فعندما تفقد الأمة الروح الجهادية، والمحبة للشهادة، والاستشعار لقدسية الشهادة، ويتغلب عليها الوهن، والضعف، والذل، والخوف، والرهبة، وتعيش الروح الانهزامية، تسيطر عليها الروح الانهزامية؛ يسيطر عليها أعداؤها، يقهرها أعداؤها، يذلها أعداؤها، ولذلك وصل الحال- وللأسف الشديد- في واقع أمتنا الإسلامية أنَّ تدني الروح الجهادية، وغلبة الوهن في واقع الأمة على مدى قرونٍ من الزمن، انحدر بالأمة نحو الأسفل، إلى درجة وإلى مرحلة أن يتمكن اليهود الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضبٍ من الله، تمكَّنوا من إذلال هذه الأمة، هذا أمر مؤسف جدًّا، وانحدار رهيب، وانحدار شديد جدًّا، انحدار رهيب، انحدار خطير في واقع الأمة.
ثم كان لهذا نتائجه في التخاذل الكبير، عندما نقارن في واقع الأمة فيما يتعلق بإمكاناتها، وكثرة عددها، والرقعة الجغرافية المنتشرة فيها، ثم نجد واقع هذه الأمة، ومستوى ثقلها، وتأثيرها، وقوتها، ودورها العالمي بحيث تشكِّل رقماً كبيراً فاعلاً، يفرض المعادلات على مستوى الساحة العالمية، نجد ما يؤسفنا، ما يحزننا كثيراً، حالة مختلفة تماماً، وتتجلى مع الأحداث أكثر فأكثر.
ومن الشواهد الواضحة: واقع الأمة اليوم تجاه ما يعانيه الشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ من هذه الأمة، جزءٌ منها كأمة، هو منها، من أبنائها، وكذلك على مستوى الأرض، أرض فلسطين هي من الأرض الإسلامية، من بلاد المسلمين، من بلاد العرب.
الواقع الذي يحصل اليوم، والشعب الفلسطيني يعاني معاناة كبيرة جدًّا من همجية العدوان الإسرائيلي، المدعوم غربياً، وفي المقدِّمة: المدعوم أمريكياً، الشعب الفلسطيني وهو يعيش فصلاً من فصول الإجرام الصهيوني اليهودي، الذي هو معتدٍ على فلسطين، ومحتل لأرض فلسطين، ويمارس الإجرام والظلم والطغيان بحق الشعب الفلسطيني لأكثر من سبعين عاماً، على مدى زمنٍ طويل، أمام هذه المأساة الكبيرة، كيف هو موقف الأمة الإسلامية بالنظر إلى حجمها، موقف المليار وأكثر من نصف مليار مسلم؟ كيف هو دورهم في الذود عن الشعب الفلسطيني، في إنقاذه من تلك المظلومية الرهيبة؟ موقف محدود، وموقف ضعيف.
العدو الصهيوني اليهودي يمارس أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، بدءاً بالقتل الجماعي، والإبادة الجماعية، التي يتفنن فيها بكل أساليبه الإجرامية:
من القتل الجماعي للناس (للفلسطينيين) وهم في منازلهم، يستهدف الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، بما يسمونه في مصطلحهم العسكري بالأحزمة النارية، تكتيك عسكري في القصف لتلك الأحياء المكتظة بالسكان؛ لتدميرها بشكلٍ كامل، وإبادة من فيها من السكان، من المدنيين، من الأهالي، من الرجال والنساء، والأطفال والكبار والصغار، بمعنى: جرائم إبادة جماعية بكل ما تعنيه الكلمة.
القتل أيضاً بدم بارد، بالقصف العشوائي للناس وهم في مساجدهم، في مدارسهم، في مستشفياتهم، في المدارس التي لجؤوا إليها للاحتماء بها؛ لأنها تحت إشراف المنظمات الدولية والأمم المتحدة، ومع ذلك يستهدفون فيها بالقتل الجماعي للعزل من السلاح، للمدنيين.
القتل للناس بإطلاق النار عليهم في الطرقات، القتل للناس في الطرقات، التجميع لهم في بعض الأماكن ثم إطلاق النار عليهم وإعدامهم بدم بارد، يمارس العدو الصهيوني اليهودي كل وسائل الإبادة والإجرام والقتل بحق الشعب الفلسطيني، وهناك مشاهد تنقلها وسائل الإعلام كارثية، ومأساوية جدًّا، هي كافية بإحياء الضمائر الميتة، لمن يشاهد، لمن يتابع، لمن ينظر إلى حجم تلك المآسي، والمظالم، والجرائم، جرائم رهيبة جدًّا، ومشاهد مؤلمة للغاية، للأطفال بالمئات، وأكثر الشهداء- وقد تجاوزوا الأحد عشر ألف شهيد- أكثر الشهداء من الأطفال والنساء، النسبة الأكبر من الأطفال والنساء، مشاهد تدمي القلوب، مشاهد مؤلمة جدًّا، تكشف مستوى التوحش والنزعة الإجرامية لدى العدو الصهيوني اليهودي، وفي نفس الوقت حجم المظلومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني مع تخاذلٍ عربيٍ وإسلامي مؤسفٍ جدًّا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة تدشين الذكرى السنوية للشهيد 1445