مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------                                            

  خـطبـة الجمعة الثالثة من شهر رمضان 

 

العنوان:يوم الفرقان ،وذكرى استشهاد

الإمام علي ( عليه السلام) التاريخ : 18/ 9/ 1442هـ

الموافق : 30/ 4/ 2021م

...........................................                                               

   ( الخطبة الأولى )

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِ العالمين، الحمدُ لله القائل: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، الحمدُ لله الذي جَعَلَ رمضانَ شهرَ صيامٍ وجهاد، وهدايةٍ وإرشاد، وفوزٍ ورشاد، واستعدادٍ ليومِ التناد، بمحاسبةِ النفسِ وتطهيرِ الفؤاد، ونَشْهَدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، الذي بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونَصَحَ الأمةَ، وكَشَفَ اللهُ به الظُلمةَ، وجاهد الظالمين والمجرمين، والطغاةَ والمستبدين، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته الأخيار المنتجبين.

أما بعد/أيها المؤمنون الأكارم:

يقول الله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ . وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.

نعيشُ في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك ذكرى يومٍ عظيمٍ وفارقٍ في تاريخِ الأمةِ الإسلاميةِ، والرسالة الإلهية، ذكرى أولِ صدامٍ عسكريٍ بينَ الحقِ والباطلِ، بينَ النبي صلوات الله عليه وآله بما يحمله من مشروع إلهي، وبين الطغاة والمستكبرين الذين تصدوا لهذه الرسالة الإلهية، تلك الذكرى هي ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، في السابع عشر من رمضان في العام الثاني للهجرة، اليوم الذي سمَّاه اللهُ تعالى بيومِ الفرقانِ، والذي مثَّلَ علامةً فارقةً بين الحقِ والباطلِ، وفصَلَ الخطابِ في تحديدِ العلاقةِ بينَ الإيمانِ والكفرِ؛ فهي علاقةٌ لا تخضع للإغراءات، ولا للمساومةِ والمداهنةِ، ولا للتكيفِ والتأقلم؛ بل تخضعُ للتوجيهات الإلهية الصارمة، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه}؛ فبعدِ مرحلةِ الدعوةِ التي قضاها النبي صلوات الله عليه وآله على مدى ثلاث عشرة سنة في مكة، داعياً لقريش، وهادياً ومنذراً لها من عاقبة تعنتها وكفرها، وبعد أن مُورِسَتْ ضد النبي صلوات الله عليه وآله وأتباعه كل الحروب الإعلامية: مِنْ شائعاتٍ ودعاياتٍ وترغيب وترهيب، ومحاولة منهم لإغراء النبي صلوات الله عليه وآله بالمال والمنصب ليتكيف معهم، وبعد المطاردة لأتباعه وتعذيبهم وحتى القتل لهم، وبعد أن وصلوا إلى قرار تصفية النبي صلوات الله عليه وآله {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}؛ فأتى الأمرُ الإلهي للنبيِ أن يهاجرَ إلى المدينةِ لِيُؤسسَ لمجتمعٍ جديدٍ، ولكنَ قريش استمرت تتآمر على النبي في المدينة، وبدأت تنسِّقُ مع القبائل العربية على محاصرة المدينة اقتصادياً وعزلها، وبدأت تحيك الخطط لمهاجمة المدينة عسكرياً.

المؤمنون الأكارم:

لو كانت الحياةُ تَصْلُحُ وتستقرُ بدون جهاد لكان الله العليم الحكيم هو من يأمر عباده بالقعود والجمود والخضوع للظالمين، ولو كانت رحمة الله بعباده تقوم على أن ينهاهم عن المواقف التي فيها صعوبات ومعاناة عليهم؛ لكان الأولى بهذه الرحمةُ هو سيدُ الخلقِ محمد صلوات الله عليه وآله، أحب الناس إلى الله وأعظمهم لديه، ولو كان لإنسانٍ أن يعيش هادئاً وهو يحملُ مشروعَ تحريرِ الناسِ من الطغاة والمستكبرين لكان محمد صلوات الله عليه وآله، ولو كان بالإمكان أن يتوقف الطغاة والمستكبرون في الأرض عن طغيانهم وإجرامهم بدون مواقف تردعهم لما أمر الله تعالى بالجهاد في كتابه ولما تحدث عنه؛ لكن الله العليم بشؤون عباده، الرحيم بهم، الخبير بما يصلحهم، يوجه الأمة في المئات من آيات القرآن إلى الجهاد في سبيله، ويأمر النبي صلوات الله عليه وآله بالخروج للقتال والمواجهة، ويأمر الأمة أن تقتدي برسول الله في حركته وجهاده ضد الطغاة والمستكبرين؛ ففي رمضان من السنة الثانية للهجرة يأمر الله النبي صلوات الله عليه وآله أن يخرج من بيته للمواجهة، حتى وإن كان صائماً في رمضان، حتى وإن كان قائماً راكعاً ساجداً؛ لأن من أهم ما في الرسالة

 

الإلهية هو تحرير الإنسان من الطاغوت، ولا تقتصر على الشعائر والطقوس العبادية فقط: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} وهكذا يجب أن نكون ونحن نتحرك في سبيل الله، بالحق ومن أجل الحق، وفي موقف الحق، وبمقتضى الحق {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ . يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ}، فكان لدى بعض المؤمنين مخاوف نفسية بسبب ضعف الإيمان، وضعف الثقة بالله، وفقدان الأمل، والانطلاق بحساب التكافؤ المادي وليس بحساب التوكل على الله؛ ولكن لأن الله هو الذي أمر بالخروج، وأمر بالمواجهة؛ فإن القائد العظيم محمد صلوات الله عليه وآله خرج مسلماً لأمر الله، واثقاً بالله ونصره، ومربياً للأمة على الثقة بالله والتسليم لأمره.

المؤمنونَ الأكارمُ:

لقد وعد الله المؤمنين بأحد أمرين: فإما أن يظفروا بقافلة قريش ومن عليها من المشركين وعلى رأسهم أبو سفيان، أو أن يلتقوا بجيش قريش الذي خرج لحربهم ويكون لهم النصر عليه {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} وكان المؤمنون يريدون القافلة فقط ولا يريدون القتال، {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} ولكن االله تعالى العليم الحكيم يريد المواجهة والالتحام العسكري؛ لأنها الأنفع والأصلح للدين والأمة {وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ . لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} وفي أرض المعركة يتوجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء إلى الله؛ لطلب النصر والمدد ليقدم للأمة درساً أن عليها أن تستجيب لله بالخروج والتحرك أولاً ثم تدعو الله وهي في ميدان المعركة، ويقدم لها درساً أن لا تستغني عن الله ولا تنسى الاستعانة به {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ولأن الجانب المعنوي هو الأهم في المعركة؛ فإن الأمر يتوجه من الله للملائكة بالنزول لتثبيت المؤمنين {أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ}، ولكن على الناس أن يثقوا بأن النصر ليس بالعدد ولا بالعدة ولا حتى بالملائكة؛ فالنصر بيده تعالى وحده {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ثم يُنزِلُ النعاس والمطر لزيادة الطمأنينة ولتثبيت الأقدام {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}، ولأن الله هو من أمر بالخروج لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولأن المؤمنين قد تحركوا لتنفيذ توجيهاته فلن يتركهم الله في منتصف الطريق؛ بل سيواكب حركة المعركة مؤيداً وناصراً ومدبراً {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وتحقق ما أراد الله من إحقاق الحق وإزهاق الباطل، وكان نصر الله الحاسم والكبير للحق على الباطل، وكانت الضربة الأولى والكبرى للكفر في بدر، حيث قُتل سبعون رجلاً من كبار الطغاة والمستكبرين؛ فتعززت الثقة لدى المؤمنين بنصر الله، وانكسرت شوكة الطاغوت وكانت تلك الضربة بداية تلاشيها وهزيمتها النهائية التي تمت في فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.

أيها المؤمنون الأكارم:

كما أنه في هذه الأيام المباركة ستمر بنا ذكرى مؤلمة، وفاجعة هي الأكبر على الأمة بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله، هي ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام)، ذكرى استشهاد أول الناس إسلاماً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ذكرى استشهاد الرجل الوحيد الذي تربى وتعلم منذ كان عمره أربع سنوات في بيت رسول الله، أعظم وأفضل وأكمل معلم ومربي عرفته البشرية، حتى أصبح ظله الذي لا يفارقه، وتابع أثره الذي لا يخالفه، ومثَّلَ الشاهد على عظمة تربية النبي وتربية القرآن؛ فنزل فيه قوله تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ}، ذكرى استشهاد أول فدائي ضحَّى بنفسه ليلة الهجرة ليسلَم رسول الله صلوات الله عليه وآله، ذكرى استشهاد من كان يقذف بنفسه في لهوات الحروب، في بدر وأحد والأحزاب وحنين وغيرها؛ لينتصرَ دين الله ويظهر على الدين كله، ذكرى استشهاد من قال النبي صلوات الله عليه وآله عن علمه (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، وقال عن إيمانه (برز الإيمان كله إلى الشرك كله)، وقال عن علاقته بالقرآن (علي مع القرآن

 

والقرآن مع علي)، وقال عن علاقته بالله وأهمية قيادته وولايته في مواجهة اليهود (لأعطين الرأية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، يفتح الله على يديه)، وقال عن كونه قسيم الإيمان والنفاق في الأمة (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق)، وقال عن ولايته (يا أيها الناس أن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)، وقال عنه وهو يوصي عمار بن ياسر(فإن سلك الناس وادياً وسلك عليٌ وادياً؛ فاسلك وادي علي وخلِ عن الناس، يا عمار إن علياً لا يَرُدَكَ عن هدى، ولا يَدُلكَ على ردى، يا عمار طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله عز وجل)، وقال عن مكانته من رسول الله صلوات الله عليه وآله (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).

المؤمنون الأكارم:

لقد جاء التوجيه من الله تعالى في كتابه العزيز لأمة الإسلام أن تقف مع الصادقين، وتنصر الصادقين، وتتولى الصادقين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}؛ فلماذا نرى الصادقين في هذه الأمة يسقطون شهداء؟ لماذا رأينا الإمام علي والحسن والحسين (عليهم السلام) ومن بعدهم من أعلام الهدى من آل بيت رسول الله ـ الذين أمر الله بتوليهم ـ لماذا رأيناهم يسقطون شهداء وبسيوف محسوبة على الإسلام، وبمؤامرةِ من أصبحوا حكامًا للأمة؟

إنَّ كل تربية القرآن، وكل تربية النبي صلى الله عليه وآله تجعل الأمة تقتدي بالعظماء، وتتولى العظماء وتسير خلف العظماء لتصبح أمة عظيمة، فما الذي حصل؟ لقد تنكرت الأمة لعظمائها بل وقتلتهم؛ فقتلت بذلك عظمتها ومجدها وعزتها، وأصبحت اليوم في وضعية هي من أكثر الأمم ذلاً وقهراً وهواناً، وكل هذه الأحداث المؤلمة، والأوضاع السيئة التي وصلتها الأمة كانت نتيجة لانحراف حدث بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله، هذا الانحراف أسقط مكانة العظماء لدى الأمة، وأعماها عن معرفة الحل والمخرج مما تعانيه. 

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم, ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم, إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم, أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

(الخطبة الثانية )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رب العالمين, وأشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, وأشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.

أما بعد/ إخوة الايمان:

ما حدث للإمام علي (عليه السلام) لم يكن خسارة شخصية عليه؛ بل كان خسارة على الأمة، وربحاً وفوزاً شخصياً للإمام علي (عليه السلام) فهو الذي كان يقول: (إن أكرمَ الموتِ القتلُ والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألفُ ضربةٍ بالسيفِ أهونُ عليَّ مِنْ ميتةٍ على الفراشِ في غيرِ طاعة الله)، فقد عرف عظمة الشهادة في سبيل الله فقال حين استقبلها: ( فُزتُ وربِ الكعبة) لأنه سار على منهجية يفوز من سار عليها.

الأخوةُ المؤمنون:

الإمام علي لم يكن رجلاً عادياً؛ بل كان يمثل امتداد الإسلام المحمدي الأصيل، الإسلام النابع من القرآن وهدي القرآن، واستهداف الإمام علي هو استهداف للإسلام المحمدي الأصيل؛ لأن أعداء الإسلام لا يريدون الإسلام بقيمه ومبادئه وأخلاقه، لا يريدون الإسلام الذي سيحرر الناس من هيمنتهم وطغيانهم، لا يريدون الإسلام الذي لا يسمح لهم بالاستئثار بالحقوق والممتلكات العامة، لا يريدون الإسلام الذي يحارب الطغاة والمستبدين، لا يريدون هذا الإسلام الذي يمثله الإمام علي من بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله، بل يريدون إسلاماً يتأقلم مع الطغاة، ويتكيف مع فسادهم؛ فكان استهداف الإمام علي هو استهداف لما يحمله من مشروع الإسلام، وكان استهدافه هو استهداف للأمة، واستهداف للقرآن، استهدفوا الإمام علياً ليحلَ محله البديل الناقص الذي يتلاءم معهم، وهذا ما نراه في واقع زعماء الأمة اليوم الذين حملوا إسلاماً مزيفاً تكيَّفَ حتى مع أمريكا وإسرائيل.

عباد الله: 

وقبل ختام الخطبة: يقول الله سبحانه وتعالى) فأنذرتكم نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى ((21) فأداء الزكاة علامة الإيمان، وتضييعها والتهاون في أداءها علامة النفاق والخسران، بل إن الله تعالى جعل الممتنعين عن أداءها أقرب إلى الشرك والعياذ بالله فقال سبحانه (قُلْ (أي قل لهم يا محمد) قُلْ إنّما أَنا بَشَرٌٌ مِثلُكم يُوحى إلىَّ أَنَّما إِلهكُم إلهٌ واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون) ويقول رسول

 

الله صلوات الله عليه وعلى آله: (مانع الزكاة وآكل الربا حرباي في الدنيا والآخرة(.

ويقول تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ).

 عباد الله:

اتقوا الله وأدوا زكاة أموالكم كما أمركم الله والزكاة تجب في أشياء مُعينة: مثل الذهب والفضة وما يعادلها مِن العملات الورقية والأرصدة، وكذلك مما أخرجت الأرض مِن الحبوب والخضار والفواكه، وكذلك من الأنعام كالبقر والغنم والإبل، وفي أموال التجارة والعسل، وكذلك المستغلات إذا حَالَ عليها الحول وبلغت النصاب.

ونحن وبحمد الله في اليمن وفي ظل وجود القيادة الإيمانية والقرآنية الحكمية التي تعرف الله تعالى وتراقبه وتخشاه قيادة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وسدد خطاه الذي اتخذ قرارا حكيما بإنشاء هيئة للزكاة التي وصلتْ بعد فترة قصيرة من إنشائها إلى كل مديرية وعزلة في أرجاء اليمن؛ فلندفع الزكاة الى هيئة الزكاة لكي تصرفها وفق ما قال الله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

أيُها المؤمنون: 

ونحن نتحدث عن الزكاة وفضلها وعقوبة من منعها لا ننسى أننا في أيام رمضان وإخراج الزكاة فيه يترتب عليه أجر وثواب مضاعف، كما نشيد بكل أعمال الهيئة ومشاريعها والتي كان من آخرها في هذا الأسبوع مشروع كسوة العيد ومشروع زكاة الفطر التي ستستهدف( ٤٠٠ ) ألف فقير ومسكين، وبتكلفة ثمانية مليار ونحن لا نرضى بما وصلت اليه الآن، وإنما نتمنى المزيد والمزيد حتى يستغني شعبنا عن كل المنظمات التي لها مآرب أخرى.

عباد الله لا يمكن لأي دولة أن تتقدم أو تتطور في المجالات الصناعية دون أن تنجح في المجال الزراعي والحيواني. فاغلب الدول المتقدمة لم تنهض نهضة صناعية إلا بعد أن نهضت في الجانب الزراعي ووصلت إلى الاكتفاء الذاتي والتصدير لذلك نرجو من الجميع المشاركة والاهتمام بالزراعة فالمزارع يحس بسعادة داخلية لأنه يشارك في خدمة وطنه ويرضي ربه ويعمل بالسبب ويقوي صمود بلده ليتحدى أعداء الله المعتدين الزراعة تجعلنا اعزاء كرماء منطلقين دوماً إلى الأمام بدون تراجع ولا خنوع ولا استسلام. فهبوا عباد الله للزراعة ففيها البركة والسعادة والتآلف والرحمة والمغفرة والعتق من النار فاقهروا أعدائكم والمنافقين باعتمادكم على الله وأنفسكم وإمكانياتكم المتوفرة. 

التي لن يباركها إلا الله الذي بيده خزائن السماوات والأرض.

الأخوة المؤمنون:

في ختام الخطبة ندعو إلى الاستغلال الأمثل لما تبقى من هذا الشهر الكريم ومن لياليه المباركة والعظيمة، والتي منها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، واستغلال مجالات الهداية فيها، بقراءة القرآن بتأمل وتدبر، ومتابعة المحاضرات التربوية لعلم الهدى السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، التي تربي النفس وتزكي القلب على الطهر والنقاء، وتشدنا إلى الله وإلى كتابه لما فيه صالحنا في الدنيا والآخرة وتربي أمة تقدم الشهادة على كمال الله، واستغلال هذه الأيام المباركة في الذكر والدعاء والعبادة بإخلاص والإحسان إلى المحتاجين والفقراء، واستثمار أعمال البر العظيمة مع الله تعالى وفي سوقه الرابحة، وإخراج الزكاة ليستفيد منها مستحقيها؛ فلن يكون هناك قبول للصلاة والصيام بغير زكاة، كما أنه لا بد من الاستمرار في دعم الجبهات بالمال والرجال استجابة لأوامر الله تعالى الذي أمرنا بالجهاد ووعدنا بالنصر، والله لا يخلف الميعاد.

كما نذكِّر أن الجمعة القادمة هي جمعة يوم القدس العالمي، يوم يقظة الشعوب، ويوم اتحاد المسلمين ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، والتحضير لهذا اليوم وإحياؤه والخروج فيه يُعدُ جهاداً في سبيل الله.

هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم, وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب, وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء, وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين, وعلى آل بيت نبيك الأطهار, وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار, مِنَ المهاجرين والأنصار, وعلى من سار على نهجهم, واقتفى أثرهم إلى يوم الدين, وعلينا معهم بمنِك

 

وفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً, ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً, ومن النارِ النجا, اللهم انصر عَلَمَ الجهاد, واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد, وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} 

عباد الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد 

بديـوان عــام الــوزارة.

----------------------------

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر