عبدالفتاح حيدرة
في كل عام في ذكرى اسبوع الشهيد تستدعي ذاكرتي تضحية اعظم شهيدين عرفتها شخصيا في حياتي كلها وعرفهما الناس كلهم ، الأول هو فخامة الشهيد الرئيس صالح الصماد - رضوان الله عليه - الذي قال في كلمة له على رؤوس الاشهاد (لو يستشهد صالح الصماد غد ما مع عياله مكان وين يرقدوا ، ما معهم إلا ان يرجعوا مسقط رأسهم) ، واستشهد فخامة الشهيد ، ليصبح رئيسا للشهداء والاحياء معا ، وسوف يبقى كذلك إلى يوم يبعث ، والثاني هو الاستاذ والصديق والزميل والأخ الشهيد عبدالكريم الخيواني - سلام الله عليه - الذي كتب منشورا يوضح ان هناك من اتصل به ويقول له انه شاهد صورته في معرض صور الشهداء بصنعاء ، وكان رد عبدالكريم ان لعل في ذلك خير ، واستشهد كريم الذي عاش كريما في قلوب وعقول الناس حيا وشهيدا..
كلما بدأت فعاليات اسبوع الشهيد ، أتعلم في كل عام من هاتين الشخصيتين ان المجد لأصحاب الكرامة ، وان الشهداء عشاق ربنا وغادرونا إلى السماء ، وفي ذات الوقت يمشون بيننا على الأرض ، يبتسمون ويلوحون بأيديهم فرحين لنا بالنصر والعزة والكرامة ، فسلاما أيها الشهداء ، فالشهداء هم الذين يكملوا هذه المسيرة ، احياءا يرزقون ، بهم عرفنا الله والحق وعظمة نهج هذه المسيرة ، بهم تعلمت انه كلما زاد عدد شهدائنا كلما اقترب مشوار النصر والعزة والكرامة من نهايته ، وكلما تزايد عدد الشهداء تناقصت فرص الأعداء..
من حق الشعب اليمني ان يحتفل ويحتفي بأسبوع الشهيد ، افرحوا واحتفلوا بالشهداء الذين ارتقوا إلى ربهم وهم يحاربوا و يقاتلوا و يفضحوا ويعروا تحالف العدوان ، واغضبوا من أؤلئك الذين يرفعون راية الإستسلام للعدو بدعوى السلام لحقن الدماء ، احتفلوا باسبوع الشهيد في كل عام وفي كل شهر وفي كل يوم وفي كل ساعه وفي كل حين ، لإن هذا الاحتفال وهذا الاحتفاء بالشهداء يحفر بالسكين صور الشهداء على صدور وظهور الأعداء ، فإذا إراد العدو ان يمحها لن يكون له ذلك إلا بالنار..
ان الأمم والشعوب التي لا تُهزم هي من لديها شهداء ، بشروا أنفسهم بالشهادة واقتنعوا مسبقا ببيع أرواحهم من اجل عزة وكرامة قضية أمتهم وشعبهم ، حتى لو تحدت العالم كله وتحداها العالم كله ، فقد قيض الله النصر لعبادة المؤمنين بحقهم في التضحية والصبر والثبات، و لو درسنا في كل احتفال واحتفاء بأسبوع الشهيد حكاية وقصة لنماذج من الشهداء ، لتعلمنا الكثير والكثير ، ولسبقنا زمنا هذا وزمن غيرنا القادم بمئات السنين ، فعلى المستوى الشخصي لقد تعلمت من شخصية الشهيد الصماد والشهيد الخيواني ، الوفي الذي لا يقبل أى شئ على عواهنه ، وأن أقلب الأمر على وجوهه المتعددة ، الظاهرة والباطنة ، وأن ألتمس جوهر الحقيقة ، بينما ما تعلمناه من السياسة هو أن المراوغة باب الأكاذيب ، وأن المماطلة مدخل لخيانات مستمرة وخداع لا ينتهي ، و علمني وعي تضحيات الشهداء أن الحق يحتاج للايمان والضمير والقوة والتضحية ، وأن ما لله هو لله وحده لا شريك له..