وفي سورة البقرة الدّرس السابع من دروس رمضان يبيّن السّيد معنى الوسطيّة في القرآن الكريم، مبيّناً أنّ الوسطيّة في الّلغة العربيّة تعني أفضل وأحسن أمّة أخرجها الله للنّاس، وقد جعلها هو سبحانه وتعالى الأمّة الوسط القويّة والمؤهّلة لحمل رسالة هذا الدّين, وعند قوله سبحانه وتعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) يقول السيد:
(﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا﴾[البقرة: من الآية143] هذا صار خطاباً لمن؟ للمسلمين، خطاب بالذات للعرب، خطاب للعرب أنفسهم من البداية، وخطاب موجه بشكل رئيسي لقريش، دائرة الأسر التي تلتقي مع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بالجد الأقرب يشملهم اسم: قريش. المسألة عبارة عن دوائر: دائرة قريش، داخلها دائرة بني هاشم، داخلها دائرة أقارب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بعد دائرة قريش دائرة العرب.
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا﴾ [البقرة: من الآية143] هذه الآية هامة، جداً والكلام حولها بتحريف لمعناها، وتقديمها بشكل يخلق قابلية أن يجرد الأمة عن شهادتها قد ﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ كلمة وسطاً لا تعني: عدول، أو تعني.. في آيات أخرى تبين ماذا يعني، أوسط في اللغة العربية، أوسط تعني: أفضل، تعني، أمة من أوسط الأمم، من أفضل الأمم، مهيئة لأن تحمل هذه الرسالة، وتكون في نفس الوقت شاهدة على الناس، الشهادة هنا ليس فقط في موضوع أنهم يشهدون يوم القيامة بأنه قد جاء نبي وبلغ، الشهادة بتجسيدهم للدين، وقيم هذا الدين، وتمثيلهم لهذا الدين) الدرس السابع من دروس رمضان سورة البقرة.
ويوضّح السّيد أنّ الأمّة الوسط هي الأمّة الّتي يتجلّى من خلالها وعلى يديها الشّهادة بعظمة هذا الدّين، وجاذبيّته كواقع يتجلّى من خلال العمل، والسّلوك، والممارسة، الأمّة الّتي تبرز لتقدّم نموذجاً حقيقيّاً يشهد بعظمة هذا الدّين، وتكون شاهدة على النّاس فيقول:
(هذا دين عظيم جداً تتجلى من خلال وسط معين من الناس أمة معينة، تتجلى قيمه ومثله ومبادئه بشكل جذاب جداً؛ ليكون شاهداً على عظمة هذا الدين أمام الآخرين فينجذب إليه، وتقوم الحجة على الآخرين به؛ لأن الكثير قد يقولون: مجرد نظرية، وأي نظرية لم يشهد لها الواقع في حياة الناس، لأن هذا هو المحك، هو المحك واقع الحياة، واقع الأمة، روحية الأمة، نفسية الأمة، أفرادها الذين يحملون هذه النظرية، يتجلى من خلالهم ماذا؟ مدى إيجابية هذه النظرية، أو سلبيتها بالنسبة للدين. هذه القضية لم يغفلها، موضوع أنه لا بد من دائرة تمثل قيم هذا الدين، ويتجسد فيها هذا الدين فتمثل بهذا شهادة على الناس بعظمة هذا الدين، فتقدم نموذجاً على أرقى مستوى ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ [البقرة: من الآية143] أي تكون عملية متبادلة عندما تعرف عظمة هذا الدين، كلما عرفت عظمته، كلما وجدت في شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وفي حركته شهادة أيضاً على عظمة هذا الدين نفسه) الدرس السابع من دروس رمضان سورة البقرة.
والأمّة الوسط هي الأمّة الّتي يتجسّد فيها هذا الدّين، وتلتزم به قولاً وعملاً، وتُجسّد كلّ قيمة ومبادئه, وتقوم بمسؤوليّتها في حمله وتطبيقه حتّى تكون محطّا للتّأييد الإلهيّ, يقول السيد:
(دائماً تفسر هذه فيما أعرف بأنه: الشهادة على الآخرين، الشهادة على الأمم بأنه قد وصلتهم الدعوة، أو وصلهم البيان، أو وصلهم أخبار النبوة! وهذه هي المهمة هنا، وهي نفس القضية الأساسية أنه: التأهيل، الإصطفاء، هي مسؤولية ﴿جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطَاً﴾ ليس عبارة عن وسام هكذا، أي: أنهم يقدمونها وكأنها عبارة عن وسام، لا، المهمة هنا المسؤولية ﴿لِتَكُوْنُوْا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ تحت هذه الكلمة أشياء كثيرة جداً ﴿لِتَكُوْنُوْا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ الإلتزام بهذا الدين، الإهتمام بهذا الدين، تجسيد قيمه، الجهاد في سبيل إعلاء كلمته؛ لأنه أيضاً يحصل من خلال هذه أن يكون الناس محطاً للتأييد الإلهي أن يتلمس جانب هذه الأمة أشياء هي فعلاً تشهد بأن هذه الأمة على صراط مستقيم، وأن هذا الدين الذي تدين به هو دين عظيم، فهذه قضية هامة جداً: أنه لا بد من إناء، لا بد من محيط ليكون محطّاً للتأييد الإلهي.
هذه القضية معروفة حتى فيما يتعلق بالرزق أليس الإنسان يحتاج يعمل له [جربة] يجمع لها تراب حتى يمكن يعمل فيها زرع؟ أليس الواحد يحتاج يعمل للمطر الذي ينزل من السماء يعمل له مشرب يجمعه حتى يجري إلى هناك؟ لا بد من دائرة، لا بد من محيط مكون من أمة، من مجاميع المؤمنين ينطلقون انطلاقة صحيحة، يعتبرون محطاً للتأييد الإلهي، التأييد الإلهي لا يأتي مبعثر: مؤمن هناك، ومؤمن هناك، وواحد هناك، وواحد هناك! سترى كل واحد يصيح مكانه فقط، لكن إذا كانوا عبارة عن محيط واحد، هنا سيكونون محطاً للتأييد الإلهي، يتجمع التأييد الإلهي مثلما ماذا؟ تأتي تجمع لك مشرب تصلحه من هناك يلتقي القطرات التي تنزل من السماء حتى تصب في [جربتك] يحصل فيها زرع وتثمر) الدرس السابع من دروس رمضان سورة البقرة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.