والعنوان الآخر الصدق {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الصدق مع الله سبحانه وتعالى, قرنوا القول بالفعل، أثبتوا مصداقيتهم مع الله أنهم له جنود مخلصون، جنود صابرون، وما قبل الشهادة مرحلة طويلة، مرحلة من الكفاح، من القتال، من المرابطة، من الصبر، من التحمل، لكل البيئة القتالية بكل ما فيها، من حرارة شمس، أو شدة برد، أو وعثاء المناخ ما يكون من تراب وغبار، ثم الضراء والبأساء، والبأس المواجهة لكل المتاعب في ميدان القتال وبروحية عالية، روحية ملؤها الإيمان، روحية إيمانية تجعلهم يتحركون بكل ثبات، بكل همة، بكل رغبة، وهم مشتاقون إلى الله ومتطلعون دائماً إلى ما عند الله سبحانه وتعالى.
وعندما نتحدث عن شهدائنا الأبرار - أيها الإخوة الأعزاء - نتحدث عن أساس موقفهم، فما يمتازون به هو: عدالة القضية ومشروعية الموقف، وقداسة النية والمقصد، وقداسة الهدف، وعظمة القيم والأخلاق، وسلامة واستقامة الممارسة والسلوك.
فالشهداء الأبرار تحركوا في سبيل الله وفي نصرة الحق وفي دفع البغي والعدوان، لهم قضية عادلة لم يخرجوا باغين ولا ظالمين ولا متجبرين ولا متكبرين، لهم قضية عادلة، ينتمون إلى مشروع عظيم، هو القرآن الكريم والإسلام العظيم، ولهم قضية عادلة، هم يواجهون البغي، وهم يواجهون الظلم، هم يدفعون العدوان، هم في مواجهة بغاة، وفي مواجهة عملاء، وفي مواجهة مجرمين، وفي مواجهة متكبرين، في مواجهة من باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر، لأمريكا وإسرائيل.
فعدالة القضية هي أيضاً تضفي على شهادتهم قداسة واضحة ومهمة، شهداؤنا لم يكونوا يوماً من الأيام في موقف بغي، ولم يكونوا لا خرجوا بطراً ولا رئاء الناس ولا استكباراً ولا صداً عن سبيل الله، لم يكن حالهم كحال الآخرين من قتلى الفيد والسلب والنهب، من قتلى الدولار، من قتلى المال السعودي، هؤلاء شهداء مقدسون، صدوا عن أمتهم عن المستضعفين من ورائهم العدوان والبطش والظلم والتجبر الذي يمارسه الظالمون والمعتدون.
ومشروعية الموقف، مشروعية الموقف أن هؤلاء الشهداء العظماء تحركوا بشرعية قرآنية، شرعية قرآنية على قول الله سبحانه وتعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} لهم هذه الشرعية ولن ننتظر من أحد من المجرمين والمتحذلقين أن يمنحنا شرعية، هذا الموقف يستمدوا شرعيته من القرآن الكريم، من الله العظيم، من توجيهاته وأوامره الحكيمة والمقدسة والعادلة.
تحركوا على أساس قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} من يتخذون قرارات بالحرب والعدوان، من يحركون الجيش والمؤسسات الحكومية لتعتدي على الشعب، لتعتدي على المؤمنين إلى قراهم إلى مناطقهم إلى بلدانهم، لا لذنب ولا بحق سوى أن هؤلاء ينتمون إلى مشروع قرآني وينطلقون في مواقف قرآنية في موقفهم من البغاة والطغاة والمعتدين وفي مقدمتهم أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل.
عدالة القضية وقداسة النية والمقصد، الشهيد والمجاهد الآخر الشهيد الحي، عندما يتحرك في سبيل الله هو يتحرك على أساس من إيمانه ونيته الخالصة، ابتغاء مرضاة الله، لا يهمه هدف مادي ولا أطماع ولا رغبات ولا رتب ولا وظائف إنما تكون نيته خالصة لله سبحانه وتعالى.
وعظمة القيم والأخلاق، الشهيد كان يحمل في روحيته الإباء والعزة والغيرة على الحق ولأمته المظلومة والجريحة، والشهيد يتحرك بالقيم الإيمانية خاضعاً لله، مطيعاً لله، مستسلماً لله، وهو كذلك يتحرك بإيمان، بصلاح، باستقامة، بطهارة، بعفة، بتحرك رشيد سليم من مساوئ الأخلاق والمثالب التي توجد لدى الآخرين من يتحركون لأطماع أو ما شابه.
وسلامة واستقامة الممارسة والسلوك، فالمجاهد يتحرك في سبيل الله سبحانه وتعالى صابراً ثابتاً يؤدي مهامه الجهادية بشكل سليم وصحيح، وهؤلاء الشهداء الأبرار والأخيار عندما تحركوا في سبيل الله سبحانه وتعالى من هذا المنطلق بتلك النوايا والمقاصد العظيمة بالهدف المقدس بأخلاقهم بإيمانهم باستقامتهم، بأخلاق الإسلام، وأخلاق القرآن تركوا لنا إرثاً مهماً، وعندما نتحدث عن الإرث الذي تركوه فهو أولاً القضية العادلة، القضية العادلة.
هؤلاء الشهداء كان همهم وكان حرصهم وكان من أهم أهدافهم في تضحيتهم في سبيل الله إقامة العدل، مواجهة الظلم، مواجهة الفساد، مواجهة الباطل، دفع الطغيان، ودفع المجرمين، وهذه مسؤولية تبقى علينا جميعاً أن نواصل الخُطى وأن نواصل المشوار لكي تتحقق هذه الأهداف السامية والعظيمة.
وتركوا أمانة أودعوها إيانا هي براعم الإسلام، براعم الإيمان، الأشبال الأعزاء أبناؤهم، تركوا أيضاً أمانة في أعناقنا جميعاً نتحمل مسئولية تجاهها هي أسرهم، ففي يوم الشهيد نستلهم من الشهيد العزة والوفاء، والوفاء، والصدق، والثبات على الحق، والبذل والعطاء والتضحية، ونستلهم من الشهيد الأخلاق والقيم العالية، وكذلك نستذكر مسؤوليتنا جميعاً، مسؤولية مجتمعنا تجاه أبناء الشهداء التي هي مسئولية مهمة علينا جميعاً.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة للشهيد
1433هـ.