هذه المعادلة هي أساسيةٌ في إطار العنوان الذي يعلنه الإسرائيلي، وأعلنه قبله ومعه، ويكرره في اعلانه الأمريكي معاً: [الشرق الأوسط الجديد]، هذا معنى الشرق الأوسط الجديد، معناه: أن تكون كل بلداننا مستباحةً للإسرائيلي، والأمريكي كذلك، يأخذ آبار النفط التي يشاؤها ويريدها بكل وقاحة، وبدون اعتراض، يأخذ المناطق التي يريدها لتكون قواعد عسكرية دون اعتراض، والمناطق التي فيها ثروات لنهب ثرواتها دون أي اعتراض، أو امتعاض، أو احتجاج، أو استياء، ويريد أن يصل بهذه البلدان وبهذه الشعوب إلى أن تكون راضيةً مرحبةً مؤيدةً غاضةً للطرف عن كل ما يفعله الإسرائيلي والأمريكي مهما كان، مهما بلغ في الوقاحة، في العدوان، في الإجرام، في الظلم، في الإساءة، في الاستهتار، في الاستخفاف بهذه الشعوب، في الاحتقار لها، ومهما كانت الحقوق المصادرة، ما الذي يُصادر؟ هو الحُرِّيَّة لهذه الشعوب، تصادر حُرِّيَّتها أمريكياً وإسرائيلياً، يُصادر استقلال هذه البلدان، تصادر كل حقوقها في بلدانها، في ثرواتها، في سائر الحقوق التي هي معروفة.
فالإسرائيلي يتحرك أولاً: لتثبيت هذه المعادلة، يريد أن يُثَبِّتها في سوريا، وما بعد سوريا كذلك، وغير سوريا كذلك.
ثانياً: العدو الإسرائيلي أيضاً يفرض معادلةً أخرى، وهي: أن تكون القدرات العسكرية، التي تمتلكها شعوبنا وبلداننا، تحت سقفٍ مُعَيَّن ومستوىً مُعَيَّن؛ لأن من الأشياء الأساسية لدى الأمريكي والإسرائيلي: ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي على كل أبناء أمتنا؛ ولهذا يدخل تحت هذا العنوان المنع، والسعي للمنع من امتلاك شعوبنا كل وسائل الدفاع والحماية لنفسها، في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، أو أمريكي.
ولهذا- مثلاً- يركِّزون في المقدمة وابتداءً، وابتداءً، على القوات الجوية، القوات الصاروخية، والقوات الصاروخية مما دمَّره العدو الإسرائيلي في عدوانه على سوريا، [صواريخ سكود] وغيرها، القدرات الصاروخية، والقدرات الجوية، والقدرات البحرية، وهو دمَّر القدرات البحرية في شاطئ اللاذقية بشكلٍ كامل، في ساحل اللاذقية بشكلٍ كامل، وهكذا الدفاع الجوي... كل وسائل الحماية من العدو الخارجي، أو المواجهة للعدو الخارجي، ويقبل بأن يبقى هناك مستوى مُعيَّن من الأسلحة، التي يمكن الاستفادة منها في البلدان للاقتتال الداخلي، وللتناحر بين أبناء هذه الأمة، وإلى أجلٍ مُعيَّن، إلى أن تكتمل هذه المهمة في الاقتتال الداخلي بين أبناء الشعوب، لو اكتملت هذه المهمة، سيسعى إلى تجريد هذه الأمة من كل وسائل القتال والدفاع؛ لأنه يريد لهذه الأمة أن تكون كالدجاج والغنم، أمةً مدجنة، لا تمتلك أيّاً من وسائل القتال، من وسائل الحماية، من وسائل الدفاع عن نفسها، ولا عن دينها، ولا عن أرضها، ولا عن شرفها، ولا عن مقدراتها وإمكاناتها وثرواتها، يريد لهذه الأمة أن تكون أمةً مدجنة، هو يسمي هذه الأمة بالحيوانات، ولا يُقرّ للعرب بأنهم من البشر، ولكنه حتى لا يريد لهم أن يكونوا بمستوى بعض الحيوانات التي تدافع عن نفسها، الإسرائيلي لا يريد للعربي ولا أن يكون بمستوى القطط، أو غيرها من الحيوانات التي قد تدافع عن نفسها بمستوى مُعيَّن من الدفاع عن نفسها، يريد للكل أن يكونوا كالدجاج والغنم والنعاج، لا يمتلكون أي وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس، أو الحماية، أو التصدي لعدوانه وأطماعه وجرائمه، وهذا شيءٌ مؤسف!
هالنا كثيراً، وأحزننا جداً، أن يفعل كل ما فعله في سوريا، من توغُّل، واجتياح، واحتلال، وتدمير للقدرات العسكرية، دون أي ردة فعل، هناك مسؤولية على الشعب السوري، وعلى تلك الجماعات التي سيطرت على سوريا، هي أول من يتحمل المسؤولية في التصدي للعدو الإسرائيلي، ومواجهة عدوانه، ومن حولها الأمة، من حول سوريا بقية الأمة، عليها مسؤولية أن يكون لها موقف مع سوريا وشعب سوريا ضد ذلك العدوان الإسرائيلي، فأين هو الموقف الفعلي لهذه الأمة؟
ليس هناك موقف كما ينبغي، كالعادة، بعض البيانات والتعليقات الخجولة، تصدر من ذلك النظام العربي، أو ذلك النظام الإسلامي؛ أمَّا في داخل سوريا، وبالذات من تلك الجماعات التي سيطرت على سوريا، وعليها مسؤولية، وهي أمام اختبار مهم، اختبار حقيقي، يكشف ما هو حقيقة توجهها، فلم يصدر حتى الآن أي موقف، ولا أي ردة فعل تجاه كل ما حدث، والمخاطر مستمرة على سوريا وشعبها؛ ولــذلك هناك مسؤولية كبيرة، وهناك اختبار حقيقي، أولاً تجاه ما هو حاصل ويحصل على سوريا، وتجاه القضية الفلسطينية، وسنتحدث بمزيد عن هذه النقطة المهمة جداً.
العدو الإسرائيلي يفعل ما يفعله في فلسطين بشكلٍ يومي والكل يعرف، كل من يتابع الأحداث يعرف ويرى ويسمع ما يحدث في فلسطين، وفعل ما فعله في لبنان، وعرف الجميع بذلك، ولازال يمارس الاختراقات والخروقات والاعتداءات في لبنان، ثم فعل كل هذا الفعل في سوريا، وشنَّ هذا العدوان بهذا الحجم وبهذا المستوى من الاجتياح والاحتلال، ومن تدمير المقدرات العسكرية لسوريا، في وقتٍ قصير، بكل وقاحة واطمئنان، وهنا لم تحضر أيٌّ من العناوين، التي عادةً ما يتحرك فيها أنظمة عربية وإسلامية، وجماعات وقوى من أبناء هذه الأمة، لم يحضر عنوان (الضمير الإنساني)، رأينا هذا العنوان يحضر عندما تكون المسألة مسألة فتنة بين أبناء الأمة، فتح جبهات داخلية على أبناء هذه الأمة، لم يحضر عنوان (الوقوف في وجه الظلم) ولم يحضر عنوان (المسؤولية الدينية، والجهاد في سبيل الله)، ولم يحضر عنوان (العروبة، والأمن القومي العربي، والحضن العربي)، كل العناوين لا تحضر، الذي نراه في الواقع هو: السكوت، والصمت، والجمود، واللاموقف، ليس هناك موقف فعلي تجاه ما يحدث هناك.
لماذا تغيب عندما تكون المسألة متعلقة بما يفعله العدو الإسرائيلي، الذي يمثِّل خطراً حقيقياً على هذه الأمة بكل أطيافها، بكل مذاهبها واتجاهاتها، هي مستهدفة؟! وما حدث من العدو الإسرائيلي ما بعد سيطرة تلك المجموعات على سوريا، هو شاهدٌ دامغٌ وواضحٌ على أن المسألة ليست كما يردد الإسرائيلي دائماً: [من أجل ملاحقة إيران، استهداف الموالين لإيران، التحرك ضد من لهم علاقة بإيران]؛ لأن موقف تلك الجماعات المسلحة معروف، في عدائها الشديد لإيران، وتحركها تحت عناوين طائفية في الماضي، فهذه مسألة معروفة جداً.
فاستهداف العدو الإسرائيلي لسوريا، بعد سيطرة تلك الجماعات عليها، وفي ظل هذا الوضع الجديد لها، شاهد على أن المسألة ليست مسألة موقف من إيران، ما علاقة إيران بما فعله العدو الإسرائيلي ما بعد سيطرة تلك الجماعات على سوريا؟ أيضاً استهداف هو استهداف لهذه الأمة، مهما كانت توجهها، ومهما كانت مذاهب أبنائها، ومهما كانت مواقفهم، يعني: من يتبنى موقف عدم المعاداة لإسرائيل، يؤكد على ذلك، والإسرائيلي يقول: أن البعض من تلك الجماعات تواصلوا به، حاولوا أن يطمئنوه، أكدوا له أنهم لن يعادوه، البعض منهم تواصل وأكَّد وأعلن في القنوات الإسرائيلية، أنه حاضر لأن يكون هناك سفارة إسرائيلية في دمشق، وغير ذلك، كل هذا لا يفيد شيئاً، ولا يجدي شيئاً.
.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ 12 ديسمبر 2024م