مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الخطورة على الإنسان: عندما يؤثر هذه الحياة على تلك الحياة، ثم يغفل عن تلك الحياة، ولا يحسب حسابها، هنا الخطورة، ولهذا قال الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم، {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: 16-17].

 

أمَّا عندما تحمل هذا الإيمان، وهذا اليقين، وهذا الوعي، فأنت ستحسب حساب هاتين الحياتين، وتحسب حساب هذا الارتباط بين هذه الحياة وهذه الحياة الأخرى، الحياة الثانية، الحياة الأبدية، ولذلك لا قلق عندك.

 

القلق الكبير عند من اتجهت كل آمالهم نحو هذه الحياة، هم يرونها حياةً قصيرة، فتتجه كل آمالهم نحوها، وعذاباتهم الكبيرة لما يفوت منها، وهمومهم الكبيرة عندما لا تصفو لهم، وسعيهم الدؤوب الذي لن يصل بهم إلى نتيجة في كيف تستقر لهم هذه الحياة، ولذلك لن يصلوا إلى نتيجة؛ لأنها متاع، حياة مؤقتة ومحدودة، وما فيها هو قليلٌ يفنى، ويزول وينتهي.

 

لكن من يحسب حساب هاتين الحياتين، وأن وجوده المستقبلي هو وجودٌ مهمٌ جدًّا، وأنَّ الله خلقه في الأساس لكي يكون موجوداً للأبد؛ إنما الفناء في حقه حالةٌ عارضةٌ- كما قلنا- وفاصلٌ قصير، إذاً أصبحت نظرته ممتدة هناك إلى أفقٍ واسع، وفضاءٍ واسع، ورَحْبٍ واسع، لا يعيش هذا القلق والاضطراب نتيجة اتجاهه فقط إلى حياةٍ مؤقتة.

 

ثم يكون ما ينالك في هذه الحياة من أحوالها المختلفة، وهي- كما قلنا- حياةٌ ممزوجة بالعسر، واليسر؛ والسقم، والعافية؛ وحالة الفرح، وحالة الحزن، وحالاتٌ متفاوتة متنوعة، تتنقل فيها أنت، تكون بالنسبة لك درساً مهماً، فهي نماذج مصغَّرة جدًّا من أحوال تلك الحياة الأبدية؛ لأن ما في تلك الحياة الأبدية هو على أرقى مستوى، وعلى أشد مستوى في جانب الشر أيضاً، وللأبد.

 

عندما ينالك اليسر في هذه الحياة، عندما تشعر بالرضا، عندما تشعر بالسعادة، بالراحة، بالاطمئنان، فليذكِّرك هذا بالسعادة الأبدية، بالراحة الأبدية، التي هي على أرقى مستوى، ما يمكن أن تناله هنا في هذه الحياة من حالة فرح، أو سرور، أو اطمئنان، أو سعادة، أو ابتهاج، أو توفر لشيءٍ من آمالك ورغباتك، هو نموذج مصغَّر جدًّا جدًّا جدًّا فيما يقابله في عالم الآخرة، السرور هناك، الذي هو سرورٌ، وفرحٌ، وابتهاجٌ، وراحةٌ، ورضا، واطمئنان، على أرقى مستوى، لا يقارن أبداً فيما هنا من هذا النموذج اليسير، الصغير، المحدود جدًّا.

 

فلتهتم، فلتسعَ، فلتحرص، فلتعمل، على أن تصل إلى ذلك الرضا، إلى ذلك السرور، إلى ذلك النعيم، إلى تلك الراحة، التي هي عظيمةٌ جدًّا، ولا نهاية لها، ولا يشوبها أي منغِّص، ولا يشوبها أي شيءٍ من هذه الحالات، التي تأتي فتنغِّص عليك راحتك هنا في هذه الدنيا، فكِّر في هذه الحياة المستقبلية الدائمة، التي ستكون فيها فرحاً بلا انقطاع، مستبشراً، وراضياً، ومطمئناً، ومرتاحاً، بدون أي منغصات، وعلى نحوٍ دائمٍ وأبدي، أليست جديرةً منك بالاهتمام؟ أليست جديرةً منك بالعمل؟

 

البعض- مثلاً- قد يعاني، قد يبذل جهداً، قد يكد، قد يتعب، في مقابل أن يحصل على راحة في بعض الحالات، على متطلبات معينة قد يرتاح بها لبعض الوقت، عندما يصل إلى تلك الراحة، عندما تتوفر له تلك المتطلبات، تهون عنده كل المتاعب التي حصلت له في سبيل الحصول عليها؛ لأنه شعر بالرضا عندما وصل إلى تلك المتطلبات، أو تحققت له تلك الراحة، شعر بالرضا، ووجد أنها تستحق منه ذلك الجهد، وذلك العناء؛ لأنه في الدنيا لا نصل إلى راحة إلَّا بعناء، إلَّا بعمل، إلَّا بجهد، لا يصل الإنسان إلى متطلبات معينة من حياته إلَّا وقد سبق ذلك شيءٌ من الجهد، والعناء، والمتاعب، والصعوبات، ولكنه عندما يصل إلى تلك الراحة، قد يجد أنها تستحق منه ذلك العناء، وذلك الجهد.

 

ففكِّر في تلك الراحة العظيمة جدًّا، ذلك النعيم العظيم جدًّا، الذي هو على أرقى مستوى، لا يماثله شيءٌ في هذه الدنيا، حتى فيما يمكن أن يكون قد وصل إليه أغنى الأغنياء من الناس، أكثر الناس مالاً وسلطاناً وتمكُّناً في هذه الدنيا، لا يمكن أن يصل إلى ما يصل إليه أقلُّ الناس نعيماً في الجنة، أقلُّ الناس وأدنى الناس فيما وصل إليه من نعيم الآخرة، هناك نعيم عظيم جدًّا، على مستوى راقٍ جدًّا.

 

كذلك فيما يتعلق بما تمر به في هذه الحياة من حالات عسر، أو ألم، أو وجع، أو عناء، أو ضيق، أو ضجر، أو همّ، كل هذه الحالات التي تعرض لك، كيف تترك أثرها على نفسك؟

 

الإنسان عندما يأتيه آلام شديدة جدًّا، كيف يشعر بالضيق، والتعب، والعناء الشديد، عندما يأتي له حزن من أمرٍ معين، فيستغرق في حالة الحزن تلك، ولم يعد يشعر بحالة فرحٍ، ولا ارتياحٍ، وأصبح يعاني نفسياً من تلك الحالة، من الحزن الشديد، أو الضجر والغضب والضيق النفسي، الذي يجعله- في بعض الحالات- يتمنى الموت، الإنسان في بعض الحالات- كثيرٌ من الناس- من شدة الضيق النفسي، من شدة العناء، من شدة الهم، من الكدر، من الضجر، قد يتمنى أن يموت، أو من الألم كذلك، البعض من شدة الألم قد يتمنى أن يموت، هذه الحالة عندما تعرِض لك، هي ليست إلَّا نموذجاً مصغَّراً جدًّا جدًّا جدًّا عمَّا يمكن أن يحصل لك في الآخرة، عند الهلاك والعياذ بالله، إذا كان مستقبل الإنسان إلى العذاب.

 

ما يأتيك هناك في عالم الآخرة من العذاب الجسدي، والأوجاع الشديدة جدًّا في كل جسمك، في كل مكانٍ من جسمك، ما يأتيك على المستوى النفسي من الضيق الشديد، من الضجر الشديد، من الهمِّ الشديد، من العناء الشديد، أمرٌ رهيبٌ جدًّا، لا يماثله أي شيء في هذه الدنيا، من أشد آلامها، ولا من أشد وأضيق حالات الضيق فيها، من الضجر، والهم، والغم، والحزن الشديد، كل هذا يجتمع على الإنسان في جهنم، يجتمع ويدوم، ويدوم، إلى حد أنه ولا مثقال ذرة من الراحة، أو النعيم، ولا لحظة واحدة، ولا ثانية واحدة، ولا بمقدار ثانية واحدة يمكن أن تشعر فيها بالراحة، أو أن يفارقك فيها ذلك الهمّ، أو ذلك الضيق، أو ذلك الضجر، أو ذلك الحزن، أو ذلك العناء النفسي، عناء نفسي للأبد.

 

متى تستفيد في استشعار هذا بشكلٍ أكثر؟ عندما تمر بهذه الحالات:

 

عندما ترى تعبك من الضيق النفسي، أو الضجر، وترى أنه إذا استمر لك لساعات أحياناً، ضيق معين، ضجر معين، غم وهمّ معين، البعض من الناس إذا استمر لهم لفترات طويلة يصابون بالأمراض النفسية، أو يصابون بالجنون، أو تأتيهم أسقام ومعاناة كبيرة جدًّا، وأمراض شديدة جدًّا، فأنت في نفس الحالات؛ لأنك ستكون أكثر تذكُّراً، أكثر اعتباراً، أكثر استشعاراً لأهمية هذه المسألة، في الحال الذي تشعر فيه بحالة الهمّ، الضيق، الضجر، العناء النفسي، أو الحزن الشديد، الغضب، تلك الحالة تذكَّر فيها، وأنت أقرب إلى أن تستشعر أهمية هذه المسألة، فترى خطورة أن تفرِّط، وأن تبتعد عن هدي الله “سبحانه وتعالى”، فتورط نفسك للذهاب إلى ذلك الهلاك، إلى ذلك الخسران، الخسران الرهيب جدًّا جدًّا، الذي ستعيش فيه الهمّ، والغم، والضجر، والضيق، والتعب، والألم، للأبد، فلا تعيش لحظةً واحدة من الراحة النفسية والجسدية، ولا لحظة واحدة يمكن أن يخفف عنك ذلك العذاب النفسي والجسدي في الحياة الثانية، الحياة الأبدية، الحياة الأخرى.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الرابعة 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر