مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------

🎙️ 🎙️. 🎙️. 🎙️   

......................................

الـرقـم ( 28 ) لسنة 2021م 

التاريخ : 13/ 5 / 1443ه‍

الموافق : 17 / 12 / 2021م

 

خطبة الجمعة الثانية من شهر جماد أول 1443هـ

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

 

(الخطبة الأولى)

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين، وعن سائرِ عِبَادِك الصالحين.

أما بعد/ عباد الله الأكارم:

جمعةٌ مباركةٌ ببركة دماء الشهداء الطاهرة، وتضحياتهم العظيمة، ونفوسهم الزكية، ونحن حينما نتأمل كتاب الله – أيها الإخوة – نجد أن القرآن قدَّم الشهادة في سبيل الله باعتبارها منزلةً رفيعةً، ومقاماً عظيماً، وشأناً كبيراً، وفوزاً عظيماً: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وهذا أول ما يجب أن نلتفت إليه حينما نتحدث عن الشهادة.

وعندما نتحدث عما أعده الله للشهداء فإننا نجده يقول: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} فقد نهانا عن تسميتهم (أموات) بل وأكثر من ذلك: حتى مجرد التخيل لهم بأنهم (أموات) لا يجوز حيث قال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} فهم أحياءٌ بكل ما تعنيه الكلمة، وليست حياةً عادية، بل حياة في ضيافة الملك الكريم (يُرْزَقُونَ) بشكل دائمٍ وباستمرار، وبدون انقطاع، ثم ماذا: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} إذا كان الإنسان يعيش في الدنيا المنغصات والآلام؛ فإن الشهداء يعيشون في فرحٍ دائم في ضيافة الله، والشهداء يستذكرون إخوتهم المجاهدين معهم، السائرين معهم في الطريق نفسها: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} فهم حينما يحظون بالمقام الذي أعده الله للشهداء؛ فإنهم ولإحسانهم يتمنون لزملائهم السائرين معهم في نفس الخط أن يلحقوا بهم لينالوا الشرف العظيم من قِبَل الله، وشأنهم في ذلك كشأن مؤمن آل ياسين، حيث تمنى بعد استشهاده أن يعلم قومه بالكرامة التي حظي بها، قال الله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ . بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}.

فالشهداء رحلوا إلى ضيافة الله، والشهيد ينتقل إلى حياة سعيدة وحياة عظيمة إلى يوم القيامة.

أيها المؤمنون:

من هو الشهيد الذي سيحظى بالنعيم والمقام والتكريم الذي ذكرناه سابقًا؟ والجواب هو: أن الشهيد الذي سيحظى بوعد الله هو من يتحرك وفق العنوان الواضح في الآيات القرآنية سواء في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، أو في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، هذا العنوان العظيم المهم الكبير المقدس هو: (في سبيل الله).

وسبيل الله ليس مجرد عنوان وإنما هو: الطريق التي رسمها الله للمجاهدين من أجله.

والشهادة في سبيل الله: هي أن يضحي الإنسان بحياته في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، ومن أجله وفق التوجيهات التي رسمها الله، وفي الموقف الحق، وفي إطار القضية العادلة، وليس ظالماً، ولا باغياً، ولا مجرماً، ولا خائناً، ولا عميلاً لأعداء الإسلام؛ فالإنسان إذا اتجه على هذا الأساس الصحيح، واجتمعت فيه هذه الأركان؛ يعتبر شهيداً في سبيل الله، وهذا يعتبر فوزاً عظيماً.

والشهيد هو من يقف موقف الحق، ومن له شرعية الموقف مع سلامة المقصد والنية وليس في موقع الظالم والمتجبر والمعتدي.

ويجب علينا أن نفهم جميعا أنه ليس كل من يُقتل يُعتبر شهيدا فالذي يُقتل لهدف باطل ليس شهيدا عند الله، ومن كان يريد هدفا أو يسعى من وراء جهده القتالي مثلا لأهداف مادية باغيا ومعتديا فيها، ولا يملك قضية عادلة ومحقة فإنه ليس هو الشهيد الذي تحدث عنه القران الكريم.

 

أيها الإخوة المؤمنون:

عندما نتثقف بثقافة الشهادة فإننا بذلك نكون منسجمين مع القرآن الكريم، ومن المعلوم أن طريق الشهادة فيه الكثير من الأنبياء، ومن أولياء الله الصالحين، وقد جمع الله بين الشهداء والأنبياء والأولياء فقال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا . ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} ويكفي الشهداء أنهم سيكونون مع الأنبياء من الآمنين في يوم القيامة (يوم الفزع الأكبر)، بل وسيكونون مع الأنبياء أثناء القضاء والحكم والفصل بين الناس، قال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

وهكذا هناك الكثير من الآيات التي تبين لنا عظيم وفضل مقام الشهداء، وكلما نقوله عن الشهداء بالتأكيد أنه لا يصل ولا يرتقي إلى مستوى ما حكاه الله الملك العظيم عنهم.

فلماذا استحق الشهداء كل ذلك التكريم؟ وما الذي عملوه حتى يحصلوا على كل ذلك؟ وما الذي ميّزهم عن غيرهم؟

إنّ الذي جعلهم كذلك هي أشياء كثيرة، ومن أهمها هو عطاؤهم اللامحدود؛ فكانوا هم أكثر الناس أحسانًا إلى الأمة، كيف لا.. وهم من جادوا بأغلى ما يمتلكونه وهي أنفسهم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، فالشهادة هي عطاء قابله الله بعطاء.

عباد الله:

إنّ الدافع الديني والانتماء الإيماني والإنساني والوطني هو أهم دافع لتحرك وتضحية الشهداء، ونحن من واقع هويتنا الإيمانية عندما نعود إلى الله سبحانه وتعالى وإلى القرآن الكريم نجد الكثير والكثير من الآيات المباركة التي تعلمنا أن الصراع مع قوى الشر والطاغوت والاستكبار، ومع قوى النفاق والخيانة والعمالة، هو أمر حتمي لا بد منه على مر التاريخ، ونحن في هذا الزمن لسنا أول من يواجه الأحداث والمشاكل والتحديات، بل حتى الأنبياء على الرغم من مكانتهم واجهوا أحداثًا كبرى، يقول الله: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

كما أنه لا يمكن في هذه الحياة لا لكافرين، ولا لمؤمنين، ولا لفاجرين، ولا لصالحين، أن ينجزوا مشروعاً عظيماً ومهماً، أو أن يواجهوا تحدياتٍ وصعوبات كبيرة، أو أن ينجزوا أشياء مهمة في واقع هذه الحياة، إلَّا بتضحيات؛ فبالتالي في الواقع الإيماني ستكون هذه المسألة (مسألة التضحية) بأرقى وأسمى وأعظم مما تكون عليه هذه الحالة في أي حالةٍ أخرى خارج الإطار الإيماني؛ لأنها في السياقات الأخرى قد تأتي تضحيات في سبيل ظلم وبغي، وفي سبيل تحقيق طموحات وأهداف غير مشروعة ولا محقة ولا صالحة، أما في الحالة الإيمانية الصحيحة، فهي لا تأتي إلا بمقتضى الحق والعدل والخير، وما فيه الصالح الحقيقي للناس في حياتهم وفي آخرتهم, ولو غاب هذا عن الساحة الإيمانية؛ لكان المؤمنون هم الأجبن بين المجتمعات البشرية، والأقل إنجازاً، والأضعف تحملاً للمسؤولية، والأكثر بُعداً عن إنجاز أي أمر مهم في هذه الحياة، وأيضاً لخسروا قيمةً هي ذات اعتبار لدى المجتمعات البشرية؛ لأن التضحية ذات اعتبار إنساني عند المجتمعات البشرية؛ فلذلك أتت في الواقع الإيماني على نحوٍ أفضل وأكبر.

كما أنه لا يتحقق للإنسانِ الإيمانُ بالشكل المطلوب إلا إذا كان يحمل روحية الشهادة، وهذا سيساعده أيضًا على الالتزام بالكثير من المبادئ الإيمانية كالتحرر من الطاغوت وإقامة العدل؛ لأن أكثر ما يؤثر على ذلك هو الخوف من القتل والتضحية، بينما من باعوا أنفسهم من الله؛ فإنه لا يبقى شيءٌ بيد العدو يمكن أن يخيفهم به؛ لأن أقصى ما يمكن أن يخوفنا به العدو هو القتل، وهذا ما ينظر إليه من باعوا أنفسهم من الله أنه أمنية وغاية مهمة وعظيمة يطلبها الإنسان المؤمن، وبالتالي سقطت أهم ورقة يركز العدو على إخافتنا من خلالها.

كما أن ثقافة الشهادة تربي الإنسان على العطاء والبذل بدلًا من روحية الأخذ والاستئثار والأنانية وحب النفس والذات، وغير ذلك من الفوائد الجمّة التي نجنيها حينما نتثقف بثقافة الشهادة.

 

أيها المؤمنون:

إنّ شهداءنا لم يكونوا مجرد ضحايا فقط؛ بل كانوا أيضًا رجال مشروع، وأصحاب فكر، وحاملين لقضية محقة فتحركوا من أجلها، وبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل تحقيقها، ولم يكن همهم أنفسهم، وإنما كان همهم هو أن تنتصر القضية، وهم بذلك قد حققوا النصر على مستواهم الشخصي، وفي المقابل انتصرت قضيتهم المحقة والعادلة.

ومما يدلل على قيمة وعظمة وأهمية الشهادة هي المتغيرات التي يصنعها الله في كل عام وعلى نحو تصاعدي لصالح عباده المستضعفين في كل المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية وحتى الرياضية.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم: {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.

▪️الخطبة الثانية ▪️

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين، أرسله الله رحمةً للعالمين؛ فبلّغ رسالات الله، وجاهد في سبيل الله صابراً محتسباً حتى أتاه اليقين، اللّهم صَلِّ وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأخيارِ المنتجبين.

أما بعد/ عباد الله:

أننا في هذه المرحلة وفي ظل أوضاع كهذه وفي مواجهة تحديات كهذه؛ في أمس الحاجة إلى (الذكرى السنوية للشهيد) هذه الذكرى المعطاءة والمليئة بالدروس العظيمة والمهمة التي نتزود منها قوة العزم والإرادة الفولاذية، وقوة التحمل والاستعداد العالي للتضحية في مواجهة هذه التحديات مهما كان مستوى التضحيات.

وتضحيات الشهداء هي سبب للنصر والعزة والقوة، والقتال في سبيل الله هو خير بكل المقاييس، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} ولنا عبرةٌ في جهاد حزب الله وحركات المقاومة في فلسطين والعراق وسوريا، وكذلك في شعبنا اليمني.

بينما إذا لم يكن هناك جهاد فإن الواقع سيكون مليئًا بالمآسي والمجازر والمذابح، وستنتهك الأعراض (أعراض النساء وحتى أعراض الرجال) ولنا عبرةٌ بما حصل في سجن أبو غريب في العراق، وبما عمله الدواعش والتكفيريون في المناطق التي احتلوها في العراق وسوريا، ولنا عظةٌ وعبرةٌ أيضًا فيما يحصل في السجون السرية الإماراتية في المناطق المحتلة من بلدنا العزيز.

فبالجهاد حُميت مناطقنا، وحُفظت أعراضنا، ورُفعت هاماتنا، وبقي لنا ديننا وعزتنا وكرامتنا.

أيها المؤمنون:

إن علينا في هذه الذكرى مسؤوليات وواجبات تجاه الشهداء وأُسر الشهداء، وطبعا هذه المسؤوليات لا يعني أن نلتزم بها في أيام الذكرى فقط ثم نتركها بقية العام، وإنما نحيي مثل هذه الذكرى لتمثل محطة ودافعًا مهمًا نستمر عليه طيلة العام.

فأما واجبنا تجاه الشهداء، فهو: أولا: استذكار مآثرهم على مستوى التوثيق الإعلامي، وعلى مستوى النشاط التوعوي، والتخليد للمآثر والاستذكار لها بكل الوسائل المتاحة، وثانيها: ربط الجيل الناشئ بذكراهم، وثالثها: الاستمرار في خطهم ونهجهم، ومواصلة دربهم حتى تحرير كل شبر محتل من أرض الوطن، وحتى تطهير الأقصى من دنس اليهود، ورابعها: الحذر من الخيانة لدمائهم بالتقصير والتفريط والإخلال بالمسؤوليات أيًا كانت مواقع المسؤولية التي نحن مكلفون بها.

وأما واجبنا تجاه أسر الشهداء: على المستوى الرسمي: فإنه من المهم في كل مؤسسات الدولة وفي كل الوزارات أن يكون هناك اهتمام أكثر بأسر الشهداء وبأبناء وأيتام الشهداء على المستوى الصحي وعلى المستوى التعليمي، وفي كل المجالات المتاحة، وأن تقدم مؤسسات الدولة ما تستطيعه وما تتمكن منه.

وعلى المستوى الشعبي: فإنه من المهم أن نتعاون أولاً مع مؤسسة الشهداء، بالإضافة إلى الاهتمام المباشر بأسر الشهداء على كل المستويات: الاهتمام بهم على المستوى المادي مع الأسر ذات الظروف الصعبة، والاهتمام بحل المشاكل الاجتماعية التي قد تطرأ هنا أو هناك، وأيضًا العناية على المستوى التربوي لأبناء الشهداء ليتربوا تربية مباركة يحذوا فيها حذو آبائهم بالقيم والأخلاق والمبادئ العظيمة.

 

وفي هذا المقام لا ننسى واجبنا تجاه الجرحى: من هم في منزلة الشهداء الأحياء، وهم لهم حق على الجميع في زيارتهم والجلوس معهم لكيلا يشعروا بالفراغ والملل وبالتالي يصل الحال ببعضهم إلى التذمر والاستياء، وكذا رعايتهم وتكريمهم واحترامهم والاهتمام بهم، وأن يكون لهم منزلة خاصة في قلوبنا ونفوسنا.

وفي الختام:

ندعو الجانب الرسمي والمجتمعي إلى أن يكون هناك اهتمام متميز وحضور فاعل في كل الفعاليات والمناسبات والأنشطة الخاصة بهذه الذكرى، وكذا لا بد من إبراز التفاعل المجتمعي والتقدير المجتمعي لهذا العطاء وللأسر المضحية.

كما أنه لا بد من الاهتمام بزيارة أسر الشهداء ومواساتهم وكذا تقديم الدعم والهدايا لهم، مع الاهتمام أيضًا بزيارة روضات الشهداء.

 كما لا ننسى أيضًا أن نعبر عن استنكارنا وإدانتنا لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للإمارات، وهذا يشكل لنا دافعًا في مواجهة هؤلاء الأعداء اللئام الذين تولوا اليهود والنصارى من أعلى رؤوسهم إلى أخمص قدميهم، وفي هذا السياق نؤكد أنه لولا دماء الشهداء لكنا نحن في طليعة المطبعين والمتولين لليهود والنصارى، لكن بفضل الله وبفضل دماء الشهداء ما زلنا نحن كشعبٍ يمني في طليعة الشعوب الحرة والمقاومة لأمريكا وإسرائيل، وما زلنا وسنظل متمسكين بقضايا أمتنا الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والمحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا أكرم الأكرمين، {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}...

 

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد

 بديـوان عــام الــوزارة.

-----------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر