
قدّمت كتب السّير, والحديث, والتّاريخ شخصيّة الرّسول بشكل ناقص, بل في معظمها قدّمته بشكل مغلوط, ومسيئ جداً, بخلاف ما كان عليه في الواقع, وبخلاف ما قدّمه به القرآن الكريم, وكانت اهتمامات بعض كتّاب السّير, والتاريخ ناقصة جدّاً في التّعاطي الموضوعي, والتّربويّ مع شخصيّة الرّسول, لأنّها لم تكن من منطلقات المنهجيّة القرآنيّة, فبعضها غلب عليها الطّابع المذهبيّ, وبعضها الطّابع السّياسيّ, والبعض الآخر كتب بخلفيّة تاريخيّة, وكتابيّة, ورقميّة بحتة, حيث يؤكّد السّيد على أنّ الطريقة, والمنهجيّة الصحيحة لمعرفة شخصيّة الرّسول هي الطريقة الّتي تقوم على الدّراسة والتّحليل, لأنّ هذه الطريقة هي الّتي تعطي للتّاريخ, وللسّيرة الأثر والفاعلية في النّفوس والواقع, ويستفاد منها الدروس والعبر الكثيرة, ويستفاد منها في التّقييم, والتّخطيط أيضاً, وهذه هي الطريقة, والمنهجيّة القرآنيّة, يقول السيد: (إذاً فهنا تعرف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد تكون في كتب السير تاريخاً يعرض فقط أحداثاً معينة مؤرخة ونكتب فيها أرقاماً معينة, لكن التحليل لشخصيته قضية ثانية، التحليل لمنطلقاته في عمله في تكتيكه العسكري في اختياره للقادة في اختياره للموقع وأشياء من هذه لا تتناولها معظم السير فعلاً، وهي قضية هامة، أي ليس المطلوب فقط من السير أو من التاريخ أن نعرف متى وقعت الغزوة الفلانية وكم كان عدد المسلمين وكم كان عدد الكافرين وانتهى الموضوع، المطلوب أن نعرف كيف كان - بطريقة تحليلية - كيف كان تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف كان تخطيطه كيف كانت مشاعره كيف كان تقييمه كيف كانت الوضعية بشكل عام، وضعية جانب المسلمين ووضعية الآخرين الكافرين الوضعية بشكل عام، وضعية العالم في ذلك الزمن بشكل عام حتى يكون التاريخ له أثر في النفوس ويعطي دروساً مهمة ويعطي عبرة وتعرف من خلاله النفسيات).
اقراء المزيد