مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

مناسب أن نقرأ الآيات من أولها عندما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (آل عمران100) أليست هذه واحدة؟ أي أنكم في حالة مواجهة مع أعداء هم أهل الكتاب، وأعداء يعملون بكل جد واجتهاد على أن يطوعوكم، حتى تكفروا طوعاً، تكفرون طوعاً، من حيث تشعرون أو لا تشعرون.

{يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} أليس هذا إنذار عن خطورة بالغة يمكن أن يصل إليها المؤمن، أن يرتد بعد إيمانه كافراً.. من يفهم أن قضية الكفر قضية خطيرة سيرى أن الله حذر من شيء خطير جداً، من يدرك أن الإيمان والهداية من الله هي أعظم النعم على الإنسان سيرى أن الله سبحانه وتعالى حذر من أنك قد تتعرض، وعلى يد هؤلاء لفوات الإيمان، فترتد بعد إيمانك.

الذي يشعر بأن هذه خسارة عظيمة هو من يعرف قيمة الإيمان، هو من يعرف نعمة الإيمان، من يعرف أن الإرتداد إلى حالة الكفر خسارة كبيرة، هو من يعرف فضاعة الكفر في هذه الحياة، وفضاعة المصير في الآخرة.

{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (آل عمران101) لاحظوا {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} أليس القرآن الكريم في أوساط المسلمين؟ أوليس المسلمون الآن بما فيهم زعماؤهم في حالة طاعة مطلقة لليهود والنصارى؟ في حالة طاعة مطلقة، كيف أصبحتم على هذا النحو وأنتم تتلى عليكم آيات الله؟ هم كمثلنا نتلوا آيات الله، وتتلى علينا آيات الله، ولكنها تمر مرور الكرام على مسامعنا، لا نهتدي بها بالشكل المطلوب، فنتعرض نحن إلى حالة، أنا أعتقد أننا في حالة ذلة، وخزي أعظم مما عليه بنو إسرائيل.

وقد قلت في محاضرة سابقة: أننا نحن، خاصة من يقولون إنهم آل محمد عليهم أن يرجعوا إلى القرآن الكريم؛ ليفهموا أن الله بعد أن فضل بني إسرائيل، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، وقال عنهم: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (الدخان32).

كم نملك نحن في القرآن؟ نملك آية المودة، أليس كذلك؟ نملك آية التطهير.. لقد جاء الحديث عن بني إسرائيل أكثر مما جاء عن آل محمد، ولولا أنها سنة إلهية أن يكون آل محمد ورثة لكتاب الله لقلنا: أن آل محمد لم يمتلكوا ما امتلكه بنو إسرائيل؛ ولهذا نحن ندعو لآل محمد أن يُمنحوا ما منحه الله آل إبراهيم، أليس كذلك؟ عندما نقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، ثم نرى هؤلاء الذين قال عنهم: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} نراهم يقول عنهم: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ} (آل عمران112).

هل كفر بنو إسرائيل بالتوراة أنها ليست من الله؟ هل كفروا بكلمة واحدة أنها ليست من الله؟ أم أن كفرهم إنما كان بشكل رفض؟ بشكل رفض، وتمرد على أوامر معينة، توجيهات معينة يبيعونها بثمن قليل! كما قال عنهم في آيات أخرى: {وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} تلك الذلة، ذلك الخزي، تلك المسكنة، ذلك الغضب {بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}، وإن كانوا قد اختارهم على العالمين.

{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة47) ألم يأت هذا كثيراً في القرآن الكريم، ثم يقول: إن ذلك الذي جاء نسفاً لذلك التفضيل الذي هم عليه إنما كان بسبب عصيانهم، واعتدائهم، تمردوا على أوامر الله، فرطوا في مسؤوليتهم، أليست مسؤولية؟ أليس التفضيل مسؤولية؟ تفضيل بني إسرائيل كان مقترناً بمسؤولية، مسؤولية وراثة الكتاب {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} (آل عمران187).

عندما فرطوا في المسؤولية استحقوا أن يضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأن يكون كل فساد في هذه الدنيا هم وراءه؛ لأنهم فرطوا في المسؤولية.. كذلك آل محمد.. كذلك الزيدية.. كذلك العرب.. عندما نفرط في المسؤولية، وعندما فرطوا في المسؤولية فعلاً أصبحنا في حالة ذلة وخزي ومسكنة أعظم مما فيه بنو إسرائيل، بدليل أننا نجدهم في هذه الدنيا، نجد أنفسنا تحت رحمتهم، ونجد أنفسنا أذلاء مساكين أمامهم! أليس هذا شيء ملموس؟ هذا شيء ملموس.

عندما يقول: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (آل عمران112) من عصى واعتدى، عندما يعصي العرب - ومن أكبر العصيان: التفريط في المسؤولية التي يتوقف عليها نجاة البشرية - لا بد أن يُذلوا.

ولاحظ أليس كل زعيم عربي ترتعد فرائصه؟ ألم يسارعوا كلهم إلى الإستجابة لأمريكا؟ ويمنحونها الموافقة على أن تقود التحالف الدولي ضد الإرهاب؟! ألم يصبح كل زعيم عربي مستعداً أن يجند نفسه لما تطلب منه أمريكا؟ أن يسلِّم هذا، أو هذا من أبناء وطنه؟ ما هذه؟ أليست هذه حالة ذلة وخزي؟ حالة استضعاف؟ مع أنهم يمتلكون العدد والعدة، ويمتلكون الثروات الهائلة! لكن إذا ما كانت الأشياء على هذا النحو لا تنفع لا عدد، ولا عدة، إذا ما كان هناك ذلة، إذا ما كان هناك خزي، إذا ما كانت هناك مسكنة قد ضربت على الناس، فإنهم سيكونون على هذا النحو.

نكمل الآيات: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (آل عمران101) تعتصم بالله، نحن نفقد مصداقية الإعتصام بالله؛ لأن ثقتنا بالله ضعيفة، ثقتنا بالله ضعيفة بدليل أن كل ما ضربه من أمثلة في أنه يرعى أولياءه، في أنه لا يضيع أولياءه، في أنه يفي بوعده، كلما وعد به أولياءه من النصر، لا نثق بذلك! عندما يقول سبحانه وتعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد7) {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج40).

أليست هذه وعوداً؟ ألم يقل عن اليهود والنصارى بعد أن تحدث في هذه الآيات فيما هو تأهيل للأمة، للعرب، تأهيل ليكونوا بمستوى مواجهتهم، قال بعد، أخبرنا عن واقع أولئك كيف سيكون: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} (آل عمران111).

هل هناك أعظم هداية من هذه الهداية؟ أن يؤهلك، ويعدك بالوقوف معك، يعدك بالنصر، وهو الذي قال: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الفتح4) ثم يخبرك عن واقع عدوك كيف سيكون، لا أحد يمتلك، أمريكا نفسها لا تمتلك شيئاً من هذا.. أليست المخابرات الأمريكية واسعة؟ لكن من هو ذلك الخبير داخل هذا الجهاز يستطيع أن يتنبأ عن العدو الفلاني لأمريكا لن يضرها إلا أذى، وإن يقاتلها سيولي الأدبار ثم لا ينصرون، هل أحد يستطيع؟ لا أحد يستطيع، ومع ذلك نراهم ينطلقون وراء الإحتمالات، لكننا نحن نضيع الوعود القاطعة، هو يقول: أيها المسلمون، أو أيها العرب، أو أنتم يا من تنطلقون على هذا النحو الذي رسمه لمن يريدون أن يؤهلوا أنفسهم؛ ليكونوا بمستوى المواجهة فإن أولئك سيكونون على هذا النحو: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}.

مصداق هذه تحقق في لبنان على يد حزب الله، على يد مجموعة قليلة من المسلمين، من الشيعة، آمنوا بمثل هذه الوعود، فرأوا فعلاً مصاديقها في حياتهم، رأوا مصاديقها في مواجهتهم لذلك العدو، لليهود {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} واستعرضوا أنتم عمليات حزب الله في مواجهة إسرائيل، وما لمسوه هم من أشياء عجيبة، كلها تشهد بصدق وعد الله سبحانه وتعالى لمن يعتصم به فيصدق وعوده، ويثق به.

نحن نقرأ الآيات الكثيرة التي فيها جهاد ولكن كأن الله طلب منا أن نجاهد ثم لم يعمل شيئاً ليجعلنا بمستوى أن نجاهد، ولم يعدنا بشيء! هو وعد - كما قلنا من خلال هذه الآيات - وعد بأن ينصر، ووعد بأن يهيئ الأجواء أيضاً، ومتغيرات، متغيرات أمور، ووعد أيضاً بأن يكون العدو على هذه الحالة التي يصبح فيها غير قادر أن يمسك إلا بما هو أذى {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}.

نحن نقرأ هذه الأشياء لكن في واقعنا كأنها مسؤولية الآخرين! هذه الآيات التي نقرأها في سورة [آل عمران] هل تعنينا أو لا تعنينا؟ عندما يقول بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (آل عمران102) جاءت بعد هذه الآية: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (آل عمران101).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوْتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران103) يبين لكم هذه الحقائق: أن الأشياء لا بد أن تتوفر لديكم لتهتدوا فتكونوا بمستوى أن تواجهوا أعداءكم، أولئك الذين يعملون جاهدين على أن يردوكم بعد إيمانكم كافرين.. إذا كنتم يهمكم هذا الأمر، ويؤلمكم ويحزنكم أن ترتدوا بعد إيمانكم كافرين فهنا الهداية {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إلى ما يجعلكم بمستوى مواجهتهم.

{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(آل عمران104- 105) ثم قال بعد: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران106- 107)، ثم قال ماذا؟ {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} (آل عمران108) لأنه يهمنا أمركم، لا نريد أن تُظلموا، لا نريد أن ترتدوا بعد إيمانكم كافرين، لا أريد أن تضطهدوا؛ لأنه قال: {وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ} نحن نستخدمها في مجال الاستدلال على جانب العدل.

{تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} الذي لا يتخلف ولا ريب فيه {وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ} فلذلك يهدي، يهدي هذه الفئة لتنطلق لأن لا تظلم، وهي عندما تهتدي، وتنهض بمسؤوليتها ستحقق للعالم العدل؛ لأن الله لا يريد ظلماً للعالمين جميعاً.

فعندما فرطنا ظُلمنا، وظُلم العالم كله بسبب تفريطنا؛ لأنه عندما تمكن بنو إسرائيل، وتمكنت الفئات الأخرى، ألم يسد الظلم؟ ألم يسد الفساد؟ عندما يقول لك في القرآن الكريم: أنه يريد أن يظهر دينه على الدين كله، وأنه دين للناس جميعاً، أليس يعني أن ذلك من الطبيعي أن يكون بواسطة العرب أنفسهم؟

فنحن أضعنا مسؤولية ظُلمنا بسببها على الرغم من أن الله لا يريد ظلمنا، وظلم العالم كله بسبب تفريطنا، مع أن الله لا يريد ظلماً للعالمين، فإذا كان لا يريد ظلماً للعالمين، أي: هو يريد العدل، يريد لكم الأمن، يريد لكم السلام، لكن إنما كان ذلك سيتحقق إذا ما نهض العرب بمسؤوليتهم.

هذا مظهر من مظاهر رحمته: أنه يهدينا؛ لأنه لا يريد ظلماً للعالمين، ثم قال بعد؛ ليفهم الناس أنه عندما يأمرهم ليكونوا بمستوى المواجهة، عندما يجعلوا من أنفسهم أمة تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر هو مجال واسع جداً. يقول: {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} (آل عمران109) أليس هذا يبعث الأمل؟ أنا عندما آمركم، عندما أهديكم، كأنه يقول لنا هكذا: أنا من بيدي ملك السموات والأرض، وبيدي الأمور كلها، أستطيع أن أصنع المتغيرات، أستطيع أن أهيئ الأجواء، أستطيع أن أجند كلما هو من جندي في ماذا؟ في تأييدكم، وفي الوقوف معكم.

{وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم} (آل عمران110) ألم يذكِّرنا بالمسؤولية؟ لأن أهل الكتاب فرطوا {مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}، {لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم} فأنتم إذاً الأمة البديلة لبني إسرائيل، لأهل الكتاب، أخرجتم لتكونوا أمة تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر في أوساط الناس جميعاً {أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.

ما العلاقة بين أن يقول: {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} وبين ما قبلها، وبين ما بعدها؟ أليس هذا إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى يهيئ؟ لكننا أصبحنا لا ننظر إلى موضوع جهاد، أو موضوع أمر بمعروف، أو نهي عن منكر إلا باعتبارها مفردات تشريع ليس حولها أي شيء، وننسى أن التشريع من الله سبحانه وتعالى يقوم على أساس أنه رحمن رحيم، وأنه حكيم، وأنه ملك بيده السموات والأرض، ومن الطبيعي أن رحمته تقتضي أنه متى ما كلفنا بشيء وإن بدا شاقاً أمامنا فإنه يحيطه بكل الأشياء التي تجعله سهلاً، وتجعله ممكناً.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ملزمة (خطورة المرحلة)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر