مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------

🎙️ 🎙️. 🎙️. 🎙️   

......................................

الـعــنوان : دروس تربوية وجهادية من قصة طالوت 

الـتـاريـخ : 

الجمعة الثالثة من شهر ربيع الأخر 1443هـ

الـرقـــم ( 23) لسنة 2021م 

المـوافـق : 26 / 11 / 2021م 

➖➖➖➖➖➖➖

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

 

الحمد لله القائل: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، يخلق ما يشاء ويختار، لا تَرَاهُ النَّوَاظِرُ، وَلَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، الَّذِي صَدَقَ فِي مِيعَادِهِ، وَارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، وَقَامَ بِالْقِسْطِ فِي خَلْقِهِ.

وأشهد أن سيدنا وأسوتنا والأحب إلى قلوبنا محمدا عبده ورسوله القائل: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي" صلوات الله وسلامه على النبي المصطفى والحبيب المجتبى فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى، وَبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى، سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُهُ، وَشِهَابٌ سَطَعَ نُورُهُ، وَزَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُهُ، سِيرَتُهُ الْقَصْدُ، وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ، وَكَلَامُهُ الْفَصْلُ، وَحُكْمُهُ الْعَدْلُ، أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَهَفْوَةٍ عَنِ الْعَمَلِ، وَغَبَاوَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن صحابته الأخيار المنتجبين، من الأنصار والمهاجرين.

أما بعد/ عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، ومراقبته في السراء والضراء، والخوف منه في الغيب والشهادة، والتسليم لأوامره في المنشط والمكره، والسلم والحرب، والاستعداد ليوم الحساب والفصل بين العباد، والتزود بزاد التقوى والجهاد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

أيها المؤمنون:

نتوقف في هذا اليوم المبارك، وهذه الجمعة المباركة عند آيات محكمات بينات من سورة البقرة، هذه الآيات المباركة تتكلم عن قصة طالوت وجالوت، طالوت الذي مثل جبهة المظلومين المستضعفين، وكان خير قائد وقدوة للقلة القليلة من المستضعفين الواعين، الذي وهبه الله سبحانه وتعالى وأكرمه بمؤهلات ومميزات قيادية ذكرها الله في سورة البقرة قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} هذه المواصفات تمثل معايير إلهية من قبل الله لكل من يُهيئه الله لإنقاذ المستضعفين الذين يمنحهم الله قيادة مرتبطة بالله وواثقة به ومتوكلة عليه ومراقبة له.

أما جالوت فقد مثل جبهة الظلم والطغيان والاستكبار والعدوان، وكان نموذجا سيئا للقائد أو الأمير المتسلط والمستبد والمعتدي الذي استطاع أن يجند لأهدافه الشيطانية والطغيانية الكثير من السذج والأغبياء والإمعات وعباد المال والدنيا، كما هو الحال اليوم مع من جندوا أنفسهم جنودا رخيصين لأهداف نجد (قرن الشيطان) ومملكة الإفساد والطغيان، ولمشاريع أمريكا ومخططاتها الشيطانية.

ست آيات قرآنية فيها من الدروس الإيمانية والتربوية والروحية والمعنوية، وفيها الكثير من الدروس الجهادية والعسكرية المهمة والمفيدة لواقعنا ومرحلتنا الراهنة التي تشبه إلى حد كبير مرحلة بني إسرائيل من بعد أن أرسل الله إليهم موسى، وقبل أن يبعث إليهم طالوت لتخليص بني إسرائيل من جالوت الذي تسلط عليهم من جديد بعد أن أنجاهم من فرعون لكنهم سرعان ما فرطوا وتنكروا للمشروع والتعاليم الإلهية التي جاء بها موسى وتفرقوا وضعفوا وذاقوا مرارة التفريط بدين الله فهيأ الله لهم قيادة جديدة تمثلت في طالوت.

عباد الله:

إن من الأهمية بمكان أن نأخذ الدروس ونستلهم العبر من مجريات وأحداث هذه القصة، والوعي بأن شخصية طالوت القيادية ومعركته مع جالوت وجنوده المجرمين لم تُذكر للتسلية، ولم ينزل الله في شأنها قرآنا يتلى ووحيا يرتل لمجرد التلاوة والترتيل لآياتها فحسب، أو لمجرد أن يقوم العلماء باستخراج الأحكام التجويدية أو استنباط المسائل الفقهية أو المصطلحات الفكرية والوقوف عند الشواهد النحوية والبلاغية وكفى.

 

إن في إيراد قصة طالوت وتوثيقها بوحي من السماء ما هو أهم وأولى بالاهتمام والتدبر، ومما هو الأولى والأهم في هذه القصة هو: الوعيُ بقضيةٍ هامةٍ وجوهرية وأساسيةٍ لها ارتباطُها الوثيقُ والمباشرُ بدين الناس ودنياهم وحاضرهم ومستقبلهم وهي قضية القيادة التي تحتاج إليها كل أمة من الأمم؛ فكل أمة لا بد لها من قيادة، والشعوب عندما تستضعف وتُذَلُ وتُقهرُ ويسومها المجرمون سوءَ العذاب لا بد أن يحسنوا الظن بالله، وأن يسألوا الله أن يجعل لهم قيادة ليخرجوا من جحيم الاستضعاف، وذل الطغيان، وليتحرروا من هيمنة المستكبرين، وهذا ما فكر فيه بنو إسرائيل وطلبه الملأ منهم بعد أن ذاقوا ما ذاقوه، وعانوا ما عانوه من تسلط واستبداد وإفساد جالوت قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

وما أحوج أمتنا المستضعفة اليوم إلى أن تفكر هذا التفكير، وأن يصل عقلاؤها وعلماؤها ومرشدوها إلى هذه القناعة التي توصلهم إلى معرفة القادة الحقيقيين، والتولي للقادة المصلحين، والسمع والطاعة لأعلام الهدى والحق المجاهدين الجديرين بقيادة الأمة، الرحماء بها إذا قادوها، والحريصين على مصالحها إذا صدقت الأمة في التولي لهم، والساعين لإقامة العدل في هذه الأمة، وانتزاع حقوقها وتحقيق الأمن والاستقرار لها، وهذا ما حققه الله بفضله وكرمه على يد طالوت، ثم بفضل من جاهدوا وثبتوا معه من الفئة المؤمنة القليلة التي غلبت وهزمت طالوت وجيشه الكبير، وهذا ما سيتحقق قريبا بفضل الله وكرمه على يد طالوت اليمن، العبد الصالح المؤمن التقي المجاهد السيد القائد، وهذا ما يلمسه الشعب اليمني اليوم من هذه القيادة الإيمانية التي وهبها الله بسطة في العلم الجسم ورباطة جأش وحكمة وحنكة وشجاعة قلّ نظيرها في هذه الأمة، هذا القائد المبارك المرتبط بالله سبحانه وتعالى الذي نذر نفسه لله ولخدمة المستضعفين، ويسعى بكل جهده ليلا ونهارا، وبكل تفانٍ وإخلاص وصدق وإيمان، إلى أن يكون يمن الإيمان عند مستوى هويته الإيمانية وتاريخه المشرف المناصر للرسول والرسالة.

وإنّ من أهم الدروس التي أشارت إليها قصة طالوت والتي نحن في أمس الحاجة للاستفادة منها هو الثبات مع القيادة الإيمانية الصالحة والمجاهدة، والحذر من خذلانها؛ لأن الكثير من بني إسرائيل خذلوا طالوت بعد أن أعطوه المواثيق بالجهاد في سبيل الله معه، قال تعالى عنهم وعن الوعد الذي قطعوه على أنفسهم (قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).

وأمثال هؤلاء في أمة محمد كثيرون، أمثال هؤلاء الذين تنصلوا عن تحمل المسؤولية الجهادية والتحرك في مواجهة أمثال جالوت، وما أكثر أمثال جالوت الطاغية، وما أكثر الجهلة والسذج والمتخاذلين الذين يصمتون صمت القبور أمام طغيان الطغاة واستكبار المستكبرين ولا موقف لهم ولا نخوة فيهم أمام ما يتهدد الأمة الإسلامية من مخاطر ويحدق بها من مؤامرات.

وإن من لا يكون له موقف جهادي، ولا يحدث نفسه بالتحرك الجهادي في هذه المرحلة وبعد سبع سنوات من العدوان العالمي الذي تقوده أمريكا فهو على خطر عظيم، وإثمه إثم كبير، وعاقبته ستكون عاقبة سيئة، وسيحرم من الأجر العظيم، وسيفوته الثواب الكبير، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لَنَوْمَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً فِي أَهْلِكَ، تَقُومُ لَيْلَكَ لاَ تَفْتُرُ وَتَصُومُ نَهَارَكَ لاَ تَفْطِرُ)). 

وحتى لو كانت نية الإنسان المتنصل عن المسؤولية الجهادية: الحياد والجلوس على التل بنية العبادة لله والذكر لله أو الإرشاد والوعظ وهو لا يحمل الروحية الجهادية ولا يهمه أمر الأمة ولا يتألم لآلامها ولايتوجع لأوجاعها أمام ما تعانيه من أخطار وما يتهددها من هجمات اليهود والنصارى وأوليائهم فهو على خطر عظيم، ولنتأمل في هذه الرواية النبوية مع أحد الصحابة الذين فكروا في الحياد والاعتزال، ورغبوا في التفرغ لعبادة الله؛ فلم يُعْفِهِ النبي من تحمل المسؤولية الجهادية، ولم يرخص له في الانزواء والتفرغ للعبادة والذكر بل رغبه في الجهاد لإعلاء كلمة الله؛ فقد روي أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: مَرَّ بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةُ مَاءٍ عَذْبٍ، فَأَعْجَبَهُ طِيبُهُ؛ فَقَالَ : لَوْ أَقَمْتُ فِي هَذَا

 

الشِّعْبِ فَاعْتَزَلْتُ النَّاسَ، وَلاَ أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ؛ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّ مَقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ صَلاَةِ سِتِّينَ عَامًا خَالِيًا، أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَيُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ؟ اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.

عباد الله:

إن القرآن الكريم كما تحدث عن تنصل بني إسرائيل عن نصرة طالوت، وفضحهم وكشف خذلانهم لطالوت، وتهربهم عن الجهاد معه، كذلك تحدث عن شريحة من المسلمين الذين يتركون الجهاد في سبيل الله من أجل الدنيا الفانية، وخوفا من الموت الآتي لامحالة حيث قال عنهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}.

إنّ حالة التخاذل والتصفية التي تعرض لها بنو إسرائيل مع طالوت أمام جالوت يمكن أن نتعرض لها اليوم إذا لم نأخذ الدروس ونستلهم العبر، ونوطن أنفسنا على الجهاد مع الله وفي سبيل الله بإخلاص وصبر وتسليم لله واستجابة صادقة لله ولأولياء الله.

فلا بد أن نعتبر بأولئك الذين خذلوا طالوت قبل المعركة مع جالوت، ولنأخذ الدرس من أولئك الذين خذلوه عندما خالفو أمرَه وتوجيهَه؛ فشربوا من النهر، ومن أولئك الذين جبنوا وخارت قواهم عندما شاهدوا جيش طالوت وهم كثيرون، قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

 وكم سمعنا في بداية العدوان على يمننا من يقول بمقالة الجبناء وضعيفي الإيمان من قوم طالوت حيث قالوا قبل سبع سنوات وفي الأيام الأولى للعدوان بأنه لا طاقة لنا بمواجهة السعودية والإمارات؛ لأن معهما أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأسلحة العالم، وكم سمعنا وشاهدنا تلك القنوات والفضائيات، وتلك الأبواق التي ضخمت وكبرت السعودية والإمارات، وظنت أن معركتها مع الشعب اليمني ستكون سهلة ومحسومة النتائج لصالح أولياء الشيطان النجدي والأمريكي؛ فخيب الله آمال المنافقين والجبناء، وأذن بتأييده وانتصاراته، وصدق الله في وعده للمؤمنين بالنصر والمعية والتأييد والتثبيت، قال تعالى (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ * إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

(مسؤولية الأمة تجاه الطغيان الأمريكي والإرهاب البريطاني)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).

وأشهد أن سيدنا وأسوتنا محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.

 

أما بعد/ أيها المؤمنون:

إن علينا كمسلمين مسؤوليات وواجبات دينية في هذه الحياة وهذه المرحلة الفاصلة، ونحن كخير أمة أخرجت للناس يجب أن نكون عند مستوى هذه المسؤولية التي كلفنا الله بها في هذه الحياة الدنيا، ولن نستطيع القيام بهذه المسؤولية إلا بالثقة بالله والتوكل عليه والاستعانة به والإيمان بصدق وعوده؛ فهو القائل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

ومن أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الأمة كلها مسؤولية مواجهة الخطر الأمريكي المحدق بأمتنا في البر والبحر والسماء؛ فأمريكا على مستوى يمننا هي التي تقتل وتقصف الشعب اليمني بطائراتها وصواريخها، وهي التي تحاصر الشعب اليمني من البر والبحر والجو، ولولا السياسة الأمريكية الطغيانية والإجرامية لما أعلن هذا العدوان علينا أصلا، ولما استمر هذا العدوان طيلة سبع سنوات، ولما كان هذا الحصار الخانق على أبناء اليمن؛ فكل المآسي والجرائم والمجازر المرتكبة بحق الشعب اليمني وراءها الضوء الأخضر الأمريكي، ووراءها الحقد الأسود الأمريكي والمباركة الصهيونية، تجاه هذا الشعب الذي أراد أن يعيش حرا كريما مستقلا بعيدا عن أي وصاية أوهيمنة. والشعب اليمني قد خرج يوم الإثنين في مسيرات جماهيرية حاشدة ومباركة، جدد من خلالها التأكيد على أن العدوان والحصار والتصعيد وراءه أمريكا التي تتحكم في المشهد، وتدير العدوان على اليمن، وتشرف عليه، والشعب اليمني على ثقة كاملة بعون الله وتأييده، وسيزداد توكلا على الله وحده وهو على موعد قريب مع نصر الله تعالى قال تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

عباد الله:

أمام الإجرام والطغيان الأمريكي لا ننسى الإجرام والطغيان البريطاني؛ فبريطانيا هي التي مهدت الطريق لليهود لاحتلال فلسطين، ونفذت المشروع التأمري الغربي اليهودي والصهيوني في فلسطين والقدس، وتأتي اليوم وتزامنا مع وعد بلفور المشؤوم لتتهم حركة المقاومة الإسلامية حماس بالإرهاب، وهي التي أسست المداميك الأولى للإرهاب الصهيوني والمخطط الإجرامي لليهود، ولحرب الإبادة بحق أبناء فلسطين. وأمام كل هذه الحقائق والوقائع والشواهد التي تزيد المؤمنين وعيا بخطورة الأعداء وأهمية التحرك لمواجهتهم؛ فإنها تمثل صحوة ضمير لمن بقي فيه ذرة من ضمير وعقل ممن جندوا أنفسهم مع السعودية والإمارات، ويدعوهم ذلك إلى مراجعة حساباتهم والعودة إلى جادة الصواب وحضن الوطن الذي يتسع للجميع، ولا بد أن يقوم الجميع بإقامة الحجة وتجديد وتأكيد الدعوة لأولئك المغرر بهم - من المخدوعين الذين لازالوا يقاتلون تحت الراية السعودية الأمريكية خدمة لمشاريع وأجندات اليهود والنصارى - أن يتوبوا إلى الله، و يمسحوا هذا العار؛ فقد تجلت الكثير من الحقائق خلال سبع سنوات من الدجل والتضليل والخداع الذي ظهر للكثير من الأحرار والشرفاء والعقلاء في شبوة ومأرب، وما شاهدناه هذا الأسبوع من مواقف تصحيحية ومراجعة أخوية لقبائل جبل مراد، ومن قبل لأبناء العبدية، والإخوة الكرام من أبناء محافظة شبوة الذين عرفوا الحق والحقيقة ووصلوا إلى صنعاء ضيوفا، وتم استقبالهم بحفاوة وأخوة واحترام، وعرفوا من هو عدو اليمن وعدو الدين الحقيقي وصدق الله القائل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

أيها الإخوة المؤمنون

 يقول السيد القائد يحفظه الله الجانب الزراعي هو العمود الفقري للاقتصاد إذا اهتممنا به ، فنحن نبني اقتصادنا على نحو صحيح ، ونحقق لأنفسنا الاكتفاء الذاتي في قوتنا الضروري ، فيما يعتبر له أهمية كبيرة جداً على مستوى أمننا، على مستوى كرامتنا ، أن نعيش بكرامة ، ألا يتحكم بنا أعداؤنا فيما يدخل الينا من غذاء ، ننتج هذا الغذاء ، ونحقق الاكتفاء الذاتي فيه .

وفي الأخير نبارك عملية توازن الردع الثامنة للقوات المسلحة والطيران المسير الذي استهدف العمق السعودي، والشعب اليمني على ثقة كاملة بأن القوات المسلحة والطيران المسير والقوة الصاروخية عند مستوى الثقة بالله والتوكل عليه، وعند مستوى تضحيات الشهداء، وستلقن النظام السعودي المعتدي في قادم الأيام دروسا قاسية ورادعة حتى يوقف عدوانه الظالم، ويرفع حصاره الجائر على اليمن، وشرعية الرد والردع نستمدها من كتاب الله القائل: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ

 

الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

هذا وأكثروا من ذكر الله ومن الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطاهرين، اللهم صلِّ وسلم على نبي الرحمة ورسول الهداية سيدنا وأسوتنا محمد بن عبد الله، وعلى أهل الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا: عليٍ وفاطمةَ والحسنِ والحسين، وعلى آل رسول الله، وعلى كافة الأنبياء والمرسلين، وعلى ملائكة الله، ورضي الله عن الصحابة الأخيار المنتجبين. 

اللهم انصر المجاهدين وثبت أقدامهم وسدد رميهم واغفر ذنوبهم وأصلح أعمالهم ودبر أمورهم وسدد رميهم وضرباتهم وكن معهم حيث ما كانوا حافظا ووليا ونصيرا.

اللهم عليك بآل سعود ومن ساعدهم، وعليك بالإماراتيين ومن تآمر معهم، وعليك بأمريكا وإسرائيل ومن تحالف معهم، اللهم شتت شملهم، وفرّق جمعهم، واهزم جندهم، واجعل كيدهم في نحورهم برحمتك يا أرحم الراحمين. 

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

 

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد

بديـوان عــام الــوزارة.

---------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر