مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

من يتأمل في واقع الأمة الآن يجد أننا كعرب، ونحن كزيدية، ونحن باعتبارنا من أهل البيت نعيش تحت أقدام من قد ضرب الله عليهم الذلة، والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، نعيش أيضاً تحت رحمة من قد باءوا بغضب من الله!.

أليس هذا هو ما هو حاصل؟ لماذا؟ نسأل أنفسنا أنه إذا كان الله قد ضرب على أولئك الذلة والمسكنة، ونحن نجد أنفسنا نعيش حالة الذلة، والمسكنة تحت أقدامهم، هل أن هذا هو شأن الحياة هكذا؟ وأن أهل الحق - كما يقال - عادة يكونون مستضعفين، ومساكين، وهذه حالة طبع الله الدنيا عليها، بل هي حالة نستشهد بها على أننا محقون، وأنه لولا أننا نعيش حالة كهذه لاضطربنا في معرفة أننا على حق!.

هل أن هذا واقع الدنيا، وواقع الدنيا هكذا؟ أم أن ذلك نتيجة تفريط في مسؤولية، نتيجة إهمال لواجب، نتيجة ابتعاد عن هدي الله فكان عاقبتنا بالشكل الذي يشهد أن تفريطنا أسوأ، أو يعد جريمة أكثر من جريمة أولئك الذين قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة؛ لأنه إذا كان في الواقع أننا أصبحنا تحت أقدام أولئك، يعني: أننا في واقعنا ارتكبنا خطأ كبيراً جداً من حيث أننا فرطنا في مسؤولية كبيرة، فرطنا في مسؤولية كبيرة جداً، فكانت معصيتنا كبيرة، استحقينا بها - فيما أعتقد - أن نعيش حالة من الذلة أسوأ من تلك الحالة التي ضربت على بني إسرائيل.

لكن ما هي المشكلة في هذا؟ المشكلة في هذا هي: أننا أصبحنا نفهم، ما أدري من أين؟ هل من بعض القواعد في كتب علم الكلام، أم من بعض الأشياء التي نسمعها من كتب الترغيب والترهيب، أصبحنا نفهم أن هذا هو حال الدنيا، أن هذا هو حال الدنيا، فكلما اشتدت الوطأة، وكلما عانينا، وكلما أصبحنا نلمس أننا في وضعية سيئة، نعيش حالة من الخزي والذلة والهوان، لا نعرف أن ذلك عقوبة [شأن الدنيا]! أليس هذا هو ما نسمعه من بعضنا بعض؟ [هذا حال الدنيا، وهذا شأن الدنيا، وهذا ... إلخ]!، فمتى يمكن أن نصحوا، فنفهم أنما نحن فيه إنما هو نتيجة لتفريط حصل منا كمسلمين، حصل منا كعرب، حصل منا كزيدية، حصل منا كأهل بيت النبوة؟!.

أنا أعتقد - حقيقة من خلال تأملاتي - أننا في وضعية يجب أن نرجع فيها إلى الله سبحانه وتعالى فنتوب توبة صادقة، نتوب إلى الله جميعاً، نتوب إلى الله جميعاً من أننا فرطنا، من أننا قصرنا، من أننا أهملنا، من أننا أضعنا.

وحتى نعرف الموضوع أكثر، الله سبحانه وتعالى ألم يبعث محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله) رسولاً للعالمين؟ رسولاً للعالمين، وأنزل القرآن الكريم كتاباً للناس جميعاً، هدى للعالمين؟

أين بعث رسول الله؟ ألم يبعث في البلاد العربية في مكة؟ ألم ينزل القرآن بلغة العرب؟ ألم يكن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عربياً؟ إذاً بالتأكيد أن من يقع على عاتقهم مسؤولية أن يكون الرسول للعالمين جميعاً فتصل دعوته إلى أقصى الدنيا، هم من يقع على عاتقهم مسؤولية أن يصل نور القرآن الكريم، وهديه إلى مختلف بقاع الدنيا، هم العرب، هم العرب في البداية أليس كذلك؟

ثم نجد أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) جعل قيادة لهذه الأمة، تهديها، وتقودها نحو هذه الحركة، تتمثل في أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أليست هذه عقيدتنا؟ فمعنى ذلك ماذا؟ أن مسؤولية أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ومسؤولية العرب جميعاً هي: أن يتحركوا بنور الإسلام، برسالة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى الدنيا كلها؛ لأنه بعد أن فسد بنو إسرائيل، وبعد أن انطلقوا يحرفون كتب الله، وبعد أن انطلقوا يسعون في الأرض فساداً، ألم ينزع الله ذلك الدور المهم من أيديهم ليضعه في يد العرب، في يد محمد وآل محمد، وبيد العرب؟

{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} (النساء54) وهو يتحدث عن اليهود بأنهم حسدوا العرب بعد أن نزع منهم الملك، والكتاب، والحكم، والنبوة، ووراثة الكتاب، ومنحها للعرب، وجعلها في محمد وآل محمد، أو تحت قيادة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وآل محمد.

ماذا يعني هذا؟ إنه يقول في القرآن الكريم إن اليهود مفسدون، وسيسعون في الأرض فساداً، وتحدث كثيراً عنهم.

إذاً فواجبكم أنتم، من جعلكم الله بدلاً عن بني إسرائيل هو: أن تتحركوا حتى تحولوا دون أن ينتشر فساد بني إسرائيل في الأرض كلها، أن تسبقوهم أنتم، أن نسبقهم نحن إلى البشرية؛ لنوصل هذا الدين، ونوصل هذا النور، ونوصل هذا الهدى إلى البشرية كلها؛ لنحول دون أن نفسح المجال لليهود الذين حكى عنهم أنهم يسعون في الأرض فساداً، فيكونون هم من يسبقونا إلى البشرية فيملأوا الأرض فساداً.

ما الذي حصل؟ أليس هذا شرف عظيم للعرب؟ ألم يُمنح العرب أكثر، وأعظم مما مُنح بنو إسرائيل؟ منحهم في لحظة واحدة أكثر مما مَنح بني إسرائيل، كتاباً هو مهيمن على الكتب كلها، بين أيديهم، وبلغتهم، يحملون رسالته، ونبي هو سيد الرسل، وخاتم الرسل، ودينه أعظم الديانات، للدنيا إلى نهاية أيامها، وإلى آخر أيامها، أليس هذا أعظم مما آتى بني إسرائيل؟

إنه شرف عظيم، شرف عظيم للعرب، شرف عظيم لمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله) شرف عظيم لآل محمد، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}(الزخرف44) شرف عظيم أن كان الإسلام بكتابه، ونبيه نزل بلغتنا، وبعث بين أظهرنا، ومن أنفسنا، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران110) كنتم أيها العرب - وإن كان البعض يفسرها بالنسبة للمهاجرين، عندما انطلقوا إلى المدينة - هي جاءت بعد الحديث عن آيات حول بني إسرائيل وهو يتحدث عن تأهيل المؤمنين ليكونوا في مستوى المواجهة، يذكِّرهم بمسؤوليتهم أنها مسؤولية عالمية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أخرجت للناس جميعاً.

فنحن عندما فرطنا كعرب في هذا الشرف العظيم، عندما فرطنا كعرب في هذا الرسالة العظيمة التي كان المراد أن نكون نحن من نحمل شرف حملها إلى الآخرين في مختلف بقاع الدنيا، وعندما فرطنا نحن من نسمي أنفسنا صفوة هذه الأمة، الزيدية، وعندما فرطنا نحن من نسمي أنفسنا نحن عترة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، نحن فرطنا في مسؤولية كبيرة، أتاحت الفرصة لليهود أن يتحركوا هم، وبمختلف الفئات الضالة والمضلة في هذه الدنيا، أن تتحرك هي فتمتلئ الدنيا فساداً، وظلماً، ويكون الباطل هو الذي يسود، ويكون الفساد هو الذي يحكم، وهو الذي ينتشر، وهو الذي يمتلك القوة، ويمتلك الهيمنة.

أنا أعتقد أنه لولا أن هناك مسؤولية جسيمة جداً علينا أدى التفريط فيها إلى أن يصبح التفريط ذلك جريمة أعظم مما عليه الآخرون لما استحقينا أن نكون تحت أقدام من قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة. أليس العرب الآن أذل من اليهود؟ أليس العرب الآن أذل من النصارى؟ أولسنا نحن الزيدية، ونحن أهل البيت أذل العرب؟ حقيقة.

عندما نتأمل نجد أنفسنا في وضعية سيئة ومخزية لماذا؟ لأننا فرطنا في مسؤولية كبيرة، فرطنا في شرف عظيم، أعرضنا، أهملنا، اعتمدنا على قواعد معينة أبعدتنا عن كتاب الله سبحانه وتعالى فبدا كل شيء أمامنا مستحيلاً، أصبحت نظرتنا إلى الله سبحانه وتعالى نظرة قاصرة، ونحن نسمي أنفسنا طلاب علم، ونقول نحن عندما نتجه لطلب العلم فهناك فنون معينة، فن أصول الدين؛ لنعرف من خلاله الله، أليس كذلك؟ فن أصول الفقه، وفن العربية؛ لنعرف من خلالها القرآن الكريم!

من يعرف الله سبحانه وتعالى - من خلال القرآن الكريم - لن يجد أن هناك شيئاً مستحيلاً، يجد أن الله سبحانه وتعالى يهيئ، أن الله وعد وعوداً صادقة، أن الله منح نعمة عظيمة هي نعمة الهداية، أن الله منح شرفاً عظيماً نحن ضيعناه، ألسنا ننظر إلى أي عمل نريد أن نعمله بأنه من ضمن المستحيلات؟ لأننا لم نعرف الله سبحانه وتعالى.

نحن نقرأ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} في أول كل سورة، ألسنا نقرأها؟ نحن نقرأ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} في كل سورة، وكل سورة داخلها الكثير، الكثير من التوجيهات والأحكام، والأوامر، والنواهي، إنها تقول لنا: إن الهدي من الله سبحانه وتعالى، وهو يوجهنا إلى ما فيه هدايتنا، إن تلك الأحكام، إن تلك التي نسميها تكاليف، إنها كلها منطلقة منه سبحانه وتعالى باعتباره الرحمن الرحيم.

نقرأ سورة [الفاتحة]، نقرأ فيها الرحمن الرحيم مكرراً مرتين، مع أنها السورة التي تبدو وكأنها خلاصة القرآن الكريم، وكأنها خلاصة للأسس المهمة في القرآن الكريم، {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}(الفاتحة!-3) ألم تتكرر مرتين في هذه السورة؛ لأننا لا نعرف، لا نفهم، أو لا نحاول أن نفهم أن كلما طلب الله سبحانه وتعالى منا، أو كلما أمرنا به أنه منطلق من كونه رحيم، ومن كونه رحمن رحيم بنا، وأن من شأن الرحيم إذا ما كلف بشيء، إذا ما أمر بشيء فإنه يعمل كل ما يمكن من أجل أن نصل إليه بسهولة.

{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} إن ربوبية الله سبحانه وتعالى كلها تقوم على أساس أنه رحمن رحيم، ومن ربوبيته تدبيره لشؤوننا، ومن ربوبيته سبحانه وتعالى تشريعه لنا، كلها منطلقة من أنه رحمن رحيم.

فمن يتأمل القرآن الكريم لا يجد أن هناك أي تشريع من تشريعات الله سبحانه وتعالى على هذا النحو الذي ننظر إليه، ضمن قائمة المستحيلات، وسنجـد أيضـاً أنـه كـم يهيـئ الله سبحانه وتعالى من أشياء كثيرة تدفعنا - باعتباره رحيم - إلى أن نصل إلى تنفيذ ما طلب منا أن ننطلق فيه، إلى أن نقوم بأداء ما كلفنا أن نؤديه.

أليس الجهاد في سبيل الله عندنا في قائمة المستحيلات؟ أليست الوحدة في قائمة المستحيلات؟ لماذا؟ هل يجوز على الله سبحانه وتعالى، إذا كنا طلاب علم، ومن قواعدنا، من قواعد أصولنا: أن الله لا يكلف ما لا يطاق، أليست هذه من قواعدنا؟ لا يكلف ما لا يطاق، وأنه قال في القرآن الكريم: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} (البقرة286) كيف يجوز لنا أن نصبح في واقعنا نرى شيئاً، أو نرى أمراً من أهم مبادئ دينه، ضمن قائمة المستحيلات!

هل أنه في واقعه هكذا؟ أم أننا نحن الذين لا نفهم، لا نفهم منهجية تشريع الله سبحانه وتعالى، - إن صحت هذه العبارة - أو لا نفهم أن تشريعه كله يقوم على أساس أنه رحمن رحيم، بحيث نقول: هو عند ما يكلفنا بأمر كهذا فلا بد أنه قد أحاطه بمجموعة من الأشياء في عالم التشريع تهيئ تلقائياً إلى الوصول إليه، وأنه أيضاً من جانبه سبحانه وتعالى سيتكفل بتهيئة الأجواء من أجل أن يصل الناس إليه، وأنه سبحانه وتعالى أيضاً سيقف من جانبه مع من ينطلق في هذا الميدان.

إن كل هـذه الثلاثة الأشياء من خلال القرآن الكريم، من يتأمل القرآن الكريم كلها متوفرة، كلها متوفرة، {إِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}(هود123) {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}(آل عمران109) جاءت هذه الآية بعد آية التوحد، والتي جاءت في إطار الحديث عن أهل الكتاب، قال الله سبحانه وتعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}(آل عمران108) آيات الله معناها حقائق، لا ينبغي أن تتذكر أن معنى الآية هو ما بين الدائرتين، أو الرقمين، آيات معناها حقائق، حقائق واقعية، ما وعد به هو حقيقة لا تتخلف، ما أخبر عنه أنه سيحدث من جانب أعدائك، أو أن أعداءك عليه، أو أنك ستصبح عليه هو حقيقة لا تتخلف.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ملزمة (خطورة المرحلة)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر