مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) مُهمتُه هو أن يعلم الناس هذا القرآن بما فيه من آيات وهي أعلام وحقائق في كل مجال تتناوله.

{وَيُزَكِّيهِمْ} تزكوا نفوسهم تسمو تطهر، وعيهم يرتقي يرتفع بما فيه من الحكمة؛ ولهذا جاء في أكثر من آية يصف القرآن الكريم بأنه كتاب (حكيم) وسمّاه في أكثر من آية بأنه (حكيم) وأن آياته (أُحْكِمَت) وأن آياته (محكمة) إلى آخر ما في القرآن الكريم من ثناء على نفس القرآن.. أنه في الأخير يجعل كل من يسيرون على وفق توجيهاته ويتثقفون بثقافته يُمنحون الحكمة. والعكس، الذين لا يسيرون على ثقافة القرآن، لا يهتمون بالقرآن سيفقدون الحكمة، وسيظهر مدى حاجة الناس إلى الحكمة في المواقف المطلوبة منهم في القضايا التي تواجههم،

مثلاً الآن في هذا الوضع الذي نعيش فيه وتعيش فيه الأمة العربية، الأمة الإسلامية، ونحن نسمع تهديدات اليهود والنصارى، تهديدات أمريكا وإسرائيل وسخريتها من الإسلام ومن المسلمين وعلماء الإسلام ومن حكام المسلمين بشكل رهيب جداً، تجد موقف الناس الآن بكل فئاتهم يتنافى مع الحكمة، أي هم فقدوا الآن المواقف الحكيمة مما يواجهون، والرؤية الحكيمة لما يواجهون، والنظرة الصحيحة للوضع الذي يعيشون.

فقدوا الحكمة فعادوا إلى الأُمية، عدنا إلى الأمية من جديد، بينما الله سبحانه وتعالى كان قد أنقذنا من تلك الأمية، لما كنا عرباً بدائيين لا نعرف شيئاً، لا ثقافة، لا تعليم، لا وعي، وعي يكون بمستوى قضايا عالمية، قضايا تَهُمَّ الإنسان كإنسان بصورة عامة.

عدنا من جديد إلى الأمية على الرغم من وجود القرآن الكريم فيما بيننا، على الرغم من أننا نقرأ ونكتب، ومدارس متعددة وصحف ومجلات ومكتبات في الشوارع، ومكتبات عامة في الجامعات، ومراكز علم كثيرة جداً، مدارس أساسية مدارس ثانوية وجامعات ومراكز علمية ومكتبات تملأ الشوارع، وكتب على الأرصفة أيضاً تُباع، ومجلات كل يوم تصدر أو كل أسبوع، لكن لا يمكن أن يُخرج العرب من هذه الأمية إلا القرآن الكريم، فتصبح أمة ثقافتها أعلى من ثقافة الآخرين، مواقفها حكيمة، رؤيتها حكيمة.

الآن أصبح وضعنا وضعاً رهيباً جداً، ومؤسفاً جداً، الآن ليس هناك رؤية في الساحة، ليس هناك موقفاً في الساحة للعرب، هاهم مستسلمين الآن، ونرى مع الأيام كل مرة إنجاز لأمريكا وإسرائيل في سياستهم، كل مرة إنجاز، كل مرة يسوقون العرب إلى تنازلات، إلى تقديم استسلام أكثر، وأشياء من هذه، وبقيت الأمة كلها مستسلمة، هل هذا موقف حكيم؟ ليس موقفاً حكيماً، بل الرجل العادي من الناس يقول: ماذا دهى العرب؟! لو أن العرب اجتمعوا، لو أن الزعماء اجتمعوا لاستطاعوا ضرب إسرائيل. أبسط مُحلل عادي من الناس يشهد بأن وضعية العرب هذه كلها ليست من الحكمة في شيء.

إذاً فنحن عندما نتعلم يجب أن يكون همّنا هو ماذا؟ أن نتعلم القرآن الكريم، ثقافتنا تكون قرآنية، عنوان حركتنا ونحن نتعلم ونُعلّم ونحن نُرْشِد ونحن في أي مجال من مجالات الثقافة أن ندور حول ثقافة القرآن الكريم.

وعندما نقول نحن نريد لهؤلاء الطلاب أن يتعلموا القرآن الكريم ربما قد شُوِّهت صورة القرآن فيفهم الطالب أن معناه أن يكون له (مَعْشَر يُسَمِّعه ومعشر ثاني يوم يسمعه حتى يكمل المصحف ويرجع من جديد) أي أن يقرأ القرآن ثم يعيده بالشكل المعروف سابقاً.

القرآن علوم واسعة، القرآن معارف عظيمة، القرآن أوسع من الحياة، أوسع مما يمكن أن يستوعبه ذهنك، مما يمكن أن تستوعبه أنت كإنسان في مداركك، القرآن واسـع جداً، وعظيم جداً، هـو (بحر) كما قال الإمام علي عليه السلام ((بحر لا يُدرَك قعره)).

نحن إذا ما انطلقنا من الأساس وعنوان ثقافتنا أن نتثقف بالقرآن الكريم سنجد أن القرآن الكريم هو هكذا، عندما نتعلمه ونتبعه يزكينا، يسمو بنا، يمنحنا الله به الحكمة، يمنحنا القوة، يمنحنا كل القيم، كل القيم التي لما ضاعت ضاعت الأمة بضياعها، كما هو حاصل الآن في وضع المسلمين، وفي وضع العرب بالذات. وشرف عظيم جداً لنا، ونتمنى أن نكون بمستوى أن نثقف الآخرين بالقرآن الكريم، وأن نتثقف بثقافة القرآن الكريم {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} يؤتيه من يشاء، فلنحاول أن نكون ممن يشاء الله أن يُؤتَوا هذا الفضل العظيم.

لا تفكر إطلاقاً أن العلم هو في أن ننتهي من رصّات من الكتب، ربما رصات من الكتب توجد في نفسك جهلاً وضلالاً، إنها لا تنفع. استعرض الآن المكاتب في الشوارع في المدن نجد رصات من الكتب، رصّات من الكتب في الحديث في التفسير في الفقه في فنون أخرى، لكن كم تجد داخلها من ضلال، كم تجد أنها تنسف الإنسان أنه حتى لا يبقى على فطرته.

لم يعد العرب حتى في مواقفهم من الآخرين، لم يعودوا على فطرتهم السابقة كعرب، يوم كانوا عرب على فطرتهم كانوا يمتلكوا قيماً يأبى العربي أن يُضَام، يأبى أن يُظلم، يتمتعوا بقيم مهمة: النّجدة، الفروسية، الشجاعة، الكرم، الاستبسال. كانوا معروفين بهذا، حتى في عصر قبل الإسلام، لم يكن أحد يستطيع أن يستعمرهم، معظم البلاد العربية لم يكن أحد يستطيع أن يستعمرهم، وإن كان هناك بعض مناطق مثلاً في الشام كان تستعمرها الدولة الرومانية، وبعض مناطق في العراق يستعمرها الأكاسرة، لكن مثلاً شبه الجزيرة واليمن كان في معظم مراحلها لا تخضع للاستعمار، وكانوا يقاومون، وكانوا يأبَون.

اليهود عاشوا فترة طويلة جداً بين العرب، وهم كانوا بأعداد كبيرة، كان أهل خيبر - أثناء حصار رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لخيبر - كان يُقال أن عددهم نحو عشرين ألف مقاتل، اليهود كانوا نحو عشرين ألف مقاتل، هناك جماعات بني قريضة، بني قينقاع ويهود آخرون، هؤلاء أنفسهم لم يستطيعوا في تلك الفترة، وهم اليهود من يمتلكون المكر، ويمتلكون الطموح إلى إقامة دولة، ويعرفون أن تاريخهم كان فيه إمبراطوريات قامت لهم، وقامت لهم حضارة؛ فكانوا ما يزالوا يَحنـّون إلى تكرير ذلك الشيء الذي فات عنهم، ولكن لم يستطيعوا، كانوا يحتاجون إلى أن يعيشوا في ظل حماية زعامات عربية وقُبل عربية، فكان اليهود كل اليهود حول المدينة معظمهم يدخلون في أحلاف مع زعماء من قبائل المدينة وما جاورها، أي لم يستطع اليهود - فضلاً من أن يسيطروا - لم يستطيعوا أن يستقلوا في الحفاظ على أنفسهم، وأن يحققوا لأنفسهم أمناً.

ما الذي أوصل العرب إلى هذا؟ أحياناً الإنسان إذا ما تُرك على فطرته يدرك أشياء كثيرة، لكنه أحياناً بعض الثقافات تمسخه عن الإنسانية وتحطه، تقدم له الجبن ديناً، تقدم له الخضوع للظلم ديناً يدينُ الله به، كما روي في الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أنه قال: [سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنّون بسنتي] (نهائياً ما يقفون عند حد) قالوا ماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال [اسمع وأطع الأمير، وإن قصم ظهرك وأخذ مالك].

العربي يوم كان جاهلي، يوم كان جاهلي، يوم كان على فطرته ما كان يمكن إطلاقاً أن يقبل مثل هذا، لكن لما قُدِّمت لـه المسألة باسم دين، لما قُدِّم - الآن .. الآن في هذا الظرف - السكوت والخضوع بأنه هو الحكمة، هو السياسة، هو الرؤية الحكيمة لفلان أو فلان، وقُدم السكوت، من أجل ألا تثير الآخرين علينا، من أجل كذا، من أجل كذا. عندما يثقف الإنسان ثقافة مغلوطة هذه هي الضربة القاضية.

تجد بين الرصّات الكثيرة من الكتب الكثير من الضلال، الذي لا يبقيك حتى ولا إنسان على فطرتك على طبيعتك. الإنسان بطبيعته هو مُنح - كما مُنحت بقية الحيوانات كل حيوان - وسيلة للدفاع عن نفسه، له مشاعره التي تجعله ينطلق يدافع عن نفسه ليرهب خصمه، أنت عندما تجد - مثلاً - الشيء الذي نعرفه كثيراً - القطّ عندما يَلْقَى الكلب كيف يعمل يحاول يرهبه، يحاول أن ينتفخ، ويعرض مخالبه وأسنانه ويصدر صوتاً مرعباً؛ فيترك الكلب أحياناً يتراجع يبعد وهو أكبر منه وأقدر منه.

لم نُترَك كأي حيوان آخر؛ لأن قضية الدفاع عن النفس، الدفاع عن الكرامة، الدفاع عن البلد، الدفاع حتى عن الثقافة القائمة لدى الناس هي فطرة هي غريزة، ألم ينطلق العرب ليواجهوا الإسلام، ويغضبون لآلهتهم {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} (صّ:6) قاتلوا من أجلها، جاهدوا من أجلها، ضحوا من أجلها، قريش سخّروا الأموال التي جاءت أموال القافلة أموال القافلة أيام غزوة بدر، سخّروها لتمويل جيش ضد محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).

فكانوا هكذا في تلك الفترة يوم كانوا لا زالوا أناساً، إنسان يغضب يثور لتقاليده لثقافته، يغضب على من يظلمه، وأصبحنا هكذا بالثقافة المغلوطة، بالفتاوى المحرفة، بالحكمة التي تُقَدِّم الخنوع والجمود.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

ملزمة (الثقافة القرآنية)

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 4/8/2002م

اليمن – صعدة.

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر