مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

لا يزال الكلام هو حول موضوع الآيات التي تحدثنا حولها من خلال اليومين الماضيين، الآيات من [سورة المائدة].
وكنت أريد اليوم أن يكون بداية الحديث عن كيف نتولى الله، وكيف نتولى رسوله, وكيف نتولى علياً (عليه السلام). كيف نكون من أولياء الله. ومن أولياء رسوله ومن أولياء وصي رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وسنبدأ بالحديث عنها إلا أنه ظهر أنه من المناسب أن نتحدث عن نقطة واحدة لها علاقة بما نتحدث عنه حول قضية أبي بكر وعمر باعتبارها قضية ذات صلة كبيرة بولاية الإمام علي (عليه السلام).
ونحن - كما قلنا أكثر من مرة - في مرحلة يجب أن نناقش فيها كل شيء، وأن نقف على الحقائق.
نحن الزيدية سكتنا قروناً, وليس فقط أجيالاً، وكان متأخرون من الزيدية يرون بأنه من الممكن التوقف والسكوت حول قضية أبي بكر وعمر، من أجل الحافظ على التوحد مع الآخرين، ومراعاة مشاعر الآخرين.
وكانت هذه فكرة جيدة لو كان هناك من يقدرها، وكان بالإمكان أن نلتزم بها لو كان الآخرون يقدرونها أيضاً، لكن ما الذي حصل؟ سكتنا قروناً، مئات السنين.. وكان السكوت عن هذه القضية ليس على أساس إقرار بشرعية خلافتهما، ولا من منطلق التعامل باحترام وتعظيم لهما، وإنما من أجل تهيئة الأجواء لوحدة المسلمين مع بعض، واحترام لمشاعر الآخرين من السنيّة، سواء من كانوا في اليمن أو خارج اليمن.. كنا نسكت مع اعتقاد أنهما - أي الشيخين أبا بكر وعمر - مخطئون عاصون ضالون، كما قال الإمام عبد الله بن حمزة قال: [نعتقد أنهم أخطئوا وعصوا وضلوا في ما وقع منهم بعد موت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).] بهذا المنطق قال الإمام عبد الله بن حمزة.
ما الذي حصل؟ لما سكتنا عنهم كمخطئين قُدِّمُوا لنا من قبل الآخرين - الذين لم يبادلونا الشعور الجيد ويقدروا لنا أننا سكتنا من منطلق احترام مشاعرهم وحفاظاً، أو تهيئة أجواء، إن كان هناك أي فرصة للتوحد معهم - انطلقوا هم ليقدموهم لنا ولأبنائنا كخلفاء، ويقدموهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، سكتنا عنهم كأسماء: أبي بكر وعمر فتحركوا هم عندما تغير الزمن وعندما أصبحت الدولة لهم يقدموهم لنا بأسماء كبيرة: [الصديق والفاروق]، سكتنا عنهم, سكتنا عن أبي بكر وعمر فأصبحوا يقدمون لنا معاوية ويزيد أيضاً!.
مناهجنا الدراسية، ما يقال على المنابر، ما يقال في المعاهد، ما يقال في المدارس، ما يقدم في كل هذه المراكز العلمية والدينية والثقافية، داخل البلاد الزيدية هو كله عمل يعلّم أبناء أولئك الذين سكتوا جيلاً بعد جيل يعلمون أبناءهم كيف أن أبا بكر وعمر [خلفاء وصديق وفاروق]، بل تفضلوا نقدم لكم أشخاص آخرين: عائشة ومعاوية ويزيد وعمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري والمغيرة ابن شعبة, وهكذا.. لم يراعوا مشاعرنا, لم ينطلقوا هم ليتعاملوا معنا - في الوقت الذي أصبحت الدولة لهم - كما تعاملنا في الماضي من منطلق الحفاظ على الوحدة, أو تهيئة الأجواء للتوحد معهم.
الشيعة في تاريخهم الطويل كانوا هم أكثر الطوائف حرصاً على تهيئة الأجواء للتوحد مع الآخرين، ولكن الآخرين لم يكن لديهم ذرة من حرص على أن يتوحدوا مع الشيعة، أو يلتفتوا إلى الشيعة، أو يحملوا ذرة احترام للشيعة.
وفي هذا أذكر كلمة لمحمد جواد مغنية - أحد علماء الشيعة الاثنا عشرية - قال: إنه يكفي الشيعة, يكفيهم مئات السنين دليل على أنه ليس بالإمكان التوحد مع الآخرين، مهما انفتحنا نحن، مهما فتحنا قلوبنا، مهما عدّلنا منطقنا، مهما سكتنا عن ذا أو ذك, أو هذه المسألة أو تلك، هم هم لن يقدروا لنا أي شيء من ذلك.
يوم كان أئمة الزيدية هم الذين يحكمون اليمن كانوا لا يفرضون على المناطق الشافعية، على المناطق السنيّة في اليمن لا يفرضون عليهم مؤذناً، ولا خطيباً، ولا إمام جامع، ولا قاضياً، ولا مفتياً، كانوا يجعلون القاضي من الشافعية، مفتي للشافعية من الشافعية، حتى وإن كان زيدياً يفتي بمذهب الشافعي للشافعيين، يؤذن في بلدانهم بأذانهم، يصلون بصلاتهم، لا يتعرضون لهم.
وما الذي حصل عندما تغير الوضع؟ يعملون على ما سماه أحدهم بـ[فتوحات], سماه أحدهم فعلاً فتوحات عندما سمع التأمين أصبح يَرِنّ في مساجد صنعاء وصعدة وغيرها، قال: هذا يعتبر فتحاً. التأمين في الصلاة لم يراعوا مشاعرنا وهم في مساجدنا، في بلداننا.
نحن سكتنا عن قضايا كبيرة، حساسة لديكم من أجل مشاعركم، فكيف أصبحتم أنتم ترون قضية ليست إلا مندوبة عندكم أنتم، التأمين, فتزحفون به زحفاً في المساجد، وتعتبرونه زحف فتوحات.
سكتنا عن أبي بكر وعمر فلم تسكتوا عن التأمين.. سكتنا عن الإمامة فلم تبادلونا بالسكوت عن شيء واحد وإن كان من المندوبات أو الهيئات التي ليست واجبة لديكم.
هل هذه الأطراف يمكن أن يتوحدوا معنا, أو نلتف نحن معهم تحت راية واحدة وهم على ما هم عليه؟. لا.. سكتنا عنهم فلم يسكتوا عن أئمتنا، ولا عن علمائنا، ولا حتى عن الإمام علي (عليه السلام).
إذاً فالمسألة أي شخص يتوهَّم بأن بالإمكان أن يُعدَّل منطق من هذا النوع، ونتحدث بلين عن القضايا هذه مراعاة للآخرين نقول: لا, هم أثبتوا هم في تاريخهم الطويل أنهم ليسوا مستعدين إطلاقاً أن يقدروا أي شيء لنا، أي شيء يصدر منا مهما كان عظيماً، مهما كان كبيراً، مهما كان دليلاً على حرص من قِبَلِنا على توحد أو مراعاة شعور.
ومن يدري أنها قد تكون غلطة من المتأخرين من الزيدية أن ينطلقوا على هذا النحو، ولم ينطلقوا على ما كان عليه الأئمة القدامى من أهل البيت (عليهم السلام)، من أمثال الإمام الهادي، وعبد الله بن حمزة وغيرهما من الأئمة الذين عرفوا الواقع، عرفوا أولئك، عرفوا تثقيفهم من أين، عرفوا بأنه لا يمكن أن يلتئموا معهم، مع أن دعوتهم كانت دعوة توحد، ودعوة لتوحيد الأمة، ومراعاة لمشاعر الأمة، واحترام لأي طائفة يحكم فيها أحد من أئمة أهل البيت لا تُظلم، لا تُهْظَم، لا يتعدى على حقها الفكري والثقافي، حتى اليهود أنفسهم وهم ذمّيون حظوا بالأمن في ظل دولة أهل البيت، وهم من هم في خبثهم، وعرف أهل البيت كيف يتعاملون معهم بالشكل الذي يحفظ لهم حقوقهم، ويبعد المجتمع الإسلامي عن التأثر السيئ بهم، هم فيما هم عليه، ونحن في ما نحن عليه.
موقفهم يشهد بأنه ليس بالإمكان أن نقول - على نحو مما تساءلنا بالأمس عنه - بأن بالإمكان علي وأبو بكر وعمر وعثمان والكل نتولاهم، وسنلتقي هنا تحت هذا العنوان، هذا لا يحصل. هم أثبتوا بأننا لو انطلقنا نحن نتول أبا بكر وعمر وعثمان وآخرين إضافة إلى علي لن يرضوا بهذا منا، لازم ننزل علي ونخليه رقم أربعة, لازم أن ننزل سيدة نساء العالمين، ونطلّع عائشة التي يسمونها الصديقة بنت الصديق، ننزل سيدة نساء العالمين بنت سيد المرسلين ونطلع عائشة بنت أبي بكر الصديقة بنت الصديق, لازم.!!
لا يقبلونك إطلاقاً ولا يتوحدون معك ولو كان على يديك سيتم فتح القدس، ما لم تُنَزّل هذا وتطلع هذا، هم أثبتوا هم - وكما قلنا لبعض زملائنا - بأنه ليس بالإمكان أن يبادلونا نفس الشعور، وإلا كان بالإمكان أن نسكت لو أن القضية كان سيكون لها ثمرة، ولو من باب التجربة لنعرف هل أن بالإمكان أن نقدم شيئاً بديلاً عما قدمه القرآن الكريم، وأن نقدم أنفسنا كمتسامحين بديلاً عن حَدِّية القرآن وصرامته، ولو كان على سبيل التجربة، وقد جربت الزيدية فعلاً، وجربوا وليس فقط عشر سنين بل مئات السنين جربوا وسكتوا.
والآن ماذا جنينا نحن من السكوت؟. نقول - لأولئك من أسلافنا الذين سكتوا - هاهم من سكتم مراعاة لشعورهم، هم يجرعون أبناءكم, أبناء أبنائكم جرعات مركزة من الولاء الخاص لأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبه بل ومعاوية، هاهم يعملون على طمس فضل الإمام علي (عليه السلام) وفضل أهل البيت بل هاهم يتجاوزون على رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فماذا جنينا نحن؟.
وكما قلت أكثر من مرة أن ألف وأربع مائة سنة فيها عبرة كافية، وفيها دروس كثيرة جداً لكل شيء والواقع هذا شهد كل شيء، وحقائق تجلت على طول القرون الماضية وفي هذا العصر بالذات بشكل يساعد جداً على كشف الحل، أو البحث عن الحل الإسلامي الصحيح لمشاكل المسلمين، وهم من يقولون بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، قال: ((لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)). صلح أول هذه الأمة على يد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وبالقرآن الكريم.. أو كان ما قُدم لإصلاحها وإن لم تصل إلى الدرجة المطلوبة فعلاً، ما قُدم لصلاحها هو ماذا؟ هو القرآن الكريم والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، فلنرجع إلى القرآن الكريم، وإلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وما نبحثه، وما نتحدث عنه إنما هو في إطار أن نعود إلى القرآن الكريم وإلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا العصر الذي بدا أننا بأمس الحاجة إلى العودة إليهما، وحتى يكون لدينا ولاء للإمام علي (عليه السلام)، وحتى لا يبقى لدينا ذرة من ولاء للآخرين الذين ضربوا هذه الأمة.
هذه الأمة - في الواقع لو تفهمون أنتم - أو هذا العالم بكله هو عالم أبي بكر وعمر.. تعرفون ماذا تعني هذه العبارة: [هذا العالم بكله هو عالم أبي بكر وعمر]. لو أن علي هو الذي تولى أمر المسلمين من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، لقدم هذا العالم على نحو آخر، على نحو آخر.
لم يكن تأثيرهم فقط هو داخل المنطقة العربية أو داخل العرب فقط؛ لأن العرب كانوا هم من قد أهِّلوا بالقرآن وبالرسول لأن يحملوا لواء الإسلام للأرض كلها, للعالم كله، فما حصل من تقصير داخلهم وما حصل من خلل كبير داخلهم هو نفسه الذي نتج عنه هذا الخلل في العالم كله.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية110) ما كانت هذه هي المسئولية التي أنيطت بهم؟ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} للعالم، من الذي وقّف هذا الظهور, وهذا الإخراج؟ من الذي مسخ صورة هذا العالم؟ إنهما الشيخان: أبو بكر وعمر، وعمر بالذّات عمر بالذات هو مهندس هذا العمل.. فالعالم الذي نحن فيه الآن، وجه العالم الآن هو وجه أبي بكر وعمر فعلاً ليس عالم محمد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ليس عالم الإسلام، ليس عالم علي.
من أجل أن نفهم هذا كله نعود إلى التحدث عن قضية نحن نقول: بأنه لا يمكن أن تصل الأمة إلى حل إلا بعد تحديد موقفها وتصحيح نظرتها ابتداء من مفترق الطرق من هناك من عصر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ومن بعد وفاته، هناك بداية مفترق الطرق.
أليست الطريقة الصحيحة أنك عندما تخطئ وأنت تتجول في شوارع مدينة لا تعرفها أن تحاول أن ترجع, ترجع إلى نقطة الصح, إلى حيث أنت تتذكر المكان الذي هو صواب لديك، وتعرفه، ثم تتحرك من جديد باتجاه تكون واثقاً بأنه يؤدي بك إلى المكان الذي تريده، أما أن تتخبط بعدما قد نزلت من مفترق الطرق وأنت تغلط فربما لا تجد حلاً، إلا بأن ترجع من الشارع الذي غلطت فيه، ارجع ارجع إلى نقطة الصواب ثم تحرك بشكل صحيح من هناك.

للإطــلاع على الملـزمـة بشـكل كـامـل
                          شـاهـد المـرفقات....


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر