عندما نعود إلى القرآن الكريم، يتبين لنا أهمية الموضوع من خلال الآيات المباركة، وهذا ما ينبغي علينا: أن يكون المعيار عندنا، الذي نقيس به أهمية الأمور، وأهمية المبادئ، وأهمية المفاهيم، من خلال موقعها في القرآن الكريم، وما يتجلى من خلال القرآن الكريم لها من أهمية.
يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة : 256-257]، فهذه الآياتان المباركتان من (سورة البقرة) يتضح من خلالهما أنه إمَّا أن يكون الإنسان في إطار ولاية الله تعالى، أو إذا خرج عنها، ولم يقبل بها، سيكون تلقائياً في إطار ولاية الطاغوت والعياذ بالله، الطاغوت الذي يخرج الناس من النور إلى الظلمات، وليس هذا فحسب، ومن بعد ذلك: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}؛ لأن دورنا في هذه الحياة كبشر هو دورٌ مهم، ومسؤوليتنا كبيرة في إطار الاستخلاف في الأرض، وما يتعلق بذلك من مسؤوليات مهمة ومقدسة، كيف نتحرك على أساس هدى الله وتعليماته، ثم هناك الوجهة التي نصل إليها في الأخير، التي هي دار الجزاء، المستقبل الأبدي المهم في الآخرة، لا تنتهي الأمور فيما يحدث هنا في الدنيا، بل هناك المنتهى المهم جداً، إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في إطار الحساب والجزاء: إَّما الجنة، وإمَّا النار؛ إمَّا رحمة الله، وإمَّا عذاب الله والعياذ بالله. فالمسألة لها هذه الأهمية الواضحة في هذه الآية المباركة.
في ولاية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، عندما قال: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، نجد أن الامتداد لهذه الولاية هو في دورٍ مهمٍ جداً للرسول، للرسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه" في أداء هذه المهمة نفسها؛ ولهذا يقول الله للرسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، في إطار الحديث عن الولاية في (سورة المائدة): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، الرسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه" يُقَدَّم في هذه الآية المباركة؛ لأن ولايته هي امتداد لولاية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: الآية55]، ومن المعروف في كتب التفسير عند المسلمين أن المعني بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، هو أمير المؤمنين عليٌّ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، حيث أتى الحديث عنه بمؤهلاته ومواصفاته الإيمانية الكاملة، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: الآية56].
فنجد أن مما يرتبط بولاية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وهو الربُّ، والملك، والإله الحق، ولايته في إطار ربوبيته، وملكه، وألوهيته، هو ربُّ العالمين جميعاً، ربُّ الخلائق أجمعين، له في عباده حق الأمر والنهي، وليس فقط مجال الخلق والتكوين، بل مع الخلق والتكوين، والتدبير والتسيير لشؤون الكون، والتصريف لشؤون الكون في كل ما فيه، له أيضاً "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" حق الأمر والنهي في عباده، وهو الذي يهديهم إلى الصراط المستقيم، فيهديهم إلى ما فيه الخير لهم، إلى ما فيه فلاحهم، ونجاتهم، وفوزهم، وإلى ما يرتبط بالهدف المقدَّس من وجودهم في هذه الحياة، وهو "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" الذي خلقهم واستخلفهم في الأرض، هو القائل: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل: الآية12].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في مناسبة يوم الولاية 1445هـ