مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

[عندما تؤدي الصلاة فاعرف] أنك تقف في يومك عدة مرات، في موقف تعرف أنت بأنك تقف أمام الله، أن الصلاة عبادة، مواجهة مع الله سبحانه وتعالى بتجرد عن كل الأشياء من حولي، لا أتحرك كثيراً، لا أتلفت، لا أتكلم، لا أعمل أيّ عمل آخر، أقف في موقف أستشعر فيه أنني أقف بين يدي الله.

أليس هذا تذكير بالله؟ تذكير بالله حتى لا أنساه، ولأن الإنسان بطبيعته، ولأن اتجاهه إلى شؤون الدنيا قد يجعله ينسى؛ جاءت الصلاة متكررة في اليوم والليلة خمس مرات، جاءت متكررة خمس مرات، ومع هذا يبدو أنها لم تنفع فينا، ما يزال النسيان يحصل، بل يحصل أن الإنسان يصلي وهو ناسي، لكن لا بأس ستترك أثراً نوعاً ما.

ثم الإنسان إذا ما حاول هو أن يتفهم قيمة هذه العبادة ستكون مشاعره أثناء الصلاة على شكل أرقى وأعلى مما نحن عليه الآن، وفي نفس الوقت ستترك آثارها في نفسه.

الصلاة في البداية هي: وقوف بين يدي الله، ذِكرٌ لله، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}(طه14) ألم يقل الله لموسى هكذا؟ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} ذكر الله، وأنت تذكره بلسانك، وذكره في مشاعرك، في قلبك، تتذكر الله في نفسك، وتذكر الله. حتى ذكر الله باللسان هو من أجل أن تتذكر الله في نفسك.

الإنسان إذا ما ذكر الله، وكان دائماً متعوداً على أن يذكر الله، يسبّحه، ويكبره، وله أوراد معينة يذكر الله. هذه تساعد على أن يتذكر الله في نفسه، وهذا هو الشيء المهم، تذكُّر الله في نفسي يدفعني إلى ماذا؟ إلى الإلتزام بهديه، وإلى الإبتعاد عما نهاني عنه. فالصلاة في البداية تعطي هذه.

لها إيحاءاتها، لها إشاراتها فيما يتعلق ببقية الأشياء, الإنسان في هذه الدنيا، الإنسان في الدنيا يحتاج، سواء في مجال حياته، في مجال معيشته، أو في مجال هدايته؛ لأن الدنيا ميدان مفتوح، فيها شياطين الإنس، وفيها شياطين الجن، فيها المضلين، فيها الطواغيت، فيها أشياء كثيرة تعترض الإنسان، وتدفعه إلى الضلال، وأنت لا يمكن أن تضع لنفسك برنامجاً تحدد فيه أنك مهتدي، ولا تحتاج إلى الله.

الإنسان يحتاج إلى الله دائماً في أن يهديه؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم تعليم للمؤمنين بأنهم دائماً يدعون الله أن يثبت أقدامهم، وأن لا يزغ قلوبهم، وأن يهديهم، وأن يعلمهم. ألم ترد هذه في القرآن كثيراً: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}(آل عمران8).

عندما أصلي، أذكار الصلاة، أذكار الصلاة نفسها، بدءاً من التكبير، أليس التكبير تعظيماً لله سبحانه وتعالى؟ وشهادة بأنه أكبر من كل ما حولي، ومن كل ما هو سواه، [الله أكبر] الله وحده هو أكبر من كل كبير، فأنا باعتباري عبد لله سبحانه وتعالى أرسخ في نفسي، في مشاعري: أن الله أكبر من كل ما سواه.

كل من في هذه الدنيا، أليس الطواغيت يحاولون أن يجعلوا أنفسهم كباراًً أمامنا؟ أليس أصحاب رؤوس الأموال يحاولون أن يجعلوا أنفسهم كباراً أمامنا؟ لكن أنت إذا ما كنت مرتبطاً بالله سبحانه وتعالى، وتفهم ماذا تعني عندما تقول: [الله أكبر] ستجد كل ما سواه صغيراً، من يرغبك بشيء سوى الله تجد ما يمكن أن يقدمه لك صغيراً، صغير من صغير؛ لأن ما وعدني الله به، وهو الأكبر من كل كبير، فهو بالطبع سيكون أكبر مما سيقدمه لي أي طرف آخر.

ما يهددني به كبير من كبار الدنيا فيجعل نفسه كبيراً، ويهددني، ويتوعدني، هو صغير من صغير أمام الوعيد الشديد الذي توعدني به الله الكبير، الذي هو أكبر. أليست الجنة نعيم أعظم من أي شيء في الدنيا؟ لأنها نعيم من؟ نعيم من أقول فيه أنه أكبر، الله أكبر، نعيمه هو أكبر من كل نعيم، أليست جهنم هي أشد من كل عذاب يمتلكه الجن، والإنس؟ جهنم أوصافها عذاب أرقى وأشد وأفضع من أي عذاب لدى أي إنسان في الدنيا، من طواغيت الدنيا.

من يخوفني من طغاة الدنيا، من جبابرتها، بكبريائه، من هم أهل كبرياء وجبروت، يهددني بعذابه، يتوعدني بشره، أنت صغير أمام من هو أكبر، وأنت مقهور بمن أنا أقول فيه وأصلي له، وأقول فيه أنه أكبر، وكل ما تتوعدني به صغير أمام وعيد الأكبر الذي هو الله سبحانه وتعالى.

 

التكبيرة وحدها تجعل كل شيء سوى الله صغيراً أمامك، هو وترغيبه وترهيبه. نحن لو ننطلق على أساس فهمنا للتكبيرة وحدها لكانت كافية.

أليس الناس عندما لا يتحركون في مواجهة أهل الباطل، في مواجهة أعداء الله، في مواجهة المفسدين، في مواجهة اليهود والنصارى، ما الذي يخيفنا؟ أليس يخيفنا ما لديهم من شر، يخاف الإنسان القتل، يخاف التعذيب، يخاف التعب؟ أليس هذا هو ما يخيف الناس؟ لأننا في واقعنا نرى ما لدى الناس هو أكبر مما لدى الله؛ لأننا عندما نقول: الله أكبر، لسنا صادقين في واقعنا مع هذه الكلمة، لا، بل كل شيء لدى الآخرين، الذين هم صغار، هو عندنا أكبر مما عند الله، فنحن لا نحسب حساب جهنم، ونمشي في طريق هي طريق جهنم؛ من أجل أن لا نقع في هذا الشر الذي لدى الناس في هذه الدنيا!.

يخاف السجن، يخاف التعذيب، يخاف الإضرار بمصالحه، يخاف القتل، أليس هذا هو ما يجعل الناس لا يجاهدون، ما الذي يجعل الناس لا يجاهدون؟ هو هذا: خوفنا من الآخرين وأنهم قد يقتلونه، أو يعذبونه، أو يسجنونه، أو يضرون بمصالحه، يدمرون بيته، وأمواله.

أليس هذا هو الذي يخيف الناس؟ هل هذا مثل جهنم؟ إذاً فلماذا نجد أنفسنا نمشي في طريق هي معصية لله، نقصر، ونفرط، ولا نستجيب لله عندما يقول: جاهدوا في سبيلي، مروا بالمعروف، انهوا عن المنكر، حاربوا المفسدين، حاربوا الظالمين، حاربوا الكافرين.

هل نحن نستجيب؟ لا نستجيب؛ لأننا نخاف مما عند هؤلاء، ونحن نجهل أن ما عند الله هو أشد مما عند هؤلاء، لو سجنِّا في الدنيا، قد يقولون: سجن مؤبد، كم هو هذا الأبد؟ قد يكون إلى أن تموت فقط، قد تموت بعد سنة من دخولك السجن، خليك تبقى في السجن عشرين سنة، أو تبقى في السجن أربعين سنة.

ما هو هذا السجن؟ مكان تشم فيه هواءً بارداً، يمكن أن تشرب فيه ماءً بارداً، تأكل طعاماً سائغاً، لكن جهنم ما هي؟ أليست سجن أبدي، خالدين فيها أبداً؟ والأبد هناك يختلف عن الحكم المؤبد هنا في الدنيا عندما يقولون: حكمت المحكمة بسجنه سجناً مؤبداً.

الأبد عند الله هو: أن مليار سنة لا يساوي ثانية واحدة، ليس هناك نهاية، ألف سنة، مليون سنة، مليار سنة، لا تساوي ثانية واحدة، أبداً يعني: ليس هناك خروج أبداً من جهنم.

في خبر، في رواية بأنه لو كان ما بين السموات والأرض مُلِئ بحبات الخردل، ويخلق الله طائراً يلتقط كل سنة حبة واحدة، ويقال لأهل النار: إنكم ستمكثون فيها حتى تنتهي هذه الحبات لفرحوا! ماذا يعني فرحوا؟ أن هناك نهاية لجهنم.

كم سيتسع هذا المجلس من حبات الخردل؟ كم؟ مليارات يتسع لها هذا المجلس، لفرحوا؛ لأنهم سيعرفون أن هناك نهاية، ولو بعد بلايين، بلايين، بلايين السنين، بعد البلايين يمكن أن يتصور الإنسان عدداً، أن هناك نهاية، ليس هناك نهاية، وأنت في جهنم، نعوذ بالله من جهنم، والإنسان في جهنم، هل هو في سجن كسجون الدنيا؟ {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}(الزمر16) تتحول أنت إلى كتلة من النار {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}(التحريم6) يتحول الإنسان هو إلى كتلة من النار ملتهبة، ثيابه نار، شرابه نار، أكله نار.

أليس الله يقول عن شجرة الزقوم: {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}(الدخان45- 46) شجرة شديدة المرارة، وهي في نفس الوقت نار، يشرب حميماً يقطع أمعاءه، [يتروَّش]، {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ}(الدخان48)،

يذيب جلده، ويقطع أمعاءه، وهكذا، سنة بعد سنة، مائة سنة بعد مائة سنة، ألف سنة بعد مليون سنة بعد مليون سنة، وهكذا إلى ما لا نهاية. أليس هذا هو الشيء الذي يخيف؟.

إنه عذاب من أقول عندما أبدأ أدخل في الصلاة: [الله أكبر]، إن عذابه سيكون أكبر من عذاب أي طرف آخر، {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}(البروج12) بطش شديد لكننا لجهالتنا بالله، ولأننا لا نعي عندما نقول: الله أكبر، ماذا تعني، هو أكبر في ترغيبه، أكبر في ترهيبه، أكبر في رحمته، أكبر في هديه، أكبر في كل شيء.

هنا في الدنيا قد يأتي بعض الناس يدخل في موقف باطل مقابل مصلحة محدودة معينة رغبوه بها، رشِّح فلان، وسنعطيك رتبة عسكرية، أو نعطيك وظيفة، أو مستعد أن أقوم معك في موقفك من فلان، أو أعطيك مبلغ خمسة آلاف، أو.. أو..، من هذه المصالح البسيطة جداً، فيقف موقفاً باطلاً، يبيع دينه بثمن بخس؛ لأنه رأى هذا الشيء القليل هو أكبر من الجنة.

أليست الجنة أكبر نعيم؟ (موضع سوط في الجنة - كما روي في الأثر - أفضل من الدنيا وما فيها) موضع سوط في الجنة، لا، الجنة هذه صغيرة، نحن في الواقع نرى الجنة صغيرة، ونرى النار صغيرة، ونرى الله صغيراً، ونحن بحاجة..الإنسان بحاجة دائماً إلى أن يذكِّر نفسه بأن الله أكبر، بأن إلهه أكبر، فإذا ما رُغّب في الدنيا يتذكر بأن ترغيب إلهه أكبر، إذا ما رُهِّب من قبل طواغيت الدنيا يتذكر بأن ترهيب إلهه أكبر.

 

فجاء التكبير في الصلاة هو أول ذكر تفتتح به الصلاة، وجاء التكبير من الأذكار المشروع للإنسان أن يرددها دائماً: [سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] كم تقول من تكابير داخل الصلاة! تكبيرة الإحرام، تكبيرة الركوع، تكبيرة القيام من الركوع، تكبيرة السجود، الإعتدال، السجود مرة أخرى، كم تكبيرات يقولها الإنسان داخل الصلاة! ثم نصلي عاماً بعد عام، ولا نلمس أثراً للتكبير، لذكر واحد من أذكار الصلاة في نفوسنا! لا نلمس أثراً لهذا الذكر!.

أليست التكبيرة وحدها، لو كنا نعي معناها، لتحول الناس تحولاً كبيراً، لانطلقوا كالصواريخ؛ لأنهم يخافون الأكبر، ويرغبون فيما عند من يقولون أنه أكبر من كل كبير. يخيفنا مدير ناحية يخيفنا محافظ، يخيفنا رئيس، يخيفنا يهودي، يخيفنا أبسط الأشياء؛ لأن كل شيء نراه من هذه الأشياء التي ليست بشيء أمام عذاب الله، هي في الواقع ننظر إليها أكبر من ذلك الوعيد.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

وأقم الصلاة لذكري

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 1423هـ

اليمن-صعدة


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر