تمام..دروس من سورة آل عمران...الدرس الثالث
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
🌳 نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع
🌴 يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }
ماهو الذي يجعل وجه الإنسان يبيض أو يسود يوم القيامة ؟
🌴 {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ؟ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}
عدد بعضا من مظاهر وصور هذا الارتداد ؟
🌴 المجتمع الذي لا يتحرك في سبيل الله هو المجتمع القابل لأن يرتد بعد إيمانه فيصبحون على أيدي أهل الكتاب كافرين.
🌴 أينما التقيت بالمنافقين اعلم انهم ملعونين، أينما التقيت بهم فاعرف أن الفارق فيما بينك وبينهم مليء بلعنة الله عليهم، لتستشعر هذا أنت أنك ستواجه ملعونين عند الله فلتكن حذراً منهم.
🌴 هم جسر الباطل، هم من يُعَبِّدون الطريق للكفر، هم من يعبِّدُون الطريق لأعداء الله لأن يضربوا الأمة، هم من يعملون على أن ترتد الأمة فتصبح كافرةً بعد إيمانها، بل تصبح جنوداً مجندة بكل ما تملك لأعدائها.
من هم هؤلاء ؟
🌴 نحن قلنا أكثر من مرة أن بإمكان الإنسان - إذا تأمل في واقع الحياة - أن يرى ما يهيئه الله أمام عباده، إنه يهيئ الكثير من الفرص ؛لتعلم وتـثق بأنه ليس هناك من يمكنه أن يغلق الأجواء أمامك كاملة، ليس هناك من يمكنه أن يحيطك بسور من الحديد فيقفل عليك و يحاصرك في موقعك، فترى كل شيء مستحيلاً أمامك، إن الله يهيئ، إن الله يسخر، إن الله يخلق المتغيرات،
💐 مع الدرس نسأل الله الهداية
{وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}في { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }(آل عمران: من الآية106) لأن ما يحصل من مواقف في هذه الدنيا بسبب جهل الناس بواقعهم ووضعيتهم، تظهر مواقف تُعتبر تدنيساً لهذا أو لذاك أو لتلك الطائفة أو تلك الأمة، مواقف وأعمال تدنسها، عار عليها، تسود وجهها فعلاً. من يعمل على تفريق طائفة مُحِقَّة يمكن أن تجتمع على كلمة واحدة هذا هو يُلطِّخ وجهه بالعار وبالخزي، فيقدم على الله يوم القيامة ووجهه أسود، من يتولَّ اليهود والنصارى، ويقف في خدمتهم يقدم على الله وجهه ملطخ بالخزي والعار سيقدم على الله ووجهه أسود. من لا يثقون بالله فيتبنون مواقف أخرى هم سيلطخون أنفسهم أيضاً بالعار وبالخزي ؛لأنهم لم يثقوا بربهم بأرحم الراحمين بهم، بالذي يهديهم إلى صراط مستقيم سيلطخون أنفسهم ويلطخون قلوبهم ويلطخون وجوههم بالعار فيقدمون على الله ووجوههم مسودة.من يسمحون لأنفسهم أن يظلوا متفرقين مختلفين على الرغم من خطورة ما يواجهونه على دينهم وعلى أنفسهم هم يجعلون أنفسهم في موقف خزي وعار أمام الله سبحانه وتعالى فيقدمون على الله ووجوههم مسودّة. يوم القيامة يوم تتجلى فيه مواقف الناس في هذه الدنيا فمن كان في هذه الدنيا يلطخ نفسه بالعار وبالخزي وبالذل تكون سِمَتُه أن يكون وجهه أسود، ومن كانت مواقفه في هذه الدنيا مواقف صحيحة مواقف مشرفة، مواقف نظيفة يَقدم على الله ووجهه أبيض {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل عمران:106) كفرتم بعد إيمانكم ؛لأنكم رضيتم لأنفسكم ؛لأنكم قصرتم ؛لأنكم فرطتم ؛لأنكم توانيتم فأصبحتم ضحية لأهل الكتاب فردوكم بعد إيمانكم كافرين، وهذا موقف خزي لكم ؛لأن الله حدثنا عن أهل الكتاب في القرآن بأنه ليس فيهم ما يشدنا إليهم، ليس فيهم ما يجعلنا نتأثر بهم، أنهم في خبثهم ومكرهم على النحو الذي يجب أن نكون حريصين على الاعتصام بالله من أجل أن ننجى من كيدهم ومكرهم وخبثهم حتى لا نتحول بعد إيماننا كافرين.عندما تعاملنا مع هذه القضية ببرودة فأصبحنا نفتح لهم أذهاننا وقلوبنا لهم، أصبحنا نفتح بيوتنا وأسرنا لهم، أصبحنا نؤيدهم، أصبحنا نتحرك في خدمتهم، أليس هذا هو الخزي؟، أليس هذا هو الكفر بعد الإيمان، أن يكون الله قد عمل على إنقاذنا من أول مرة -عندما كنا قد أصبحنا على شفى حفرة من النار فأنقذنا منها-، ثم على يدي من؟. على يدي اليهود والنصارى وبخبثهم ومكرهم نعود من جديد إلى النار.فإذا لم نتعامل مع القضية بجدِّية كما ينبغي أن نكون في مواجهة خطورتها سنكون فعلاً جديرين بالخزي والعار فنقدم على الله تعالى - ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء - نقدم على الله ووجوهنا مسودة فيقال لنا {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ؟ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}(آل عمران: من الآية106) ، أي أنه حصل كفر بعد إيمان، وكيف حصل؟. نحن قلنا بالأمس أن اليهودي لا يأتي إليك فيقول لك: أكفر بالقرآن أكفر بمحمد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ولا يقول لك: تَيَهود تنَصْرَن. بل سيوصلك إلى الكفر من حيث لا تشعر، ومتى سيوصلك إلى الكفر من حيث لا تشعر؟.
التثبيط هو مِعْوَل هدم خطير على الأمة ؛لهذا قال الله يهدد الذين كانوا يسلكون مثل هذا الطريق في أوساط المجتمع في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا}(الأحزاب: من الآية61) ملعونين أينما تحركوا، أينما التقيت بهم هم ملعونين، أينما التقيت بهم فاعرف أن الفارق فيما بينك وبينهم مليء بلعنة الله عليهم، لتستشعر هذا أنت أنك ستواجه ملعونين عند الله فلتكن حذراً منهم {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} (الأحزاب:61) جديرين بأن يقتلوا أينما ثقفوا؛ لأن أعمالهم خطيرة، هم جسر الباطل، هم من يُعَبِّدون الطريق للكفر، هم من يعبِّدُون الطريق لأعداء الله لأن يضربوا الأمة، هم من يعملون على أن ترتد الأمة فتصبح كافرةً بعد إيمانها، بل تصبح جنوداً مجندة بكل ما تملك لأعدائها. ثم كما قلنا سابقاً إذا انطلق معك من منطلق أنه ناصح لك ومشفق عليك ورحيم بك فارجع إلى أرحم الراحمين الذي يرشدك إلى هذا، هو الراحم لك فعلاً، هو الناصح لك، هو المشفق عليك، هو من يهمه أمرك، هو من لا يريد أن تُظلم فهو يرشدك إلى العمل فيما فيه عزتك وكرامتك ورفعتك، فيما فيه نجاتك في الدنيا ونجاتك في الآخرة من عذاب الله، وفوزك برضوان الله وبجنته.هذه قاعدة يجب أن ننطلق عليها وأن تكون دائماً مترسخة في أذهاننا أنه ليس هناك أحد أرحم بك من الله، فمن انطلق من منطلق النصح والإشفاق عليك والرحمة بك وهو يوجهك إلى خلاف هذا، إلى خلاف كتاب الله إلى خلاف آيات الله التي هي من الرحمن الرحيم فاعرف أنه –سواء كان في واقعه مشفقاً عليك وناصحاً لك أم لا- أنه إنما يغشك من حيث يشعر أو لا يشعر، وأنك إذا ما قبلت ما قدمه إليك باسم نصح وإشفاق عليك ورحمة بك فإنك قد غششت نفسك وظلمت نفسك ؛لأن هنا الرحمة، هنا النصح، هنا مظاهر الإشفاق عليك. {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107) ابيضت وجوههم في مواقفهم في الدنيا، كانوا ملتزمين، كانوا من يهمهم أمر الأمة، من يهمهم أمر الدين، هم من يحملون نفوساً كبيرة تَأْبَى الظلم، تأبى الذل، تأبى الاضطهاد، وتأبى الضَّيمَ، تغضب لله، تغضب للمستضعفين من عباد الله، تحمل العداوة الشديدة لأعداء الله، والغضب العارم على أعداء الله، هم من كانوا ينطلقون في مواقفهم على هدي الله فيقفون المواقف المشرفة مهما كان الحال ومهما كان الأمر، هؤلاء هم من يأتون يوم القيامة ووجوههم بيضاء مشرقة؛ لأنهم بيضوا وجوههم مع الله، مع دينه، مع أمته، مع إخوانهم، مع أمتهم، مع أبناء وطنهم فيقدمون على الله ووجوههم مُبْيَضَّة، هؤلاء الذين هم منهم في رحمة الله في الدنيا وفي الآخرة، إنهم يتحركون في رحمة الله، يتحركون في ظل الآيات، وعلى هدى آيات الله ربهم الرحمن الرحيم، وفي يوم القيامة سيكونون في مستقر رحمة الله في الجنة يحظون برضوانه، ويحظون بالنعيم، هؤلاء هم من يستحقون كل شرف وكل كرم وكل تقدير، يستحقون المقام العالي عند الله سبحانه وتعالى ؛ولهذا جاءت الآية بالتعبير السريع جداً الذي يعبر عن جدارتهم بالجنة {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران:107) ، كأنهم أصبحوا في الجنة، كأنهم صاروا إلى الجنة، وكأنه ليس هناك ما يمكن أن يحول بينهم وبين الجنة ولا لحظة واحدة {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(آل عمران: من الآية107). {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}(البقرة: من الآية252) {تِلْكَ} إشارة إلى هذه الآيات، وكلمة {آيَاتُ} تعني أعلام من الهدى، أعلام من البينات، أعلام إلى الحقائق. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} حق لا ريب فيه، حق لا شك فيه، حق لا يتخلف. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران:108) كل هذه التأكيدات من عند الله سبحانه وتعالى بشكل رهيب، بشكل يخلق في نفس الإنسان شعوراً بالحياء وبالخجل أمام الله سبحانه وتعالى، تكشف عن رحمته العظيمة بعباده، إنه يرشدنا لأنه لا يريد لنا أن نُظلم.ثم عندما يرشدنا أن نسير على هذا الطريق، إلى هذه الطريقة، عندما يهدينا إلى هذا النّهج هو يقول لنا: بأنه سيكون معنا أنه سيقف معنا، وعندما يحصل لدينا إيمان بأنه سيقف معنا فلنعلم من هو الذي سيقف معنا، هو من له ما في السماوات وما في الأرض وإليه ترجع الأمور.
عندما تكون أنساناً لا يبالي، عندما تكون مجتمعاً لا يبالي، عندما تظل مجتمعاً متفرقاً، عندما لا تهتم بهذه القضية فإنك قد هيأت نفسك لتكون بيئة صالحة توصلك إلى الكفر، توصلك إلى الارتداد بالإيمان فتقدم على الله - كفرد أو كمجتمع - بوجوهٍ مسودّة {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ؟ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }(آل عمران: من الآية106) ؛لأنه حصل هنا كفر بعد إيمان، على يدي من؟. أليس على يدي أهل الكتاب.وأين هو الوسط الذي قَبِلَ هذا الكفر؟. هو ذلك الوسط الذي لم ينطلق على هدي الله من أول ما قال:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران 103ـ105) .المجتمع الذي لا يتحرك على هذا النحو هو المجتمع القابل لأن يرتد بعد إيمانه فيصبحون على أيدي أهل الكتاب كافرين، وإلا فمن؟ هل هو المجتمع الذي ينطلق على هذا النحو هو الذي يمكن أن يرتد بعد إيمانه كافراً؟. لا. الأمة التي تتحرك وتعتصم بحبل الله جميعاً، الأمة التي تتحرك لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الخير، الأمة التي تتحرك جسداً واحداً ولا تسمح للتفرق والاختلاف أن يفرق صفوفها وكلمتها، هل يمكن أن تكون هي التي تكفر؟. لا. هؤلاء قال عنهم {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، الكافرون عند الله يصفهم بأنهم خاسرون. فـ{الْمُفْلِحُونَ} عند الله كلمة لا يمكن أن تطلق على من كان كافراً أو فاسقاً أو ضالاً في هذه الحياة، أو مقصراً في أمر الله، {الْمُفْلِحُونَ} تُطلق على المؤمنين في أرقى درجات الإيمان، وعلى المتقين في أرقى درجات التقوى، على السائرين على هدي الله. إذاً فالمفلحون هم الذين لا يمكن أن يكونوا كافرين بعد إيمانهم، هم الذين من يمكن فعلا أن يضربوا أولئك الذي يعملون على أن تكفر الأمة بعد إيمانها، وليسوا هم الذين سيكونون ضحية لأهل الكتاب فيرتدوا بعد إيمانهم كافرين فتكون وجوههم ملطخة بالعار.أولئك الذين يتحركون في تثبيط الناس والإرجاف عليهم وتخويفهم فيقولون : [أترك ليس لك دخل في هذا]. الذين كنا نسمعهم من زمان يقولون: [اترك هذا سيقولون عنك أنك إرهابي، ليس لك دخل في هذا] هؤلاء ماذا يعملون بكلامهم هذا؟. أليسوا ممن يهيئ الأمة لأن تكون كافرة بعد إيمانها؟. هم من يثبِّطون الأمة، ويثبّطُون الناس عن أن يسيروا على هدي الله فيصبحون متقين لله حق تُقاته، يصبحون أمة واحدة معتصمة بحبل الله بشكل جماعي، يصبحون أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. هل هذا القرآن هدي لأناس يتحركون أم يقعدون؟. هل هو هداية لأناس يتحركون وينطلقون في ميدان العمل أم لأناس يجمدون؟. الذي يقول لك: [أترك .. أترك] وفي كل فترة يقول لك: [أترك] أليس يدعوك إلى الجمود والتخلي عما هداك الله إليه، وتقعد عن العمل الذي ألزمك الله وأرشدك أن تعمله؟. أليس ممن يعمل على أن يجعل منك شخصاً يمكن أن تكفر بعد إيمانك؟. فتكون ضحية للكافرين، لأهل الكتاب، إنهم من يقدمون على الله ووجوههم ملطخة بالعار، إنهم ممن يخدم اليهود والنصارى، ويخدمون من إذا خَلَوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، إنهم يخدمون من هم حساد لنا، من هم أعداء لنا، من هم مبغضون لنا، من هم لا يودون أي خير لنا، ما أسود وجوههم!، وما أعظم ما لطخوا به وجوههم من الخزي والعار! فيقدمون على الله ووجوههم مسودة. إن الآيات توحي بأن من يُقصرون ويفرطون قد يكونون ممن يقدمون على الله ووجوههم مسودة، فكيف إذا كان ممن يعمل ويتحرك، وتنطلق من فَمِه تلك الكلمات المثبطة للناس عن أن يسيروا على هدي الله فيحافظون على إسلامهم وينطلقون في مواجهة أعداءهم، تنطلق منهم الكلمات المرعبة المخوفة المرجفة، ويصبغون أنفسهم بصبغة الناصحين والمشفقين، أليس هؤلاء ممن يقدمون على الله ووجوههم مسودة فيقال لهم : {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }(آل عمران: من الآية106) ؟ بل كنتم ممن يهيئ الساحة لأن تكفر بعد إيمانها، ممن يساعد على أن يترسخ في الأمة ويسري في الأمة الكفر بعد الإيمان.
هو من يمكن أن يهيئ، هو من يمكن أن يخلق المتغيرات، هو من يمكن أن يهيئ الظروف، هو من يمكن أن يُعَبِّدَ الطريق، هو من يهيئ في واقع الحياة المتغيرات التي تجعلكم قادرين على أن تصبحوا - وأنتم تسيرون في هذه الطريق - أن تصبحوا أمة قادرة على مواجهة أعدائكم، على ضرب أعدائكم، على قهرهم؛ ولهذا جاء بعدها {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (آل عمران:109) أي ثقوا بأني عندما أهديكم إلى أن تسيروا على هذا الطريق أني بيدي ما في السماوات وما في الأرض، أستطيع أن أجعل من يؤيدكم من خلقي، ألم يجعل الله الملائكة تؤيد المسلمين في بداية تحركهم مع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ؟.{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفتح: من الآية7) هو الذي كل من في السماوات والأرض خاضع له يستطيع أن يهيئ يستطيع أن يفتح الفرج، أن يفتح الثغرات في ذلك الجدار الذي تراه أمامك جداراً أصماً، تراه جداراً من الصلب، هو من يستطيع أن يفتح في هذا الجدار أمامك فترى كيف يمكن أن يضرب هذا الجدار، كيف يمكن أن يدمر ذلك الجدار، الذي ترى نفسك مهزوماً أمامه، ترى نفسك ضعيفاً أمامه، تراه من المستحيل أن تتجاوزه، من المستحيل أن تعلوه، من المستحيل أن تهدمه، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}. نحن قلنا أكثر من مرة أن بإمكان الإنسان - إذا تأمل في واقع الحياة - أن يرى ما يهيئه الله أمام عباده، إنه يهيئ الكثير من الفرص ؛لتعلم وتـثق بأنه ليس هناك من يمكنه أن يغلق الأجواء أمامك كاملة، ليس هناك من يمكنه أن يحيطك بسور من الحديد فيقفل عليك و يحاصرك في موقعك، فترى كل شيء مستحيلاً أمامك، إن الله يهيئ، إن الله يسخر، إن الله يخلق المتغيرات، فالأمور بيده له ما في السماوات وما في الأرض. أليس هذا مما يعزز الثقة في نفوس من يسيرون على هديه؟. وإنه لا يعطي تلك التهيئة ولا يهيئ ذلك إلا لمن هم جديرون بها. ولمن تكون تلك التهيئة، وتلك الإنفراجات تلك الفرص حجة عليهم إذا ما قصروا وفرطوا وتوانوا في استغلالها والتحرك لاستغلالها. {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (آل عمران:109) صدق الله العظيم.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام
دروس من هدي القرآن
سلسلة دروس أل عمران
الدرس الثالث: (ولتكن منكم أمة)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 11/1/2002
اليمن – صعدة