مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

نحن هنا نسمع في هـذه الآيات {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} (فاطر: من الآية36) وكأنه فقط أولئك الكافرون أما نحن من قد أسلمنا - ولو انطلقنا في أعمال كأعمال الكافرين - فإننا بعيدون عن هذا التهديد، وعن هذا الوعيد. هل هذا صحيح أم لا؟ ليس صحيحا أنه فقط من يحملون اسم كافر هم وحدهم من سيعذبون؛ لأن الكافر لا يعذب على اسمه، لأن اسمه كافر، يعذب على أعماله أعمال يعملها: إعراض عن دين الله، صد عن سبيل الله، عمل في سبيل الطاغوت.

أو لم يكن في المسلمين من كانت أعمالهم أسوأ من أعمال أولئك الكافرين؟ بلى هناك في المسلمين من يظلم، في المسلمين من يصد عن سبيل الله، في المسلمين من يقتل القائمين بالقسط من عباد الله. فهل أن الله سبحانه وتعالى إنما يعذب أولئك على أعمالهم لأن اسمهم كافرون،

أما أنت متى حملت اسم إسلام فلن تعذب؟ سيصبح الحال حينئذ يصبح الإسلام عبارة عن رخصة للمجرمين، أنت تريد أن تحصل على ترخيص لترتكب كل الجرائم ثم لا تعذب؟ إذاً قل: [لا إله إلا الله، محمد رسول الله] يصبح الإسلام هكذا، ويصبح الكافرون كل واحد منهم أحمق. أنت لم تسلم لأنك لا تريد أن تبتعد عن هذه الأعمال التي أنت عليها. أسلم إذاً وبإمكانك أن تستمر عليها، ثم عندما تقدم في يوم القيامة سيشفع لك محمد، وتدخل الجنة. يصبح الإسلام حينئذ وسيلة أمن للمجرمين، وبطاقة ترخيص للمجرمين.

فبدلا من أن تكون مجرما، تتهدد بهذا التهديد الشديد، ويواجهك المسلمون بالاحتقار، ويواجهونك بسيوفهم في الدنيا، كن مجرما محترما، أسلم لتكن مجرما محترما،

أليس هذا هو إسلام من يقولون بأن الشفاعة لأهل الكبائر؟ الإنسان هو الإنسان، رغباته، شهواته، مطامعه، هو هو، سواء كان يهودياً، أو نصرانياً، أو وثنياً كافراً، أو مسلماً.

أنظر إلى واقع الناس في هذه الدنيا الآن، في هذا الزمن، أليس البشر فيها من طوائف كثيرة؟ اليهودي والنصراني، والوثني، والمسلم، والمسلمون باختلاف طوائفهم؟ انظر إلى واقعهم كناس رغباتهم واحدة، شهواتهم واحدة، مطامعهم واحدة، الإنسان هو الإنسان، الجرائم التي تنطلق منك وأنت كافر هي نفسها إذا ما سرت وراء شهواتك هي نفسها التي ستنطلق منك وأنت مسلم، تنطلق من اليهودي، والنصراني بشكل واحد سواء.

إذاً فلماذا مجرمون يعذبون، ومجرمون لا يعذبون؛ لأنهم يحملون أسماء مختلفة؟ هل هناك بين الله وبين أحد قرابة، أو الله سبحانه وتعالى يداهن أحدا، أو يكيل بمكيالين، كما نقول عن أمريكا؟ الناس هنا يقولون عن أمريكا: إنها تكيل بمكيالين،

إذا ما انطلق الإسرائيلي ليقتل الفلسطيني لا تلتفت إليه، ولا تدينه، وإذا ما اتجه الفلسطيني ليقاوم ويدافع عن نفسه المحتل لأرضه قالوا: إرهابي. قالوا: هذا كيل بمكيالين. لماذا لا تعاملهم سواء على الأقل، فتقول: هذا عنف، وهذا عنف، وهذا إرهاب، وهذا إرهاب؟

حينئذ ستصبح القضية هكذا: أن الله سيكيل مع الناس بمكيالين، فمجرمون ينطلقون في شتى الجرائم، وكبارها، يظلمون عباد الله، ويصدون عن سبيل الله، ويحرفون دينه، وينشرون الفساد في أرضه، ويهتكون أعراض عباده ثم سيشفع لهم محمد.

الكافر ماذا يعمل إذاً؟ هل هناك نوع آخر لدى الكافر؟ إنما يعمل هكذا عندما نقول: إن الزنا محرم، هو محرم، لكن لماذا يعذب عليه الكافر ولا يعذب عليه من اقترفه ممن يحمل اسم إسلام؟! أليست عملية واحدة؟ وجريمة واحدة عند اليهودي، والنصراني، والكافر والمسلم؟ هي فاحشة، الظلم هو نفسه، ليس هناك نوع من الظلم لا يمكن أن يصدر من الكافر، أو لا يمكن أن يصدر من المسلم، الأعمال واحدة التي نريد أن نفهمها: أن الناس كناس على اختلاف العناوين اتجاهاتهم واحدة، وجرائمهم، ومطامعهم، وشهواتهم، ومقاصدهم واحدة، فلماذا ناس يعذبون وناس لا يعذبون على جرائمهم؟ يصبح الدين حينئذ بدلاً من أن يكون دينا للحياة، بدلاً من أن يكون ديناً لمكافحة الجريمة، بدلاً من أن يكون ديناً كما قال الله عنه، ليزكي النفوس، ليطهرها يصبح عبارة عن رخصة لكل من يريد أن يستمر في إجرامه.

فبدلاً من أن تبقى مستحقاً للعذاب الشديد، أسلم. والإسلام مجرد قول، ثم ابقَ على أعمالك، وحينئذ لا جهنم، وحينئذ ستدخل الجنة مع المؤمنين، وسيشفع لك محمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم). ألم يصبح الإسلام حينئذ عبارة عن رخصة؟ ألم يصبح ديناً بدلاً من أن يكافح الجريمة يشجع عليها؟ بدلاً من أن يخوف النفوس؛ ليزكيها، ليطهرها بتشريعاته وهديه، هو من يؤَمِّن تلك النفوس لتغرق في مستنقع الرذيلة والجريمة؟

فعلاً سيصبح الدين هكذا؛ ولهذا الله سبحانه وتعالى في القرآن تحدث عن بني إسرائيل بأن كثيراً من جرائمهم بما فيها قتل الأنبياء، وبيع الدين، وبما فيها استحلال أموال الآخرين عندما يقولون: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} (آل عمران: من الآية75) قال عن ما يدفعهم إلى ذلك هو: أنهم يعتقدون أن النار لا تمسهم إلا أياما معدودة. أي: أن هذه العقيدة تشجّع على الجريمة، وتعمل على أن تغرق النفوس في مستنقع الجريمة والرذيلة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (آل عمران:24) ألم يعلل بأن عقيدةً كهذه هي وراء الجريمة، وهي عقيدة تدفعك إلى الإجرام.

إذاً، فليست من دين الله لهذا قال: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} خدعوا أنفسهم بالكذب، وفعلا لا تزال عقيدة قائمة عند اليهود إلى الآن.

بعض الناس قد يسأل هل يرى اليهود أنهم إلى النار؟ يرى أن النار لن تمسه إلا أياما معدودة، فكل ما يعمله [شارون] لو رأى نفسه مجرما، لو رأى نفسه مستحقا أن يدخل النار، فهو عندما يدخلها قد يبقى فقط سبعة أيام مقابل سبعة آلاف سنة هي عمر الدنيا، أو على أكثر قول لديهم سيبقى الواحد منهم أربعين يوما في جهنم على عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل، ويخرج، وحينئذ لا يكترث بما يرتكب في الدنيا.

هي العقيدة التي كانت وراء ظلمنا نحن المسلمين من داخل المسلمين أنفسهم على أيدي الجبابرة من الطواغيت، الخلفاء، الملوك، الحكام، الرؤساء، والسلاطين بمختلف العصور، وهناك من علماء السوء من يؤمّنهم أن محمدا (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) سيشفع لهم مهما كانوا مجرمين، فينطلقون لظلم الناس لتسفك دماؤهم، وينطلقون للصد عن دين الله، وينطلقون فيه وهم آمنون من جهنم، أنهم لن يدخلوا جهنم،

واليهودي يرى أنه سيدخل جهنم وسيبقى أياما معدودة، وأما صاحبنا فإنه يرى أنه لن تمسه النار إطلاقا. اليهود قالوا: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ}

أما نحن المسلمون فُقناهم في هذا القول، فقلنا: ولا أياما معدودة، ولا لحظة واحدة، سيأخذ بيدك محمد ويمنحك وسام الشرف، شفاعته، فتدخل مع أولئك المؤمنين الجنة. أليس هذا قولاً أبعد من قول اليهود؟ أليست عقيدة أسوأ من عقيدة اليهود؟ هي نفسها وراء ظلم الكثير من الخلفاء والملوك، والرؤساء في كل عصر من العصور، هناك من أمّنهم.

 

القرآن الكريم تنزلت كثير من آياته في مكة، وعندما تسمع كلمة: [كفر] وكلمة: [شرك] فلأن من في الساحة وهو يخاطبهم، ويعمل على أن ينقلهم من الوضعية التي هم فيها، هم مشركون، كافرون، فتأتي العبارات على هذا النحو، ولأن الله يريد من عباده - وهو الشيء البديهي لو فهمناه - أنه عندما ترون هذا الوعيد الشديد لأولئك فهل تفترضون أننا نريد أن ننقلهم من اسم ليحملوا اسماً آخر، ثم ليبقوا على ما هم عليه، وحينئذ فلا يعذبون؟

أنت اسمع عندما ترى الآيات الكثيرة تتهدد الكافر، انظر لماذا الكافر؟ هل لأن اسمه كافر [ك ا ف ر] أم لأنه على حالة هي تحول بينه وبين أن يتقبل هدى الله؟ لماذا المشرك؟ ولماذا تلك الهجمة الشديدة على أشخاص يعبدون أحجارا وهم يعلمون، والله يعلم، ورسوله يعلم أن تلك الحجر لا تستطيع أن تعارض الله، ولا أن تكون ندا لله، ولا أن تكون كفؤا لله، ولا أن تنازع الله في ملكه، لماذا هذه الهجمة؟ لأن هذا الشخص الذي يعبدها ولا يؤمن بالله كإله واحد، هو نفسه لن يكون لديه قابلية أن يتقبل هدي الله، سيبقى معرضاً عن تقبل هدي الله؛ الشرك لهذا،

إضافة إلى أنه قول باطل، تأثيره على صاحبه أنه إذا أنا لست مؤمناً بوحدانية الله، فلن أؤمن برسوله، ولن أؤمن بكتابه، وحينئذ يكون واقعي أنني معرض عن هدي الله، بل سينطلق ذلك المشرك إلى ميادين القتال للصد عن سبيل الله.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(معرفة الله – وعده ووعيده)

الدرس الخامس عشر

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 8/2/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر