نرى المعالم الأساسية الإيمانية بارزةً في واقع السيد حسين، وفي حياته، وفي سلوكه، وفي مواقفه، وفي مقدمتها الخوف من الله سبحانه وتعالى، فقد كان على درجة عظيمة وعاليةٍ من الخوف من الله سبحانه وتعالى، شأنه شأن المؤمنين الصادقين في إيمانهم، الذين نهجوا نهج الأنبياء والمرسلين واقتبسوا من روحيتهم، كان على درجة عالية من الخوف من الله سبحانه وتعالى لدرجة أنه لم يعد يخشى إلا الله، ولم يعد يخاف من أحد، ولا يبالي أبدًا بسطوة الظالمين، والجائرين، والمستكبرين، ولا بجبروتهم، ولا بطغيانهم، ولا بهمجيتهم، ولا بإجرامهم، ولا بكل ما يمتلكون من وسائل الظلم والقهر والجبروت، ومن آلة الدمار والتعذيب، لم يعد يكترث بهم، ولم يبالِ بهم، ولم يخفْ منهم، وكان خوفه العظيم هو من الله سبحانه وتعالى.
تجلَّى أثر ذلك حتى في مواقفه، في المرحلة التي تحرك فيها ولو نستذكر جميعًا الظرف والواقع الذي بدأ فيه تحركه الواسع بهذا المشروع القرآني العظيم، وموقفه المناهض والمعادي للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على الأمة، لو نستذكر تلك المرحلة وكيف كانت هيبة الطواغيت لعرفنا بجلاء عظم ما كان يحمله السيد حسين من قوة الإيمان وعزة الإسلام.
فالتحرك العالمي تحت قيادة أمريكا ولمصلحة إسرائيل، وما واكبه من إذعانٍ، وخضوعٍ، واستسلامٍ مطلق في واقع الأمة إلا القليل القليل، والمخاوف الكبرى التي أثَّرَت في نفوس الكثير من الناس، على مستوى الشعوب وحتى على مستوى النخب داخل تلك الشعوب، بل كانت الحالة العامة هي حالة الصمت، وحالة السكوت، وحالة الخضوع، وحالة الخوف، وحالة الرهبة والشعور بالعجز، كانت حالة الاستسلام هي الحالة الغالبة على معظم أبناء الأمة إلا القليل القليل.
أمام كل ذلك الطغيان والهجمة العالمية بكل إمكانياتها، وبكل عتادها، وبكل قوتها، وبكل هيبتها، وبآلتها الإعلامية التي ضَخَّمَت أيضًا من حجمها وزادت من هيبتها، كان السيد حسين في تلك المرحلة، أبيًّا، عزيزًا، صامدًا، ثابتًا، لم يخش أحدًا غير الله، ولم تأخذه في الله لومة لائم.
وهذه الحالة هي من الحالات التي تدل دلالةً واضحةً على الإيمان الصادق، التحرك في الظروف التي يُؤْثِرُ الآخرون فيها القعود وعدم التكلم والصدع بالحق، في المرحلة التي يُؤْثر فيها الكثير من الناس الصمت، ويرون فيه سلامةً، ويرون فيه حفاظا على أنفسهم، أو على حياتهم، أو على مصالحهم، أو على وجودهم، التحرك في الظروف الحساسة والخطرة، والمهمة والحرجة، يدلل بحقٍّ على مصداقية الإيمان، وعلى حقيقة الإيمان.
من خطاب السيد : عبد الملك بدر الدين الحوثي.
في الذّكْرَى السّنَويّة لِلشَهِيد ذكرى 1434هـ