في مقابل هذا العدوان الهائل، والمستمر، والإجرامي، والوحشي، مع ما فيه من حصار وتجويع، فالصمود الفلسطيني بعد كل ما قد مضى هو عظيمٌ جداً، وخارج الحسابات المتوقعة لدى العدو الإسرائيلي، ولدى الأمريكي نفسه، كلٌّ منهما لم يكن يتصوَّر أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مع الحصار الذي له زمنٌ طويل، مع ذلك العدوان الهمجي المدمِّر تدميراً شاملاً، ما كانوا يتوقعون أن يصمد الإخوة المجاهدون من كتائب القسام، ومن معها من الفصائل الفلسطينية، ويواصلون القتال في سبيل الله بكل بسالة، بثبات، بتماسك، بفاعليةٍ وتأثير، بتنكيلٍ بالعدو إلى هذا المستوى، وطول هذه المدة، وبهذا المستوى من الصمود والثبات والتماسك.
العمليات البطولية النوعية لكتائب القسام، شهدت تطوُّراً نوعياً ملحوظاً في تكتيك المجاهدين، وفي تنكيلهم بالعدو الإسرائيلي، وحتى في انتخابهم للأهداف، وما يقومون به من عمليات الرصد بدقة، واختيار الهدف، ثم الاستهداف للأهداف المعادية استهدافاً مؤثراً، بحيث لا تكاد تخلو عمليةٌ من عملياتهم في الفترة الأخيرة من التأثير المباشر على العدو الإسرائيلي، والنكاية به، وإلحاق الخسائر به قتلى وجرحى من ضباطه وجنوده، بما في ذلك قتل ضباط قادة في جيش العدو الإسرائيلي، ومن ضمنهم قائد ما يسمونه بـ[اللواء 401]، الذي هو من الرتب العسكرية الكبيرة في جيش العدو، وقُتِلَ أثناء عدوانه في قطاع غزة.
العمليات التي تنفِّذها كتائب القسام، يظهر فيها القدرة الفائقة في الأداء بكل ما تعنيه الكلمة، وفي كل مراحل تنفيذ العملية، من رصد، من تفجير العبوات الناسفة باحترافية، بما يؤثِّر على العدو، واستخدامٍ لها بشكلٍ ممتاز، وتدمير مستمر لآليات العدو، وهكذا بقية العمليات التي تنفِّذها كتائب القسام، على مستوى القصف بالهاون وغيره.
سرايا القدس أعلنت كذلك عن تنفيذ (ثلاثة عشر عملية)، من ضمنها عمليات قصف بالصواريخ.
بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في قطاع غزة- كذلك- تواصل عملياتها مع كتائب القسام، في ظل هذا التعاون والتنسيق، والجو الأخوي للإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وعمليات متنوعة، كلها تُعبِّر عن الصمود، وتشهد على الثبات والتماسك.
من العمليات المهمة في هذا الأسبوع في غير قطاع غزة، هي: عملية الدهس البطولية لعشراتٍ من الجنود الصهاينة، من ضباط وجنود [الوحدة 8200]، التي هي وكر التجسس الإسرائيلي، في قاعدة [غليلوت] العسكرية، نفَّذها مجاهدٌ بطلٌ من أبناء الشعب الفلسطيني، وخرقت المنظومة الأمنية للعدو، وأرعبت الصهاينة المغتصبين، وكانت صدمةً إضافية تزيد من مستوى القلق والخوف، وفعلاً تمثل اختراقاً كبيراً للمنظومة الأمنية التي بحوزة العدو، عندما استهدفت ضباط وجنود تلك الوحدة، التي هي وكرٌ للتجسس، فلم تستطع أن تحمي نفسها بنفسها، ولا أن تكتشف تلك العملية، وتحول دون تنفيذها.
كذلك هناك في الضفة الغربية عمليات كثيرة نفَّذها الإخوة المجاهدون في الضفة الغربية، ما يقارب (خمسة عشر عملية)، وهي من العمليات المؤثِّرة على العدو الإسرائيلي.
وعلى العموم، من الواضح التماسك القوي، والثبات العظيم للإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وللإخوة المجاهدين على مستوى الضفة الغربية، وهذا يدل على الفشل الكبير للعدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي يعتمد بشكلٍ كبيرٍ جداً على الإبادة الجماعية، وعلى قتل الأطفال، وعلى قتل النساء، وهذا لا يعتبر أبداً إنجازاً عسكرياً، هو إجرام رهيب جداً، من أبشع الإجرام، ولكن لا يعتبر إنجازاً عسكرياً، الإخوة المجاهدون مستمرون في عملياتهم، متماسكون، ثابتون، فاعلون.
وأيضاً فشل العدو الإسرائيلي في الوصول إلى ما أعلن عنه باعتباره هدفاً رئيسياً له، من أن يستعيد أسراه من دون صفقة تبادل، وهكذا فشل في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها منذ بداية عدوانه على قطاع غزة؛ ولــذلك فهو فاشل.
والنجاح الفعلي والحقيقي هو للمجاهدين الفلسطينيين، في كتائب القسام ومعهم بقية الفصائل المجاهدة، هم الذين يُحسَب لهم الإنجاز العسكري، والنجاح العسكري، والتوفيق الإلهي، والشرف العظيم بأدائهم بهذه المسؤولية المقدَّسة في الجهاد في سبيل الله، والتصدي لأعداء الله، وأعداء الإنسانية، الذين يرتكبون أبشع الجرائم، ويستهدفون عباد الله المستضعفين والمظلومين، ويقتلون الأطفال والنساء.
أيضاً لا يزال العدو الإسرائيلي متخبطاً تجاه المشهد البطولي العظيم للشهيد القائد يحيى السنوار "رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ"، الإسرائيلي في مأزق فعلي تجاه ذلك المشهد البطولي، الذي تسرَّب بغير إرادةٍ منه، ولا اختيارٍ منه، ثم يحاول بعد كل فترة أن يزيِّف مشهداً إضافياً، أو يقدِّم روايةً مختلفة، أو يتنكَّر لذلك المشهد الذي انتشر، وهكذا هو في حالة تخبط بكل ما تعنيه الكلمة، هذا مما يشهد أيضاً على فشله.
فيما يتعلَّق بالصمود العظيم للمقاومة في لبنان: على مدى شهرٍ من العدوان البري، والعملية البرية، التي كان العدو الإسرائيلي يتوقع أنه يتمكن من خلالها من الاجتياح بكل بساطة لجنوب لبنان، بعد جرائمه الممهدة لها، فالعدو الإسرائيلي مصدومٌ بصمود الإخوة المجاهدين في حزب الله، والمقاومة اللبنانية، وقد تكبَّد العدو الإسرائيلي الخسائر الكبيرة، والهزائم تلو الهزائم، وفعلاً الواقع يشهد أنَّ العدو الإسرائيلي في تلك العملية العدوانية مهزوم بكل ما تعنيه الكلمة، وقد تكبَّد خسائر كبيرة في صفوف قواته المعتدية، قرابة الألف من الجرحى والقتلى، مع تكتمه الكبير على الخسائر، ما يظهر هو الشيء القليل جداً، وما يعلن عنه هو الشيء القليل جداً، في مقابل ما يتكتم عليه العدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي في عدوانه البري على لبنان، عجز بشكلٍ واضح عن الاختراق الميداني، بالرغم من الغطاء الناري الهائل، هو ينفِّذ الكثير والكثير من الغارات، بأفتك القنابل الأمريكية، وله نشاط تجسسي لا يكاد يتوقف من أجواء لبنان، ثم ينفِّذ كل أنواع القصف، ثم يبدأ بالتقدم، يتقدَّم شيئاً ما، ثم لا يلبث أن يشتبك معه المجاهدون في حزب الله والمقاومة اللبنانية من المسافة صفر، ويكبِّدونه الخسائر بشكلٍ مباشر، بالقتلى والجرحى في صفوف ضباطه وجنوده، وبتدمير آلياته، ثم يهرب وينسحب، وهكذا هو المشهد على مدى شهرٍ كامل.
ومن الواضح أنَّ العدو الإسرائيلي في مأزق حقيقي في عدوانه البري على لبنان، فهو حاول أن يغيِّر من تكتيكه الذي اعتمد عليه في عام 2006، في عدوان تموز، في هذه المرة يحاول أن يقدِّم القليل من الآليات، وأن يقدِّم أحياناً قبلها من المشاة، من يتقدَّمون قبلها، ويتسللون، هو يعتمد على التسللات بشكل كبير، ولكنه فشل، فهو إن قدَّم المشاة؛ عَرَّض جنوده وضباطه للقتل المباشر، والاستهداف المباشر، وإن قدَّم الآليات، مثل تكتيكه في حرب تموز 2006؛ فهو يخشى من تكرار ذلك المشهد، ومن تحقق الوعد الذي وَعَدَ به شهيد الإسلام والإنسانية، سماحة السيد/ حسن نصر الله "رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ"، بأن يشاهد العالم بالبث المباشر مشاهد آليات العدو وهي تحترق، فأصبح خائفاً من ذلك المشهد، فهو يقدِّم القليل من الآليات، ومع ذلك تستهدف، وتدمَّر، وتحترق، والبعض منها أيضاً يحترق بالبث المباشر، فهو في مأزقٍ من الأمرين، وفي مشكلة تجاه أي تكتيك يعتمد، كل تكتيكٍ يعتمده، إمَّا هذا أو ذاك، يكبِّده الكثير من الخسائر، وتكون نتيجته الفشل، وهو خاسرٌ وخائب؛ نتيجة التوفيق الإلهي للإخوة المجاهدين في حزب الله، والمقاومة اللبنانية، بالصمود العظيم، والثبات العظيم، بكل ما يمتلكونه من إيمان، وثقةٍ بالله تعالى، وتوكلٍ على الله، ووعيٍ عظيم، وما زادهم به استشهاد القادة، وفي مقدِّمتهم شهيد الإسلام والإنسانية السيد/ حسن نصر الله "رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ"، ما زادهم من العزم، والتفاني، والاستبسال، والاندفاع للتنكيل بالعدو، والانتقام منه.
وفعلاً هي فرصة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة، طالما اعتمد العدو الإسرائيلي في الاستهداف لأبناء أمتنا على سلاح الجو، والقنابل الأمريكية، ليقتل من بعيد ويهرب، ولكن في العمليات البرية، التي يضطر فيها للالتحام المباشر، يتبيَّن خُبْره، وتتجلى حقيقته، بكل ما يمتلك من إمكانات، يظهر فاشلاً، ويظهر مهزوماً، مذعوراً، خائفاً، يهرب ضباطه وجنوده، بالرغم من أنهم محميون بهذه المعدات والإمكانات والآليات التي بحوزتهم، بالطائرات من الجو بكل أنواعها، وبالآليات العسكرية بكل زخمها من البر، ومع ذلك يظهرون في ذلك المستوى من الفشل، والعجز، والذعر، ويؤثِّر فيهم حتى على مستوى قتل الجندي الواحد، يخيفهم جداً، تتجلى الحقيقة القرآنية التي أخبر الله بها عنهم، عن خوفهم من الموت، ومما وراء الموت من المستقبل الرهيب، والعذاب الإلهي، {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}[البقرة:96]، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}[البقرة:96]، فعلاً هم الأكثر جبناً، وخوفاً، ورعباً، وهم يدركون ما هم عليه من الظلم، والإجرام، والباطل، ومصيرهم في الآخرة؛ ولــذلك هم يتهرَّبون، وهم في حالة ذهول من مدى ثبات وصمود المجاهدين، وأدائهم البطولي، وعملياتهم المحكمة، وكمائنهم المنكِّلة بالعدو، التدمير للآليات، بالرغم من أنَّ العدو- كما قلنا- حاول أن يغيِّر تكتيكه عن الماضي، ويقدِّم القليل منها مع المتسللين، ولكن بالرغم من كل ذلك، تم تدمير ثمانية وأربعين آلية.
عمليات القصف الصاروخي من جنوب لبنان، ومن أنحاء لبنان مستمرة؛ لتستهدف العدو الإسرائيلي:
- منها ما يستهدف العدو الإسرائيلي في الجبهة، إسناداً ودعماً للإخوة المجاهدين المشتبكين مع العدو في الميدان.
- ومنها ما يستهدف العدو الإسرائيلي في كل المغتصبات في شمال فلسطين.
- ومنها ما يستهدف مدينة حيفا المحتلة، والتي أصبح الواقع فيها نتيجةً للعمليات المستمرة بالقصف والاستهداف للعدو الإسرائيلي إليها، أصبح واقع العدو فيها واقعاً مخزياً، ومشلولاً، وعاجزاً عن ممارسة الأنشطة الاعتيادية اليومية، وأصبح الكثير من الصهاينة المحتلين في معظم شمال فلسطين المحتلة، وفي حيفا المحتلة نفسها، يمضون الكثير من أوقاتهم في الملاجئ، في خوفٍ ورعبٍ، ولا تكاد تتوقف صافرات الإنذار، فهي في كثيرٍ من الأحيان تؤدِّي أداءها المناسب في إخافتهم، وفي أن تمتلئ قلوبهم بالرعب، وفي توقعهم في كل لحظة للمزيد والمزيد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة.
فشل العدو الإسرائيلي بكل منظوماته التي يمتلكها، أو التي بحوزته للدفاع الجوي، من منع الطائرات المسيَّرة الانقضاضية، التي يطلقها إخوتنا المجاهدون في حزب الله لاستهداف العدو، فشلوا في اعتراضها ومنعها، وأصبحت تؤرِّقهم وتقلقهم، وأصبح واقعهم أمامها مخزياً، إلى درجة أنهم اعترفوا وهم في حرج وخزي بكل ما تعنيه الكلمة عن عجزهم من منعها، يحلق البعض منها لأكثر من ساعة في أجواء فلسطين المحتلة، يحاولون أن يصيبوها، وأن يستهدفوها، وأن يسقطوها، فيفشلوا بكل وضوح؛ ولــذلك نرى الفاعلية العالية في أداء حزب الله، في الوقت الذي كان العدو الإسرائيلي يتوقَّع أن يكون حزب الله قد وصل إلى حالة الانهيار، أو الضعف الشديد، فها هو حزب الله حاضرٌ في هذه المعركة، في هذا الموقف المشرِّف، بكل قوة، بكل فاعلية، بكل استبسال، في الميدان حاضرٌ بثبات، في الأداء الناري، فيما يتعلَّق بالقصف الصاروخي، والقصف بالمسيرات، عمليات مستمرة، وعمليات مكثَّفة، وعمليات فاعلة ومؤثِّرة على العدو، منها تلك العملية التي استهدفت المجرم [نتنياهو]، إلى غرفة نومه؛ ولــذلك ما يحدث هو خيبة أملٍ حقيقية للعدو الإسرائيلي، وصولاً إلى العمليات أيضاً التي يستهدف حزب الله العدو الإسرائيلي بها، من خلال صواريخ قوية ودقيقة، تتمكن من الوصول إلى يافا المحتلة، التي يسميها العدو بـ[تل أبيب].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 28 ربيع الثاني 1446هـ 31 أكتوبر 2024م