مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام: الآية122]،

في الآية المباركة من سورة الأنعام يقدِّم الله "سبحانه وتعالى" مقارنةً مهمةً جداً، من خلال هذه المقارنة يتبين للإنسان ما ينبغي أن يعتمد عليه في مسيرة حياته؛ لأن كلاً من الحالتين المذكورتين في الآية المباركة، هما نقيضان لبعضهما البعض، إمَّا أن تكون في هذا الاتجاه، وإمَّا أن تكون في الاتجاه الآخر، ليس هناك خيارٌ ثالث.

 

فالخيار الأول في هذه المقارنة المهمة جداً، عندما قال "جلَّ شأنه": {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}، الله "سبحانه وتعالى" كما خلقنا وأحيانا على المستوى المادي، خلق الإنسان من نطفة، قبل ذلك خلقه من الطين، من التراب، ومنحه ما منحه في جسمه وفي مداركه، لكن هناك حياة ذات أهمية كبيرة جداً، لها أهميتها القصوى في أن تؤدِّي دورك في هذه الحياة كما ينبغي، بأن تنتفع بما وهبك الله "سبحانه وتعالى" من قدرات وطاقات ومدارك، فتستثمرها في أداء دورك في هذه الحياة على أحسن وجه، وعلى أكمل وجه، وكما ينبغي، فيتحقق لك بذلك السمو والكمال الإنساني، وتكون في واقع حياتك وفي مسيرة حياتك تقوم بدورٍ إيجابيٍ ومثمرٍ وبنَّاء، فتكون عنصراً خيِّراً، فاعلاً على نحوٍ إيجابيٍ في هذه الحياة.

 

ولذلك الحياة التي يكون فيها الإنسان مجرد لحمٍ وشحمٍ ومدارك عمياء، لا يبصر بها، لا يستنير بها، لا يعي دوره جيداً في هذه الحياة، لا يستشعر مسؤولياته كما ينبغي في هذه الحياة، فهو بمنزلة الأموات، وإن كان على المستوى العضوي في قائمة الأحياء، ولكنه في شعوره، في وجدانه، في إحساسه، في وعيه، وكأنه ليس حياً، كأن الله لم يعطيه أي مدارك، كأن الله لم يعطه أي طاقات، ولم يعطه أي مدارك يستبصر بها، يدرك حياته في هذه الدنيا ومسؤولياته فيها كما ينبغي.

 

ولذلك يقول الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا}، الإنسان في واقع الحال ما لم يحظ بالحياة الحقيقية في جانبها المعنوي، في مشاعره الإنسانية، في إحساسه بالقيم العظيمة، في وعيه، في إدراكه الصحيح لمسؤولياته في هذه الحياة؛ فهو بمنزلة الأموات، الذي يحييه: هو هذه الصلة الإيمانية بالله "سبحانه وتعالى"، صلة عظيمة جداً.

 

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}، الصلة الإيمانية بالله "سبحانه وتعالى" هي صلة حياة، وفيها مفاتيح الحياة، وهي التي من خلالها يتحقق للإنسان أن يكون حياً في مشاعره، حياً في وجدانه، حياً في إحساسه، حياً حياة الإيمان، حياة القيم، حياة المبادئ، حياً في شعوره بالمسؤولية، حياً في إحساسه بالكرامة، ثم يتحرك على أساس النور: نور الله "سبحانه وتعالى".

 

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}؛ ليبين الله لنا في هذه العبارة المهمة: أنَّ صلة الإيمان والهداية بالله "سبحانه وتعالى" ليست مجرد مبادئ وتعليمات جامدة، راكدة، ذهنية، لا تترك أثرها في نفسية الإنسان، في روحية الإنسان، في وجدان الإنسان، في مشاعر الإنسان، في اهتمامات الإنسان، في دوافع الإنسان، في أعمال الإنسان وسكناته وحركاته، لا، الذي يميِّز هذه الصلة بالله "سبحانه وتعالى" (صلة الإيمان والهداية): أنها تترك أثرها الكبير في الإنسان على مستوى روحيته، تحيي فيك الروحية الإيمانية بكل ما يتبعها، وبكل ما يترتب عليها، وبكل ما ينتج عنها ومنها.

ولذلك يأتي في الآية المباركة قوله "سبحانه وتعالى": {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}، فهو يمشي في هذه الحياة، {يَمْشِي}: عبارة عن حركته في هذه الحياة، حركته العامة، بما فيها من سلوكيات، واهتمامات، وأعمال، ومواقف، وولاءات، وتصرفات، وهو ينطلق من زكاء نفس، من شعورٍ بتلك القيم العظيمة، ومن رؤيةٍ هادية، من فكرةٍ صحيحة، من مفاهيم منيرة، ولذلك هو يدرك جيداً ما عليه أن يعمل، ويتحرك على أساس نور الله "سبحانه وتعالى"، المتمثل بهدايته "جلَّ شأنه".

 

هدى الله "سبحانه وتعالى" هو النور الذي يضيء للإنسان في هذه الحياة، فيرى الحقائق كما هي، بعيداً عن التأثر بالمؤثرات السلبية؛ لأن المؤثرات السلبية تمثل حالة عمى للإنسان، فلا يدرك كثيراً من الحقائق.

 

الإنسان إذا كان في حالةٍ مزاجية، وفي حالةٍ نفسيةٍ سيئة، لم يتزك في نفسه، ولم يهتد بنور ربه "سبحانه وتعالى"؛ فهو يعاني من حجب كثيرة تحجبه عن إدراك الحقائق، وعن التفاعل معها، حتى لو أدرك بعض الحقائق التي تفرض نفسها عليه، أو تفرض نفسها في واقعه، فهو يعاني في نفس الوقت من عدم تفاعل، من موت الضمير، وما أكثر الذين يعانون من موت الضمير، مهما كان حجم الأحداث من حولهم، مهما كانت في مستوى تأثيرها، واستفزازها، وإزعاجها، فالبعض لا يتفاعل مع ذلك.

 

نحن لاحظنا في واقع حياتنا على مستوى ما نعانيه من عدوان تحالف العدوان على بلدنا، أو ما يجري على الشعب الفلسطيني في فلسطين، نرى الأحداث المأساوية، المظالم الكبيرة، الأحداث المؤلمة والمزعجة والمستفزة، المظلومية الرهيبة جداً، والبعض مهما كان حجم المأساة، فكما قال الشاعر: (ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ)، (ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ).

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة  افتتاح المراكز الصيفية 1442هـ

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر