلمين وعلماء الإسلام ومن حكام المسلمين بشكل رهيب جداً، تجد موقف الناس الآن بكل فئاتهم يتنافى مع الحكمة، أي هم فقدوا الآن المواقف الحكيمة مما يواجهون، والرؤية الحكيمة لما يواجهون، والنظرة الصحيحة للوضع الذي يعيشون.
فقدوا الحكمة فعادوا إلى الأُمية، عدنا إلى الأمية من جديد، بينما الله سبحانه وتعالى كان قد أنقذنا من تلك الأمية، لما كنا عرباً بدائيين لا نعرف شيئاً، لا ثقافة، لا تعليم، لا وعي، وعي يكون بمستوى قضايا عالمية، قضايا تَهُمَّ الإنسان كإنسان بصورة عامة.
عدنا من جديد إلى الأمية على الرغم من وجود القرآن الكريم فيما بيننا، على الرغم من أننا نقرأ ونكتب، ومدارس متعددة وصحف ومجلات ومكتبات في الشوارع، ومكتبات عامة في الجامعات، ومراكز علم كثيرة جداً، مدارس أساسية مدارس ثانوية وجامعات ومراكز علمية ومكتبات تملأ الشوارع، وكتب على الأرصفة أيضاً تُباع، ومجلات كل يوم تصدر أو كل أسبوع، لكن لا يمكن أن يُخرج العرب من هذه الأمية إلا القرآن الكريم، فتصبح أمة ثقافتها أعلى من ثقافة الآخرين، مواقفها حكيمة، رؤيتها حكيمة.
الآن أصبح وضعنا وضعاً رهيباً جداً، ومؤسفاً جداً، الآن ليس هناك رؤية في الساحة، ليس هناك موقفاً في الساحة للعرب، هاهم مستسلمين الآن، ونرى مع الأيام كل مرة إنجاز لأمريكا وإسرائيل في سياستهم، كل مرة إنجاز، كل مرة يسوقون العرب إلى تنازلات، إلى تقديم استسلام أكثر، وأشياء من هذه، وبقيت الأمة كلها مستسلمة، هل هذا موقف حكيم؟ ليس موقفاً حكيماً، بل الرجل العادي من الناس يقول: ماذا دهى العرب؟! لو أن العرب اجتمعوا، لو أن الزعماء اجتمعوا لاستطاعوا ضرب إسرائيل. أبسط مُحلل عادي من الناس يشهد بأن وضعية العرب هذه كلها ليست من الحكمة في شيء.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة (الثقافة القرآنية)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 4/8/2002م
اليمن – صعدة.