مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------

خطبة الجمعة الثالثة 16/شوال/1442هـ

 ـ 28/5/2021م

(قيمة الصرخة وأهمية الشعار)

الخطبة الأولى

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِ العالمين، الحمدُ لله الذي لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر، ونشهدُ ألَّا إلهَ إلا الله، قوة كل ضعيف، وغنى كل فقير، ونصير كل مظلوم، من تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه، ونَشْهَدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونَصَحَ الأمةَ، وكَشَفَ اللهُ به الظُلمةَ، وجاهد الظالمين والمجرمين، والطغاةَ والمستبدين، اللهم صل وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته المنتجبين الأخيار.

أما بعد/ أيها المؤمنون الأكارم:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.

الإخوة المؤمنون:

في كتاب الله العزيز، تأتي عبارة (اتقوا الله) في مقدمة كل قضية مهمة، ومن تلك القضايا المهمة قضية القول والنطق، ونعمة اللسان والبيان، تلك النعمة التي منحها الله للإنسان لِيعبرَ بها عمّا بداخله مِن مشاعر وأحاسيس وأفكار ورغبات وتوجهات، ومنح الإنسان الحرية في استخدام هذه الآلة العجيبة، والنعمة العظيمة؛ فبإمكان الإنسان أن يستخدم هذه النعمة فيما لا يرضي الله ويصل بذلك إلى واقع سيء في الدنيا والآخرة، وبإمكان الإنسان أن يستخدم هذه النعمة العظيمة فيما يرضي الله ويصل بذلك إلى واقع عظيم في الدنيا والآخرة، ولذا نجد أن مِن الكلام ما حرمه الله تعالى؛ لأنه يُفسد نفسية الإنسان، ويُفسد المجتمع ويخلخل وحدته، ويصرفه عن هدى الله وتوجيهاته؛ فالغيبة كلمة، والنميمة كلمة، والكذب كلمة، وشهادة الزور كلمة، والتثبيط والتخذيل عن الجهاد في سبيل الله كلمات، والفتاوى المحرمة كلمات، ولكن هذه الكلمات سيئة؛ لأنها تأتي من نفوس سيئة، وتترك أثراً سيئاً ومُفسداً في واقع الحياة، حتى أن الله تعالى قال عن النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ورغم أن كلامهم غير واقعي؛ فالله واحد وليس ثالث ثلاثة، ولكنهم كفروا بقولهم ذلك الذي نفوا به وحدانية الله، واليهود قالوا: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} فيجيب الله عليهم {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ}، ويعطي الله بني إسرائيل كلمة يقولوها عند دخولهم الباب ليغفر لهم: {وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}؛ فلم يقدِّروا أهمية هذه الكلمة فبدَّلوها بكلمة أخرى؛ فعاجلهم الله بالعذاب، {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}.

المؤمنونَ الأكارمُ:

كما أن الكلمات يمكن أن تصل بالإنسان إلى مراتب عظيمة عند الله تعالى؛ فالأمر بالمعروف يبدأ بكلمة، والنهي عن المنكر يبدأ بكلمة، والإيمان بالله يتطلب كلمة، والكفر بالطاغوت يحتاج إلى كلمة، و(أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)، و(الساكت عن الحق شيطان أخرس)، والساكتون عن إبلاغ هدى الله وبيناته القرآنية لعنهم الله وجعلهم الله داخلين في لعنة كل لاعن، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، فالكلمات الطيبة تأتي من نفوس طيبة، وتترك أثراً طيباً في واقع الحياة؛ فأصحاب الكهف صرخوا فقط بكلمات فيها توحيد لله وانكار لألوهية سواه، في وجه من جعل من نفسه إلهاً للناس من دون الله، {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى . وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً}، ولأهمية ذلك الموقف الذي اتخذوه وعظمته يغير الله نواميس الكون كله من أجل أولئك الفتية لعظيم ما قدموه من قول سديد في الزمان والمكان المناسبين {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً}

 

، ويحيطهم الله بحمايته ورعايته {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً}، ثم يحييهم بعد ثلاثمائة عام ليشاهدوا أثر صرختهم في وجوه المستكبرين، ومؤمن آل فرعون ومؤمن آل ياسين تكلما بكلام الحق؛ فسطر الله كلامهما في كتابه بجانب كلام الأنبياء، ولأهمية وخطورة الكلام قرن الله بكل إنسان ملكين من ملائكته يسجلان عليه كل كلامه، {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، فالهدى يأتي في كلمات، والضلال يأتي في كلمات.

أيها المؤمنون الأكارم: 

لقد وصل الحال بالعرب في هذا الزمن وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م إلى أن يجعلوا من أمريكا إلهاً دون الله؛ يخافون من أمريكا ولا يخافون من الله، ويثقون بأمريكا وأقوال أمريكا وتقارير أمريكا ولا يثقون في كلام الله وآياته وبيناته، وينفذون توجيهات أمريكا ولا ينفذون توجيهات الله تعالى، أمرتهم أمريكا أن يتجندوا تحت إمرتها لمحاربة ما أسمته الإرهاب؛ فتحركوا معها على أساس أنها تسعى لنشر السلام في الأرض، ولم يصدقوا الله وهو يقول لهم عن اليهود والنصارى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً}، ويقول أيضاً: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، أمرتهم أمريكا بتغيير المناهج الدراسية، وحذف آيات الجهاد منها؛ فاستجابوا لها، وقتلت المسلمين في أفغانستان والعراق وغيرهما؛ فساندوها ودفعوا قيمة السلاح الذي قتلت به أمريكا إخوانهم من أبناء الأمة، وانتهك اليهود مقدسات الأمة وأعراضها في فلسطين فلم يحركوا ساكناً خوفاً من أمريكا، وأمرتهم أمريكا أن يوقعوا الاتفاقيات مع إسرائيل، ويطبعوا العلاقات مع اليهود الملعونين في كتاب الله فنفذوا توجيهات أمريكا ولم ينفذوا توجيهات الله وهو يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء}، أما في اليمن فقد وصل الحال أن يصبح السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي لليمن وما على النظام إلا أن ينفذ توجيهاته؛ فتحرك الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) بروحية الناصح والمتألم على واقع الأمة والشعب اليمني؛ فحذر النظام وقال لهم: أن أولئك لن يرضوا عنكم مهما فعلتم لهم فالله يقول: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، وقدم شواهد من الواقع لمن كانوا يعملون على استرضاء أمريكا بكل جهد فلم ترض عنهم، وتركتهم حينما استغنت عنهم فلم يسمعوه، وبيَّن أن الامة تسير في نفق مظلم، وأن أمريكا وإسرائيل قد اخترقت الأمة في كل جوانبها، وأنهم يسيرون بها من سيء إلى أسوأ في الدنيا والآخرة، وأن من لم يتحرك ضدهما في تلك المرحلة فسيصبح في المستقبل جندياً يُساق إلى نصرتهما، و بيَّن مشاكل الأمة ووضع الحلول لها من كتاب الله النور والضياء والشفاء ولكن كان الحال كما قال الشاعر:

لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

فما كان منه إلا أن أطلق صرخته؛ صرخة المستضعفين في وجوه المستكبرين، صرخة البراءة من أمريكا وإسرائيل وأفعالهم، استجابة لقول الله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}، وقوله تعالى: {وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}، وقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} فرفع صرخته عسى أن تكون موقظة للضمائر الميتة والقلوب النائمة، ولتكون إعداداً للنفوس التي ذلت وانهزمت وانكسرت {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}، ولم تكن تلك الصرخة وذلك الشعار مجرد كلام وضجيج كما يعتقد البعض، وإنما كان له الأثر الكبير في تغيير الواقع، ويمكن إجمال أهميته في الآتي: أولاً: مثَّل نقلة عملية للأمة من حالة التعاطي اللامسؤول مع الأحداث إلى التعاطي بمسؤولية، ثانياً: أصبح عنواناً لمشروع توعوي تنويري وعملي نهضوي يبني الأمة في كل المجالات، فبالنظر إلى طبيعة التحرك الأمريكي والإسرائيلي التضليلي للأمة نجد أننا بحاجة إلى مشروع تنويري توعوي، وأن يكون ذو طابع عملي ولا يقتصر على الكلام فقط، وأن يكون بنَّاءً للأمة لتكون في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات، وبالصرخة

 

والمقاطعة قدَّم الشهيد القائد هذا المشروع وبهذه السمات.

ثالثاً: الشعار كان تحرك بالأمة لي

 

كون لها موقف مقابل ما عليه الآخرون من حالة اللاموقف، أو حالة موقف العمالة والخيانة لدى الأنظمة، رابعاً: بالنظر إلى طبيعة الصراع مع العدو الذي يركز فيه على اختراق الأمة في كل جوانبها وخلخلتها من الداخل وتحريك أدواته من المنافقين، نجد أن الشعار يحصن الأمة من هذا الاختراق؛ لأن الجميع سيتهيب من حالة العمالة لأمريكا، خامساً: طبيعة الصراع مع العدو لا يكفي فيها موقف رسمي لحكومة معينة، ولا موقف نخبوي لفئات معينة، ولا يكفي فيها مواقف محدودة وعابرة ومنتهية، بل تتطلب مواقف جماهيرية مستمرة، ومسارات عملية مستمرة؛ لأن مؤامرات العدو تستهدف جميع أبناء الأمة، ولو تُركت المواقف على الحكومات والنخب فقط؛ فإن الأمة سَتُستهدف بشكل رهيب تحت عناوين مخادعة، قد لا يأبه لها الكثير؛ فتُحرِك أمريكا الكثير من أبناء الأمة من شخصيات وأحزاب وأنظمة وتيارات، وتحرك معها الآلاف من أبناء الأمة ليحققوا مصالح أمريكا كما فعلت ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وغيرها. سادساً: هذا الشعار جاء منسجماً مع توجيهات الله في كتابه العزيز بضرورة اتخاذ موقف أمام طغيان المستكبرين، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لها}، وهو أيضًا لا يتعارض مع دستور البلد وقوانينه، ولا مع حرية التعبير. سابعاً: منذ انطلاقة هذا الصرخة وكل الأحداث والمستجدات تشهد على صوابيتها، فلم يكتشف أحد أن أمريكا صديقة، أو أنها غيرت من مواقفها، أو أنها لا تشكل خطراً على الأمة، فكل الأحداث تشهد على أن الأمة بحاجة إلى موقف مستمر ومسار عملي مستمر، وآخرها الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة. 

الأخوةُ المؤمنون:

لابد لكل فرد من أبناء الأمة أن يكون متسلحاً بالوعي، وأن يكون في موقع المسؤولية والفعل والموقف، ومن ليس له موقف، وليست أولويته الصراع مع أمريكا وإسرائيل، فلن تيأس منه أمريكا، وسيضع له أولويات أخرى الكثير منها مما ترغب فيه أمريكا وإسرائيل، ومن جعلوا أولوية تحركهم هو الصراع مع أمريكا وإسرائيل، هم من صنعوا العوائق أمام مشاريعها، ومما يشهد على أهمية الشعار هو انزعاج السفير الأمريكي منه من أول يوم، وتحركه ضده، وتحريكه للنظام ليشن حروباً ظالمة متواصلة ضد من حملوا مسؤولية التصدي للمشروع الأمريكي، وتحريكه لأدواته تحت عناوين مذهبية وعنصرية وغيرها لمواجهة هذا الصوت الحر الذي يسعى إلى إيقاظ الأمة من سباتها، ولكن الله غالب على أمره، حيث نصر الحق الذي حمله المستضعفون، وهزم الباطل الذي حمله المستكبرون، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم, ونفعنا بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم, إنّه تعالى جوادٌ برٌ رؤوفٌ رحيم, أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيم لي ولكم ولكافةِ المؤمنينَ والمؤمناتِ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رب العالمين, وأشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, وأشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.

أما بعد/ إخوة الايمان:

يقول الله سبحانه وتعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، لقد خلق الله الإنسان وجعل له مدارك وقدرات وطاقات، وأراد من الإنسان أن يستخدمها على أكمل وجه ليتحقق له السمو الإنساني في الدنيا، والنجاة في الآخرة، ويبين الله تعالى في هذه الآية أن من لا يستخدم هذه المدارك والطاقات فهو في عداد الموتى، والصلة الإيمانية بالله سبحانه وتعالى هي التي تحيي نفسية الإنسان وتترك أثرها في واقعه العملي، والشيطان وأولياء الشيطان يعملون بكل وسيلة على إغراق الإنسان في حالة من الظلمات، والصلة بالله تعالى هي التي تخرج الإنسان من الظلمات إلى النور{اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}، ومن يعيشون في ظلمات التضليل هم من يعانون من ضعف في إدراك الحقائق، وموت في الضمير، وتشوش في الرؤية، وأخطاء في التصورات والمفاهيم؛ ولذا كان من الواجب على الإنسان أن يتزود من هدى الله ونوره على مدى الحياة، كما علَّمَ الله النبي صلوات الله عليه وآله أن يقول: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}، ولذا من المسؤولية الكبيرة علينا الاهتمام بأبنائنا ودفعهم للالتحاق بالمدارس الصيفية، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} والتعاون من الجميع لما فيه إنجاح المدارس الصيفية،

 

والعمل بكل جهد للوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي، كما أن علينا مواصلة الجهود دون كلل أو ملل

 

لرفد الجبهات بالمال والرجال، حتى تحقيق النصر الكامل والفتح المبين. 

عباد الله :

 بلدنا بلدٌ زراعي، مساحات شاسعة جداً صالحة للزراعة، وهناك محافظات كذلك صالحة للزراعة، ولا تزال في أكثر مساحتها غير مستثمرة للزراعة، لا تزال متروكة، مهملة، وتحتاج إلى نشاط زراعي باهتمام كبير جداً، وعندما تتجه رؤوس الأموال إلى الإستثمار في القطاع الزراعي، يمكن إنتاج الكثير جداً من المحاصيل التي تُشتَرى من الخارج، المليارات تذهب إلى الخارج لتوفير القمح، لتوفير مختلف المحاصيل الزراعية، وبلدنا بلد زراعي، إذا اتجهت رؤوس الأموال إلى الداخل؛ فستحرك عملية الإنتاج في الداخل؛ وبالتالي يمكن إصلاح الكثير من الأراضي الزراعية، وتصبح منتجة بمختلف المحاصيل الزراعية، وبجودة ممتازة جداً

ومن الخطأ الفاحش الاستراتيجي التوجه نحو التكدس في المدن، هذا يسبب الكثير من المشاكل الاقتصادية، والمشاكل الصحية، والمشاكل الاجتماعية، والمشاكل الأخلاقية، ويترتب عليه مفاسد كبيرة جداً، هذا التكدس الهائل في صنعاء وفي مختلف المدن أمر سلبي جداً، يعطل- إلى حدٍ كبير- عملية الإنتاج الزراعي، الكثير يتكدسون في شقق، لم يعد باستطاعتهم أن ينتجوا على المستوى الزراعي، تركوا مزارعهم، وتركوا أيضاً ما كان لديهم سابقاً من المواشي، كان بإمكان الإنسان في الريف أن يزرع، بإمكانه أن يربي الثروة الحيوانية، بإمكانه أن ينتج، وهذا يفيده.

هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً},اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم, وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب, وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء, وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين, وعلى آل بيت نبيك الأطهار, وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار, مِنَ المهاجرين والأنصار, وعلى من سار على نهجهم, واقتفى أثرهم إلى يوم الدين, وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً, ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً, ومن النارِ النجا, اللهم انصر عَلَمَ الجهاد, واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد, وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} 

عباد الله:

{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد 

بديـوان عــام الــوزارة.

---------------------------- 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر