مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع الإرشاد

الإدارة العامة للخطباء والمرشدين

 

الـعـنـوان ( لماذا الصرخة ؟) 

 

التاريخ / 19/ 10 / 1443هـ

المـوافـق / 20 / 5 / 2022م 

الـرقــم / ( 59)

خطبة الجمعة الثالثة من شهر شوال 1443هـ

 

 

(الخطبة الأولى)

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العالمين القائل في كتابه الحكيم: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا بِحَوْلِهِ وَدَنَا بِطَوْلِهِ مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَ فَضْلٍ وَ كَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَأَزْلٍ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَنُؤمِنُ بِهِ أَوَّلًا بَادِياً، وَنَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَنَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً.

ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَ إِنْهَاءِ عُذْرِهِ وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته الأخيار المنتجبين.

أمـا بـعـد/ أيها الأكارم المؤمنون: 

مع بداية الألفية الميلادية الثالثة بدأ واقع الأمة الإسلامية يجري بشكل متسارع نحو الهاوية والانحدار، وبدأت مرحلة جديدة من الهجوم الاستعماري الشامل على الأمة من قبل أمريكا وإسرائيل هي أسوأ من مراحل الاستعمار السابقة في أيام الحملات الصليبية والاستعمار الغربي للمنطقة العربية، حيث كانت هجمة شاملة تستهدف فكر الأمة وثقافتها ومناهجها ووحدتها واقتصادها وإنسانها وأرضها، وكانت حملة استعمار واستعباد واحتلال وإذلال وانتهاك وإهانة؛ ففلسطين ازداد حالها سوءاً، وانتقلت النكسات والنكبات التي عانتها في تاريخها من قبل اليهود إلى نكسات ونكبات تتلقاها الأمة كلها في العراق وأفغانستان، والبقية خضعوا واستسلموا للاستعمار الفكري والثقافي وتغيير المناهج والانضواء تحت المضلة الأمريكية فيما تقرر وتريد ضد مقدسات الأمة وخيراتها وأبنائها، وأصبح هذا هو واقع الأمة، تلك الأمة التي قال الله عنها: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، والأمة التي قال الله لها: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا} أصبحت أمة متفرقة معتصمة بحبل أمريكا لا بحبل الله، والأمة التي قال الله عنها: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} أي لتكن أفضل الأمم التي تقدم الشهادة على كمال الله فأصبح هكذا واقعها، وأصبحت تقدم الشهادة على كمال الله وكمال منهجه من زاوية أن حالها أصبح هو الأسوأ عندما ابتعدت عن نهج الله وكتابه، وفي يمن الإيمان وشعب الأنصار لم يكن الحال أفضل إن لم يكن نظامه آنذاك من بين الأنظمة الأكثر خضوعاً واستسلاماً وتماهياً مع المشروع الأمريكي وتوجهاته، وتسليماً لتوجيهات أمريكا، أما من كانوا يسمون في اليمن بالإسلاميين فقد تبخر إسلامهم وتغير منطقهم بعد تهديدات أمريكا، وخفّ حديثهم عن فلسطين، وضاعت غيرتهم على المقدسات، وأصبح منطقهم ليناً متقرباً متودداً إلى أمريكا.

عباد الله:

رغم كل ذلك لا يمكن أن يتخلف ما قاله النبي صلوات الله عليه وآله عن اليمن واليمنيين وهو يشير إلى المستقبل حين قال: (إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن) وقال: (إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن) وأي فتنة أعظم من الخضوع لأمريكا وإسرائيل واليهود والنصارى المنحرفين عن هدي الله والمحرِّفين لكتبه والمفسدين في الأرض؟ǃǃ أي فتنة أعظم من تخلي الأمة عن أوامر الله واستجابتها لأوامر أمريكا؟ وأي فتنة أعظم من تخلي الأمة عن هويتها ومبادئها وقيمها القرآنية الإسلامية المحمدية وانسياقها خلف من قال الله عنهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ}؟ ولكن الله الرحيم بعباده لا يترك الأمة هملاً دون أن يقيِّض لها من يرشدها.

وأمام تلك الفتن وذلك الواقع تحرك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) وهو يرى الأمة بين ساكت وخاضع، والكثير لا يفهم ما يحدث، وما خطورة المرحلة ولا يعرف ما يراد بالأمة، والبعض يعرف ولكنه لا يجرؤ على الكلام؛ لكن الشهيد القائد بفهمه لكتاب الله يفهم خطورة المرحلة وإلى أين تريد أمريكا وإسرائيل أن تصل بالأمة، ونظر إلى قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ

الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ

 

الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ولذلك لا يمكن أن يسكت ويقعد، وحمل الشجاعة والقوة والثقة بالله فصدق عليه قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً}، ولم يرَ نفسه معذوراً ولا معفياً من المؤاخذة الإلهية إن سكت وقعد ولذلك تحرك يرشد الناس ويهديهم بهدى الله العظيم، ومن منبع الهدى الصافي (القرآن الكريم)، ودعا الناس إلى مشروع القرآن الذي يمكنه مواجهة مشروع الشيطان والانتصار عليه، ووقف الشهيد القائد متسائلاً: لماذا نسكت ونحن لا نزال عرباً نحمل الإباء ونحمل قيم العزة والكرامة والنجدة التي تفرض علينا أن يكون لنا موقف، وديننا وإسلامنا وقرآننا يفرض علينا أن يكون لنا موقف، والله يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ} وبعد مرحلة من التذكير والإرشاد، وبعد أربعة أشهر تقريباً من أحداث سبتمبر أطلق الشهيد القائد شعار البراءة من أعداء الله ليكون عنوانًا لمشروع قرآني توعوي تربوي نهضوي حضاري.

عباد الله الأكارم:

صرخة المستضعفين في وجوه المستكبرين كانت ولا زالت عنوانًا لمشروع عملي لتصحيح واقع الأمة والنهوض بها لمواجهة التحديات والأخطار؛ لأن الأمة الإسلامية أصبحت أمة مطروحة مخترقة في فكرها وثقافتها وفي دينها، وأصبح واقعها واقع المريض الذي لا يعرف الدواء، وأصبحت الأمة تفكر وتحلل وتنظر للأمور كما تريد أمريكا، وتنطلق في الحياة كما تريد أمريكا لا كما يريد الله ولا كما يصلح واقعها، وأصبحت بحاجة إلى من يهزها لتستيقظ من غفلتها وتتنبه للواقع السيء الذي تعيشه وللخطر الأسوأ الذي تتحرك نحوه، كما كان الشعار خطوة عملية حكيمة لتحصين المجتمع المسلم من التطويع والتدجين؛ فأمريكا تعمل جاهدة على أن تحول المجتمع المسلم إلى مجتمع معجب بأمريكا، وخاضع لأمريكا، ومفتخر باتباعه لأمريكا، وأراد الشهيد القائد بالصرخة تصحيح ولاء المجتمع، حيث تعمل أمريكا بكل جد واجتهاد على حرف بوصلة العداء من الجهة التي حددها الله عندما يقول: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً. مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ} فيحرفون بوصلة العداء إلى الجهة التي تواجه أمريكا وتقف في وجه مشاريعها.

أيها المؤمنون:

الصرخة تذكر الإنسان المسلم والأمة المسلمة بعدوٍ حذرهم الله منه فقال عن تضليله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} وحذرها من كذبه وخداعه فقال: {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً} {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} وحذر من حسدهم فقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم} {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا} وحذر من بخله فقال: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} وحذر من حرصهم على تعذيب الأمة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} وحذر من ولايتهم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} وحذر من أنهم سيستمرون في حرب الأمة فقال: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} وحذر من القعود عن مواجهتهم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً} {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ

الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم، إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ

 

يم، أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رب العالمين, ونشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.

إنَّ البراءة فرضٌ لا اختيار بهِ يلقى بها العروة الوثقى من امتثلا

من شاء أن يحمل الإيمان مكتملاً فليظهر الكفر بالطاغوت مكتملا

 أيها المؤمنون:

لقد أراد الله لهذه الأمة أن تبني نفسها اقتصادياً، ولا تكون معتمدة على عدوها فيما تحتاج، وتبني نفسها سياسياً ولا تكون أمة مخدوعة مضللة بدعايات عدوها ومؤامراته، وتبني نفسها ثقافياً فتعتمد على كتابها الذي جعله الله مهيمناً على الكتب وجعل ثقافته هي الحاكمة على كل الثقافات، وتبني نفسها عسكرياً فلا تسمح لليهود بالتفوق عليها وإذلالها، وتبني نفسها لتحمل المسؤولية التي حمَّلها الله في هداية البشرية إلى طريق الله وصراطه المستقيم، والصرخة التي أطلقها الشهيد القائد هي عمل ديني فرضه الله في كتابه وتحرك به نبي الله إبراهيم (عليه السلام) ليتبرأ ممن لم يؤمن بالله من قومه، وأمر الله الأمة أن تقتدي بإبراهيم وتسير في مساره فقال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وتحرك بهذه البراءة الإمام علي (عليه السلام) في خط إبراهيم وبأمر من الله ورسوله؛ فخرج في العام التاسع للهجرة من المدينة إلى مكة بصدر سورة براءة ليعلن البراءة من المشركين والحرب عليهم: {بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ. فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ. وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} وهي صرخة الإسلام في وجه الكفر، وصرخة المستضعفين في وجوه المستكبرين، وليست طائفية ولا حزبية ولا مذهبية بل هي إبراهيمية حنيفية إسلامية، ولقد كان إبراهيم (عليه السلام) عنوان البراءة من الكافرين بينما يريد العدو اليوم وأذنابه أن يجعلوه عنوان التولي للكافرين المفسدين في الأرض الذين تبرأ إبراهيم منهم. 

الأخوة المؤمنون:

الشعار صرخة تنادي أعماق أعماق الإنسان المسلم ليستيقظ من سباته وغفلته، وتنادي فيه إباءه ونخوته وعزته وأمجاد ماضيه الإسلامي العظيم، وتناديه ليسمع صوت المظلومين في فلسطين والعراق واليمن وفي كل قطر في بلاد المسلمين، وهذه الصرخة لو لم يكن لها أثر لما حوربت طوال سنوات، ولما سجن المئات ممن أطلقها لسنوات، ولو لم يكن لها أثر لما رأينا قطعان العدوان يهربون أمام هذه الصرخة في كل عملية:

لو لم يروا موتهم يدنو بصرختنا ما حاربوها ولا من رفعها ذُعِروا

الله أكبر واجهنا الوجود بها تفكروا يا أولي الأبصار واعتبروا

 ولكن من العجيب والغريب أن البعض ما زال لا يجرؤ أن يقول الموت لإسرائيل بينما إسرائيل تقتل يومياً من إخوانه الفلسطينيين وتعتقل وتنتهك الحرمات وتدنس المقدسات، ولا يجرؤ أن يقول الموت لأمريكا وأمريكا قتلت وتقتل من أبناء أمته في العراق وأفغانستان وتقتل في كل بلد، وتقتل الشعب اليمني بسلاحها وبأذنابها وبحصارها منذ أكثر من سبع سنوات وها نحن في العام الثامن، ولا يريد أن يلعن اليهود وقد لعنهم الله في كتابه فقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} بل البعض يلعن الكثير من المسلمين ومن أفراد أسرته ولا يلعن اليهود، وها نحن نرى ما وصل إليه حال الأمة من الاستهداف والإذلال والتبعية لأعدائها، وكيف تجلت الحقائق أكثر منذ انطلاقة هذا الشعار، وكيف تبينت أهمية هذا الشعار في التوعية والتعبئة والمواجهة، وبما أن الاستهداف للأمة شامل؛ فلا بد من مشروع نهضوي تعبوي شامل، لا يتجه إلى النخبة فقط بل إلى جماهير الأمة كلها، وهذا هو ما يميز الشعار ويميز المشروع القرآني العظيم،

الذي يعمل على بناء الأمة لتحمل مسؤوليتها كما أراد الله لها. 

أيها المؤمنون:

الأوقاف في واقع الأمر بمثل ما هي ذات بُعْدٍ دينيٍ، وذات علاقةٍ بالجانب

 

ماني؛ باعتبارها من القرب التي يتقرَّب بها الواقفون إلى الله "سبحانه وتعالى"، وتتجه نحو أعمال البر والخير المتنوعة، من مثل ما هو للمساجد وله أهميته الكبيرة في إحيائها، وإحياء دورها المهم روحيا وتربويا وإيمانيا وبالتالي بكل ما لذلك من آثار في حياة الناس، في أعمالهم، في واقعهم، فيما يترتب على ذلك من نتائج في حياتهم، وأيضا أنواع البر المتنوعة، من مثل ما هو للفقراء، من مثل ما هو للمياه، من مثل ما هو لخدمات إنسانية واجتماعية، ولكن بدافع القربة إلى الله "سبحانه وتعالى"، هو يدل على عظمة الدين الإسلامي، وأنَّ كل ما فيه هو رعايةٌ للمجتمع؛ لأن الله "سبحانه وتعالى" هو غنيٌ عن عباده، }لَنْ يَنَالَ اللَّه لُحُومُهَا وَلَادِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ{]الحج: من الآية 37 [،

هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآلة؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً، ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين، واسقنا برحمتك الغيث، وانشر علينا رحمتك وفضلك يا كريم: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

عباد الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

.

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين

بديـوان عــام الــوزارة. 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر