في الواقع الرسمي العربي، دعك عن مسألة القتال المباشر، أو الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، أو مع أمريكا وإسرائيل، ولكن حتى على المستوى السياسي، الدبلوماسي، وبقية الاعتبارات، ليس هناك موقف بما تعنيه الكلمة، موقف سياسي يمكن أن يصنف كموقف، أو موقف على المستوى الإنساني لمساندة الشعب الفلسطيني يمكن أن يصنف كموقف... ولا أي شيء، مجرد بيانات، وحتى البيانات بنفسها ضعيفة، الموقف نفسه مستمرٌ تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين، لا تزال بعض الأنظمة الرسمية تصنفهم إرهابيين بدون أي ذنب، إلا جهادهم في سبيل الله تعالى، في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، عن فلسطين ومقدساتها فقط، لم يفعلوا شيئاً بتلك الأنظمة، لم يستهدفوها بأي استهداف، لا عسكري، ولا سياسي، ولا إعلامي... ولا أي شيء، هم أبرياء تماماً من أي موقف تجاه تلك الأنظمة، بل كانوا ولا يزالون حريصين على أن يبدوا تجاهها إيجابيةً، في كلامهم، في مواقفهم، في إعلامهم، في مساعيهم لأن تكون العلاقات إيجابية مع كل أبناء الأمة، ولكن دون جدوى.
ولاحظوا، مع كل ما قد فعله العدو الإسرائيلي ويفعله، من جرائم الإبادة الجماعية اليومية الفظيعة، من قتلٍ لآلاف الأطفال والنساء عمداً وعدواناً، من تجويعٍ للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني... من غير ذلك، من انتهاكات للمقدسات، ولحرمة المسجد الأقصى الشريف، كل ذلك لم يدفع ببعض الأنظمة العربية- من أبرز الأنظمة العربية- إلى مستوى التصنيف فقط، التصنيف له بالإرهاب، تصنيف فقط في القوائم، حتى لو لم يتبعه أي خطوة عملية (عسكرية، أو أمنية)، حتى على مستوى التصنيف، لم يفعلوا ذلك، أليس هذا يُبَيِّن ما هم عليه من الاعوجاج، وأنهم مرتبطون بالأمريكي والإسرائيلي نفسه في طبيعة التصنيفات تلك؟ ولهذا لم يُصَنِّفوا العدو الإسرائيلي حتى التصنيف، حتى بعض الوسائل الإعلامية العربية، لم يرق موقفها إلى مستوى الحديث عن الإسرائيلي بالتوصيف الطبيعي لجرائمه كجرائم، للحديث عنها كجرائم فظيعة، وتوصيفها بما ينبغي أن توصَّف به، وبما ينبغي أن يوصَّف به أيضاً هو، وهو يرتكب تلك الجرائم، بل لا زال بعض الإعلام العربي يساند العدو الإسرائيلي، ويخدمه بشكلٍ مفضوح وواضح، وبشكلٍ مخزٍ، لا مثيل له حتى في المراحل الماضية.
هذه الحالة التي عليها الموقف العربي، ومن حوله الموقف الإسلامي، في معظمه مع وجود استثناءات، مع وجود استثناءات، لكن في معظمه، هو يذكرنا ببداية المأساة التي عانى منها الشعب الفلسطيني، كيف بدأت تلك المأساة، وهذا أيضاً يلفت نظرنا جميعاً إلى ذكرى مرَّت بنا في هذا الأسبوع، وهي: ذكرى وعد بلفور، وعد بلفور الذي كان في الثاني من نوفمبر قبل مائة وسبعة أعوام، وعد بلفور البريطاني المشؤوم، الذي وعد بتمكين اليهود، قدَّم التزاماً بتمكين اليهود الصهاينة من احتلال فلسطين، ثم التحرك من خلال فلسطين لإقامة ما يحلمون به، وتحقيق هدفهم الذي كان هدفاً واضحاً منذ البداية، وهو: إقامة إسرائيل الكبرى على مساحة كبيرة من البلاد العربية، واتجه البريطاني بعد ذلك الالتزام، الذي يسمى بـ(وعد بلفور)، اتَّجه في خطواتٍ عملية لتحقيق ذلك، في إطار احتلاله لفلسطين، من خلال تنظيم حملات استقدام لليهود من مختلف أنحاء العالم، إلى فلسطين، وتجنيد الآلاف منهم في إطار الجيش البريطاني؛ لإعدادهم عسكرياً، وتمكين نفوذهم في الانتشار في فلسطين، والسيطرة والنهب، وإعدادهم لذلك، ثم تشكيل عصاباتهم الإجرامية، ودعمها بالسلاح، وبالإسناد العسكري، في جرائمها واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، والاستهداف لأي تحرُّك فلسطيني جهادي وحر لمواجهة ذلك
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 5 جماد الأول 1446هـ 7 نوفمبر 2024م