مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

في كل تلك المرحلة إلى اليوم يتجلى لنا أهمية هذا المشروع القرآني، ويتجلى لنا في البداية: أنَّ تلك المقدِّمات لهذا المشروع القرآني، المتمثلة: بهذه الصرخة، ومعها المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ومعها نشر الوعي القرآني، يتجلى لنا أنها كانت مقدِّمات حكيمة، ومؤثرة، ومتاحة، وهذا واضحٌ جداً.

 

عندما نأتي إلى عنوان أنها كانت مواقف ومقدِّمات وبدايات حكيمة، فهذا واضحٌ جداً، عندما نأتي إلى الانتقال- سواءً على مستوى شعبنا، أو على مستوى أشمل- عندما نأتي إلى الانتقال بالناس من حالة الصمت، والسكوت، والتدجين، واللا مسؤولية، والتي يصل الناس فيها- إن تأثروا بالأحداث، وفرضت الأحداث نفسها عليهم- إلى مجرد التحليلات الفارغة في مقايلهم، في مجالسهم، في مناسباتهم، تحليلات لمجرد التحليلات، تحليلات لا يبنى عليها مواقف، لا ينتج عنها رؤية، لا يترتب عليها عمل، هذا في أكبر الأحوال، يعني: إذا فرضت الأحداث نفسها عليهم، إذا كان مستوى ما يفعله الإسرائيلي أو الأمريكي من جرائم وحشية إلى درجة تفرض نفسها على الناس أن يتحدثوا بقدرٍ من الامتعاض والأسى، ومع ذلك شيء من التحليلات والكلام، لكن دون رؤية، دون موقف، فالسعي للنقلة بهم من هكذا حالة، إلى موقع المسؤولية، إلى مستوى الرؤية، إلى أن يكون لهم موقف، إلى أن يدركوا أنهم معنيون بهذا الصراع، أنهم طرفٌ في هذا الصراع، أنهم جزءٌ من هذا الواقع، وأنهم أمةٌ مستهدفة، وأنهم معنيون وعليهم مسؤوليات تتعلق بهم تجاه ما يحدث، وأنَّ عليهم أن يتحركوا في مقابل ما يتحرك فيه الأعداء وما يسعون له، نجد أن هذه البداية بداية جيدة، بداية حكيمة بداية مناسبة للنقلة من حالة الركود، والجمود، والسكوت، والصمت، والهزيمة النفسية، إلى مستوى الموقف، بدايةً بصرخة، بشعار، بهتاف يعلنون به عن موقفهم، يعبِّرون به عن سخطهم، يتبرؤون به من أعدائهم، هذه بداية جيدة حتى على المستوى النفسي، يعني: لم يُطلب من الناس من أول لحظة أن يدخلوا في مواقف صعبة جداً، وأن يتجهوا إلى جبهات قتال من الوهلة الأولى، بل أن يبدؤوا هذه البداية التي لها أثر نفسي ومعنوي، عندما تتوسع على المستوى الجماهيري فهي تعبِّر عن حالة سخط، له أهميته في التأثير على الأعداء في كثيرٍ من مؤامراتهم ومخططاتهم.

 

الحالة العامة في واقع الأمة، مستوى الاستهداف، مستوى الخطر، مستوى التحدي، السلبية الرسمية في الموقف الرسمي، تستدعي أن يكون هناك تعبئة شعبية، وتحرك جماهيري واسع، هذه التعبئة الشعبية التي يمكنك فيها أن تحرِّك كل إنسان يستجيب، ما الذي يمكن أن تَنْظُم حوله هذا التحرك الشعبي الواسع؟ هي هذه الصرخة، هي هذه المواقف المتمثلة بالصرخة والمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، هي هذا العمل على نشر الوعي القرآني في أوساط الناس وتعبئتهم، فحالة التعبئة الشعبية والجماهيرية الواسعة من خلال أن تقدِّم لهذه الجماهير ما تعبِّر به عن موقفها، وتتحرك فيه، وتعبِّر فيه عن سخطها، هي حالة إيجابية، وحالة تعبوية، وحالة شعبية، وحالة إيجابية جداً، أخرجت بها هذه الجماهير من حالة الصمت والهزيمة النفسية، إلى موقف أن تعبِّر عن سخطها، وعن غضبها، وعن موقفها، هذه حالة إيجابية جداً، حالة ومهمة جداً.

 

ولماذا التعبئة الشعبية والتحريك للشعوب؟ لأن الشعوب مستهدفة، مستهدفة عسكرياً، مستهدفة سياسياً، مستهدفة أيضاً بوسائل الخداع، العدو كان يخاطب ولا زال يخاطب شعوب أمتنا، عندما أتى الأمريكي ليحتل العراق، أتى بعنوان التحرير، وأتى بعنوان الحرية، أتى بعنوان الديموقراطية، أتى بعنوان حقوق الإنسان، ويأتي بهذه العناوين وهو يتجه إلى الاحتلال المباشر لدولة هنا أو دولة هناك، أو السيطرة المباشرة على بلد هنا أو بلد هناك، يأتي بعناوين، يخاطب فيها من؟ الشعوب، يسعى من خلالها إلى تدجين هذه الشعوب، ويسعى معه عملاؤه إلى تدجين هذه الشعوب، وتهيئتها لتتقبل السيطرة الأمريكية عليها.

 

هذا الموقف الذي تعبئ فيه الشعوب حتى لا تتقبل هذه السيطرة، ولا تتقبل حالة التدجين، ولا تتقبل حالة الصمت والسكوت التي يسعى العدو إلى أن يفرضها عليها، فهي حالة تحوِّل الأمة إلى حالة منعة وتحصين لساحتها الداخلية، تحصين لساحتها الداخلية من التقبل للسيطرة الأمريكية، من الصمت، من التدجين، من القبول بالهزيمة النفسية، وتجعلها في حالة الموقف الذي تعبِّر به وتتجرأ به على كسر هذه المساعي للسيطرة عليها.

 

حكيمة أيضاً، خطوات ومقدِّمات حكيمة؛ لأنها تتناسب مع متطلبات هذا الصراع، هذا الصراع وهذه المعركة تتصدى لأخطر أساليب العدو في الاختراق والاستمالة، العدو وعملاؤه يسعون إلى أن يحوِّلوا شعوبنا إلى شعوب تكون مواليةً لهم، مواليةً لهم؛ حتى يتمكنوا من السيطرة عليها بدون كلفة، بدون عناء، تتحول إلى شعوب ترى في السيطرة الأمريكية نجاةً لها، أملاً لحضارتها، أملاً لتقدمها، أملاً لحلِّ مشاكلها، تنظر إلى الأمريكي والإسرائيلي بانبهار، لا تنظر إليه كعدوٍ يسعى لاحتلالها، والسيطرة عليها، ونهب ثرواتها ومقدراتها، والاستعباد لها، ترى فيه صديقاً وولياً وحميماً، ورائد حضارة، ومنقذاً، ومخلِّصاً، تنظر إليه نظرة مخدوعة، نظرةً غبية، نظرةً ساذجة، نظرةً حمقاء.

 

فهذه التعبئة من خلال هذه البدايات والمقدِّمات: بالصرخة، بالمقاطعة، بنشر الوعي القرآني، هي تنقذ الأمة، تخلِّصها من هذه الحالة من التدجين، من هذه الحالة من الاستمالة والولاء للعدو، من هذه النظرة الغبية والخاطئة التي يسعى الأعداء إلى ترسيخها في داخل الأمة، وتفعِّل حالة السخط وتترجمه إلى مواقف عملية، فتمثل نقلةً مناسبة تهيِّئ- بأثرها النفسي والمعنوي والعملي- تهيِّئ الجماهير لخطوات أكبر، ومواقف أكبر، وتحرك في مسارات عملية أهم، وهذه نقطة مهمة جداً، وتخرجهم من حالة الخوف، والجمود، والهزيمة النفسية، واللا مبالاة، والاستهتار، إلى حالة المسؤولية.

 

هذه البدايات والمقدِّمات والخطوات من إيجابيتها: أنها ليست مؤطرةً بإطارٍ مذهبي، ولا تعبِّر عن مذهب معين، وليست مؤطرةً بإطارٍ مناطقي، ولا حتى بالحدود الجغرافية التي كُبِّلت بها الأمة، وفصلت بها الأمة عن بعضها البعض، بل هي تؤسس لهذا التلاقي مع كل أبناء الأمة، لهذا الاندماج مع كل أبناء الأمة، والتفاهم مع كل أبناء الأمة في التصدي للخطر الذي يهدد الجميع، ويستهدف الجميع.

 

هي في نفس الوقت محرجة للأعداء، هم إن سكتوا عنها؛ أغلقت الساحة في وجوههم، وعبَّأت الحالة الشعبية ضدهم، وإن حاربوها؛ فضحتهم، فضحت عناوينهم في الحرية، في حقوق الإنسان، في الديموقراطية... في تلك العناوين، ولذلك كانت خطوات حكيمة.

 

وهي مؤثرة، من أثرها هو هذا: أنها تغلق الساحة في مسارهم الاستقطابي ضد نشاطهم لاستمالة الأمة، لخداعها، للاتجاه بها إلى الولاء لهم، وتعبئ الأمة في حالة من العداء للعدو، والموقف من جرائمه ومساعيه الشيطانية.

 

واضحٌ تأثيرها على المستوى المعنوي، وعلى مستوى تحصين الداخل، وعلى مستوى إغلاق الساحة أمام العدو واستقطاباته.

 

واضحٌ تأثير المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية على المستوى الاقتصادي، وبالذات كلما اتسعت دائرتها، ووعت الأمة أنها هذا سلاح فعَّال بكل ما تعنيه الكلمة، واهتمت بذلك، كما أنه سيكون عاملاً مهماً في بناء الأمة على المستوى الاقتصادي لصناعة البدائل، وللنهضة، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

واضحٌ تأثير الوعي القرآني في الارتقاء بالأمة ونهضتها، والتحرك بها في مسارات عملية تبني نفسها في كل المجالات.

 

واضحٌ الأثر الملموس في من انطلقوا بصدقٍ وجدٍ ووفاءٍ في هذا المشروع القرآني، في ثباتهم في كل المراحل، من تلك البدايات الصعبة: وهم يُسجَنون فلا يتراجعون، وهم يُطَاردون ويُلَاحَقون، وهم يُقَتَّلون وتُدَمر قراهم ومدنهم، وهم يستهدفون إعلامياً، وهم يستهدفون بكل شكلٍ من الأشكال بحروب مدمرة، بضغوط، بلوم من الجميع، في ثباتهم، في صبرهم، في عطائهم، في تضحياتهم، في ثباتهم في كل هذه المراحل التي عبروها.

 

واضحٌ أيضاً الأثر الكبير في قيمة هذا المشروع في تجاوز كل تلك المراحل.

 

هذه البدايات من مميزاتها أيضاً: أنها متاحة، صرخة تصرخ بها، مقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، عملاً ميسَّراً وسهلاً ومتاح لكل إنسان، ولذلك ليست مكلِّفةً جداً، يمكن للفقير، يمكن للغني، يمكن للشخص البسيط، يمكن للشخص النخبوي... للكل أن يتبنوا هذه المواقف، ليست معقَّدة، يمكن تفعيل الجميع فيها، يمكن التحرك الواسع فيها.

 

ثم منذ ذلك اليوم وإلى اليوم في كل هذه السنوات الطويلة، يتجلى يوماً بعد يوم، شهراً بعد شهر، عاماً بعد عام، أكثر فأكثر، أهمية هذا المشروع على كل المستويات، العدو يواصل- كما قلنا- تحركه في استهدافه لهذه الأمة، لم تكشف هذه الأعوام أنَّ الأمريكي هو صديق حميم لهذه الأمة، يريد الخير لهذه الأمة، أو أنَّ الإسرائيلي- كذلك- صديق لهذه الأمة، عداؤهم واضح يتجلى يوماً بعد يوم، مؤامراتهم مستمرة، استهدافهم لهذه الأمة بشكلٍ مباشر، أو بشكلٍ غير مباشر، من خلال المؤامرات التي يستهدفون بها شعوب أمتنا، من مثل مؤامرتهم فيما يتعلق بالتكفيريين، وفتنة التكفيريين هي مؤامرة أمريكية وإسرائيلية، هي مخطط أمريكي وإسرائيلي ضربوا به هذه الأمة، والكثير من مؤامراتهم على هذه الأمة، تحريكهم اليوم- في هذه المرحلة أقصد- لأنظمة وقوى معينة تتحرك في الساحة لخدمتهم... أنشطة كثيرة.

 

على مستوى واقع الأمة الداخلي، يتجلى أهمية أن يكون هناك عمل في تحصين الساحة الداخلية؛ لأن هناك في المقابل عمل كبير من عملاء أمريكا وإسرائيل لاستقطاب أبناء هذه الأمة، والدفع بهم إلى الولاء لأمريكا وإسرائيل، اليوم يتحرك النظام السعودي والإماراتي بكل صراحةٍ ووضوح للدفع بالأمة نحو الولاء لأمريكا، نحو الولاء لإسرائيل، إعلامهم واضحٌ في ذلك، وبشكلٍ مكثف، بل هذه أولوية في إعلامهم، الأولوية في الإعلام الإماراتي والإعلام السعودي هي لدفع الناس إلى الولاء لإسرائيل وأمريكا، ومعاداة من هو عدو لأمريكا وإسرائيل، هذا واضحٌ جداً في إعلامهم.

 

ثم أيضاً في نشاطهم التثقيفي والتعليمي، في نشاطهم السياسي، بل حتى في نشاطهم العسكري والأمني... على كل المستويات.

 

حتى في النشاط الاقتصادي، في الوقت الذي ينفتحون به اقتصادياً على إسرائيل، ويدخلون في أنشطة متنوعة مع إسرائيل، كيف يفعلون في تعاملهم الاقتصادي مع لبنان، مع اليمن، مع فلسطين، عداؤهم الشديد للجمهورية الإسلامية في إيران، مقاطعتهم ومباينتهم الشديدة لها، موقفهم من سوريا، موقفهم من الشعب العراقي كله يأتي في هذا السياق.

 

فإذاً هذا المشروع انطلق من واقعٍ يتطلبه، وبمسؤولية، وبوعي، ومن خلال رؤيةٍ قرآنية، من خلال رؤيةٍ قرآنية يشهد لها الواقع، تشهد لها الأحداث؛ لأن القرآن الكريم هو كتاب الهداية، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، هو صلتنا بالله "سبحانه وتعالى"، هو حبله المتين، هو الصراط المستقيم، وهو أيضاً الكلمة السواء في الأمة الإسلامية.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر