المتأمل في حياة البشر يجدهم على صورة واحدة متفقين في الشكل والمظهر، ولكنه يجدهم مختلفين في الطباع والنفوس والأفعال، فهم على صفات شتى وطرائق متباينة فبعضهم يكاد يقرب من الملائكة خلقاً وصفاءً والبعض الآخر تتجسد فيهم صفات السباع المتوحشة بل أشد (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) هذا التباين الذي سجله القرآن الكريم في أكثر من سورة يقول جل وعلا مقسماً ومؤكداً (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى، إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أي مختلف ويقول سبحانه (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) فهناك من سيبقى في أحسن تقويم، وهناك من سيرد إلى أسفل سافلين، وهناك الأتقى الذي كانت حياته عطاءً وزكاءً، وهناك الأشقى الذي آثر الحياة الدنيا فبخل واستغنى.
اقراء المزيد