مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع الإرشاد

الإدارة العامة للخطباء والمرشدين

--------------------------------

🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

 

(التهيئة النفسية لشهر رمضان)

 

1/4/2022م 29/شعبان/1443هـ

 لسنة 2022(51)

خطبة الجمعة الخامسة من شهر شعبان 1443هـ

(التهيئة النفسية لشهر رمضان)

(الخطبة الأولى)

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين القائل في كتابه الكريم: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} والحمد لله الذي منَّ علينا بشهر الصيام والقرآن، والرحمة والغفران، والعتق من النيران، شهرُ شفاء القلوب وتزكية النفوس وتطهير الوجدان، شهرُ التوبة والقربات، والتخلص من الذنوب والسيئات، ومحو الأوزار والخطيئات، شهرُ التزكية والزكوات، ومحاسبة النفس ومراجعة الذات، وتأمل الأحداث وتدبر الآيات، شهر الخيرات والبركات والتأييد والانتصارات، ونشهدُ ألَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، الذي خلقنا لمسؤولية مؤكدة، وجعل لنا أعماراً لتحقيقها محدودة، وأياماً معدودة، وجعل لنا في دينه محطات تعيننا على تنفيذ ما وجهنا، وتبليغ ما حملنا، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلوات الله عليه ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله الأطهار، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.

أمـا بـعـد/ أيها الأكارم المؤمنون:

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

فشهر رمضان الكريم هو تجلٍ لرحمة الله بعباده، وله علاقة بنفسية الإنسان ومشاعره، ومواقفه وأعماله، والإنسان في أمس الحاجة إلى هذا الشهر الكريم، وعطائه التربوي العظيم؛ لتربية نفسه وتزكيتها، وفيه يأتي التوفيق والسداد، والخيرات والبركات، والفلاح والنجاح والعون الإلهي في كل عمل صالح.

ورمضان محطة تربوية يتزود فيها الإنسان من نفحات الله الربانية ما يغسل به أدران نفسه وما يعلق بها من مؤثرات كثيرة يتعرض لها الإنسان من كل ناحية، مما يؤثر على صلاح نفسه وطهرها وزكائها؛ فيأتي رمضان ليغسل ما يعلق بالنفس، وما يؤثر على اتصالها بالله، ويؤثر على مشاعر الإنسان فتزداد خوفاً من الله، ورغبة فيما عند الله، ومحبة لله، وحياء من الله.

ورمضان يؤثر على نفسية الإنسان فتزداد صبراً وتجلداً وعملاً، ويؤثر على مواقف الإنسان فتزداد قوة وصلابة وعزيمة، ويؤثر على نفسية الإنسان فتزداد وعياً وفهماً واستبصاراً ومعرفة بالأشياء، ولكن كل ذلك يحتاج إلى اهتمام من الإنسان نفسه، بشكلٍ زائدٍ ليستفيد من كل أوقات هذا الشهر الكريم، وليزداد تأملاً وتفاعلاً، وتحسيساً للنفس بضرورة التحمل والانصياع لتوجيهات الله، وكسر شهواتها أمام توجيهات الله.

ولا بد للإنسان من أن يهتم في رمضان بما يقربه من الله، ويزكي نفسه، وأن يحرص على الاستفادة القصوى من رمضان، ولذا لابد أن يتم استقبال رمضان بالتوبة والإنابة والاستغفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، لكي يتهيأ الإنسان ويجعل من نفسيته أرضية خصبة صالحة للأعمال الصالحة.

عباد الله:

لقد جعل الله رمضان مدرسة يتعلم فيه الإنسان التقوى كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} والتقوى هي حالة نفسية يخلقها الإيمان الواعي، حالة يكون فيها الإنسان أكثر يقظة واهتماماً وانتباهاً في واقع الحياة، وخوفاً من التفريط والإهمال، وحالة التقوى تجعل الإنسان شديد الحرص على ما يقربه إلى الله، وقد أراد الله أن نكتسب التقوى في رمضان؛ لأن أساس نجاتنا وفلاحنا وفوزنا مرتبط بالتقوى، وهو وصية الله لنبيه محمد صلوت الله عليه وآله، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}، وهي وصية الأنبياء لأقوامهم في كثير من آيات القرآن التي تقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}، ونجد القرآن يأمرنا بالتقوى في مقدمة كل قضية مهمة كما قال تعالى وهو يأمر بصلاح ذات البين: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ}، ويأمرنا بالتقوى مقترناً بالجهاد فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ويأمرنا بالتقوى حق تقاته مقترناً بالصراع مع أهل الكتاب الذين يمكن أن يردونا كافرين فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}،

 

ويأمرنا بالتقوى مقترناً مع أمره بأن نكون مع الصادقين، وأن نتولاهم ونناصرهم فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}، ويأمرنا بالتقوى مقترناً بأهمية نظر الإنسان إلى ما قدم لليوم الآخر فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، ويأمرنا بالتقوى مقترناً مع القول السديد ليعقبه صلاح العمل فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}، ويأمرنا بالتقوى محذراً من قضايا خطيرة كما في نهيه عن الربا فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

عباد الله الأكارم:

لو تأملنا القرآن الكريم لوجدناه يخبرنا عن الثمار التي سيجنيها الإنسان إذا اكتسب التقوى؛ فالقرآن كتاب هداية ولكن لن يستفيد منه إلا المتقون: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}، وعندما يحمل الإنسان التقوى فإن الله سيجعل له ضعفين من رحمته ويجعل له نوراً في قلبه يمشي به في الحياة ويعرف كل شيء من حوله، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، ويجعل التقوى سبباً لمغفرة الذنوب فيقول تعالى: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}، ويجعل التقوى سبباً لتيسير الأمور وفتح باب الرزق فيقول تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، ويجعل التقوى سبباً للحصول على العلم فيقول تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}، ويجعل الرجوع السريع إلى الله والإنابة والتوبة من الذنوب من صفات المتقين فيقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}، ويجعل التقوى سبباً لكي يفتح الله بركات السماء والأرض للناس فيقول: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، وكل هذه من ثمار التقوى في الدنيا، وأما في الآخرة فيتمنى الإنسان يوم القيامة أنه كان من المتقين في الدنيا لأنها هي الحالة التي ستنفع؛ فيقول تعالى: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ويجعل الله التقوى بطاقة الدخول إلى الجنة فيقول تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً}، ثم يصف الجنة التي هي للمتقين فيقول: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ}، بل يجعل الله قبول أعمال الإنسان كلها مربوط بالتقوى فيقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ولن يقبل الله عمل الإنسان إن لم يكن من المتقين، ولهذا كله يريد الله تعالى أن نكتسب التقوى من صيام رمضان.

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم، أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رب العالمين, ونشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.

عباد الله الأكارم:

رمضان شهر القرآن، وهو شهر نزول القرآن في ليلة القدر، ومن عادة الناس أن يعودوا إلى القرآن في رمضان بشكل أكثر من أي شهر، ولكن ينبغي الالتزام بتوجيهات الله في القرآن حول القرآن حتى تتم الفائدة ويتحقق المراد من العودة إلى القرآن، وينبغي أن نتلوا القرآن بتأمل وتدبر كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} ويقول: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}؛ فينبغي أن نرجع إلى القرآن لنتأمل، ونتدبر، ونعيد صياغة أفكارنا ونظراتنا وتوجهاتنا ومواقفنا وفق القرآن، ونقيِّم الأحداث وفق معايير القرآن، وعندما نقرأ مواصفات المؤمنين والمتقين ينبغي أن ننظر إلى أنفسنا، وأن نسألها: هل هذه

 

المواصفات موجودة فينا أم لا؟ لكي نقيِّم أنفسنا ولا نغالطها، كما ينبغي أن ننظر إلى القرآن بتعظيم وتقديس، وأن ننظر إليه ككتاب هداية لا غنى لنا عنه، يدلنا على سبل الرشاد والخير والفلاح، والعزة والرفعة، والفرقان والبصيرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

 

أيها المؤمنون:

رمضان من أعظم المواسم للدعاء؛ فلا ينبغي تفويت هذا الموسم والفرصة العظيمة، ولذا جاءت آيات الدعاء متوسطة لآيات الصيام فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وما أحوجنا في هذه المرحلة إلى الدعاء ونحن نواجه العدوان والحصار، محتاجون إلى الله لينصرنا ويحفظنا ويؤيدنا، محتاجون إلى الله لينزل علينا الأمطار والخيرات والبركات، ويوسع لنا في الأرزاق والأقوات، محتاجون إلى الله ليرزقنا العافية والسعادة، محتاجون لله لينصرنا على عدونا ويثبت أقدامنا ويملأ قلوبنا بالصبر والثبات، محتاجون إلى الله ليبلِّغ بنا أكمل الإيمان، وأفضل اليقين، وأن يرزقنا التقوى الإيمان والثبات.

الأخوة المؤمنون:

كما أنه من المهم في رمضان: الاهتمام بالمساجد وإحيائها بالصلاة وبذكر الله وتلاوة القرآن واستماع الهدى، والرجوع الصادق إلى الله، وما أسوأ حال الإنسان أن يضيع ليالي هذ الشهر الكريم لاهثاً وراء القنوات الخليعة والفاسدة والمفسدة لزكاء النفس، والمضيعة لأعظم الأوقات التي منحها الله للإنسان لتزداد حسناته وتزكو نفسه، لا لتكثر سيئاته وتتدنس نفسيته، وما أسوأ أن يضيع الإنسان هذا الشهر العظيم مع مواقع التواصل الاجتماعي ومع كل ما يضيع وقت الإنسان الثمين ويفوت عليه فرصته.

المؤمنون الأكارم:

وإن من أعظم القربات إلى الله في شهر رمضان هو الاهتمام بالمستضعفين والإحسان إليهم، فالنبي صلوات الله عليه وآله يقول: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) وهذا مما يجلب حب الله وعطفه ورأفته؛ فبقدر اهتمامك بالمحتاجين يهتم الله بك، وبقدر إحسانك إليهم يحسن الله إليك، وكلما نسيت المحتاجين سينساك الله جزاء على ذلك، بل إن من مفاتيح الخير ومضاعفة الرزق للإنسان هو الإنفاق في سبيل الله؛ فالله ما أمرك أن تنفق لكي تفتقر إنما أمرك أن تنفق لكي يبارك لك في رزقك: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} بل سماه قرضاً لكي نطمئن إلى أنه سيعوضه لنا فقال تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} بل جعل الله الإنفاق شاهدًا على تصديق الإنسان لوعود الله ووسيلة من وسائل تيسير الأمور للإنسان، وجعل البخل شاهدًا على عدم الثقة بالله ووسيلة من وسائل تعسر الأمور على الإنسان وضيقها فقال تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.

أخي المؤمن:

كم هناك اليوم في الشعب اليمني بسبب العدوان والحصار من فقراء يحتاجون إلى إنفاقك؟ كم هناك من أسر شهداء؟ كم جرحى؟ كم معاقين؟ كم أيتام وكم أرامل؟ وكم هناك من أسر مرابطين ينفقون دماءهم وأرواحهم من أجلك حتى لا تُحتل أرضك ويكون واقعك كواقع الفلسطينيين؟ فهل يليق بك كإنسان مسلم مؤمن يمني أن لا تبالي بكل هؤلاء؟ وهل تريد من الله أن يبالي بك ويهتم بك ويرعاك وأنت لا تهتم بالمحتاجين؟

فكن مهتماً بهؤلاء واذكر توجيهات الله فيهم ليذكرك الله، وكم من الناس لا يهتم بأي أسرة من هذه الأسر المحتاجة وفي نفس الوقت تجد كم ينفق من مال في قات، وفي دخّان، وكم ينفق على باقات النت وغيرها من الامور الكمالية والتافهة أحياناً.

بل إن من الأمور المؤسفة جداً، أن نجد الكثير من الناس ممن وجبت عليهم الزكاة المفروضة يتحايل ويماطل في تسليمها ويأكلها ومصارفها موجودة بين يديه، وهذا بسبب غياب حالة التقوى ونسيان رقابة الله، وأن الله يحصي على الإنسان كل حركاته وسكناته وأنفاسه، وأنه سيحاسبه ويعاقبه في الدنيا والآخرة؛ لذا فإنه من المهم جدًا المسارعة في هذا الشهر الكريم إلى إخراج الزكاة ليستفيد منها الفقراء والمحتاجون، كما يجب التذكر المستمر لجرائم العدوان والحصار لتبقى دافعاً ووقوداً للتحرك الجاد في كل ميادين ومجالات الجهاد، وفي رمضان ينبغي أن نتذكر أنه شهر الجهاد والانتصارات، وفيه كانت معركة بدر، يوم الفرقان الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، وكان فيه فتح مكة، ولا زال الصراع، ولا زالت الانتصارات، ولا زلنا مجاهدين في درب الرسول صلوات الله عليه وآله، نقارع الباطل والمبطلين، ويمنحنا الله من نصره وتأييده، كما نشيد بالحشود

 

الجماهيرية التي خرجت في ذكرى الصمود السابعة، ونبارك عمليات كسر الحصار التي وصل صداها للعالم الأصم كله، ونطالب بالمزيد من الضربات لدول العدوان.

إخواني المؤمنين: 

نعم الله علينا عظيمة ومنها نعمة الغيث التي منه المفترض أن نستثمر تلك النعمة العظيمة ونحن في موسم الأمطار وأن نغتنم هذه النعمة بالمحافظة عليها من خلال تبني مبادرات مجتمعية في بناء السدود والخزانات للإستفادة من نزول الغيث علينا فالسدود هى وسيلة هامة لحفظ التربة من الإنجراف أثناء انحدار السيول عندما تكون الأمطار غزيرة وهذا يسهم في التقليل من كمية التربة المجروفة ومساحتها والأضرار الكبيرة والبعيدة المدى الناشئة عنها مثل إنهيار المنازل التي تتأثر بفعل السيول يمكن الإستفادة من الأمطار عن طريق إقامة سدود وهي سدود ترابية صغيرة أو سدود تبنى من قطع الأحجار تعترض جريان المياه ليسهل الإستفادة منها لفترة أطول وأيضاً إقامة سدود اعتراضية وهي سدود كبيرة تقام عند نهايات الأودية الكبيرة تعترض الجريان المائي وتمنع خروجه من الوادي لاستخدامها بعد ذلك وبالتالي اليوم المجتمع وفي مقدمتهم المزارعين معنيين بتحمل مسئوليته أمام الله من خلال تبني المبادرات المجتمعية بالتنسيق مع الجهات المختصة والجمعيات الزراعية ورؤوس الأموال والتجار وهذه المبادرات لها دور كبير في الإستفادة من مياة الأمطار كوننا قادمون على موسم الأمطار في بناء السدود والحواجز والبرك وكذلك على المزارعين التقليل من زراعة القات وزراعة المحاصيل الزراعية وفي مقدمتها الحبوب والبقوليات والقمح وغيرها لنصل إلى الإكتفاء الذاتي كوننا مازلنا في حصار ومواكبة التغيرات العالمية بسبب الحرب الباردة بين مريكا وروسيا وما يمثل ذلك من ارتفاع الأسعار.

وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم, وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً، ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً، ومن النارِ النجا، اللهم انصر عَلَمَ الجهاد، واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

عباد الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

 

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين 

بديـوان عــام الــوزارة.

----------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر