وقد يكون- والله أعلم- من أعظم الحسرات يوم القيامة، ومن أشد حالات الندم يوم القيامة هي حالة مَنْ؟ الحالة المنافقين والمحسوبين على المسلمين، المحسوبين من صف المؤمنين، الذين كانت أتيحت لهم في هذه الدنيا فرصة- أكثر من غيرهم- للنجاة والنجاح والفوز، عاشوا في جو الإسلام بما يتيح لهم فرصة الاهتداء والاستقامة، ولكن خسروا؛ لأنهم اتجهوا في هذه الدنيا اتجاهات أخرى.
يقدِّم القرآن الكريم مشهداً مهماً جدًّا لخسارتهم وحسرتهم وندمهم، والحالة التي يكونون عليها في يوم القيامة في ساحة المحشر، الملائكة سيتجهون لإخراجهم من صف المسلمين، وطردهم، ومنعهم من اللحاق بالمؤمنين، وهم في تلك الحالة يحاولون بكل جهد أن يلحقوا بالمؤمنين، وأن يعودوا ليكونوا في صفهم، وقد ميِّزوا منهم، وأخرجوا عنهم، وطردوا من بينهم، في تلك الحالة وقد منعوا ينادون أولئك المؤمنين: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ}، قد يكون البعض من أسرةٍ واحدة، وقد يكون البعض من قريةٍ واحدة، وقد يكون البعض من حارةٍ واحدة، ولربما كانوا يلتقون في المسجد الواحد، ولربما كانوا يلتقون في اليوم الواحد لمرات متعددة، ويجلسون في بعض الحالات في المجلس الواحد، وهم في تلك الحالة قد طردوا عنهم وفصلوا عنهم، لإلحاقهم بمن؟ بالآخرين بالكافرين، {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ}، نداء بحسرة، وبألم، وبشدة، وبكربة، وبهم، وبغم، (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ): ألم نكن منكم في الدنيا مسلمين، نصلي ونصوم معكم في شهر رمضان، وكنا في القرية تلك أو في تلك الحارة نلتقي ونجتمع، محسوبين على أننا أمة واحدة؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الحديد: 14-15]، حالة رهيبة جدًّا، كنا في الدنيا أمةً واحدة: (أمة لا إله إلا الله، محمد رسول الله -اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله-)، في بيئة واحدة، مجتمع واحد، ولكن كنتم في الدنيا تعانون من هذه المشاكل: ارتياب، لا ثقة عندكم بالله وبنصره وبتأييده؛ فلم تقفوا موقف الحق بجدية ومصداقية، اغترار بهذه الحياة، فكنتم تؤثرون مصالحكم الشخصية على حساب المواقف الحق والمواقف الصحيحة، ومع هذا الاغترار بالشيطان الذي كان يورطكم في إرضاء شهواتكم ورغباتكم على حساب الاستقامة الصادقة على منهج الله -سبحانه وتعالى- فارتيابكم وتربصكم- وأنتم تنتظرون ماذا ستكون نتائج الأحداث- أبعدكم عن المواقف الحق، التي هي جزءٌ أساسيٌ من الالتزام الديني والإيماني، فانحرفتم في ولائكم وفي موقفكم، وتخليتم عن هذه الأمة وهي تعيش محنتها ومشاكلها وهمومها وصراعها؛ فاليوم ستلحقون بأولئك ولا تقبل منكم فدية مالية، ولا يمكنكم أن تقدِّموا أي شيء، أنتم في الدنيا آثرتم مصالحكم الشخصية على حساب المواقف الحق؛ فلم تفدكم تلك المصالح في تلك الظروف، حسرة شديدة لأولئك، ويطردون، وتكتمل عملية الفرز.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
(الروابط يوم القيامة - حقائق مهمة)
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة السادسة، مايو 20, 2019م.