درس السبت
لا عذر للجميع أمام الله
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
- نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع
- هل موضوع الجهاد أساسي أم ثانوي عندك ؟
- القرآن أراد أن نتربى على أن نحمل روحاً جهادية أن نحمل مسؤولية كبرى تعمم دين الله في الأرض كلها.
- عندما فرط العرب تحرك اليهود.
- من هو العالم الذي يكون حجة على الأمة ؟
- وكيف نتعامل مع العلماء في القضايا الكبرى ؟
- قصة تخاذل بني إسرائيل و تحرك الرجلين
- دروس مهمة جدا نستفيد منها في واقعنا.
- مع الدرس نسأل الله الهداية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله.
إكمالاً للموضوع الذي تحدثنا عنه بعد العصر، وعلى ضوء المحاضرة التي سمعناها من الأستاذ زيد علي مصلح .
أحب أن أقول: قد يكون طرح مثل هذه المواضيع عند الكثير من الناس شيئاً غير مألوف وشيئاً جديد، وشيئاً قد يبدو اختيارياً إذا ما أراد أحد أن يعمله أو أراد ألا يعمله، قد يرى نفسه مختاراً ألا يعمله، والمشكلة أننا أصبحنا نعتبر أن الإسلام أن الدين كله هو هذه المجموعة من الأحكام والمفاهيم والتوجيهات التي ألفناها ونشأنا عليها وكأنه ليس هناك أشياء أخرى كثيرة يريدها الله منا،
والحقيقة أن الشيء الذي يجب أن نهتدي به هو القرآن الكريم القرآن الكريم الذي قال الله فيه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء: من الآية9) وسماه بأنه هدى للناس هدى للعالمين.
العودة للقرآن الكريم للاهتداء به هو الطريق الصحيح ، هو الأسلوب الصحيح، لا أن نظل على ما نحن عليه ونفهمه أنه كل شيء وكل ما يطلب منا من جهة الله سبحانه وتعالى.
الشيء الغريب ليس هو طرح المواضيع هذه، الغريب هو أن تكون غريبةً في أنظارنا، وغريبةً لدى الكثير منا، هذا هو الشيء الغريب، وما أكثر الأشياء الغريبة في واقعنا، أصبحنا كما روي عن الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أنه قال في حديث ((كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً)).
نحن نرى الآخرين، اليهود والنصارى هم من يتحركون في البحار، في مختلف بقاع الدنيا مقاتلين يحملون أسلحتهم طائراتهم دباباتهم قواعدهم العسكرية برية وبحرية، فرقاً من الجنود من أمريكا ومن ألمانيا ومن فرنسا وأسبانيا وكندا ومختلف بلدان العالم الغربي هم من ينطلقون فاتحين، هم من يتحركون يحملون أسلحتهم في مختلف بقاع الدنيا، وهذه الأمة الإسلامية أمة القرآن، القرآن الذي أراد أن تتربى على أن تحمل روحاً جهادية أن تحمل مسؤولية كبرى، هي مسؤولية أن تعمم دين الله في الأرض كلها ، حتى يظهر هذا الدين دينه الحق على الدين كله حتى يصل نوره إلى كل بقاع الدنيا.
هذه الأمة التي قال الله عنها مذكراً بالمسؤولية {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} للعالم كله {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران: من الآية110) أصبح الآن الحديث عن الجهاد، الحديث عن المواقف القرآنية العملية في مواجهة أعداء الله، الحديث عن نصر دين الله، الحديث عن بذل المال عن بذل النفس عن العمل أصبح غريباً، أصبح منطقاً نادراً لا نسمعه من وسائل الإعلام في مختلف البلدان العربية إلا في النادر، ولا نسمعه من المرشدين والعلماء والمعلمين إلا في النادر ولا ذكر له في مناهجنا الدراسية، ولا في ما يكتب في صحفنا، أصبح غريباً أن يتحدث الإنسان عن أنه يجب أن نتخذ موقفاً من أعداء الله.
ولو نظر كل واحد منا إلى شاشة التلفزيون، أو استمع إلى الأخبار لسمع بأذنيه أن هناك فرقاَ من مختلف الدول الغربية من اليهود والنصارى مقاتلين، مجاهدين - على حسب ما يقولون هم عن أنفسهم - في البحر الأحمر وفي البحر العربي وفي الخليج وفي البحر الأبيض المتوسط وفي مختلف بقاع الدنيا في البر والبحر، هؤلاء هم من كانت مسؤوليتنا التي أراد الله لنا أن نقاتلهم حتى يكونوا أذلاء صاغرين، من نصل بهم إلى درجة أن لا يفكروا أن يعملوا شيئاً ضد الإسلام والمسلمين.
هذا خزي للمسلمين في الحقيقة، خزي وتقصير عظيم أمام الله سبحانه وتعالى، ونبذ لكتابه نبذ للقرآن خلف ظهورنا. ثم إذا ما جاء من يتحدث عن هذه الأشياء الغريبة فعلاً لانستغربها،لا نستغرب أن نسمع أن في أفغانستان يأتي كل فترة إنزال مجاميع من الجنود كنديين أو أسبانيين أو أمريكيين أو فرنسيين أو غيرهم، لا نستغرب أن نسمع أن هناك سفناً أمريكية وهناك فرقاً لسفن أمريكية وفرنسية وألمانية وغيرها في البحر الأحمر، وأن هناك جنوداً يدخلون اليمن وجنوداً يدخلون الجزيرة، وجنوداً في العراق وجنوداً في مختلف بقاع الدنيا داخل بلاد المسلمين كأن هذا شيء طبيعي.
وعندما يأتي من يتحدث ليوقظنا ويذكرنا بمسئوليتنا، نستغرب ما يقول، وإذا ما اتضح الأمر أكثر قد يتساءل ألكثير(لماذا الآخرون أيضاً لم يتحدثوا، هناك علماء آخرون لم يتحدثوا). إذا لم يتحدث أحد العلماء قالوا: العلماء لم يتحدثوا. ومتى ما تحدث البعض قالوا: الباقون أيضاً لازم أن يتحدثوا جميعاً. إذا لم يتحدث الكل قالوا إذاً فالقضية غير ضرورية.
الواقع أن الناس فيما بينهم يتهادنون - إن صحت العبارة - العلماء هم يرون أنفسهم معذورين؛ لأن الناس لا يتجاوبون، والناس قد يرون أنفسهم ليس هناك ما يجب أن يعملوه لأن العلماء لم يقولوا شيئاً. ألسنا متهادنين فيما بيننا؟. لكن يوم القيامة قد يكشف الواقع فلا نعذر لا نحن ولا علماؤنا، قد لا نعذر أمام الله سبحانه وتعالى.
العلماء قد يكونون كثيرين في أي عصر، ومن يتوقع أن يتحرك العلماء جميعاً فإنه ينتظر المستحيل والتاريخ يشهد بهذا والحاضر يشهد بهذا. كانت إيران بلد مليئة بالحوزات العلمية ومليئة بالعلماء، تحرك واحد منهم وتحرك معه من تحرك أيضاً من العلماء وقعد كبار من العلماء، وقعد كثير من العلماء.
في الماضي كانت هِجَر العلم مليئة في اليمن مليئة بالعلماء، وكان - أحيانا - واحد منهم يتحرك.
إذا ما تحرك أحد الناس وذكرنا بشيء يجب علينا أن نعمله هل يكون عذراً لنا أمام الله سبحانه وتعالى أن الآخرين لم يتحدثوا بعد؟ .لا. لنرجع إلى القرآن الكريم، القرآن الكريم يتحدث عن قصة نبي الله موسى عليه السلام عندما قال لقومه {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:21).
عندما رفض بنو إسرائيل أمر نبي الله موسى عليه السلام ذكر الله سبحانه وتعالى أيضاً كلام رجلين من بني إسرائيل {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة:23) ألم يذكر الله كلام الرجلين ويسطِّره ككلام نبيه موسى عليه السلام؟ رجلان فقط.
تلك الأمة التي كانت مع موسى عليه السلام ألم يكن فيها علماء وفيها عبّاد؟ هل تتصور نبياً من الأنبياء يعيش فترة مع أمته ثم لا يكون فيها علماء وعبّاد؟ ثم لا يكون فيها وُجهاء و شخصيات كبيرة، وفيها، مختلف فئات المجتمع تكون متواجدة، لكن موقف أولئك وإن كانوا علماء وإن كانوا وجهاء وإن كان فيهم عبّاد يعتبره الله سبحانه موقفاً لا قيمة له، يعتبره عصياناً له ولنبيه، لكن رجلين منهم قال: {قَالَ رَجُلانِ} لم يقل قال عالمان أو قال عابدان أو قال شيخان أو قال رئيسان.
لأن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما يقول الإنسان إن كان كلام هداية وتذكير بهداية فإنه المطلوب، ومن يذكر الناس بما يجب عليهم هو المطلوب، لا عذر لهم أن يقولوا: الآخرون لم يتحدثوا معنا. هل كان عذراً لبني إسرائيل الذين قعدوا أن الآخرين منهم أيضاً - من علمائهم وعبّادهم - لم يقولوا كما قال الرجلان؟. الله ذكر كلام الرجلين {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة:23) ألم يرشدوا الناس إلى خطة عمليّة ينفذون بها الأمر الإلهي بدخول الأرض المقدسة، ويحققون بها الاستجابة لنبيهم والطاعة لله ولرسوله، ألم يُوجِّهوا إلى خطة عمليَّة؟ هذان الرجلان سطّر الله كلامهما مع نبيه.
كذلك قال عن مؤمن آل فرعون يسطر كلامه في صفحة كاملة في سورة غافر ذلك الكلام الجميل الذي قاله مؤمن آل فرعون ويذكره كما ذكر كلام نبي الله موسى عليه السلام.
إذا ما جاء أحد يتحدث معنا ويذكرنا بخطورة وضعية نحن نعيشها يذكرنا بعمل يجب علينا أن نعمله ثم نأتي لنبحث عن المخارج ومبررات القعود من هنا أو من هناك، هذا من الأخطاء.
أن تعرض ما سمعته منا على الآخرين باعتبار هل مثل هذا عمل يرضي الله سبحانه وتعالى؟ أعتقد لا أحد يمكن أن يقول لك من العلماء بأن هذا عمل لا يرضي الله: أن تهتف بشعار [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] وأن تجند نفسك لمواجهة أعداء الله لا أحد من العلماء يستطيع أن يقول لك أنه عمل لا يرضي الله. والإنسان المسلم الحقيقي هو مَن همُّه أن يعمل ما يحقق له رضِى الله سبحانه وتعالى.
لكن أن تسـأل: هل يجب علينا؟. هل هنـاك ما يوجب علينا أن نقول كذا؟. قـد يقول لك: لا. وتتقول: ها شفتوا ما بلاّ فلان، هو ذا العالم الفلاني قال ما هو واجب علينا".
هناك من العلماء من لا يتابع الأحداث، هناك من العلماء من يتمسك بقواعد يعتبر نفسه معذوراً أمام الله باعتباره غير متمكن أن يعمل شيئاً، وهناك من العلماء وهم كثير من إذا ما انطلق الناس في أعمال أيدوهم ودعوا لهم. ونحن جربنا هذا، في الماضي كان كثير من علمائنا بما فيهم سيدي إبراهيم الشهاري وسيدي محمد حسين شريف وغيرهم من العلماء رحمة الله عليهم ممن قد ماتوا وممن لا زالوا موجودين كانوا يدعون لنا، ويؤيدونا، ويدعمونا بأموال أيام كنا نتحرك عام 1993م وأيام أعمال (حزب الحق)وهم كانوا يرون أن حركتنا تعتبر حركة ترضي الله سبحانه وتعالى، وأن تأييدهم لأعمالنا يعتبر مما يرفع عنهم العهدة أمام الله، أي أنهم أصبحوا يدعمون عملاً هو أمر بمعروف ونهي عن منكر، وهو عمل لإعلاء كلمة الله، عمل يرضي الله سبحانه وتعالى؛ لأن أي عالم زيدي مرتبط بالقرآن وبأهل البيت عليهم السلام يجد في نفسه كثيراً من الإحراجات الداخلية أنه لا يأمر بمعروف لا ينهى عن منكر لا يجاهد.
هو يعود إلى مسألة أن هناك عذر له أمام الله، هو أن الناس لا يستجيبون، أن الناس لا يقبلون، أن الناس لا يتحركون، فماذا يعمل، إذاً سيبقى في بيته، لكن متى ما رأى من يتحرك ارتاح هو، وانطلق هو لدعم من يتحرك من أجل أن يشارك ولو بتأييده، أن يشارك في عمل يرضي الله سبحانه وتعالى. ويعتبره من الأعمال التي يرى في نفسه حرجاً أنه لا يقوم بها. عندما يقوم بعمل كهذا، أو يؤيد اناساً يعملون أعمالاً كهذه يعتبر نفسه يؤدي ما يريد الله منه.
نحن نريد أن نقول للناس: يمكن أن تسأل عالم أو علماء آخرين: (هل يجب علينا ان نقول كذا؟). قد يقول لك: لا. لكن ارجع إلى القرآن الكريم أو اسأل بطريقة صحيحة: قل : (نحن نريد أن نحارب أمريكا وإسرائيل، نحن نريد أن نواجه أعداء الله، نحن نراهم يتحركون داخل البلاد الإسلامية ووصلوا إلى بلادنا وإلى سواحل بلادنا، نريد أن يكون لنا موقف ضدهم، هل هذا عمل يرضي الله؟). فمَنْ من العلماء يمكن أن يقول لك: ( لا)؟. اسأل على هذا النحو وستجد الإجابة الصحيحة.
أما أن تسأل فتقول (هل يجب ان نرفع شعار كذا،وأن نقاطع البضائع الأمريكية والإسرا ئيلية،أو..أو..؟ ) قد يقال لك: لا يجب. وربما لو تأمل هو، وتفهم القضية أكثـر لأفتـاك بأنه يجب. وخلاصة المسـألة هـو: أننا كمسلمين أن نقـارن بين أنفسنا - وهذا كما قال الإمام علي عليه السلام: ((متى اعترض الريب فيَّ حتى صِرت أُقْرَن بهذه النظائر)) - نحن الآن يجب أن نقارن أنفسنا باليهود، فإذا ما وجدنا أن اليهود هم أكثر اهتماماً بقضاياهم، أكثر اهتماماً بشؤونهم، أكثر اهتماماً بديانتهم فإن هذا سيكشف بأننا أسوأ من اليهود.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(لا عذر للجميع أمام الله)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 21/12/1422ه
اليمن – صعدة.