مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------

🎙️ 🎙️. 🎙️. 🎙️ 🎙️

 

▪️خطبة الجمعة الأولى من شهر محرم 

/ 4 / 1 / 1443ه‍  

/ 13 / 8 / 2021م

بـعـنوان : الهجرة النبوية 

 

▪️(الخطبة الأولى)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وأشهد ألا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.

أما بعد/ أيها المؤمنون:

مباركٌ عليكم وعلى جميع أبناء أمتنا الإسلامية حلول العام الهجري الجديد، ونحن في بداية كل عام نتذكر حدثًا تاريخيًا مهمًا ومفصليًا في تاريخ الرسالة الإلهية المحمدية، هذا الحدث هو: (الهجرة النبوية) وقد ربط التاريخ الإسلامي بالهجرة النبوية لكل ما لذلك من دلالة مهمة على أهمية الهجرة كحدث تاريخي عظيم نتج عنها تحول في الواقع العالمي وفي الواقع البشري، وترتب عليها نتائج مهمة جدا، ونحن كأمة مسلمة وكشعب يمني مسلم عندما نعود إلى هذه المناسبات وإلى مثل هذه الذكرى العظيمة والمهمة من تاريخنا الإسلامي فنحن نعود إليها من واقع حاجتنا، ومن واقع ما نواجهه وما نعانيه من أخطار وتحديات ومشاكل؛ لنستلهم منها الدروس ونستلهم منها العبر؛ لأننا محتاجين بشكل ملح إلى الرؤية الصحيحة والسليمة والهادفة، وإلى الطاقة المعنوية والروحية التي نكتسب منها العزم والصبر والتحمل للنهوض بالمسؤولية، ونحتاج بين هذا وذاك إلى الاتصال والارتباط بما نكسب به رعاية الله ومعونته وألطافه وتدخله وتأييده وهدايته، وهذا كله لا يمكن أن نحصل عليه من هنا أو هناك من خارج ساحتنا الإسلامية.

أيها المؤمنون:

‌لقد اختار الله مكةَ لتكون منطلق الرسالة الإلهية بسبب وجود الفرع الإبراهيمي المتمثل بإسماعيل "عليه السلام" وذريته من بعده، وصولاً إلى عبد المطلب جدّ النبي "صلوات الله عليه وعلى آله"، الذي عُرِفَ عنه بأنه كان ملتزماً بالتوحيد، وكان على ملة إبراهيم "عليه السلام"، وكان على درجة عالية من القيم والمبادئ والأخلاق التي عُرِفَ بها، ثم كان ابنه عبد الله - والد النبي - كذلك، ثم من هذا الفرع أتى النبي صلوات الله عليه وعلى آله.

‌بالإضافةِ إلى المركز الديني في مكة بوجود البيت الحرام ومشاعر الحج، وكذلك الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي كانت تتمتع به مكة أكثر من غيرها من المناطق المحيطة بها، وأيضًا أن مكة كانت مركزاً اجتماعياً وإعلامياً للعرب، ولأن مكة كانت خارج نفوذ وسيطرة القوى العظمى في ذلك الزمان، ولوجود أبو طالب وبنو هاشم من حول رسول الله في مكة... إلى آخر تلك العوامل.

وقد كان أهل مكة يتمنون أن يحظوا بشرف حمل الرسالة: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا} فضيعوا الشرف العظيم الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، وتعامل المجتمع المكي مع الرسالة الإلهية بالجحود والإعراض بل وحتى المحاربة لها، وبالتالي لم يكونوا أهلًا لتحمل المسؤولية؛ فكانت النتيجة أن الله استبدل بهم الأنصار، قال الله تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ}، وفي هذا درسٌ مهم هو: أن الفرد أو المجتمع الذي لا يتحمل المسؤولية بالشكل المطلوب فإنه يكون عرضةً للاستبدال: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}.

عباد الله:

وهنا لا بد أن نتحدث عن أبرز العوامل التي حالت دون أن يحظى أهل مكة بشرف تحمل المسؤولية، وتعرضهم للاستبدال؛ لأن هذه العوامل قد تكون فينا، وإذا كانت فينا فلا بد أن نحذر منها وأن نبتعد عنها، وأول هذه العوامل هو: وجود الملأ المستكبر وارتباط الناس بهم، يقول تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ . مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ . أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}، وثاني هذه العوامل هو: الطمع والتوجه المادي، وقد كانوا يرون أنّ أهم معيار لا بد أن يتواجد في من يقودهم هو ما يمتلكه من مال بعيدًا عن القيم والمبادئ والأخلاق التي يتصف بها: {وَقَال

 

ُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا}، وثالث هذه العوامل هو: الخوف: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} فأجاب عليهم الله بقوله: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

أيها الأكارم:

المجتمع المكي لم ينتهِ به الحال إلى الجحود والإعراض فقط، بل وصل بهم الحال إلى محاولة الاستهداف المباشر لرسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله، يقول الله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} فدرسوا ثلاثة خيارات في مواجهة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): إما أن يسجنوه، أو يقتلوه، أو يخرجوه ويطردوه, واستقر خيارهم على القتل, وكانت مؤامرةً خطرة في مرحلة صعبة، والمسلمون يعيشون مرحلة الاستضعاف, ولكن من الذي أبطل تلك المؤامرة وأفشلها؟ إنه الله الذي لا يتفرج على أعدائه حينما يتآمرون على دينه وعلى عباده المؤمنين, {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وهذا التدخل الإلهي في أخطر مؤامرة على الإسلام والمسلمين, وفي وضعية حساسة وخطيرة, يعطي الناس الأمل الكبير بالله سبحانه وتعالى مهما مكر الأعداء, ومهما رأى الناس إمكانياتهم متواضعة في مواجهة الأخطار.

وأمام التعنت القرشي تجاه الرسالة الإلهية، حتى وصل بهم الحال إلى أن قال الله سبحانه وتعالى عنهم: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} كان لا بد للنبي محمد أن يختار مكانًا آخر، وأناسًا آخرين يشكلون القاعدة لانطلاق الرسالة الإلهية؛ فبدأ بالبحث عن المكان المناسب والرجال الأوفياء حتى لقي مجموعة من الأوس والخزرج، لكنه لم يستعجل بالهجرة بمجرد أن لقيَ هذه المجموعة، وإنما طلب منهم أن يعودوا في العام الثاني ليتأكد من صدقهم ووفائهم، ثم حينما عادوا في العام التالي عمل بيعة العقبة الأولى وأرسل معهم مصعب بن عمير، ثم في العام الثالث عمل بيعة العقبة الثانية، وحينما تأكد أنّ يثرب أصبحت مكانًا مهيئًا، أذن الله له ولأصحابه بالهجرة، وفي هذا درسٌ مهم حول أهمية التأني والتخطيط المدروس والحكيم قبل القيام بأي عملٍ، وخصوصًا الأعمال الكبرى والمصيرية.

وأثناء الهجرة عمل النبي الترتيبات الدقيقة والخطط المحكمة، وفي ذلك درسٌ مهم حول أهمية العمل بالأسباب ثم نترك الباقي على الله سبحانه وتعالى، وأهم هذه الترتيبات:

السِريَّةُ وعدم إعلام الآخرين بموعد هجرته، ثم ليلة هجرته يختار الإمام عليًا (عليه السلام) لينام في فراشه ليقوم بعملية التمويه، وأصبح الإمام علي أول فدائي في الإسلام، ونزل قول الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}.

ومن الترتيبات أيضًا: عدم الاتجاه نحو المدينة مباشرةً، وإنما تحرك جنوبًا، ومكث في غار ثور، ثم سلك طريقًا أخرى غير الطريق المعروفة حتى لا يتمكن المشركون من اللحاق به؛ لأنهم كانوا قد رصدوا جائزة لمن يتمكن من الإمساك برسول الله، وغير ذلك من الترتيبات.

وأثناء مكوث النبي في غار ثور حَصَلَ تأييد لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وقد أخبرنا الله عن ذلك في القرآن بقوله: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ومن هنا نفهم كيف كان النبي عظيم الثقة بالله، وما أحوجنا اليوم - أمام إمكانيات الأعداء مقارنةً بإمكانياتنا المتواضعة - إلى استشعار واستحضار: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا} دائمًا وأبدًا، وأمام كل الظروف والتحديات والأخطار مهما بلغت لنضع نصب أعيننا: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا}.

أيها الإخوة المؤمنون:

على الرغم من أنّ الكثير من أهل مكة لم يسلموا لكنّ النبي كان قد حقق إنجازًا مهمًا هو: أنه استطاع أن يوصل صوت الإسلام إلى كل أنحاء العالم - آنذاك - باعتبار الوفود والقبائل التي كانت تأتي إلى مكة باستمرار، وهذا يعتبر تهيئة للآخرين حينما وصل الإسلام إليهم فإنهم كانوا قد سمعوا به من قبل.

وهكذا وصل النبي إلى (يثرب) حيث (الأوس والخزرج) القبيلتان اليمنيتان التي استقرتا منذ مئات السنين في (يثرب) التي سميت فيما بعد (المدينة المنورة)، وفي بعض الآثار والأخبار أن استقرار (

 

الأوس والخزرج) كان من عهد تبّع اليماني حيث أمرهما بالاستقرار هناك لحين مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأوصاهما بنصرته والإيمان به.

وكان من أبرز خصائص مجتمع الأنصار (الأوس والخزرج القبيلتين اليمنيتين) هو ما قاله الله عنهم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وهذه الآية تحكي ثلاثة عوامل مهمة يجب أن تتوفر في أي أمةٍ تريد أن تكون أهلًا لحمل المسؤولية، وأول هذه العوامل هو: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} فجانب المحبة هو من أهم الجوانب النفسية التي تنافي الأنانية وتجعل الإنسان محبًا للآخرين ومحبًا للخير لهم، والعامل الثاني هو: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا} فهم يحملون روحية العطاء، ولا يتحسسون حينما يحصل الآخرون على أي شيء، والعامل الثالث هو: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} فهم لا يحملون روحية العطاء حينما يكونون متمكنين فقط، وإنما حتى في وقت الظروف الصعبة يؤثرون ويبذلون.

 ويكفي (الأوس والخزرج) شرفًا: أنهم حظوا بأن سماهم الله ورسوله: (الأنصار) وكذلك ما وصفهم به النبي صلى الله عليه وآله حينما قال: (إنكم ما علمتم تكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع) وما قالوه عن أنفسهم: (إنا لصُبر في الحرب صُدُق عند اللقاء)، وما زالت هذه العوامل والمواصفات موجودة في مجتمعنا اليمني المناهض للعدوان، ولا يبقى علينا سوى أن نعزز هذه العوامل، وأن نستمر عليها، وأن نحافظ عليها، وأن نرتقي فيها أكثر وأكثر.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، صلى الله وسلّم عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.

أما بعد/ عباد الله الأكارم:

بعد أن وصل النبي صلوات الله عليه وعلى آله إلى المدينة عمل أعمالًا مهمة، من أبرزها: بناء المسجد، وقد شكّل مسجد رسول الله قاعدة للانطلاقة في كل المجالات بما فيها العسكرية، ولم يكن عبارة عن مكان لأداء طقوس شكلية كما يحاول البعض اليوم أن يجعل من المساجد (مكاسل)، وكذلك قام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبذلك تغلّب على المشكلة الاقتصادية التي كانت ستحصل بسبب توافد المهاجرين الذين تركوا أموالهم ومتاعهم في مكة، بالإضافة إلى عمل المعاهدة بينه وبين قبائل يثرب؛ ليثبت الوضع في المدينة، وهنا ننبه إلى أنه لم يكن هناك صلح مباشر مع اليهود كما يزعم البعض من كُتّاب السيرة، وإنما كان الصلح مع زعماء القبائل في يثرب، وباعتبار أن اليهود كانوا تحت حماية زعماء يثرب فكان يسري عليهم ما يسري على من هم تحت حمايتهم من زعماء يثرب من العرب.

ثم بعد الهجرة حصلت تغيرات كبرى في تاريخ الرسالة بفضل قيادة رسول الله الحكيمة في كل المجالات، وبفضل التفاف الأنصار والمهاجرين حول رسول الله وشكّلوا نواةً لأمةٍ عظيمة - رغم قلّتهم - استطاعت أن تبني نفسها في كل المجالات، وواجهت كل التحديات والأخطار: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.

وهنا لا بد أن نستذكر دورنا كيمنيين باعتبارنا (أحفاد الأنصار) في مواجهة الجاهلية الأخرى، كما واجهها من قبل رسول الله والمهاجرين والأنصار.

أيها الأكارم:

كما أننا في هذه الأيام من شهر محرم نستذكر إحدى المآسي وأعظم النكبات التي حصلت في تاريخ هذه الأمة، هذه المأساة هي: حادثة وفاجعة كربلاء التي أدّت إلى استشهاد سبط رسول الله (الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب) الذي قال فيه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله: (حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينًا) وهذا يُعبّر عن مقام الإمام الحسين (عليه السلام) وعن مكانته العظيمة في الإسلام.

والإمام الحسين عليه السلام كان يمثل الامتداد لرسول الله في الموقف والرؤية والمنهج بعد أبيه الإمام علي وأخيه الإمام الحسن، والإمام الحسين من موقعه في القدوة والقيادة والهداية، وبحكم اقترانه بالقرآن الكريم، وبما كان عليه من بصيرة ووعي وحكمة وإدراك وتقييم صحيح، وبما يحمله من زكاء وطهارة وقيم وأخلاق، وباستشعاره العالي للمسؤولية ما كان له أن يسكت، واتخذ قراره الحاسم في مواجهة طغيان بني أمية مهما كان حجم التضحية؛ لأنها تضحية ستصنع الانتصار.

لذلك ما أحوجنا إلى الاستفادة هذه الأيام من هذه الذكرى من خلال حضور كل الفعاليات والمحاضرات التي تتحدث عن ذلك، كما ننبه إلى أهمية التفاعل والاحتشاد مع المناسبات المركزية التي ستقام من أجل هذا الخصوص، وإحيائها بشكل غير

 

مسبوق.

وفي الختام:

  نستذكر أبرز الأحداث التي حصلت في العام الماضي لتشكل دافعًا لنا للتحرك والصمود في هذا العام الهجري الجديد، حيث كان من أبرز ما حصل في العام الماضي هو منع النظام السعودي للمسلمين في العالم وللعام الثاني على التوالي من أداء فريضة الحج الذي أراد الله له أن يكون فريضة عالمية، فقد قال سبحانه وتعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} وقال: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} لذلك على جميع الدول الإسلامية أن يضغطوا على النظام السعودي، وأن يمنعوه من تكرار ذلك لأن المسألة خطيرة وحساسة للغاية.

كما أنه من الأحداث البارزة التي حصلت في العام الماضي هو: معركة سيف القدس التي حقق فيها المجاهدون الفلسطينيون انتصارًا كبيرًا ومهمًا، ومعهم كل الشرفاء والأحرار من محور المقاومة، كما تعرّت الكثير من الأنظمة العربية وفي مقدمتها النظام السعودي العميل الذي وصل به الحال والإجرام إلى اختطاف الفلسطينيين بل ومحاكمتهم وإصدار أحكام ظالمة بحقهم.

وفيما يتعلق بالشأن الداخلي جميعنا نعلم تصعيد العدوان الخطير خصوصًا فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حيث يعملون على نهب ثروات البلد من النفط والغاز، بالإضافة إلى استهداف العملة الوطنية من خلال طباعة الترليونات من الأموال دون غطاءٍ نقدي، واستمروا في استهدافهم الشامل في كل المجالات حتى وصلوا إلى رفع سعر الدولار الجمركي وغير ذلك من الأعمال الوحشية، وفي هذا الأسبوع مرّت بنا الذكرى الثالثة لمجزرة أطفال ضحيان، وغيرها من المجازر.

وكل ذلك يحتم علينا أن نتحمل مسؤوليتنا بشكلٍ أكبر؛ لأنه لا خيار لنا غير ذلك، ولا بد من الاستمرار برفد الجبهات بالمال والرجال حتى يتوقف العدوان ويرفع الحصار، وحتى يتحقق النصر: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.

عباد الله:

{إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصل وسلم على نبينا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي من حبه إيمان وبغضه نفاق، وعلى سكنه الحوراء فلذة قلب المصطفى، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وارض اللهم برضاك عن الصحابة الأخيار من المهاجرين والأنصار.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين.

اللهم ثبت أقدام إخواننا في مختلف الجبهات، وسدد رميتهم، وكن لهم حافظا وناصرًا ومعينا، اللهم تقبل شهداءنا، واشفِ جرحانا، وفك أسرانا، واكشف مصير مفقودينا، {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

عباد الله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد 

بديـوان عــام الــوزارة.

----------------------------

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر