مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

درس الثلاثاء

 

تابع...معرفة الله...نعم الله...الدرس الثاني

 

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه

 

  • نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع

 

  • تأملات في نعمة الأمطار و أثرها و أثر إنقطا عها على النفوس

 

  • الحالة الاجتماعية الحالة الاقتصادية على تقبل الهدى

 

  • واجبنا تجاه نعمة الأمطار و إنبات الأشجار و الزروع في الإنفاق إخراج الزكاة

 

  • مع الدرس نسأل الله الهداية

 

 

تأتي المواقف الأخرى التي تعكس مدى ثقتك بالله، أو ضعف ثقتك به، المواقف الصعبة التي تبدو وكأنها صعبة عليك تطلب منك بذل مال، تطلب منك بذل جهد، تطلب منك بذل تعاون معين في مواقف قد تكون صعبة عليك نوعاً ما. فهو يرشدك إليها متى ما كنت عظيم الثقة بالله سبحانه وتعالى ستنطلق فيها. تقول: ما يمكن أن يورطني أبداً، ولا يمكن أن يتخلى عني أبداً.

بل إننا نثق في الدنيا بأشخاص هم كثيري الإحسان إلينا بمجرد أن ينصحني نصيحة، وهو لا يعلم السر في السموات والأرض، وهو أيضاً قد لا يكون معي فيصحبني وأنا أتحرك وفق نصيحته، بل قد لا يستطيع أن يعمل لي شيئاَ في الأخير وأنا أتحرك حتى على نصيحته، ومن منطلق ثقتي به أنطلق على ما وجهني إليه، أليس هذا ما يحصل في الدنيا؟ فكيف لا تكون عظيم الثقة بالله سبحانه وتعالى، وهو من نِعَمُه عظيمة عليك، وهو من يرشدك، ويقول: وأنا معك، وعندما يقول: [وأنا معك] هو من هو العزيز القهار، هو من هو صادق في وعده، هو من هو قادر على أن ينجز ما وعدك به، أليس هذا من يجب أن تكون ثقتك به أعظم من ثقتك بأي شيء في الدنيا حتى أعظم من ثقتك بنفسك.

لخلق الثقة في النفس أشياء كثيرة، كثيرة في القرآن الكريم، منها هذا الجانب، ولهذا قال الله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آل عمران: من الآية122) هكذا. ويقول أنبياؤه: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} (هود: من الآية56). أليس سيصبح الإنسان المؤمن بالله عظيم الثقة بالله؛ لأنه عرف الله على هذا النحو، عرف الله من خلال ما هداه إليه من معرفته في كتبه، وعلى ألسنة أنبيائه.

وليس من يقرؤون تلك الكتب التي تخلق جفاء فيما بينك وبين الله حتى تكون متسائلاً من أين وجب علينا أن نطيعه؟ متسائلاً لماذا أباح ذبح هذا؟ لماذا حصلت هذه الآلام، إذاً يدفع حقها، لازم يدفع عوضاً، وهكذا يبدو الإنسان هناك، ويبدو الله هناك، كما تتعامل مع أبعد الناس عنك تقريباً.

يتحدث عن تسخير العالم بكله للإنسان، لنا نحن كأفراد، أفراد الإنسان، ولماذا سخر؟ هل غصباً عنه؟ لأنه يخافنا، أو من منطلق الرغبة في أن يكثّر في ملكه، ليعتز بنا أو لينتصر بنا على إله آخر؟. لا.

يمكن أن يستغني عنا ببعوض، فعلاَ، يمكن أن يستغني عنا بفيروسات مما لا ترى إلا بمكبرات ألف وأكثر منها، يمكن أن يستغني عنك بهبة ريح. رحمة منه تعالى بنا، كرمه الواسع، حكمته، سخر كل شيء.

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ}(البقرة: من الآية22) ونحن نرى كيف تكون حالتنا متى ما قَلّت الأمطار, تجف النفوس، تغلظ الطباع حتى داخل الأسرة الواحدة، الجيوب نفسها والخزائن تتعطل وتجف، لدرجة أن تصبح زوجتك منتظرة للكلمة القاسية منك متى ما قالت: نحن بحاجة كذا وكذا، تكثر الهموم، تذبل حتى الأبدان تهزل؛ لأنه لا يوجد تغذية، الكماليات، الأشياء الكثيرة من كماليات الحياة التي تبدو في مراحل معينة متى ما كان عند الناس فلوس تبدو وكأنها ضرورية "تصفِّر" عليها واحدة واحدة، ما عدا ذلك الشيء الضروري ويصبح هو نفسه ما زال يشكل عبئاَ كبيراً عليك، متى ما حصل مرض تعتبر مصيبة تحتاج إلى أن تبحث عمن يسلفك فلوساً حق مشوار سيارة، وحق علاج، وحق أشياء من هذه.

تقسو القلوب، بل أحياناً يصل الحال إلى أن يحصل جفاَء فيما بين الناس مع بعضهم بعض فلا أحد يعطف على أحد وكل واحد همه أن يقبض ما تبقى لديه لحاجاته الضرورية ولا همَّ له بالآخرين.

أما عندما تأتي تكلمه في ظروف كهذه عن واجبات أخرى: جهاد في سبيل الله، إنفاق في سبيل الله، وتعظه قد لا يلتفت إليك، ذهنه مشغول بحاجاته الخاصة، فترى كيف يؤثر الجفاف ونقص الأمطار يؤثر عليك في كل شيء حتى فيما يتعلق بأخلاقك ودينك، قد يؤثر حتى فيما يتعلق بكرامتك، قد ينطلق كثير من الأسر يتسوّلون، أليس كذلك؟ قد يصل بك الحال إلى أن ـ وأنت تبحث عن سُلْفَة من الفلوس لحاجاتك الضرورية ـ أن تعطي (مشهد) سند بيع على [جربة] على مكان هو من أعز الأماكن لديك ومن أحسن ممتلكاتك التي ما تزال بحوزتك.. ألم يحصل كهذا؟ حصل كهذا.

 نرى كيف نحتاج أحياناً ويحتاج الناس في كثير من المناطق إلى الماء فيصل قيمة الخزان الماء إلى نحو ثلاثة آلاف ريال وخمسة آلاف ريال، خزان صغير، قد لا يكون فيه أكثر من متر بخمسة آلاف ريال، ثم تبقى ثيابنا متسخة، ونتوضأ لا نسبغ الوضوء، ثيابنا تبدو غير نظيفة، علاقاتنا داخل البيت تتوتر.

ثم انظر عندما يأتي المطر، وكم يبقى المطر؟ أحياناً عشرين دقيقة، خمسة عشر دقيقة، ثلاثين دقيقة، ساعة على الأكثر وترى خلال بضع الساعة هذه على منطقة واسعة كم يترك من الأثر، الناس يتطلعون من السطوح ومن نوافذ المنازل يفرحون بالرعود، وكما قال الله في آية أخرى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} المطر {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (الروم:48).

كيف الاستبشار عندنا، عبارات الاستبشار في بلادنا؟ {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} كل واحد تغير، تغير البرنامج، وتغير حركة الشريط في ذهنه من هموم هم بعد هم وهو يواجه متطلبات الحياة واحدة بعد واحدة {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أصبح يرى بأنه - إنشاء الله - سيحصل لنا ثمر كذا سينتج (القات) أصبح يحسب حساب كم سيربح من (القات) كم ستكون [جَنْوَة البن] كم سيحصل من [الحَبّ] كل بلد على حسب ما عندها من الثمار فسيسدد دينه، وسيشتري - إنشاء الله - سيارة لابنه، وسوف، وسوف.. والأسرة داخل البيت نفوسهم تتحول إلى نفوس طيبة وسليمة وتعامل حسن، والناس كذلك يتحولون في تعاملهم مع بعضهم البعض إلى تعامل بلطف، وينتهي ذلك الجفاء الذي كان سببه الجفاف وكثرة الهموم {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.

ثم تعال حاول أن تنظر إلى ما توفر للناس من خلال هذا المطر الذي أنزله الله في ربع ساعة أو نصف ساعة كم سيطلع؟ ملايين، عندما يأتي مطر على منطقة مثل هذه المنطقة وفيها قات كثير، وكل واحد انطلق يقطف فيكون الناتج أن فلاناً باع بمائة ألف، وآخر بمائتين ألف، وآخر بخمسين ألف فلان كذا كذا.. تعال اجمع كم سيبيع أصحاب تلك المزارع؟ ستكون ملايين، ملايين تطلع، من ساعة واحدة أو من نصف ساعة من المطر الذي أنزله الله من السماء، أليست هذه نعمة كبيرة؟.

لو أتى شخص ودخل السوق ومعه كيس من الورق فيه خمسمائة ألف، وفي حالة شدة الناس فيها، وبدأ يوزع الفلوس وينثرها فوق رؤوسهم، سيعتبرون هذا إنساناً كريماً، إنساناً عظيماً، فيكون نصيب هذا مائتين ريال وهذا ثلاثمائة ريال وهذا خطف له خمسمائة ريال، وهذا [مَزّق] مائة وهو والآخر متجاذبان لها، سنعتبره إنسانا كريما.

الله سبحانه وتعالى هو الذي أنزل المطر في ساعة واحدة حصلنا من خلال نعمة من نعمه العظيمة التي أنزلها علينا على ملايين، ثم ترى كثيراً من الناس لا يتذكر هذه النعمة ولا يقدِّرها، متى ما جمع فلوسا ورجع للقرآن الذي قال: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} هو يخاطبك فافهم يقول لك ذلك عندما تكون الفلوس في [الشمطة] ارجع إلى الآية{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} لماذا - الآن – أصبحت تْقَلِّبْ وَجْهك؟! ألم تكن هنا تستبشر، والآن يقول لك: هات، أنفق في سبيلي، هات قرضة {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} (البقرة: من الآية245) أخرج الزكاة، فتراه يتثاقل ويقلب وجهه، ولم يعد يريد أن يحضر مجلس إرشاد أو يسمع [شريط] يتحدث عن هذه الأشياء.

ألم يتغير وجهه الذي كان مستبشراً عندما نزل المطر؟ هو يرى بأنه جاءه هذا من قبل الله سبحانه وتعالى ولم يقل بأنه هو الذي أنزل المطر.. وأنا الذي نصبت سلماً إلى السماء درجاته حوالي ستة آلاف درجة فصعدت فثقبت السحابة بـ"الماصورة" وخرج لي ماء فأين قيمة السُلَّم؟ وأين حق كذا، هل الناس يعملون هكذا؟ حتى يقول الواحد لن أعطي شيئاً. أعط القليل في سبيل من أعطاك هذا الكثير وهو نفسه سيرجع إليك.

لاحظ كرم الله ورحمة الله ينـزل من السماء ماء فتستبشر وترى جيوبك تمتلئ بالأموال و"شمطتك" وبيتك فيه مصاريف ثم يقول لك: أنفق في سبيله وما ستنفقه هو سيخلفه عليك، ولكن لم نعد نثق بالله، ومن أين هذا الذي في يدك إلا منه، ثم ما ستنفقه في سبيله هو سيعود على مصلحتك أنت, وعلى مصلحة العباد الذين مصلحتك جزء من مصلحتهم، ثم على الرغم من هذا يضاعف لك الأجر العظيم {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} (البقرة: من الآية261) رحمة واسعة يعطينا شيئاً بسهولة ويطلب منا أقل قليل ويعدنا بأنه سيخلف علينا أكثر مما سنعطي ويعدنا بأنه سيعطينا الأجر العظيم عليه ويعدنا بأن ما أنفقناه في سبيله هو أيضاً في مصلحتنا نحن، أليست هذه من مظاهر رحمته الواسعة؟ إنه في الواقع حتى ولو لم يعط حسنة واحدة لكان الإنسان يحكم من باب المروءة والمعروف بأنه يجب عليه أن يعطي أكثر مما سأله إلهه في مجال طلب منه أن ينفق فيه، لو لم يعط بعدها ولا حسنة واحدة وحتى ولو لم يخلف بشيء، أما هو فقد وعد بأنه سيخلف عليك أكثر مما أعطيته.

ثم يكتب لك أجراً مضاعفاً على ما أعطيت، أليس هذا تفضلاً؟ أليس هذا كرماً؟ عندما نتأمل فعلاً الإنسان يخجل أمام الله لو تتأمل هذه الآيات بصدق، وتعرض من خلال حياتك الأزمات التي تمر بها عندما تقِلُّ الأمطار ثم تعرف من خلال هذه الآيات عظم نعمة الله عليك وعلى كثير من أمثالك من الناس كيف ستندفع إلى الخشية منه والحياء منه والتعظيم له والإجلال له والحب له.. ولكن كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: من الآية34) ظلوم لا يقابل الإحسان بالإحسان، كفار لا يشكر نعمة ولا يقدر نعمة تأتيه من إلهه.

{فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ} أي ولقد كانوا {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} (الروم:48 - 49) كانوا من قبل يائسين واجمين قلقين تصل الحال أحياناً إلى أن يعتقد الناس أنه ربما لن ينـزل مطر فقد يبست حتى [عروق الزِيَل] و(القات) و(البُن) قد تساقطت أوراقه، فأحياناً في اليوم نفسه وفي ساعة من آخر ساعات ذلك اليوم يأتي مطر غزير في لحظة واحدة {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} متحسرين ما زالوا متحسرين متضجرين ويائسين.

{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الروم:50) وهكذا يأتي الحديث عن نعمه، هداية للإنسان في أكثر من مجال بما فيها إظهار أن من يقدر على أن يحيي الأرض بعد موتها بقطرات الماء هو نفسه من يقدر على إحياء الإنسان بعد موته فتأتي هذه من الدلائل على إمكان البعث والحياة بعد الموت.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

(معرفة الله – نعم الله - الدرس الثاني)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

 

بتاريخ 6 من ذي القعدة 1422 هـ الموافق:19/ 1/2002م

اليمن – صعدة.

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر