مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}

 

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} (الأعراف: من الآية43) ما كأن الآية تعني: أن فيهم غل على بعضهم بعض، المؤمنون لا يقدَّمون بأنهم فئات في نفوسهم غل على بعضهم بعض، إلا إذا هي حالات نادرة جداً، غل من آثار الحياة هذه، غل من شقاء الحياة هذه التي كانوا يعيشون فيها، أليس المؤمنون قلوبهم مليئة غِل، غَلَّهُم الآخرون؟ ولهذا يذكر في القرآن: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} (التوبة: من الآية15) لأن هناك في الجنة ينزع الآثار من النفوس بعد الحياة هذه، والجنة ليس فيها أي غل، لا يوجد فيها أحد يقدم أشياء تغيظك نهائياً.

{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (الأعراف: من الآية43) كيف العبارات هنا بالنسبة للمؤمنين؟ هنا يقدم المؤمنين نوعية واعية فاهمة، فهموا موضوع الهدى، موضوع طريق الجنة، أن طريق الجنة يبدأ من أين؟ من طريق التوجه إلى الله، وأنه هو الذي يمنح، يعني: أنك تركز أنت أن تكون متوجهاً إلى الله وتسأله هو رضاه وجنته، تسأله هو أن ينجيك من سخطه وعذابه، أنه هو الذي يهديك إلى طريق جنته، ليست القضية مثلما تقدم بشكل آخر، منهجية أخرى أنت الذي تجمع لك للجنة على ما قد قالوا لك، وناسي الله هناك، لا يوجد التفات بالشكل الصحيح، ولهذا قدم حتى في الأعمال أن الإنسان يتوجه بها إلى الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية207)، وهكذا في كثير من العبادات.

{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} هدانا إلى هذه الغاية، {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} ماذا تعني العبارات هذه؟ إذاً فليكن توجه الإنسان إلى الله، أنه هو الذي يهديك، هو الذي يوفقك هو الذي يرشدك، ويرعاك، ويتوب عليك، ويغفر لك، وأشياء كثيرة.

{لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}(الأعراف: من الآية43) ولاحظ كم الفارق بين عبارة: {لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} عندما يقولها أهل الجنة وعندما يقول الآخرون: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} (غافر: من الآية50) كما سيأتي بعد، أهل الجنة يقولون لأهل النار:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ} (الأعراف: من الآية44) {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} (الأنعام: من الآية30). إذاً فأين أفضل أن تقول العبارة هذه وأنت في الجنة، أو أن يكون الإنسان في النار، أو يسحبون به إلى النار، نعوذ بالله؟

 هنا: {لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} (الأعراف: من الآية43) كأن هذا أيضاً من التكريم لأهل الجنة، يبين لهم قيمة عملهم: {أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الأعراف: من الآية43) لأن الله هكذا يجعل الإنسان يرتاح نفسياً فيرضى عن نفسه أنه عمل أعمالاً عظيمة، لكن هو في توجهه على النحو السابق: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}.

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} (الأعراف: من الآية45) هذا استكمال للعبارة، لا يبدو أنها مما يقوله من حكى الله بأنه سيؤذن فيقول: لعنة الله على الظالمين، لم يعد هناك سبيل يصدون عنها، وعوج إلى آخره، قد العُوج هناك، قد تجمعوا في جهنم .

يأتي هذا الأسلوب في القرآن الكريم استفساراً لعبارة معينة: من هم الظالمون؟ {الَّذِينَ يَصُدُّونَ} هنا في هذه الحياة {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ}، {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} (الأعراف: من الآية46)، الله أعلم كيف قد تكون وسيلة النداء، ليس المعنى أن الجنة والنار متقاربة، يكون هناك وسائل اتصال.

{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ} (الأعراف: من الآية46) كأن هذا في ساحة الحشر. {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} (الأعراف: من الآية46) هؤلاء الرجال كأنهم متميزون، الله أعلم ما هو الذي ميزهم يكونون هم على الأعراف، كأنها أماكن مشرفة يرون أهل النار ربما كأنهم يُمَيزون يحشرون هناك يتجمعون مثلما جاء في سورة [مريم]، ويرون الذين قد هم إلى النار والذين قدهم إلى الجنة. {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} رجال الأعراف، الذين على الأعراف يعرفون كلاً بسيماهم، بعلامات معهم مميزة. {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} أن سلام عليكم، أي السلام عليكم أنتم أهل الجنة.

هذا يبين بأنها حالة شديدة، نعوذ بالله من هذه الحالة، أن أهل الجنة يكون يطمع أنه قد دخل، لم يدخلوها بعد، وهم يطمعون أن يدخلوها، لو أن العبارة مثلاً: أن سلام عليكم أنتم أهل الجنة، أهل النار لن يدخلوها، أي لن يدخلوا الجنة، لا تخافوا أنهم سيدخلون الجنة معكم، لجاء بعبارة: لن يدخلوها، وليس لم يدخلوها.

{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا}(الأعراف: من الآية47) هؤلاء كأن الأشياء التي يعملونها طمأنة، أن سلام عليكم، يطمأنون المؤمنين؛ لأنه موقف مخيف جداً، فأولياء الله يأتي لهم طمأنة من جهة هؤلاء الناس الذين هم مشرفون على الأعراف.{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} قد خافوا هم من شدة الهول،{قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(الأعراف: من الآية47) نفس أصحاب الأعراف الذين يطمأنون أهل الجنة عندما يرون أهل الجنة يقولون سلام عليكم، ويتجهون هناك فيرون حالة رهيبة{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

الإنسان يتصور الحالة هذه، كل إنسان يتصور الحالة هذه؛ لأن من سيحشرون بشر، وكل واحد سيحشر، وربما قد يكون هنا، أو هنا فينتبه وهو ما زال في الحياة هذه. الله يوفقنا جميعاً. هذا يدل على أنها قضية مخيفة جداً، أصحاب الأعراف قد هم ناس مطمئنين، قد هم يطمأنون الآخرين لكن هنا خافوا حقيقة.

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (الأعراف:48)، هنا ـ أيضاً ـ يبكتونهم في ساحة الحشر:{أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} (الأعراف: من الآية49) يذكرِّون الآخرين بمن قد هم مكتوبين إلى الجنة، قد هم من أهل الجنة، كأن هؤلاء الذين قد هم من أهل النار وأصحاب وجاهات كبيرة وعندهم أنه قد حصل حشر، وعندهم أنهم ربما سيدخلون الجنة؛ لأن الله في ذهنيتهم مثل أي زعيم في الدنيا هذه، أليس الزعماء هنا يجاملون أصحاب رؤوس الأموال، ووجهاء كبار وشخصيات؟ يجاملونهم لو تريد تشتكي به أو شيء، لا تقبل شكواك، لكن في الآخرة لا يوجد من هذه نهائياً، وكانوا هؤلاء المجرمون يستخفون بالمؤمنين، عندهم كيف هؤلاء! {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} (الأنعام: من الآية53) كما قال في آية سابقة، كيف أن الجنة هذا النعيم العظيم الذي تقولون عنه أنها قد تكون للنوعيات هذه، بل ربما يأخذون فلان وفلان ويختارون الكبار من أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الوجاهات، مقاييس مادية!

فيقال لهؤلاء الكبار كما قال هنا: {مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} لاحظوا هؤلاء سيدخلون الجنة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} (الأعراف: من الآية49) أن يقال لهم أمام أعين الآخرين، حسرات شديدة عليهم.

{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً} (الأعراف: من الآية51) مقاطعة في الآخرة، أليست هذه مقاطعة؟ لو لم يكن إلا فائض أي شيء، أفيضوا علينا من باقي أي شيء من عندكم، كأن هذا قد يكون في ساحة المحشر نفسه؛ لأن هناك آيات أخرى تبين أن المؤمنين يقدم لهم مأكولات ومشروبات، ويبدو معلبات في نفس ساحة المحشر، أشياء من الجنة معلبات يفجرونها تفجيراً، في آيات كثيرة، على الأرائك، في ساحة الحشر قبل أن يدخلوا الجنة.

{قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} لأنه قال هناك:{خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (الأعراف: من الآية32)  بالنسبة للطيبات.{الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً}، عندما قدم لهم هذا الدين العظيم استبدلوه وجعلوه محط لهو ولعب، يسخرون به، ويخوضون ويستهزؤون  بالمؤمنين،{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا}(الأعراف: من الآية51) يتركون من أي خير {كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} (الأعراف: من الآية51) ولجحودهم بآياتنا في الحياة هذه، في الدنيا.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم


 [الدرس السابع والعشرون – من دروس رمضان]

(سورة الأعراف)

ألقاها السيد / حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.

بتاريخ   27رمضان 1424هـ

الموافق: 21/11/2003م

اليمن ـ صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر