مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------

🎙️ 🎙️. 🎙️. 🎙️ 🎙️

 

خطبة الجمعة الرابعة من شهر ذي القعدة 1442هـ

(الخطبة الأولى)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، وأشهد ألا إله إلا الله الملك الحق المبين، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

أما بعد/ عباد الله:

أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ . وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

أيها المؤمنون الأكارم:

سنتحدث اليوم عن موضوعٍ في غاية الأهمية، هذا الموضوع له علاقةٌ بعزتنا أو ذلتنا، قوتنا أو ضعفنا، كرامتنا أو أهانتنا، هذا الموضوع يُركز عليه اليهود وأعداء الأمة بشكلٍ كبير؛ لأنهم يعرفون أنه ليس بإمكانهم أن يتغلبوا علينا ويهيمنوا علينا إلا إذا نجحوا في هذا الموضوع وفي هذا الأمر.

فما هو هذا الموضوع المهم؟ وما هو هذا الأمر الجلل؟

إنّ هذا الموضوع هو: وحدتنا الإيمانية والبديل عنها هو التفرق والاختلاف والتنازع، وبالتالي يحصل الفشل والهزيمة والهوان والضياع، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

عباد الله:

الله سبحانه وتعالى ذكر في آيات كثيرة توجه اليهود نحو التفريق، إلى درجة أنهم يعملون حتى على التفريق بين الرجل وزوجته، يقول الله: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} وهم يستخدمون كل الوسائل والطرق من أجل التفريق بين الناس، ويعملون على التفريق بين الناس تحت كل العناوين: السياسية والطائفية والمناطقية والعنصرية والجغرافية، بل ويستخدمون حتى الفرقة الدينية، أليسوا هم من يستخدمون الفرقة المذهبية؟ ويعززون الفرقة المذهبية التي بين المذاهب؟ وهم وراء تأسيس العديد من الطوائف التي تشتغل لصالحهم في هذا المجال.

وأي تفرق بين المسلمين يعتبر قضية خطيرة جداً, وهو مظهر من مظاهر الضعف, ولا يمكن لأمة على هذا النحو أن تعمل شيئاً لدينها, ولا لنفسها, ولكن - للأسف - أننا أيضاً لا نفكر في الخروج من هذه الوضعية.

أيها الإخوة المؤمنون:

إذا سألنا أي واحدٍ من المسلمين في مختلف بقاع العالم: إذا أردنا أن نكون كمسلمين أمةً قويةً فأيهما سيجعلنا كذلك؟ هل عندما نتوحد فيما بيننا أم أن بإمكاننا أن نكون أقوياء في الوقت الذي نحن فيه متفرقين ومختلفين؟! بالتأكيد أن الجميع سيجيبون: لا يمكن أن نكون أقوياء إلا إذا توحدنا، وكلما نتوحد بشكل أكبر؛ سنكون أقوياء بشكلٍ أكثر، أليس كذلك؟

إذن فجميع المسلمين يدركون أهمية التوحد فيما بيننا، وأنه لا بد من التوحد لنكون بمستوى مواجهة الأعداء والتحديات والأخطار، ولنكون أمةً قوية، وهنا سؤالٌ يطرح نفسه: لماذا لم يتوحد المسلمون على الرغم من أن الجميع يعلمون علم اليقين أنه لا بد من التوحد؟!

 

فيا من يغتصب أموال الأوقاف، كيف تتجرأ على خيانة الله ورسوله بمجرد عدم متابعتك من جهة الدولة أو المعنيين بالمتابعة؟ ألا تخشى الله؟ أليس من الواجب عليك أن تحافظ على هذه الأموال التي هي أمانة في يدك؟ ألا تعلم أنَّ هذه الأموال هي فتنة عندك؟ يقول تعالى: {وَاعْلَـمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} فكيف ترضى لنفسك أن تغذِّي أسرتَك بالمال الحرام؟ ألا تعلم بأن الله سيقف خصيماً لك؟ وإذا كان الله خصيمَك فمن سيقف معك؟ إذا كان الله خصيمك فسينزع البركة منك، وهو القادر على أن يأخذَك أخذَ عزيزٍ مقتدر.

لذلك فمن واجب الناس أن يتعاونوا مع هيئة الأوقاف، وأن يُسهِّلوا لها عملها، ويتخلصوا من كل الحقوق، وإلا فإنَّ من واجب الدولة أن تُعيد الحقوق إلى أهلها ولو بالقوة.

عباد الله:

مدينة الرياض وجدة والطائف والمدينة يصل إليها الفنانون والفنانات، والمغنون والمغنيات، والراقصون والراقصات، والمفسدون والمفسدات، والمائلون والمائلات، ويحتشد الشعب السعودي ويتجمع في دور السينما والبارات بعشرات الآلاف، بيمنا ينعون وصول ضيوف الرحمن إلى مكة والمشاعر المقدسة تحت مبرر وباء كورونا، فكيف أحلوا التجمعات في أماكن الفجور والعصيان، وسمحوا للاحتشاد في أماكن الترفيه والرقص والفساد، وحرّموا الوصول إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج؟! وهذه السياسة هي سياسة الإلحاد الذي قال الله عنه في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} والنظام السعودي العميل هيأ بلاد الحرمين الشريفين للراقصين والفنانين والفاسقين والمتبرجين والمتبرجات؛ فهل بقي لهذا النظام ذرة من دين أو إسلام أو حتى عروبة ومروءة ورجولة وإنسانية؟! ولا ننسى أن نذكركم يا أبناء اليمن بحادثة وفاجعة تاريخية أليمة ارتكبها النظام السعودي قبل أكثر من مائة عام بحق حجاج اليمن، حيث قتل جنود الملك السعودي أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني بدم بارد، وبتنسيق وتواطئ وتآمر مع بريطانيا التي كانت ولا زالت وصية على أسرة آل سعود هي وأمريكا، وقد حصلت تلك المجزرة في منطقة تنومة بتاريخ 17 من ذي القعدة 1341هجرية؛ واليوم ليس غريبا أن تُرتكب آلاف المجازر طيلة سبع سنوات من العدوان بإذن وإشراف أمريكا وهم من قد تجرأوا على قتل آلاف الحجاج العزل من السلاح، وكل هذا يؤكد على دموية ووحشية الأسرة السعودية التي تحكم الحجاز، وتتحكم بمقدراته، وتتلاعب بخيراته؛ فما علينا إلا أن نواصل الجهاد لهذا النظام، والنفير للجبهات لهزيمته وهزيمة أدواته وخدامه من المرتزقة والخونة الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مع الباطل وفي صف العار، ويقاتلوا تحت راية بني سعود وبني نهيان الفساق والمجرمين. كما نؤكد على ضرورة الاهتمام والرعاية لأسر الأسرى والمفقودين؛ لأنهم في أمس الحاجة للوقوف بجانبهم ومواساتهم، كما أنه لا بد من الاهتمام بالزراعة والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي لنكون أكثر قدرةً على مواجهة العدوان الأمريكي السعودي.

وأمام تصريحات الأمريكيين المتكررة والمتناقضة يجب أن لا ننسى الحقيقة الواضحة وهي: أنهم أعداءٌ لنا ولا يودون لنا أي خير، ومما يفضحهم أكثر هو تصنيف الشعب اليمني بأنه ينتهك حقوق الأطفال في الوقت الذي هم من قتلوا أطفالنا، وما مجزرة الأطفال في ضحيان، والطفل سميح في بني قيس، والطفلة بثينة في صنعاء إلا نماذج قليلة من نماذج كثيرة تُعبر عن بشاعتهم ونفاقهم وزيفهم وتضليلهم، وما حجبهم للمواقع الإلكترونية لقنوات المقاومة وفي مقدمتها موقع قناة المسيرة إلا شاهدٌ إضافي على زيفهم في ادعاء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكل ما سبق يحتم علينا تحمل مسؤوليتنا في مواجهة هؤلاء اللئام الأشرار.

إخواني المؤمنين :

مع استمرار الحملة الوطنية لمكافحة ذبح إناث وصغار الثروة الحيوانية التي دشنتها اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري نؤكد أهمية استشعار المجتمع بالمسئولية الدينية والوطنية في الحفاظ على الثروة الحيوانية وتهدف الحملة إلى إيقاف ذبح إناث المواشي وصغارها للحفاظ على الثروة الحيوانية وللتخفيف من فواتير الإستيراد من اللحوم والألبان ومشتقاتها، من خلال خلق وعي مجتمعي يستهدف المربي والتاجر والمستهلك.

 

طبعًا: العوامل كثيرةٌ جدًا لكن من أبرزها وأهمها هو أنّ كل من ينادي بأنه يجب أن نتوحد يقدّم طريقة ناقصة وقاصرة وغير صحيحة للتوحد، فيقولون أن بإمكاننا أن نتوحد على ما نحن عليه, وكل ناس على مذهبهم, وتجتمع كلمتنا جميعاً, ونضرب أعداء الله جميعاً! ويظن هؤلاء أن المسألة ممكنة على هذا النحو, وهي غير ممكنة, ولا تتأتى؛ لأن قضية وحدة المسلمين, ووحدة المؤمنين هي مبدأ من مبادئ دين الله المهمة, وإذا كان هناك أي مبدأ من مبادئ دين الله, أو أي تشريع من تشريعاته؛ فبالتأكيد أن اللهَ هو الذي يرسم طريقة أدائه, أليس كذلك؟ لأن هذا هو التشريع: أنّ الله هو الذي يرسم طريقة أدائه, وكيف يمكن أن يتم, وكيف نؤديه نحن. 

وهو لم يقل لنا توحدوا ونحن علينا أن نختار الطريقة لذلك! وإنما هو رسم الطريقة التي على أساسها يكون توحدنا, وهي طريقة تختلف اختلافاً كبيراً عن مسألة أن بالإمكان أن تبقى هذه المذاهب على ما هي عليه, ويجتمعوا جميعاً, وكل واحد على ما هو عليه, وكل واحد على مذهبه ضد أعداء الإسلام!. 

لأن الواقع شهد بأن الوحدة من هذا النوع غير ممكنة, وإذا كانت ممكنة أليس في هذه الأحداث ما يجعلها واقعة لو كانت ممكنة؟!.

إذن فما هي الوحدة المطلوبة والمجدية؟ الوحدة المطلوبة من عباد الله هي الوحدة الإيمانية التي تقوم على أساس: منهج واحد, وخط واحد, وقيادة واحدة, والله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ما الذي نستفيده من هذه الآية؟ الذي نستفيده هو أنّ حبل الله وطريق الله هو واحد؛ لذلك قال {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ} لاحظوا: (الحبل هنا مفرد) ولم يقل: (حبال).

بالإضافة إلى أنّ (واو الجماعة) في قوله: {وَاعْتَصِمُواْ} وكلمة: {جَمِيعاً} وعبارة: {وَلاَ تَفَرَّقُواْ} جميعها تؤكد أهمية ووجوب وضرورة الاعتصام الجماعي بحبل الله الذي كما عرفنا سابقًا أنه حبل وطريق واحد، وليس حبال متعددة أو طرق متنوعة. 

أيها الأكارم:

المسلمون عملوا في السابق (منظمة المؤتمر الإسلامي) وفشلت, وعملوا (جامعة الدول العربية) ولم يكن لها أي دور يذكر, بل أصبحنا نسميها اليوم (الجامعة العبرية)، والبعض يقول: ما دام أننا قد صرنا مذاهب متعددة فكل واحد على أصله, وننطلق جميعاً نتوحد! ما هذه أيضاً فكرة مزاج؟ نفس الشيء, لا يمكن أن تتحقق، لماذا؟ لأنه لم نعد إلى الوحدة التي رسم لنا طريقها الله سبحانه وتعالى، وقد أشرنا سابقًا أنّ الله رسم طريقها باعتبارها مبدءاً مهماً من مبادئ دينه, فهو الذي حدد كيف تكون, وتحت قيادة من, وعلى أساس ماذا, وعلى أي أساس تقوم, وهو الذي رسم رسماً كاملاً لما يؤدي بالمؤمنين إلى الوحدة، وإذا كان الله قد تدخل في مسألة سهلة، كقضية الأغنام في عهد داوود وسليمان {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}؛ أفلا يكون قد تدخل في قضية الوحدة الإيمانية التي يترتب عليها مصير الإمة الإسلامية؟! 

ولاحظوا أن الوحدة الإيمانية المطلوبة من قبل الله سبحانه وتعالى من عباده هي نفسها المنسجمة مع فطرة كل واحد من المسلمين في الواقع؛ لأن كل واحد في الواقع يعترف بأن أرقى توحد يكون له تأثير هو: أن يكون الناس على منهج واحد وقيادة واحدة, وخير شاهدٍ على ذلك شعبنا اليمني العظيم حينما ارتبط بالمنهج القويم: القرآن الكريم، كلام رب العالمين، وحينما التف حول قيادة السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي، استطاع الشعب أن يصمد في وجه العدوان لأكثر من سبعة أعوام، رغم قلة العدة والإمكانيات, بالإضافة إلى الحصائر الجائر، وعلى الرغم مما يمتلكه الأعداء من إمكانيات وأسلحة وعتاد، ومع حرصهم الشديد على زعزعة الجبهة الداخلية، وضرب الوحدة الإيمانية بين مكونات وأبناء هذا الشعب، إلا أنها باءت جميعها بالفشل والخسران.

إذن كما قلنا أكثر من مرة: الوحدة قد انتهى موضوعهاً, ورسمت منهجيتها, ووسائلها, وطرقها, وأعلامها, وقادتها, داخل كتاب الله, وأي وحدة غيرها لا تجدي.

أيها المؤمنون:

متى ستكون الأمة جديرةً بنصر الله؟ عندما تتوحد كلمتهم على منهج واحد, وتحت قيادة واحدة.

وعندما تتحرك فئة من الناس على أساس دين الله الكامل, وتحظى بنصر الله وتأييده, وتظهر أمة قوية تُعِز دين الله, وتعز نفسها, أليست هي ستكون محط أنظار الآخرين جميعاً؟ والآخرون هم من سيتخلصون مما هم عليه, وينطلقون إلى صفك, كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}. 

ماذا يعني هذا؟ عندما يحصل النصر لك, ويحصل الفتح لك, أليس ذلك سيكون محط أنظار الآخرين؟ سيخلعون أصنامهم, ويخلعون خرافاتهم, وينطلقون ليدخلوا في دين الله, وتحت راية محمد أفواجاً، أليس هذا هو المثل الحقيقي؟.

 

فعندما يحظى أولئك الذين يسيرون على هذا الشكل بنصر الله وتأييده هم من سيشدون الآخرين, ويجعلون الآخرين يتركون ما هم عليه, ألم يكن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يهاجم المشركين؟ ويتكلم عن أصنامهم وبقسوة أيضاً؟ ثم ألم يترك العرب كل تلك الأصنام, ويتجهون إلى رسول الله محمد؟ متى؟ عند ما جاء نصر الله والفتح, من أين النصر ومن أين الفتح؟ أليس من الله؟ {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ} {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً}.

فالنصر والفتح هو الذي سيجعل مواقف أولئك الذين حظوا بنصر الله وتأييده محط أنظار الآخرين, وهم من سيرجعون إلى أنفسهم فيقولون: ما قيمة هذا الذي نحن عليه؟.

وهذه المشاعر أصبحت داخل المسلمين أيضا في هذا الزمن، أليس شعوراً كهذا حاصل داخل كثير من المسلمين في مواجهة الغرب؟ عندما رأوا الغربيين على هذا النحو: تقدم, تطور, حضارة, إنتاج, تصنيع, والذين انبهروا بهم, ألم يحاولوا أن يتركوا هذا الدين على الرغم من عظمته, وعملوا على أن يلحقوا بركاب الآخرين؟. 

وقد ظهر في الأمة مثقفون يدعون إلى التخلي عما نحن عليه, وأن نتثقف بثقافة الغرب, حتى نلحق بركاب الغرب! ألم تصبح النساء في الدول العربية متبرجات كالنساء الغربيات؟ وهم عندما يعملون هذه ماذا يعني؟ يتنكرون للقيم الإسلامية؛ لأنها لا جدوى منها في نظرهم, نحن نريد أن نلحق بركاب الغرب!. ألم ينشدُّوا إلى أولئك؟ ما الذي جعلهم ينشدون إلى أولئك؟ هو انبهارهم بمظاهر الحياة لديهم, أليس كذلك؟ وهكذا الحق عندما يجد من يجسده, من يعبر عنه, من يتحرك على أساسه, هو من سيحظى بتأييد الله ونصره وعونه, وهو حينئذ من سيكون محط أنظار الآخرين. هذه الشواهد بين أيدينا, شواهد من حركة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), وشواهد من واقعنا نحن في مواجهة الغرب, واليهود والنصارى يعرفون هذه المسألة, عندما يقال لهم: العرب أصبحوا متفرقين, يقولون: لكننا نخشى أن يظهر محمد جديد فيلتفون حوله! لذلك في الوقت الذي يحاولون أن يغذوا التفرق بكل وسيلة, هم يحاولون أيضاً أن لا يظهر صوت إسلامي صحيح من أي بقعة كان؛ لأنهم يدركون أن المسلمين سيتخلون عما يكتشفون أنه باطل, ويلتفون حول ذلك الحق الذي لمسوا أنه حق وراءه يد الله الغيبية تدعمه.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

  • الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للهِ السميعِ البصير الذي لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبدُه ورسولُه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.

أما بعد:

يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ويقول: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وقد تجلت كل معاني الأخوة الإيمانية ومعاني الألفة في الشعب اليمني الكريم، ومن أعظم تجليات ذلك في شعبنا هو موقف الشهيد البطل (أبو فاضل طومر) الذي ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء والإيثار، ولا عجب من ذلك؛ لأن تربية القرآن الكريم تخلق الناس العظماء، وقد قدّم (أبو فاضل) شهادةً على عظمة القرآن الكريم وتربيته، وما الذي يصنعه في النفوس، وعن أثر القرآن الخارق في بناء النفوس، وعن عظمة القيادة التي يتولاها، وموقف الشهيد (طومر) لن يزيدنا إلا ثباتًا وصمودًا في مواجهة العدوان حتى يأتي النصر المؤزر بإذن الله سبحانه وتعالى.

أيها المؤمنون:

يقول الله سبحانه وتعالى عن اليمنيين: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فالكرم والجود صفتان ملازمتان لليمنيين، ويدل على ذلك إنفاقُهم في وجوه البر ووقفهم لأموالهم في شتى مصادر الخير، وقد انتشرت أموال الوقف في كافة ربوع الوطن، حتى بلغ عدد مصادر الوقف أكثر من مائة مصدر، وهذه نعمة عظيمة لو حافظنا عليها، ورعيناها حق رعايتها. لكن للأسف ضيّع الكثير من الناس أموال الوقف، وأهملوها، بل وتملَّكوها وأكلوها حراما، وجهاراً نهارا؛ فأين تمكن المشكلة؟ ولماذا صار البعض يتملك هذه الأموال بدون أن يؤنِّبَه ضميرُه بالجرم الذي يرتكبه؟ إنَّ السببَ الذي يجعل الإنسان يطمع في هذه الأموال هو عدمُ الخوف من الله، وهذه مشكلة كبيرة بحد ذاتها، فمن لا يخاف الله كيف سيتورع عن أكل الحرام؟!.

 

فالمسئولية مشتركة بين المزارعين المربين للثروة الحيوانية والتجار والمستهلكين من المجتمع ودعوة لروؤس الأموال والمستثمرين وأصحاب المشاريع الصغيرة أن يتبنوا تربية الثروة الحيوانية وتسمينها كون هذا الإستثمار يعد من أهم الإستثمارات الوطنية التي تعود بالنفع على المستثمرين والمربين والمستهلكين والدولة 

ومن بين الخطوات التنفيذية لهذه الحملة ضبط المخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحقهم

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.

ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في مختلف الجبهات، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا أكرم الأكرمين، {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

 

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد

بديـوان عــام الــوزارة.

----------------------------

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر