درس يوم الثلاثاء
تابع...في ظلال دعاء مكارم الأخلاق...الدرس الأول
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
- نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع
- ضعف البصيرة في مجال العمل لله، ضعف الإيمان في مجال العمل لله قد يجعلك تترك أثرا سيئا تتحمل فيه أوزار الأمة، وأوزار الأجيال من بعدك.
- ماذا لو كان أصحاب الإمام علي من أصحاب الإيمان الكامل وانتصر بهم الإمام علي (عليه السلام)؟
وماذا لو كل اليمنيين من أصحاب الإيمان الكامل والوعي العالي في مواجهة العدوان؟
- قال الإمام علي عليه السلام ((لو استقرت قدماي في هذه المداحض لغيرت أشياء))
تحدث عن أسباب استهداف اليهود المستمر لإعلام الهدى من أهل البيت عليهم السلام في حين سماحهم لغيرهم بالبقاء في الحكم لعشرات السنين .....
- ((واجعل يقيني أفضل اليقين))
إذا لم تصل إلى درجة اليقين
فستكون جنديا ضعيفا ومؤهلا لأن تُضرب في دينك وأمتك من جديد.
- مع الدرس نسأل الله الهداية
كان الإمام زيد عليه السلام يقول: ((البصيرة، البصيرة)) يقول في ذلك القرن في مطلع القرن الثاني: ((البصيرة، البصيرة)) يدعو أصحابه إلى أن يتحلوا بالوعي، ألم ينهزم الكثير ممن خرجوا معه؟ ألم يتفرقوا عنه؟ لأنهم كانوا ضعفاء البصيرة، كانوا ضعفاء الإيمان، كانوا قليلي الوعي، أدى إلى أن يستشهد قائدهم العظيم، أدى إلى أن تستحكم دولة بني أمية من جديد.
رأينا ماذا عملوا؟ جنوا على الأمة من جديد، فتحملوا أوزار من بعدهم, وهكذا، الهزيمة في مجال العمل لله، ضعف البصيرة في مجال العمل لله، ضعف الإيمان في مجال العمل لله قد يجعلك تترك أثرا سيئا تتحمل فيه أوزار الأمة, وأوزار الأجيال من بعدك، ليست قضية سهلة، بل خطورة بالغة، خطورة بالغة هي أخطر بكثير من تخاذل الطرف الآخر عن بعضهم بعض؛ لهذا رأينا ماذا حصل في أحد - وهو درس مهم - عندما تخاذل أصحاب الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) عندما بدأوا يتنازعون، بدأ الفشل، بدأ العصيان، وهم تحت قيادة النبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ماذا حصل؟ هيئ لهم أن يُضربوا بالكافرين فعلا {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ} (آل عمران: من الآية166).
لتفهموا أن تخاذلكم ليس سهلا بل هو جناية على الأمة، جناية على الرسالة، لكن إذا تخاذل جند أبي سفيان هل سيتحمل أولئك المتخاذلون شيئاً؟ لا. مطلوب منهم أن يخرجوا عما هم عليه، لكنك أنت متى تخاذلت وأنت تحت راية محمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) فأنت من تهيئ الساحة لأن ينتصر الجانب الآخر (جانب الكفر) فستجني على الرسالة، وتجني على البشرية كلها.
أنا أعتقد أن الفساد في العالم كله، المسلمون الأوائل الذين تخاذلوا، المسلمون الأوائل الذين حرفوا، المسلمون الأوائل الذين قعدوا عن نصر دين الله هم من يتحمل جريمة البشرية كلها؛ لأنهم هم من حالوا دون أ ن تكون هذه الأمة بمستوى النهوض بمسؤوليتها، فتحمل الرسالة إلى كل بقاع الدنيا، كان هذا هو المطلوب من العرب.
لكن أولئك أصحاب الجباة السوداء من طول السجود تحت راية الإمام علي عليه السلام الذين تحولوا إلى خوارج بجهلهم بغبائهم، لعدم وعيهم.
من الوعي أن تفهم هذه النقطة، من الوعي أن يفهم المؤمنون هذه النقطة الخطيرة: أنه فيما إذا تخاذلت أنا سيكون تخاذلي جناية على الأمة، في الحاضر والمستقبل، وسأكون أنا من يتحمل أوزار من بعدي، أوزار كل من ضلوا، وفسادهم وضلالهم من بعدي جيلا بعد جيل.
عندما تخاذل ألئك عن نصرة الإمام علي عليه السلام لضعف وعيهم وقلة إيمانهم، مع كثرة ركوعهم وكثرة تلاوتهم للقرآن، فهم من حالوا دون أن تسود دولة الإمام علي عليه السلام ويهزم جانب النفاق والتضليل، جانب معاوية.
ماذا لو كانوا من أصحاب الإيمان الكامل وانتصر بهم الإمام علي عليه السلام؟ كيف سيكون واقعهم هم عند الله؟ سيكونون عظماء، وسيكونون مشاركين لكل إنسان مؤمن يهتدي في هذه الدنيا، لو وقفوا وقفة جادة مع الإمام علي عليه السلام لانتصر الإمام علي واستطاع أن يغير وجه التاريخ، واستطاع أن يغير هذه الأمة فيردها إلى التربية نفسها التي أراد لها الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أن تتربى عليها.
كان هو يقول: ((لو استقرت قدماي في هذه المدا حض لغيرت أشياء)) أشياء كانت قد ترسخت خطيرة لماذا لم يقفوا معه ليتمكن من تغيير تلك الأشياء، ومن إعادة بناء الأمة على أساس صحيح فيحظوا بالسبق فيكونوا كالسابقين في بدر؟ ولكن تخاذلوا لضعف وعيهم، لقلة إيمانهم.
((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) حتى وإن كان هو زين العابدين عليه السلام لا يزال ذلك الرجل الذي يقطع ليله في العبادة، ويجوب شوارع المدينة يحمل الطعام فوق جنبه، فوق ظهره يوزعه للضعفاء والمساكين والأرامل، من حيث لا يشعرون، هو من كان لا يزال يدعو: ((وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) ليقول للناس من بعده، وهي الكلمة نفسها التي رفعها زيد عليه السلام لأصحابه: ((البصيرة البصيرة)) فلم يستبصروا، فتخاذلوا، فقتل، واستعاد بنو أمية حكمهم من جديد.
نحن نقول: ليس فقط بنو أمية الذين يتحملون أوزار هذه الأمة، بل وأولئك الذين تخاذلوا تحت راية الإمام علي، من صف الإمام علي عليه السلام ومن صف الإمام الحسن عليه السلام ومن صف الإمام الحسين عليه السلام ومن صف الإمام زيد عليه السلام ومن بعده من الأئمة كل من تخاذلوا هم ممن يتحمل الأوزار الكثيرة،
ليس فقط أوزار العرب - هذه خطورة تخاذلنا نحن العرب - العرب إذا تخاذلوا يتحملون حتى أوزار الآخرين من الأمم الأخرى؛ لأنهم هم لو استقامت دولة الإسلام في وسطهم، لو استقرت وضعيتهم، وكانوا على صراط الله وهدي الله، هم من سيستطيعون أن يغيروا وجه هذه الأرض بكلها. فكل تخاذل أنت مشارك فيه وزر ذلك الرجل في طرف استراليا، أو في المكسيك، أو في أمريكا أو في أي منطقة.
خطورة هذه على العرب أكثر من غيرها فعلاً؛ لأن الله قال فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران: من الآية110) لتهدوا الناس فإذا تخاذلتم عن أن تقوموا بهذه المهمة فإنكم شركاء في أوزار الناس، كل الناس.
من الذي كان بإمكانه أن يبلغ هذا الدين، الذي كتابه عربي ولسانه عربي، وأعلامه عرب، إلا العرب أنفسهم؟ لكنهم تخاذلوا فرأينا ما رأينا، من أين يأتي التخاذل؟ من ضعف الإيمان.
ويقول عليه السلام: ((واجعل يقيني أفضل اليقين)) يكون الوعي أحياناً بشكل معلومات مهما بلغت درجته، فإنه يكون بشكل معلومات في نفسك حتى يطمئن إليه قلبك ويستقر في قلبك فتبلغ درجة اليقين التي تؤهلك للاستقامة والثبات.
أليس القرآن الكريم هو أرفع درجات الوعي؟ احمل مصحفاً صغيرا في جيبك هل ستكون واعيا إلى درجة عالية؟ لا. قد تكون في أعمالك بالشكل الذي يضرب القرآن وهو في جيبك. لا بد للأشياء أن تنتهي في نفسك إلى درجة اليقين، تترسخ فتنطلق هي لتجعل من قوامك مستقيماً مستقراً ثابتاً {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: من الآية30) {قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} قالوها بألسنتهم فوعوا معانيها، ثم ترسخت في نفوسهم بشكل يقين فاستقاموا، استقاموا وثبتوا.
اليقين هو معنى أن تكون عظيم الثقة بالله. ألسنا نؤمن – كمعلو مات - أن الله على كل شيء قدير، وأن الله سينصر من نصره إن الله لقوي عزيز؟ ألسنا نؤمن بأن الله مع الذين آمنوا، وأن الله {ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} وأنه وعد المجاهدين في سبيله بأن يؤيدهم بنصره وبملائكته؟ هذه مجرد معلومات، أليس كذلك؟
لكن نريد أن تصبح يقينا في أنفسنا، حينها نلمس أننا أصبحنا عظيمي الثقة بالله، واثقين بالله، واثقين بصدق وعده، هذه حالة نفسية تحتاج فيها أيضاً إلى أن ترجع إلى الله لتطلب منه هو: ((واجعل يقيني أفضل اليقين))
الله هو الذي يملك القلوب، ويملك النفوس وهو الذي سيهيئ لك الكثير والكثير مما يصنع اليقين في نفسك، مما يملأ قلبك يقينا وطمأنينة.
وحتى لا نغلط أن نقول: نحصل على وعي، ولكننا نرى أنفسنا ليس وعينا أكثر من مجرد معلومات، هي نفسها غلطة كغلطة من يضع لنفسه خطا هناك، أنت ستضع لنفسك أيضا خطا هنا: علمت من خلال التحليل الفلاني للآية الفلانية، من خلال مشاهدات معينة، من خلال كذا أو كذا. حاول أن تنطلق إلى أن ترسخ هذه كلها في نفسك لتتحول إلى يقين، وإلا فستكون أيضاً جنديا ضعيفا ومؤهلا لأن تَضرب دينك وأمتك من جديد.
هي الحالة التي نعاني منها جميعاً نحن المسلمين، أليس القرآن بين أيدينا؟ أولسنا بعيدين عنه؟ ما الذي ينقصنا؟ هل هو العلم بأن القرآن من عند الله؟ نحن نعلم جميعا لكن مجرد معلومة، ما الذي يجعلنا نتعامل مع القرآن بالشكل الذي يجعل علمنا به واقعا في نفوسنا، واقعا في سلوكنا، في حركتنا في الحياة؟ هو اليقين، يقين في النفس يتحكم في كل مشاعرها، في كل حركاتها، في كل مواقفها.
أنت هنا تحتاج حاجة ماسة إلى الله، إلى أن تطلب منه هذا الجانب المهم من هدايته: أن يرسخ اليقين في نفسك.
((واجعل يقيني أفضل اليقين)) إذا لم يكن لديك يقين، فما أكثر ما تمر في حياتك بالأشياء التي تجعلك ترتاب، تجعلك تشك: تشك في نفسك، تشك في أعلام الهدى الذين أنت تتمسك بهم، تشك حتى في ربك، هناك من المضلين من يستطيع أن يجعل الكثير يشكون حتى في الله.
أو لم تنتشر [الشيوعية] في بقعة كبيرة من الدنيا في أوساط البلدان الإسلامية؟ أو لم يكن هناك من يظهر من بينهم فيتحدى المسلمين، ويتحدى علماء المسلمين: يناظرهم؟ هناك فلاسفة برزوا من بينهم يستطيعون أن يصيغوا الشـُّبَه، وينمقوا بزخارف القول باطلهم الذي يؤدي إلى الإلحاد بالله سبحانه وتعالى فخدعوا شعوبا كثيرة.
إذا لم يكن لديك يقين فستسمع الكثير، الكثير مما يعمل على أن يملأ قلبك ارتيابا وشكًّا في طريقتك التي أنت عليها، فيمن يقودك، فيمن يهديك، حتى في الدين الذي أنت عليه، حتى في الإله الذي أنت تعبده.
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: من الآية30). {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (الحجرات: من الآية15) وصل إيمانهم إلى درجة لا يمكن أن يتعرض للارتياب، لا يمكن أن يؤثر فيه من يعمل على أن يخلق في القلوب الارتياب {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ماذا يعني هذا؟ يقين، تحول إيمانهم إلى يقين راسخ في نفوسهم، وعي كامل ترسخ بشكل يقين في أعماق نفوسهم فلم يتعرضوا للارتياب لا من خلال شكوكهم هم ووساوس الشيطان لهم، ولا من خلال الآخرين من يعملون على محاربة هذا الدين، ومحاربة من يؤمن به، ويتحرك في سبيله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
في ضلال دعاء مكارم الأخلاق
(الدرس الأول)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ:19/ من ذي القعدة / 1422هـ
الموافق:1/2/2002م
اليمن – صعدة.