مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} (النساء:71) قدّم في الآيات السابقة: أن هناك أعداء، ألم يقدم أن هناك أعداء؟ {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} (النساء: من الآية45) وذكر ما يريد هؤلاء الأعداء، وذكر أنفسهم كيف هي {خُذُوا حِذْرَكُمْ} لكن حذركم هنا كيف هو؟ عمل {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} انْفِرُوا تحركوا ثبات: مجموعات {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} هذا توجيه بشكل عام أمام الأعداء: كافرين، أو يهود، أو نصارى، لم تأت هنا {خُذُوا حِذْرَكُمْ} على ما يقدم من كثير من الناس: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} معناه: [اجلس ولا دخل لك في شيء وابتعد عن الأشياء هذه واقعد من بيتك إلى مسجدك أو من بيتك إلى شغلك وعملك]، أليسوا هكذا يقولون؟ {خُذُوا حِذْرَكُمْ}، أخذ الحذر هنا ـ على أساس أن العدوّ لا يضرك، العدو لا يقهرك ولا يظلمك ولا يستعبدك ـ هو: أن تتحركوا في مواجهته {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} كلمة: انْفِرُوا تعني ماذا؟ المسارعة، هناك يوجد أيضاً كلمة أخرى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} (النساء: من الآية72) الناس يجب أن يكونوا حذرين ويكونوا على جاهزية قابلة لأن ينطلقوا في مواقفهم بسرعة.
{
فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} (النساء: من الآية 71ـ72) يتثاقل ويثبط آخرين، ويتثاقل بآخرين {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (النساء: من الآية72) لاحظ القرآن الكريم أن الله يشخص فيه الناس، وفئات الناس، تقريباً كل نفسية قد يكون عليها أحد من الناس يشخصها هنا في القرآن.

{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} على الرغم من التوجيه الذي يذكر فيه بأنه هذا هو أخذ الحذر، ما هو معنى أخذ الحذر؟ أن لا يقهرك العدو ويظلمك .. إلى آخره، والتوجيه بالمسارعة {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} (النساء: من الآية71) هناك في المقابل نفسيات أخرى أشخاص آخرين يبطئون، هم يتباطؤن ويتثاقلون ويحاولون في الآخرين أن يتباطؤا ويتثاقلوا {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} (النساء: من الآية72) وقد يعتبر أن موقفه حكيم، وأنه كان الرؤية الصحيحة {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (النساء: من الآية72) إذاً كان رأيا حكيما، واتضح له أن رؤيته كانت في محلها!

{وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} (النساء:73) وما الذي يمنعك أن تكون معهم؟ ألم يكن بإمكانه أن يتحرك معهم أن يميل إلى جانبهم؟ باب أن يميل إلى جانبهم ويتحرك معهم مفتوح {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} (النساء: من الآية73) يحصل لديه ندم {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} (النساء: من الآية73) هنا يقدم خاسراً في ماذا؟ في الموضوع بكل اعتباراته من عندهم الفكرة هذه: التباطئ والتثاقل؛ لأنه هنا عندما يقول: {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (النساء: من الآية72) أليس هو يعتبر نفسه وكأنه ناجح، وكأنه موقف صحيح؟ أنظر الآيات الأخرى التي تهدد من يكون على هذا النحو تجده خاسرا في موقفه هذا، وعندما يحصل نصر ويحصل فتح ويحصل كما قال هنا: {فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} (النساء: من الآية73) أيضاً يرى نفسه خاسراً {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} (النساء: من الآية73).

الموقف الصحيح موقف من يتحركون في سبيل الله، مثلما سيأتي في آخر الآية عندما قال: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (النساء: من الآية74) هذا هو الموقف الذي أنت تعتبر فيه ناجحا، في كل الحالات، سواء حصل غلبة على العدو فقد هو ذلك نصر وفتح، أو قتلت في سبيل الله، ألم يقدم هنا القضية من الجهتين؟ كما قدم قضية النوعية الأولى: مبطئين من الجهتين، هم خاسرون في الجهتين. {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} (النساء: من الآية74) فلا يلتفتون للآخرين، المبطئين، ولا الذي يقدم نفسه في الأخير في موقف من المواقف بأنه [لاحظوا قد قلنا لكم إن كان الرأي كذا وأحسن كذا .. ] وأشياء من هذه، هذه قد تحصل عندما يأتي أمر على هذا النحو: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فيها مما يعني ماذا؟ لا تلتفوا للنوعية هذه، وفي الأخير يقدم نفسه أحياناً وكأنه حكيم؛ لأنه لم يصبه في نفس الموقف ذلك بالذات شيء، هذا تراه فيما بعد يأتيهم الله من حيث لم يحتسبوا.
{
فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} (النساء: من الآية74) لأنها كلها حياة والحياة الآخرة هي أعظم من الحياة الدنيا {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (النساء: من الآية74) فهو يوجه إلى ما هو خير للإنسان سواء تحقق فتح على يده أو قتل في سبيل الله.

{وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء:75) حث آخر، كم هنا؟ في ثلاث آيات: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} (النساء: من الآية71)، {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} (النساء: من الآية74)، {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} في سبيل إنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء:75).

وهكذا يجب أن يكون المستضعفون، يعني: أنهم مستضعفون عارفون لوضعيتهم غير راضين لوضعيتهم يتمنون أن لديهم ما يُمَكِّنَهُمْ من أن يعملوا في مواجهة الوضع الذي هم فيه؛ لهذا قال عنهم: {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء:75) ليسوا مستضعفين من الذين ليس لهم دخل، لاحظ هنا الفارق حتى يعرف الناس يقيِّمون أنفسهم كمستضعفين، مستضعفون لا يبالون بالوضع الذي هم فيه ولا يعتبرون أنفسهم مستائين من الوضع الذي هم فيه ويتمنون أن لو عندهم ماذا؟ وليّ ونصير يتحركون معه، الذين هم على هذا النحو: ليس لهم دخل، هؤلاء قد يكونون ممن يُضربون، لكن المستضعفين الذين هم مظنة أن ينقذوا أو نقول يهمُّ كتاب الله أمرهم هم هؤلاء المستضعفين، من النوعية هذه: {الَّذِينَ يَقُولُونَ} وليسوا المستضعفين من النوعية الذين بعضهم يعارض عملك لمصلحة العدو، معارضته كلها لصالح العدو الذي ماذا؟ يستضعفه ويقهره ومتجه لإهانته وهتك عرضه! لأن هذه الآية هي تعني في مجملها، تكشف لك مشاعرهم ورؤيتهم، تذمرهم من الوضعية التي هم فيها، معرفتهم بالجهة التي تشكل إنقاذاً لهم ومخرجاً من الوضعية السيئة التي هم فيها، هؤلاء المستضعفون الذين هم موعودون بالإنقاذ ويأمر المؤمنين الذين هم في وضعية أخرى أن يعملوا لتحرير هؤلاء يعملوا لتحريرهم وإنقاذهم.
أما المستضعفون الآخرون فإنهم يكونون هم الضحية؛ لأنهم هم يصبحون في الأخير، موقفهم، هم ميدان للتضليل، هم ميدان للخداع، ويأتي من جانبهم أشياء كثيرة تعتبر سنداً للعدو، هؤلاء يُداسون، ويضيعون ويسلط الله عليهم.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

الدرس الثامن عشر من دروس رمضان.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.
بتاريخ 18 رمضان 1424هـ
الموافق 12/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر