يؤكّد السّيد أنّ آثار الرّبا وخطورته مرتبطة بالجانب الاقتصادي, وأنّ أضراره كثيرة جدّاً في واقع الحياة, وعلى المسلمين, فيؤدّي إلى تفكيك وتحطيم العلاقة فيما بين النّاس, ويؤدّي إلى تحطيم الاقتصاد, وكلّ المقوّمات الاقتصاديّة, فيقول: (أوليس شيئاً مرتبطاً بالجانب الاقتصادي؟ هذا مما يؤكد أن الإسلام يهتم جداً فيما يتعلق بالمسلمين بالجانب الاقتصادي لعباد الله، بالجانب الاقتصادي للمسلمين.
الربا أضراره كثيرة جداً، في واقع الحياة بالنسبة للمسلمين يؤدي إلى تفكيك العلاقات فيما بينهم) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
ويبين السيد خطورة الربا على الناس, وفداحة جرمه عند الله سبحانه وتعالى, لأنه يؤدي لتحطيم وتدمير الإقتصاد, ويتسبب في إضعاف الناس, ويؤثر على معيشتهم, لأنّ الجانب الإقتصادي مهم وضروري جداً في قدرة الناس على تحمل مسئوليتهم الدينية والنهوض بها, وقدرتهم على الجهاد والعمل في سبيل الله, ومواجهة أعدائهم فيقول: (الربا شديد حتى ورد في الحديث »لدرهم من ربا أعظم عند الله من خمسة وثلاثين زنية، أهونها أن تزني بأمك عند الكعبة« درهم واحد من ربا، لماذا؟ لأن الجانب الاقتصادي بالنسبة للمسلمين مهم في أن يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة أعدائهم، في أن يستطيعوا أن يقوموا بواجبهم وبمسئوليتهم أمام الله من العمل على إعلاء كلمته ونصر دينه، ونشر دينه في الأرض كلها.
الإنسان إذا كانت معيشته صعبة، المجتمع إذا كانت معيشته قلقة يكاد هذا هو ما يصرفه حتى أن يرجع هو نفسيا إلى الله، منشغل بكيف يوفر لأهله القوت، كيف يوفر لأسرته حاجياتهم، ولا يفكر بأن يستمع إلى مواعظ إلى أن يهتدي إلى أن يحضر إلى مجلس علم، أو يحضر إلى مدرسة يستفيد منها, بل تأتي لتعظه وذهنه مشغول، ذهنه مشغول، تأتي الأمة في زمن كزماننا هذا فترى أعداءها يهددونها وترى الضربات داخلها هنا وهناك ثم ننظر إلى أنفسنا فإذا بنا لا نستطيع أن نقف على أقدامنا، الجانب الاقتصادي لنا منهار) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
آثار الحرب الإلهيّة
يؤكّد السيد أنّ المال والجانب الاقتصادي مهمٌّ جدّاً في بناء الأمّة وتربيتها, لتكون أمةً قويةً في مواجهة أعدائها, وقادرةً على مواجهة التّحديّات, والأخطار, والتّهديدات الّتي تواجهها, ولأهميّة هذه القضيّة وخطورتها فإنّ الله قد تهدّد بالحرب الشّديدة على المرابين, ويوضّح السّيد أنّ آثار ونتائج هذه الحرب الإلهيّة بارزة, وماثلة, وقائمة في حياتنا, فيقول: (لأهمية المال في بناء الأمة, وفي أن تنطلق الأمة في مواجهة أعدائها وأن تنطلق الأمة في القيام بمسئوليتها، ولأثر الربا السيء فيما يتعلق بهذا الجانب الله قال: إنه سيحارب, أليس هذا أقصى ما يمكنك أن تصل إليه مع الطرف الآخر الذي بينك وبينه خلاف حول قضية ما؟ [إما أن تترك وإلا فالوجه ابيض] أليست هذه العبارة هي آخر شيء؟ يدل على أن هذا الشيء مهم لديك, هذه القضية لا أتسامح فيها أبداً, هل يسمعها أصحاب البنوك؟ هل يسمعها التجار؟ هل يسمعها الناس جميعاً؟ هل يرون آثارها في أنفسهم وفي الحياة؟ آثار الحرب الإلهية؟ نحن نرى آثار الحرب الإلهية في كل شيء.
﴿فَأْذَنُوا﴾ إيذان أي: إعلام ﴿بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أليست المعيشة كل عام تكون أصعب؟ والبركات كل عام أقل؟ والنفوس كل عام أشد تبايناً؟ والقلوب أشد اكتظاماً وأشد ضيقاً؟ الصدور تضيق، النفوس تتباين، المعيشة تشتد، والمنتجات تتدنى، و[الحَب] هذا نفسه الذي لا نحصل عليه إلا من الخارج نرى أنفسنا نرى الكثير لا يستطيع أن يشتري إلا نصف كيس، و هو كل ما يملك داخل البيت، هل هناك احتياط من الحبوب داخل البيوت؟ لا. بل ولا كيس واحد، نصف كيس دقيق، ثم ربع كيس ثم سيصل الناس إلى الكيلو، وقد بدأ البيع بالكيلو للدقيق.
ثم أين البدائل؟ هل هناك في أموالنا، هل هناك من محافظات أخرى داخل بلادنا منتجات أخرى؟ نحن أصبحنا نحارب حتى في قوتنا.. من الذي أوصلنا إلى هذا؟ هم المرابون الذين ثقفهم اليهود والذين استساغوا الربا على أيدي اليهود, ونحن قلنا أكثر من مرة أنه هكذا يعمل اليهود يضلونا من حيث لا نشعر، يضربوننا من حيث لا نشعر، يفسدوننا من حيث لا نشعر، يدوسوننا بأقدامهم ونحن لا نحس بشيء, هذا هو ما يحصل) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
ويوضّح السّيد أنّ وقوع الأمّة وانغماسها في الرّبا, واستساغتها له من الفساد الذي أوصلها إليه اليهود, حتّى تروّضت على الرّبا, وأصبح لديها قابليّة لاستساغته والتعامل به, فيقول: (كيف لو بعث رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من جديد إلى هذه الحياة ورأى أمته هذه المنتشرة في مختلف بقاع العالم تأكل ربا وتتعامل بالربا.. كيف سيكون شعوره أمام هذه الأمة؟ سينظر هل ربما أن القرآن غير موجود، ربما هم لم يطلعوا على آية كهذه، ثم يرى أن القرآن أيضاً ما يزال داخل بيوت أعضاء المجالس الإدارية للبنوك، أو مجموعة من التجار أصحاب بنك يتعاملون بالربا، المصاحف داخل بيوتهم وهم من يبنون أيضا حجرات خاصة للصلاة في بعض البنوك، وفيها مجموعة من المصاحف داخل مبنى البنك! يحصل هذا في بعض البنوك.
أين نحن من آية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾[البقرة:279] وقد أصبح الربا عندنا مستساغاً, وأصبح شيئاً مألوفاً لدينا.. هذا هو الترويض من قبل اليهود الذين يروضوننا شيئاً, فشيئاً, فشيئاً إلى أن يصبح كل فساد من جانبهم مستساغاً، ويلطموننا لطمة بعد لطمة، صغيرة، ثم أكبر منها ثم أكبر ثم أكبر حتى تصبح الركلة بالقدم مقبولة ومستساغة، خبثهم شديد) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر.
ويوضّح السّيد أنّ سياسة التّرويض هي سياسة يسير عليها اليهود في تعاملهم مع العرب والمسلمين حتّى يصبحوا مهيّئين وقابلين لتلقي الضّربات الكبيرة والشّديدة, كما يعملون في فلسطين الآن, ومع العرب, يقول السيد: (لاحظوا كيف يسيرون على هذه الطريقة حتى في فلسطين، الانتفاضة من يوم ما بدأت اثنين شهداء, ثلاثة، واحد, أربعة.. يومياً، يومياً وهكذا.. لا يأتي بعدد يثير الآخرين، ولا يتوقف، وهم يعرفون بأنه اثنين كل يوم ثلاثة كل يوم كم سيطلع في السنة؟ وكم وصل إلى حد الآن قتلى الانتفاضة داخل فلسطين كم؟ تقريباً أكثر من ثلاثة آلاف شخص.
لو جاءوا يضربوا ضربة يقتل فيها ثلاثمائة شخص أليس هذا سيزعج العالم؟ لكن لا.. حسنا هل انزعجنا يوم ما رأينا ثلاثة آلاف، رقم ثلاثة آلاف انزعجنا؟ لا.. لكن لو قتلوا ثلاثمائة شخص دفعة واحدة، ربما كان سننزعج ويحصل استنكار شديد اللهجة ويحصل مظاهرات وتحدث أشياء كثيرة.
إذاً فواحد على اثنين على ثلاثة يومياً وهكذا، وسيرون هؤلاء الناس الذين نروضهم على أن يقبلوا هذا التعامل سيرون في الأخير سيرون في الأخير أرقاما كبيرة ثم لا تثيرهم وهذا أفضل فنسمع عن إحصائيات ثلاثة آلاف قتيل وجرحى بالآلاف هل استثارنا خبر الإحصائيات هذه؟ لا.. طبيعي هكذا يعملون في كل شيء.
ومن هنا نعرف: كيف أن اقتراف الأمة لمعصية من هذا القبيل كالربا أن الأمة ستنال عقوبة من الله على ارتكابها، هذا هو وعيد وجانب من الوعيد في الدنيا) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع.
ويؤكّد السّيد أنّ تحريم الرّبا, والبيوعات المجهولة, والمنهي عنها جاء من قبل الله سبحانه وتعالى ليحافظ على وحدة الأمّة, وقوّتها, وتماسكها, وتآلفها الدّاخلي فتكون أمةً واحدةً وقويةً, يقول السّيد: (الربا لماذا هو محرم, البيوعات المجهولة, البيوعات المنهي عنها, الأشياء هذه كلها تجدها في الأخير تنتهي إلى أن يكون الناس أمة واحدة, تهدف إلى أن يكونوا أمة واحدة, أن تكون الخلافات قليلة داخلهم, تكون الاختلافات قليلة, يكون هناك تكافل فيما بينهم, أليس هذا كله يقدمه كله عبارة عن وسائل في إطار العنوان الكبير وهو الهداية, هداية الأمة إلى الصراط المستقيم في كل شئونها, في كل مجالات حياتها؟) مديح القرآن الدرس السابع.
الرّبا من أكبر الجرائم عند الله
يبيّن السّيد أنّ موضوع الرّبا من أكبر الجرائم عند الله سبحانه وتعالى, ومن أكثرها, وأشدّها ضرراً على النّاس, لأنّ المال مرتبط بحياة النّاس, وله قيمته وأثره الكبير في الحياة, ومن خلال الرّبا قد يتحوّل المال إلى مصدر شر, وضرر كبير على النّاس, فيقول: (مثلاً نجد في موضوع: الربا، والربا من أكبر الجرائم، وأكبر الكبائر عند الله، ومن أكثر الممارسات التي يعملها كثير من الناس، ومن أكثرها ضراً على عباد الله، الربا، بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى ما فيه إشادة بالإنفاق في سبيله، وما وعد به المنفقين في سبيله، إلى أن انتهى إلى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[البقرة:274] هناك أيضاً ممارسة أخرى فيما يتعلق بالجانب المالي تعتبر مضيعة جداً، وتعتبر من أشد الأشياء ضراً على الناس على الأمة في حياتهم لنفهم كيف أنه يمكن بالنسبة للمال أولاً: أنه مرتبط بالنسبة للناس مما يجعل للمال قيمته وأثره الكبير في حياة الناس وأن نفس المال هذا من خلال ممارسة معينة يصبح شراً على الناس.
﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾[البقرة: من الآية275] الربا: عندما تقرض قرضاً وتشترط بأنه عندما يسددك يعطيك - مثلاً - زيادة سواء كانت زيادة بنسبة معينة بنسبة 2% أو 5% أو 10% كيفما كانت المهم هناك زيادة هذا يسمى: ربا وهذا كان هو الربا السائد الربا السائد عند العرب في ذلك الزمان، واليهود هم من المشهورين بالتعامل بالربا وتعميم الربا، اليهود) سورة البقرة الدرس الثاني عشر.
ويضيف السّيد أنّ الرّبا والتّعامل به يفسد نفسيّة الإنسان, ويدلّ على حالة جشع وطمع رهيبة جدّاً في نفسيّة الإنسان الذي يتعامل به, مؤكّداً أنّ الرّبا يتنافى مع الأخلاق والقيم, والمبادئ الشريفة, ويتنافى مع الشّعور والإحساس الإنساني, والمعروف, والتّكافل الاجتماعي, فيقول: (الربا يكشف عن حالة جشع رهيبة عند الإنسان الذي يمارس هذه الجريمة الكبيرة عند المرابي أعني عملية تتنافى تماماً مع الأخلاق، تتنافى تماماً مع ما يجب أن تكون عليه في تعاملك مع الآخر، مع المحتاج يكشف عن جشع رهيب، عن نفسية لم يبق لديها أي ذرة مما يسمى بإنسانية، أو بأخلاق كريمة، لا رحمة لا عاطفة ولا شفقة، همه المال، ونفسه ذائبة في المال، وإذا أعطى شيئاً لا يعطيك من أجل أنه يريد أن يقدم إليك معروفاً، أو يريد يعطيك بدافع عاطفة، بدافع رحمة، بدافع أنه يريد أجر من الله سبحانه وتعالى، يعطيك ويريد مقابل ما يعطيك زيادة!.
للأسف هذا الربا مما هو منتشر في الدنيا بشكل رهيب، وداخل البلاد الإسلامية حتى أصبح - تقريباً - تعاملاً شبه طبيعي وكأنه لا يمثل أي منكر من المنكرات، وكأنه ليس فيه أي ضر من الأضرار) سورة البقرة الدرس الثاني عشر.
الرّبا يفقد الإنسان توازنه
يؤكّد السّيد ويبيّن من خلال القرآن الكريم والواقع أنّ الرّبا يدلّ على حالة طمع شديدة, وجشع رهيب عند الإنسان المرابي, فيقوده جشعه, وطمعه, ونهمه الشّديد بالمال إلى حالة من التّخبط تفقده توازنه في الحياة, وحركته وتصرّفاته الطبيعيّة فيكون كالمصروع, وهي حالة سيبعث عليها يوم القيامة, كما ورد في القرآن الكريم, يقول السيد عند هذه الآية: (﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ﴾[البقرة: من الآية275] يعني يوم القيامة عندما يبعثون، يبعث فيتخبط وهو يساق إلى المحشر كالمصروع ﴿إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾[البقرة: من الآية275] ولا يبعد أن تكون هذه حالة تصل بالإنسان الذي يسيطر الجشع والطمع على نفسه فتراه غير متزن، يصبح إنساناً غير طبيعي، غير متزن, لو تتابع حركات بعض التجار، ورجال الأعمال - كما يسمونهم - تراهم وكأنهم غير متزنين، كالمصروعين، كالسكارى! ما هناك اتزان لديهم، يقوم من بين فراشه، يقوم من محل عمله، يقوم من أي مقام هو فيه ذهنيته مستغرقة، مستغرقة تماماً بموضوع المال، ومتابعة مسيرة حركة المال ما بين ربح وخسارة، وحسابات في ذهنيته طويلة عريضة تجعله إنساناً غير متزن وغير طبيعي!.
لهذا ليس بعيداً إذا واحد تأمل - فعلاً - وتابع حركات كبار رجال الأعمال - كما يقولون - أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والمرابين يكونون بهذا الشكل؛ لأن الطمع في المال، الجشع الكبير في المال يفقد الإنسان اتزانه وحركته الطبيعية وتصرفاته الطبيعية! إذا أنت تتابع أحياناً يظهر الناس الذين يكونون في [البورصات] - كما يسمونها - ترى كيف حركاتهم مرة تلفون من هنا، ومرة تلفون من هنا، ومرة من هنا، ومرة يمسك هذا، يقدمون له قهوة يقدمون له أكل تجده مثل المصروع) سورة البقرة الدرس الثاني عشر.
ويضيف السّيد عند هذه الآية: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾[البقرة: من الآية275] أنّها تعبّر عن حالة حقيقيّة يعيشها التّجار وأصحاب رؤوس الأموال المرابون, فتكون حركات وتصرّفات المرابين غير طبيعيّة تماماً, وغير متّزنة, أو أنه يتخبطهم الشّيطان من المسّ حقيقة, يقول السيد: (هل هذه قضية حقيقية أو أنها - كما يقال - مسايرة لذهنية عربية؛ لأنهم يعتقدون أن من هو مصروع أنه مسه الشيطان، أن تلك الحالة هي من مس الشيطان! القرآن - عادة - لا يساير، هذه قاعدة، لا يساير، في حالة معينة عندما يصبح الشيء، يصبح إطلاق لفظة معينة عليه [علَمٌ] عليه، اسم له بالتغليب لا يلحظ مسألة الإشتقاق، أو لا تلحظ الفكرة التي انتزعت منها الكلمة مثل كلمة: مجنون، مثلاً، كلمة: مجنون قد تكون في الأصل - مثلاً - على أنه مسه جن، الذي نسميه مجنوناً أنه مسه جن فأصبح على هذه الحالة التي نسميها جنوناً، لكن أصبحت العبارة هكذا [مجنون، مجنون] حتى أصبحت اسماً للإنسان الذي يعاني من هذه الحالة التي تسمى جنوناً، هنا تصبح القضية باعتبارها اسم طبيعي أن تقال.
هنا في هذه قد لا يبعد أن يكون هناك شيء حقيقي يأتي من جانب الشيطان مس كما حكى الله عن نبيه [أيوب] ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾[صّ: من الآية41] أو أن تكون هذه عند العرب تمثيل لحالة معينة أصبحت تتكرر لديهم حتى أصبحت وكأنها اسم، ليس هناك مسايرة أعني ليس هناك مسايرة نقول: توهم عند الذهنية الجاهلية لقضية معينة فيأتي القرآن الكريم يسايرها! لا، هذه لا تحصل فظاهر العبارة هذه أنه لا يبعد فعلاً أن يكون هناك من جانب الشيطان مس، من جانب الشيطان يصل بالإنسان منا إلى حالة كهذه أو أن تكون المسألة أصبحت مشابهة تماماً كلمة: مجنون) سورة البقرة الدرس الثاني عشر.
وهنا يوضّح السّيد أنّ هذه الحالة الّتي يصاب بها التّجار, وأصحاب رؤوس الأموال المرابين هي بسبب تعدّيهم, وتجاوزهم لتوجيهات الله, وأوامره, ونواهيه, وأنّ هذا هو حال ومصير الإنسان الذي لا يسير على توجيهات الله, فيتحوّل المال بالنسبة له وعليه إلى عذابٍ له وبالٍ عليه, فيضرب نفسيّته, وحكمته, وتوازنه, وقيمته في الدّنيا والآخرة, لأنّ عاقبة الرّبا, والجشع, والطّمع وخيمة جدّاً, يقول السّيد: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا﴾[البقرة: من الآية275] لأنهم جشعين في المال وطماعين، ولم يعد عنده أي شيء سوى المال متى ما قدم إليه نهي عما هو عليه قال هي نفس المسألة ﴿الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا﴾ أي لا يبقى أي قيمة لتوجيهات الله سبحانه وتعالى ولا لأي نهي ينطلق هو ليرد [لا، ألمسألة واحدة البيع مثل الربا] ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا﴾ تلك العقوبة، وتلك الحالة التي يصلون إليها، وهذه حالة بالنسبة للمال: أن المال عندما لا يسير الإنسان فيه على ما وجه الله الناس إليه في جانب التعامل مع المال يصبح المال نفسه عذاباً لك يضرب نفسيتك، يضرب حكمتك، يضرب اتزانك بل يشوه من شكلك, بعض أصحاب رؤوس الأموال تراهم لم يعودوا أناساً طبيعيين، ولم يبق لهم ثقل إلا عند الجشعين من أمثالهم فقط، يتحول إلى عذاب فتلك الحالة التي هم فيها هي بأنهم رفضوا وقابلوا نهي الله عن الربا وتحريمه له بمقولة أخرى أنه: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا﴾[البقرة: من الآية275] لكن يجب أن يفهموا بأن الله هو الذي له الحكم، وله الأمر، هو الذي يعلم بالأشياء، ويعلم بالفارق ما بين البيع: التجارة الطبيعية، وما بين الربا ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾[البقرة: من الآية275] هو الذي أحل البيع، إذاً هو الذي حرم الربا, فتحرك بالنسبة للمال على هذا النحو الذي أحله وابتعد عما حرمه.
﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[البقرة: من الآية275] تهديد عظيم على هذا التعامل السيئ: الربا، الإعراض عما يجب أن يكونوا عليه في قابلية نهي الله عن الربا) سورة البقرة الدرس الثاني عشر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.