
عندما لم يتمكنوا من منع الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- من الاستمرار في تبليغ رسالة الله وفي حركته بهذه الرسالة، حاولوا أن يؤثروا عليه وأن يقنعوه بالتكيُّف معهم قدر الإمكان، وأن يداهنهم، عندما عجزوا عن منعه بالكامل، عن منعه بشكلٍ نهائي، حاولوا أن يتحركوا على أساسٍ من الاحتواء لهذه الحركة التي ينهض بها رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- فتفاوضوا معه، وحاولوا أن يتعاملوا معه بالترغيب وبالترهيب، وقدَّموا له إغراءات كبيرة، إلى حد استعدادهم أن يُملِّكوه عليهم، إلى حد استعدادهم أن يمكِّنوه من الثروة الاقتصادية التي بأيديهم، عرضوا له المنصب في أعلى مستوى (أن يكون ملكاً عليهم)، وعرضوا له المال بحيث يوفرون له من الثروة ما يكون به أغناهم وأكثرهم ثروة، وعرضوا عليه العروض الكثيرة، ولكنهم فشلوا في ذلك؛ لأن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- كان هو يحمل هذه الرسالة في كل مضامينها، ويحمل من هذه الرسالة روحها وتربيتها وأثرها العظيم في نفسه: زكاءً، واستقامةً، وإخلاصاً، وصدقاً، وأمانةً، يحمل من هذه الرسالة قيمها وأخلاقها ومبادءها، وليس فقط فكرتها؛ إنما مع الفكرة الروحية والقيم والمبادئ والأخلاق، يؤمن بها هو، ولذلك لم يتأثر بكل الضغوط، لا الإغراءات ولا الترهيب.
اقراء المزيد