مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة:45) هذا الكلام مبني على قوله أولاً: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ} (البقرة: من الآية41) آمنوا، كونوا على هذا النحو، واستعينوا بالصبر والصلاة على أن تتقبلوا النقلة هذه، وهي نقلة بسيطة في الواقع لكن كانت الإشكالية لدى بني إسرائيل إشكالية ثقافية: إنزواء في ثقافتهم على أنفسهم لدرجة أن الله يحكي عنهم أن عندهم بأنه لا يمكن أن أمة من الأمم الأخرى أن تعطى فضلاً من الله ورحمة وأنهم هم الفئة الوحيدة التي لا يصلح للدين إلا هم، حتى على ما هم عليه، أنه لا يوجد أمة غيرهم يمكن أن تنهض بدين ولا أن تتحمل مسئولية ولا أن يكون فيها نبوة أبداً إلا هم.


هناك ثقافة إنزوائية على النفس وتضخيم لوضعيتهم ولمقامهم وأشياء من هذه، فكان مجرد الحادثة هذه: أن يأتي نبي من غير بني إسرائيل في حد ذاتها تشكل لديهم قضية كبيرة، وإلا فالمسألة في واقعها هم يعرفون الكتاب أنه من عند الله وأن هذا نبي من عند الله والإيمان به هو إيمان بما هو مصدق لما معهم، ليست قضية كبيرة في واقعها، تحتاج إلى خشوع إلى استسلام إلى تسليم لله سبحانه وتعالى، ولهذا قال: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} أي: النقلة هذه، وقد تكون الصلاة كما يقول البعض في حد ذاتها، لكن لا أعتقد أنه يقال عن الصلاة نفسها بأنها كبيرة إلا على الخاشعين؛ لأننا نصلي خاشعين وغير خاشعين، أليس الناس يصلون؟ الحالة النقلة هذه هي كبيرة لمن ينطلق معها من واقع خلفيته الثقافية التي جعلته على هذا النحو، لكن إذا هو مؤمن بأصل القضية: أنه يجب أن تكون عبداً لله ومسلِّم لله سبحانه فهذه هي سهلة.

{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:45ـ46) هذه القضية التي تنسف كل الاعتبارات الشخصية وكل الأشياء الخاصة والشخصية لدى الإنسان {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ} أي استشعار دائم ليس معناه أن يظنون مقابل يعلمون علماً يجعلهم في حالة وكأنه مترصد متى، متى يلقاه، ذهنيته حية، ذهنية تستشعر دائماً موضوع لقاء الله، ليس معنى يظنون مقابل يعلمون {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} يستشعرون أنهم ملاقوا ربهم {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.
{
يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} (البقرة: من الآية40) عندما نرجع إلى قضية منهج نحن قلنا: نستوحي منهجية في عملنا من خلال القرآن الكريم من خلال أسلوبه من خلال ترتيبه للقضايا تعطي منهجية للناس، عندما يعملون عندما يتحركون، هنا يقدم القضية تبيينا متكاملا، تبسيطا للمسألة، أليس هذا موجوداً؟ عندما تقول للناس: نحن عندما نتجه على الطريقة هذه لاحظ المسألة هي سهلة في الواقع، أعني: ليست القضية أنه عندما نتحرك في هذا الطريق فقط تحصل المصائب والمشاكل والعناء والخوف ... لا. هذه هي تحصل عند الآخرين وستحصل عندنا، ولو كنا على طريق أخرى ليس معناه سنكون في وضعية صحيحة وسالمين ولا يحصل علينا أي شيء يخيفنا ولا أي شيء يقهرنا ولا أي شيء يتعبنا وإنما فقط عندما نتحرك في سبيل الله، بل العكس هو الصحيح، أن من لا يتحركون في سبيل الله هم يعانون أكثر، قد تكون المصائب عليهم أكبر وتكون وضعيتهم تقريباً إلى ما لا نهاية في السوء.

بينما من يسيرون في سبيل الله لو عانوا مرحلة معينة وصبروا هي القضية التي في نصوص القرآن الكثيرة تتكرر كسنة إلهية متى ما صبروا هو الصبر الذي يأتي بعده فرج هو العناء الذي يأتي معه تأييد، تأييد نفسي تجعلك تتحمل، بينما في الحالة الأخرى في حالة أن يكون السوء وأنت قاعد ومتخلف يكون للشيء وقعه الكبير على نفسك، تكون منهاراً معنوياً فتكون المصائب لها وقعها الكبير على نفسك، أعني: لو استوت مصيبتي ومصيبتك أنا متحرك وأنت قاعد لو استوت في شكليتها فالفارق الكبير في وقعها علي وعليك، هذه القضية كبيرة؛ ولهذا قال الله: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} (النساء: من الآية104).


عندما تكون أنت ترجوا من الله مالا يرجوه الطرف الآخر معنى هذا ماذا؟ يزيدك هذا، يجعلك تتحمل القضية فلا يكون للمصيبة وقع عليك، أو للشيء الذي يعتبر مخيفا وقع على نفسك كما لو وقع على الآخر، إذاً القضية أشد نكاية فيه وأشد وقعا عليه سيكون عذاباً شديداً. هذه قضية، التبسيط للمسألة ونحن بحاجة إلى هذه أعني: قضية مؤكدة في عمل الناس لا تقدم الدين حملا للناس حملا ومتاعب [والجنة حفت بالمكاره! والمؤمن يصب عليه البلاء صباً! ولازم نصبر ولازم كذا...] هذا غير صحيح.

ذكر الناس بأنه يأتي حتى لو لم نتحرك سيأتي لنا أشد مما نحن فيه، أفضل أن يكون العناء في سبيل الله [إذا قد أنت من مات يوم السبت فيوم الجمعة أفضل] مثلما يقولون، أليسوا يقولون هكذا؟ فهذا أسلوب هام جداً وطريقة ضرورية جداً؛ لأنك تجعل الإنسان هو ينطلق، عندما يقال لك أن تعطي مقارنات للناس تجعل القضية مبسطة لديهم وتصبح بسيطة عندما ترى بأنه فعلاً هي مصائب هنا أو هنا، لكنها هنا هي أفضل؛ لأنه يأتي بعدها فرج وأجر كبير من الله أو الشهادة لو حصلت المسألة وأدت إلى أن يقتل، بينما هنا في الطريق الآخر سيكون بدون مقابل، أليس سيعتبر هذا أفضل وأبسط وأسهل؟

لكن أحياناً نأتي نتحدث في اتجاه واحد فقط: [يجب علينا أن نصبر ولو عانى الإنسان في سبيل ذلك فهو يعاني في سبيل الله ... !] ونكون في نفس الوقت نقدم القضية أمام الناس بأنه سيلاقي مصائب وعقبات ويتصور بأنه لو كان قاعداً وليس هناك عمل في سبيل الله لما حصلت الأشياء هذه، وفي الأخير يقدم الدين للناس والعمل في سبيل الله للناس وكأنه أحمال ثقيلة هنا يقول: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: من الآية41) عبارة ما ينبغي أن تكونوا كذا ... كذا ... هي قضية تعطيك أيضاً أسلوباً مع الآخرين.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم


[الدرس الرابع من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 4 رمضان 1424هـ
الموافق:28/ 10/2003م
اليمن ـ صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر