الشّهادة في سبيل الله
يعتبر موضوع الشهادة في سبيل الله من أهمّ المواضيع الّتي أحياها الشّهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) في الأمّة, وفي نفوس النّاس, وكما سبق تبيينه في موضوعيّ الجهاد في سبيل الله, والتّربية الجهاديّة في القرآن الكريم, ذلك أنّ موضوع الشّهادة في سبيل الله متلازم مع موضوع الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى, وهذان المبدآن العظيمان لا يقوم الإسلام, ولا تحيا الأمّة إلاّ بهما, وقد رغّب السّيد في موضوع الشّهادة وأحياها في وسط الأمّة بشكل منقطع النّظير, حّتى ترسّخت وتعمّمت في أوساط النّاس, وتربّى عليها مئات الآلاف من النّاس كباراً وصغاراً, رجالاً ونساءً على عشق الشّهادة, وحبّ التّضحية, والبذل, والعطاء في سبيل الله, وهناك اليوم عشرات الآلاف من الشّهداء والجرحى من حملة هذا المشروع القرآنيّ العظيم.
وكما كان السيد طيلة حياته مجاهداً في سبيل الله, وكان في مقدّمة المجاهدين, فإنّه كذلك (رضوان الله عليه) كان في مقدمّة الشّهداء الأبرار في سبيل الله, وجاد بنفسه وضحّى بها من أجل الله, ومن أجل الأمّة على ما سار عليه آباؤه وأجداده الأخيار من أعلام الحق والهدى, كالإمام علي, والإمام الحسن, والإمام الحسين, والإمام زيد سلام الله عليهم, فكان السبّاق للجهاد, والسّباق للشّهادة, وقدّم أعظم شهادة وبرهان على كمال الله وعظمته, وعظمة هذا الدّين مجاهداً وشهيداً, وربّى جيلاً وأمّة من عشّاق الجهاد والشّهادة في سبيل الله, وقد قدّم السّيد في الدّروس, والمحاضرات والواقع الرّؤية والمنهجيّة القرآنيّة عن الشّهادة في سبيل الله من خلال القرآن الكريم.
من الحكمة أن تقتل في سبيل الله
يؤكّد السيد أنّ من الحكمة ومن الخير الكبير للإنسان أن يقتل في سبيل الله, فيكون شهيداً عند الله سبحانه وتعالى, ففي سورة البقرة عند قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾[البقرة:153-154] يوضّح السّيد أنّ الموقف الصحيح والحكيم بالنّسبة للإنسان, هو أن يستثمر موته, فيقتل في سبيل الله ليكون حيّاً يرزق عند الله في عالم الأحياء الشّهداء, يقول السّيد: (لو تأتي إلى مسألة: أن تقتل في سبيل الله تجدها في الأخير تعتبر من الحكمة بالنسبة لك ومن الخير الكبير بالنسبة لك لأنه عندما ترى أنه في الأخير أنت ستموت، أليس كل إنسان سيموت، أليس من الأفضل لي أليس من الحكمة أن استثمر موتي أنت ستموت، ستموت أليس هذا موقفاً حكيماً؟ ليست قضية تعتبر مصيبة لأنه ما هو الجديد في القضية؟ هل هناك جديد في الموضوع؟ هل القتل في سبيل الله شيء أكثر من الموت؟ أو الإنسان إذا لم يقتل في سبيل الله فلن يموت؟ سيموت ولا تدري في نفس الوقت متى ستموت، إذاً فالموقف الحكيم والخير الكبير عندما تقتل في سبيل الله تعتبر أنت استثمرت موتك الذي لا بد منه ثم تكون في الواقع أفضل لك من أن تموت فتكون في عالم اللا شيء إلى يوم القيامة تكون أحياء، أحياء) سورة البقرة الدرس الثامن.
ويوضّح السّيد من خلال القرآن الكريم أنّ الشّهيد في سبيل الله يعتبر حيّاً يرزق عند الله منذ الّلحظة الأولى الّتي يفارق فيها الحياة, بل إنّ الشّهداء يبقون في حياة دائمة وأبديّة لا يذوقون الموت إلاّ الموتة الأولى, وأنّ الله في القرآن الكريم قد استثناهم من تلك الحالات الّتي يصيب فيها الموت كلّ من في السّموات والأرض, يوم ينفخ في الصّور, يقول السيد: (ويبدو أن الشهداء يبقون أحياء من أول لحظة يفارق فيها هذه الحياة فيصبحون أحياء فعلاً، ففي آيات أخرى عندما يقول الله عن أحداث القيامة: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾[الزمر: من الآية68] تبين أن هناك فئة أو شيئا من مخلوقاته حية لا تتأثر بتلك الأشياء مع أن الشهيد يموت اسما، اسما هكذا أنت تراه لكن في الواقع يصبح حياً فقط ألقى [بذلة] خلع البذلة التي عليه ذلك [البودي] الذي له هذا الهيكل وأصبح حياً ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾[آل عمران: من الآية169] لم يعد هناك موت بالنسبة لهم ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾[الدخان:56] تأمل في كثير من الآيات التي تتحدث عن أحداث القيامة فيها حالة استثناء ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾[الزمر: من الآية68]) سورة البقرة الدرس الثامن.
ويوضّح السّيد أنّ الله قدّم القضيّة في القرآن الكريم بأسلوب استعراضي جميل وجذاب يشوّق الإنسان لأن يبذل نفسه في سبيل الله, فيحظى بذلك المقام والوسام الرّفيع الذي لا يصحّ أن نسميهم فيه, وأن نقول لهم أمواتا, يقول السيد: (هذه القضية قد تبدو في أول وهلة وكأنها كبيرة لكن قدم لها، وهذا أسلوب من أساليب التوجيه الإلهي والإرشاد الإلهي والتشريع الإلهي من المقدمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾[البقرة:153-154] لاحظ كيف يأتي الكثير منها بأسلوب استعراضي ما جاءت عبارة: اقتَلوا، اقتَلوا في سبيل الله، لا. يبين لك هنا القضية موقع هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله حتى تصبح أنت متشوقا؛ لها إيجابية فيما يتعلق في نفس أي إنسان أكثر من أن يقال: اقتَلوا أو يجب أن تقتَلوا في سبيل الله وستكونون أحياء ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ﴾[البقرة: من الآية154] لا. هذا مقام رفيع لا تسموهم أمواتا، لا يصح أن تقولوا: مات فلان، إنهم أحياء بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن لا تشعرون) سورة البقرة الدرس الثامن.
وعند قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾[البقرة:155] يبيّن السّيد ما أجمل موقع هذه الآية في القرآن الكريم بعد أن يكون الإنسان قد فهم النّقطة الأولى, وهي الشّهادة في سبيل الله, فيكون من السّهل عليه أن يمرّ بأيّ شيء من هذه الأزمات, والظّروف, والمعاناة, وهذا الشيء يُفقد العدوّ قيمة الوسائل الّتي يستخدمها في تخويف النّاس, وحصارهم, وتجويعهم لأنّهم أصبحوا على استعداد عال يجعلهم مشتاقين للشّهادة, ومستعدّين للتّضحية والتّحمّل, ومهيئين للمعاناة في سبيل الله مهما كانت وبلغت, مع أنّ هذه القضية بكلها تبقى بيد الله سبحانه وتعالى, ويكون لها قيمتها الإيجابيّة في المقام العملي, يقول السيد: (لاحظ ما أجمل موقع هذه الآية بعد أن يجعلك بالشكل الذي تشتاق إلى أن تقتل في سبيل الله! هل ستبدو ثقيلة عليك أن تمر بأي شيء من هذه الأشياء المتعددة بعد: خوف أو جوع أو نقص في الأموال أو نقص في الأنفس؟ أنت مشتاق أن تقتل في سبيل الله هل هي مشكلة بالنسبة لك، جوع خوف نقص من الثمرات وأشياء من هذه، ستبدو أمامك هينة إذا كنت قد فهمت النقطة الأولى والمقام الرفيع لمن ضحوا بأنفسهم في سبيل الله ثم هذه تبدو بأنها قد تمر بالناس على حسب إرادة الله سبحانه وتعالى، هذه القضية لا نعلم كيف هل يمكن مع جيل معين أو في سنة معينة أو متى بالتحديد إنما يبدو أنها مشجعة باعتبارها ترويض ربما عندما تكون المسألة باعتبارها ترويض قد يكون الناس فيما إذا أخلصوا لله وتوجهوا إلى الله وعزموا على أن يضحوا في سبيله، ولو قتلوا في سبيله وأن يتحركوا في سبيل الله ولو قتلوا ربما، ربما - والله أعلم - قد تكون هذه الحالة بالشكل الذي قد لا تعد تحصل ابتلاءات من هذا النوع إلا ما كان في نفس الوقت - وهذه تبدو سنة إلهية - ابتلاءات في المقام العملي تكون إيجابية كبيرة في نفس العمل الذي أنت فيه تخدم القضية التي أنت تتحرك فيها) سورة البقرة الدرس الثامن.
ويؤكّد السّيد أنّ هذه الحالات الّتي يمرّ بها النّاس في حالات الصّراع مع الأعداء، وهي غاية ما يمرّون به, يكون لها قيمتها العمليّة والإيجابيّة عندما تكون من جهة الله سبحانه وتعالى, فتعطي النّاس قوّة, وصبراً, وتجلّداً, وقدرةً على تحمّل الشّدائد والصّعاب وتجاوزها, يقول السيد: (في مراحل الصراع مع أعداء الله يحصل حالة خوف، أليست طبيعية في الصراع عند البشر كبشر يحصل خوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات أليست هذه تحصل؟ لكن المؤمنين أنفسهم عندما يمرون بأشياء من هذه تعطيهم تجلدا تعطيهم صبرا، وعندما تكون هي من جهة الله سبحانه وتعالى تكون إيجابية أيضاً في نفس الوقت إيجابية، فيجب هنا أن تصبر، تصبر لتنجح في هذا الإبتلاء الإلهي الذي يعطيك في نفس الوقت تجلدا؛ لأن ما يمكن أن يحصل عليك وأنت في مواجهة العدو كمجتمع وكأفراد هي هذه: حالة خوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات) سورة البقرة الدرس الثامن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.